الإسطرلاب الآلة التي أحدثت ثورة
الأسطرلاب جهاز قديمٌ اخترعه العرب منذ القدم لاستخدامه في الرصد، وقد كان اختراعه بمثابة ثورة حقيقية في ذلك الوقت، وذلك لقدرته على رصد الأجرام السماوية من أقمار وكواكب ونجوم وشهب ونيازك، وساعد جهاز الأسطرلاب الفلكيين في الكثير من المعلومات التي سهل عليهم معرفتها، إذ سهل طريقة وضع قراءات الرصد الدقيقة بحسب التقنيات التي كانت منتشرة في ذلك الوقت.
تاريخ الأسطرلاب قديمٌ في الوقت الذي كانت فيه أدوات الرصد بدائية، وبحسب ما يقول المؤرخون فقد تم اختراع جهاز الأسطرلاب في القرن السادس الميلادي، وبعد اكتشاف قدرته على الرصد، انتشر بشكلٍ كبير في القرن الخامس عشر الميلادي، والأسطرلاب بالنسبة للبحارة مثل عصا العكاز بالنسبة للشيخ الهرم، لأنهم كانوا يعتمدون عليه كثيرًا في الملاحة البحرية، ويهتدون إلى طريقهم باستخدام الأسطرلاب الذي يرصد النجوم في السماء.
تاريخ الإسطرلاب
يوجد الكثير من الأخبار والأحاديث التي تتحدث عن تاريخ الأسطرلاب، والاعتقاد السائد أنّ الأسطرلاب صنع لأول مرة من قبل شخص اسمه هيبارخوس، وقد صنعه لأول مرة قبل قرونٍ عدة من الميلاد، ومن ثم تم إضافة العديد من التحديثات والتطوير عليه وتحسينه بشكلٍ كبير كي يملك ميزات عديدة، والأسطرلاب بالنسبة لذلك الزمن كان آلة رائعة جدًا ومفيدة وفريدة من نوعها.
الأسطرلاب بشكله التقليدي يكون دائريًا مصنوعًا من المعدن، ويبلغ قطره ما يقارب 15 سنتيمترًا، وعليه نقوش ودرجات لها استخدامات عديدة في القياس، وكان يستخدمه الكثير من الأشخاص بعد أن يتدربوا على طريقة استخدامه الصحيحة، خاصة أن استخداماته تصل إلى أكثر من 300 استخدام، منها: قياس عمق الآبار وتحديد التاريخ بدقة، ومما يجدر ذكره أن الأسطرلاب ليس شرطًا أن يكون دائريًا.
للأسطرلاب استخدامات عديدة، فهو بالرغم من أنه أداة فلكية إلا أن استخداماته أكثر من هذا، وتتم باستخدامه معرفة المواقع الفلكية للنجوم، كما يتم باستخدامه تحديد الموعد الذي يأتي فيه الليل والنهار بقياس ارتفاع الشمس، ويُستخدم أيضًا في حساب أشهر السنة والنجوم المرئية في أثناء النهار، وله قدرة كبيرة على حساب خطوط العرض، ويُستخدم أيضًا في حساب الارتفاع عن الأفق.
استخدم المسلمون الأسطرلاب لأجل تحديد مواعيد الصلاة بدقة كبيرة، وربما هذه من أعظم فوائده، واستخدموه أيضًا في حساب فصول العام بدقة كبيرة ومتى يبدأ وينتهي كل فصل، كما استخدم في حساب المساحة وفي أعمال الملاحة، ومع الوقت تم تطوير شكل الأسطرلاب وصنعت منه أشكال عديدة منها الأسطرلاب المسطح، وقد استخدم اليونانيون الاسطرلاب في حساب مواقع النجوم والأبراج السماوية.
في الوقت الحاضر تم تطوير الأسطرلاب ليصبح آلة معقدة ومتطورة، لكن هذا لا ينفي أهمية الاسطرلاب القديم ودوره الفاصل في معرفة الكثير من المعلومات التي كانت مجهولة في السابق، والأسطرلاب بالنسبة للعرب والمسلمين اختراع مذهل ومفيد جدًا لأنه مع اتساع الدولة الإسلامية استطاعوا باستخدام الأسطرلاب تحديد اتجاه القبلة بكل دقة ودون عناء، وهذا بحد ذاته أمر رائع.
أهمية الأسطرلاب
في الختام، من الضروري معرفة أهمية الأسطرلاب واستخداماته الكثيرة لأنه جزء من التراث العالمي بشكلٍ عام والتاريخ الإسلامي بشكلٍ خاص، إذ له فضل كبير في تحديد الكثير من المواعيد الدقيقة والمهمة بالنسبة للمسلمين.
خاصة فيما يتعلق بمواعيد الصلاة وحساب موعد شهر رمضان المبارك بدقة وموعد عيد الفطر وعيد الأضحى وبداية الحج، وقد أحدث الأسطرلاب نقلة نوعية كبيرة في التاريخ والجغرافيا وانتشر بشكلٍ كبير بعد أن طوره العرب والمسلمون بشكلٍ كبير ونشروا استخداماته.
ذكرت العديد من الكتب التاريخية أن مريم الأسطرلابي هي من طورت شكل الأسطرلاب بهذا الشكل المعقد الذي وصل إليه اليوم، ولهذا تعدّ رائدة من رواد علم الفلك، فالأسطرلاب يعد آلة حاسبة فلكية دقيقة، حتى أن علماء العرب والمسلمين كانوا لا يستغنون عن الأسطرلاب أبدًا.
حتى أنهم كانوا يستخدمونه كساعة جيب ترافقهم أينما ذهبوا ليستخدموه في تحديد الموقع ومعرفة الوقت وكم مضى من النهار، فالأسطرلاب حل الكثير من المشاكل المعقدة التي كانت تواجه العلماء قبل اختراعه.