موضوع تعبير عن أهمية الوقت

كتابة:
موضوع تعبير عن أهمية الوقت

أهمية الوقت في حياة الإنسان

الوقت هو الزمن الذي يقيس الإنسان تقدمه من خلاله، فالإنسان اليوم ليس كما سيكون بعد خمس سنين، فالوقت هو الإنجاز وهو تحقيق الذات وهو دقات العقارب التي تتراقص على عمر الإنسان، إن الوقت هو بعض الإنسان وعندما يمضي بعضه لا يفتأ كله أن ينتهي فيكون في محط النسيان وكأنه لم يأت في يوم على هذه الأرض.


يدقُّ ناقوس انتهاء العمر وانقلاب السَّاعة الرملية عندما تبدأ خطوط الشَّيب ترسم رحلتها في شعر المرء ليعلم أنَّ حياته لم تكن سوى بضع من الدقائق شارفت على الانتهاء، ولعلّ الإنسان إذا أراد أن يعلم معنى الوقت على الحقيقة فينظر إلى نفسه وجسده في المرآة، فيرى ما اختطته السنون حول عينيه وإذا بالظَّهر الذي كان يومًا قائمًا كالرمح في يد الفارس، بات كشعرة العجوز التي لا تفتأ أن تكون منحنية هرمةً قد أخذت الحياة منها كلّ مأخذ.


لو أراد الإنسان أن يُعرّف الوقت لما عرّفه بأكثر مما قاله الأقدمون، فالوقت هو العمر والعمر هو الوجود، ولولا الوقت لما اختُطَّ في كتب التاريخ حرفٌ ينبض ولما عرف الأحفاد آباءهم، ولما كان صلاح الدين، ولا عُرفت الهجرة النبوية، ولو أرادوا التأريخ لما تمكّنوا من ذلك دون الوقت الذي يجعل للأرض مواقيت يعرفها النَّاس من شروق الشَّمس ومغيبها، ثمَّ لو تأمَّل الإنسان في الآثار من حوله ورأى الأهرامات شامخة في كل مِصر ويقف العلماء شاهدين على تلك المعجزات التَّاريخية فيحسبون كم مرَّ من الوقت على هذه القطعة الفنيَّة النادرة.


لولا قدرة الإنسان على تحديد الوقت تحديدًا دقيقًا لما استطاع المسلمون إقامة شعائرهم الدَّينيَّة، فلا تصح صلاة الظهر عند دخول وقت العصر ولا يصح العشاء إذا دخل الفجر، ولما عرف النَّاس أوقات الحج والأشهر الحرم وغيرها من الأمور التي تُعدُّ من ركائز الشريعة الإسلاميَّة، الوقت هو النعمة التي وهبها الله -جلَّ في علاه- على النَّاس، فيعفون متى قدومم الصيف ومتى ينتهي الشتاء ومتى يزرعون ومتى يحصدون، ومتى تُمسك السماء ماءها فلا يخرج من الأرض نباتًا ومتى يكون أوان الأمطار فينثر الفلاح البذور أينما استطاع.


الوقت هو عمر الإنسان الذي يُفنيه في سبيل ما يُؤمن به، فمنهم من يُفنيه في سبيل الثروة تكون اللحظة عنده تُساوي عددًا من الدولارات، ومنهم من يكون الوقت آخر شيء يحسب له حسابًا، فيُمضي وقته ما بين التسكُّع والنوم والألعاب والأكل ولا يكون له أيّ همِّ آخر، فساء الإنسان الذي لا ينتبه لحفظ الوقت ومن ثم يُدمِّر حياته.

