موضوع إنشاء عن العلم والعلماء
جذوةُ نورٍ، وقبسٌ من الإلهام، وقوانين لفَهم عالمٍ وحياة، ويحملُ عنوان هذا المقال موضوع إنشاء عن العلم والعلماء، وسيتحدَّث عن كلٍّ منهما بالتفصيل بإذن الله، وبادئ الحديث أنّ أوَّل كلمة نزلت في القرآن الكريم كانت "اقرأ"، وهي تدعو في صريح العبارة إلى التَّفكُّر في آلاء الله لأنَّ كلَّ تعمُّقٍ في العلم يوصلُ إلى دلائل كبرى لإثبات الدِّين، وحقيقة الإيمان، لن ترتفعَ أمَّةٌ إلا بالعلم، لأنَّ العلم يوصلُ إلى الله -عزَّ وجلّ- ما يكتشفه العلماء في وقتنا الحاليِّ كان قد نزل منذ ألف وأربعمئة وثلاثة وثلاثين عامًا في كتابِ الله العزيز، وقد قالوا قديمًا:
العلمُ يبني بيوتًا لا عمادَ لها
- والجهلُ يهدمُ بيوت العزِِّ والكرمِ
العلمُ رحمةٌ لمن ملكه، وشفاءٌ لمن أحرزَه، وضياءٌ لمن تمسّك به، وقوةٌ لمن انتصر به، به يتفاضل النَّاس، والأمم، وهو كنزٌ لكانزيه، فضَّل الله العالم على العابد؛ لأنّ العالمَ بعلمه سيقوِّي دين الله، أمَّا الجاهل فلا يعدو أن يكونَ رجلًا عاديًّا لا نفعَ منه سوى لنفسه، وربما ضرَّ نفسه في مواطن احتاج بها للعلم ولم يجده، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "مَن سلَك طريقًا يطلُبُ فيه عِلْمًا، سلَك اللهُ به طريقًا مِن طُرُقِ الجَنَّةِ، وإنَّ الملائكةَ لَتضَعُ أجنحتَها رِضًا لطالبِ العِلْمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفِرُ له مَن في السَّمواتِ ومَن في الأرضِ، والحِيتانُ في جَوْفِ الماءِ، وإنَّ فَضْلَ العالِمِ على العابدِ كفَضْلِ القمَرِ ليلةَ البَدْرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورَثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهًما، ورَّثوا العِلْمَ، فمَن أخَذه أخَذ بحظٍّ وافرٍ." [١]
فالعلمُ قوةٌ لمالكيه، وقد كان العرب من أقوى الأمم حين امتلكوا العلم، وسيَّروه في الطريق الصحيح، ومن العلماء الذين تركوا في الأمَّة أثرًا لا يُمحى الطبيب الزّهراوي الذي قدَّم موسوعة تحتوي على ألف وخمسمئة صفحة تخصُّ الجراحة، وكانت مرجعًا موثوقًا عن الأوروبيين، وكان أوَّل من استعمل خيوط التقطيب التي تدوب وحدَها في الجسم، ثمّ الخوارزمي وهو أوَّل من استخدم مصطلح الجبر عن هذا العلم، ووضع أسُسَ العمليات لحسابية والنظام العشري، وغيرهم الكثير من العلماء العرب الذين تركوا بصمتهم، وبفضل خطوطهم الأولى وصل العلم إلى ماهو عليه اليوم.
ليس الهدف من هذه الكلمات هو التَّغني بأمجادٍ قديمة، بل التَّذكير بما كان عليه الأجداد في يومٍ من الأيَّام، هو ليس فقط موضوع إنشاء عن العلم والعلماء، بل هو تحريكٌ لعقول الأمَّة لتنظر مَن كانت، وكيف آلت بها الأمور بعد أن تركوا علمهم لغيرهم، وكما قال الشَّاعر:
ففز بعلمٍ تعش حيًّا به أبدًا
- النَّاس موتى وأهلُ العلمِ أحياءُ
المراجع
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم: 3641، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].