أهمية الوقت في الإسلام

إنَّ حساب الله تعالى لابن آدم قائم على الوقت، فالذين فازوا هم الذين قضوا أوقاتهم في الطاعات والسعي إلى فعل الخيرات وإقامة الصلوات والصوم وغيرها من الأمور الطَّيبة، أمَّا الذي قضى وقته في الأمور السيئة واغتاب النَّاس وأنفق وقته في سبيل أذيتهم فساء عقابه وساء حساب الله له، فيقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.[١]


تبرز أهمية الوقت في القرآن الكريم حينما أقسم الله تبارك وتعالى بمواقيت الزمان فقال وقد أقسم بالشمس والليل والفجر وكذلك فقد أقسم بالعصر، ولمَّا يقضي الإنسان عمره وهو يُعاني سكرات الموت يمرّ شريط حياته سريعًا من أمام عينيه ليرى ذلك الوقت الذي منحه الله إياه كيف قضاه وبماذا استعمله، ويا هناءَ من قضاه في سبيل طاعة الله، وتبرز قيمة الوقت في الإسلام عندما يُحدّث النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه عن كيفية الحساب، ويُخبرهم أنَّ كل عبد سيُسأل عن عدة أشياء ومن بينها عمره فيم أمضاه؟


لذلك تبرز أهمية الوقت في حياة المسلم فهو من خلال تلك اللحظات التي يقضيها في عمره سيُحدد مصيره إلى أبد الآبدين، فهل مسلم عاقل يعلم أنَّ حياته تترتب على الوقت الذي بين يديه سيُضيّعه؟ الوقت هو القيثارة التي يعزف عليها كل إنسان ما يُريد الاستماع إليه، فمن جعل قيثارته الفراغ فإنّه لن يجد معزوفة تُؤنسه سوى الفراغ القاتل الذي يُؤدي إلى الموت النهائي، وربما يكون الموت نفسيًا؛ إذ ليس من الضروري أن يموت جسد الإنسان حتى يُسمّى ميتًا.


لمَّا أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه والأمة من بعده أن يغتنموا الشباب قبل الهرم، لأن قدرة الشَّاب على استثمار الوقت أعلى من قدرة الشيخ الكبير الذي يقضي وقته في آخر أيَّام عمره على الأسرة البيضاء التي ما تلبث أن تكون كفنًا له بعد حين.


لمَّا حرم الله مجالس الغيبة والنميمة كان ذلك يصبُّ في مصلحة العبد حتى لا يصرف عمره في الأحاديث التي لا طائل منها سوى جمع الأحقاد والاستئناس بكره النَّاس بعضهم بعضًا، فالوقت الذي وهبه الله للعبد أعلى من ذلك بكثير، حتَّى أنَّ أحدًا من السَّلف قال إنَّ إضاعة الوقت أشد من الموت نفسه، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه- أنَّه ما ندم يومًا أشد من ندمه على يوم قد غربت فيه الشَّمس ولم يزدد فيه عمله وفي انقضاء ذلك اليوم اقترب من الموت الحتمي، والسًّلف هم قدوة للخلف، وأحرى بالمسلم أن يتتبع خطواتهم حتى ينجو من براثن ضياع العمر والوقت.[٢]

كيفية إدارة الوقت

إنَّ عبارة "استثمار الوقت" هي العبارة التي نخرت رؤوس النَّاس دون إعطاء حلول عملية تُسهم حقيقة في حفظ الوقت والابتعاد عن مسببات تضييعه، ولا ريب أنَّ أهمية الوقت للطالب تختلف عن أهميَّته للأميّ الذي لا يفقه من الوقت سوى بضع نبضات من عقرب الثواني تتكرر دون أن يجني من تكرارها أي شيء، ومن أهم وسائل تنظيم الوقت الابتعاد عن مضيعات الوقت مثل: التلفاز والأجهزة المحمولة وألعاب الفيديو وغيرها من الأمور.


مَن أراد تنظيم وقته على الحقيقة فإنَّه يبدأ بوضع خطة يومية يبدأ في تطبيقها منذ الصباح الباكر، فيضع جدولًا عن أموره ذات الأهمية العالية والأمور المستعجلة والأمور الهامة غير المستعجلة الأمور التي ليست ذات أهمية، فلا بدّ لصاحب العقل النيِّر أن يبدأ بالهام المستعجل ثم بالهام غير المستعجل ومن ثم يُكمل يومه كما قضت تلك الخطة التي وضعها وأحسن في تنظيمها.


لا بدَّ أن تُضبط جميع المهام بوقتٍ معيَن، فمثلًا يضع وقتًا محددًا للعمل الذي أناط نفسه به، فالمهمة الأولى ربما تحتاج ساعة من الزَّمن، فيضبط المؤقت ويبدأ بالعمل بشكلٍ جديٍّ بحيث ينهي العمل الذي أرده في غضون الساعة التي حددها فقط، ولا بدَّ أن يكون الإنسان فطنًا إلى مسألة هامةٍ جدًّا وهي أنَّ النّفس تسأم ولا بدَّ لها من مكافأة بسيطة بين الفينة والأخرى لتجديد الحماس والنَّشاط، فمثلُا يُمكن أن يرصد لنفسه مكافأة تتمثل بقطعة من الشوكولا التي يُحب إن أنهى المهمة في الوقت المحدد له بنجاح.


لا بدَّ أن يتم بناء الخطة اليومية بالاستناد إلى الخطة الأسبوعيَّة التي تتمثل بالمهام الخاصة بالشخص على مدار الأسبوع، فيعلم ما هي الأشياء التي يجب أن تُنهى في هذا الأسبوع، وما هي الأشياء التي يُمكن تأجيلها إلى الأسبوع المقبل، ولا بدَّ أن يكون ملتفتًا إلى مسألة هامّة وهي عدم تأجيل جميع الأعمال إلى آخر ساعة ومن ثم إنهاء الخطة الأسبوعيَّة بالفشل.


معنى أن يُحدد الإنسان برنامجًا أسبوعيًا لأعماله أي أن يضع في ذلك الجدول كافة الأعمال حتى تلك التي تدخل في قائمة الترفيه، مثل أن يذهب إلى المسبح أو ممارسة رياضة يحبها مثل: ركوب الخيل أو الجري أو غيرها من الأمور، فالهدف من البرنامج الأسبوعي ليس ضغط النّفس وأن يجعل منها الإنسان آلة لا تهدأ ولا تكل، على العكس من ذلك تمامًا فهو يضع وقتًا للنوم ووقتًا للراحة ووقتًا لمشاهدة التلفاز، والأصل من ذلك البرنامج هو ألّا يكون الوقت كله عملًا أو الوقت كله رفاهيَّة.


كذلك فإنَّه لا يجب على الإنسان أن يُغل بالبيئة التي يقوم فيها بالعمل أو بجميع النَّشاطات الأخرى، إذ اللعب على وتر العاطفة يُسهم بشكل كبيرٍ في تحسين إنتاجية العمل، فكما قال أحدهم أحبب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، ويجب عدم الخنوع إلى النَّفس وما تطلبه، فتميل النَّفس دائمًا إلى الوسوسة بأن يُشعل مثلًا بعضًا من الموسيقى وهو يعمل، وفي نهاية الأمر قد يجد أنّ إنتاجيّته قلَّت لأنَّه كان يعمل قليلًا ويستمع إلى الموسيقى في باقي الوقت.


كذلك يجب التركيز على مهمة واحدة في الوقت الواحد، فلا تقول مثلًا سأدرس وأنا أقوم بحياكة الملابس؛ لأنَّ ذلك سيُؤدي إلى تشتيت الانتباه وبالتَّالي الفشل في المهمّتين معًا، أمَّا الصحيح هو أن يُفرد لكلٍّ وقته، إنَّ أهمية الوقت في حياتنا كبيرة جدًّا، والإنسان الذي يُحافظ على نعم الله يجدر به أن يُحافظ على هذه النعمة أولًا؛ لأنَّه أغلى ما مُنح للإنسان، فقد مُنح العمر والوقت والقوة حتى يمضي في هذه الحياة ليُحقّق ما اختاره الله من أجله دون أن يكلّ أو يمل.



لقراءة المزيد، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: تعبير عن كيفية استثمار الوقت.

المراجع

  1. سورة فاطر، آية:36-37
  2. "الوقت وأهميته في حياة المسلم"، ألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 18/01/2021م. بتصرّف.
5094 مشاهدة
للأعلى للسفل
×