موضوع تعبير عن الانضباط

كتابة:
موضوع تعبير عن الانضباط

مفهوم الانضباط

اشتقت كلمة الانضباط من الضبط، وهي تعني مسك الأمر أو الشيء والمحاولة في السيطرة عليه، وإخضاعه ضمن القوانين الملزمة والمطلوب الالتزام بها، أما المقصود بكلمة الانضباط تربويًا فهي تعني :التزام الفئات والأشخاص بالقواعد والقوانين والقرارات والضوابط التي يضعها المدير بشأن موظفيه، أو يضعها الأستاذ بشأن طلابه، وولي الأمر بشأن أطفاله، وهو مجموعة من الأحكام والقواعد والقوانين التي يُلزم على الفرد التحلي بها، وذلك تجنبًا للمشاكل المتوقّع حدوثها، وهذه القوانين لا بد من العلم أنها قد وُضعت بعد دراسة ودراية من أصحابها، وأنّ الالتزام بها يجلب الراحة والطمأنينة الدّائمة للفرد، ويُسبّب الخروج عنها النزاعات والمشاكل التي تزعزع العلاقة بين الأفراد والمجموعات.


تتصف كل نفس بشرية بمجموعة من الميزات والقدرات التي يمتلكها، ومنها ما هو بمجال النظام، وهو الانضباط الذاتي، أما عن مفهوم الانضباط الذاتي فهو: مجموعة من أدوات التنمية الشخصية التي يتحلى بها كل شخص، وتساعده بالقيام بكافة الأمور الصائبة والنشاطات الجيدة، ويتم هذا النوع الذاتي من خلال أن تتحكم النفس بأفعالها وطرق مواجهتها لبعض المواقف والظروف والمشكلات، وأن يضع كل شخص موانع وروادع لنفسه، وتكون هذه الموانع عن إرادة وقناعة ذاتية بأن الشخص يطمح إلى السلوك الجيد، وإلى الوصول للأهداف التي يرسمها بأفضل الطرق وأكثرها انضباطًا، والأشخاص الذين يتحلون بهذا النوع من الالتزام هم أشخاص تربوا على ذلك منذ الصغر، حتى أصبح عادة لهم.


من الجميل أن يضع ولي الأمر الضوابط على أطفاله منذ صغرهم، فذلك يُنمي بداخلهم حسن السلوك والإيجابية مع الأشخاص، فالطفل عادة يولد حُرًا، فلا يقبل بالبداية من والديه أي قرارات وقوانين يُمكن أن توضع له، فيحاول الآباء بالسيطرة على عدوانية أطفالهم بشتى الطرق والأساليب المتنوعة، تلك المحاولة التي تصب بنهاية الأمر إلى مصلحتهم، وإلى العمل على تنشئة جيل مُنضبط، وتعليمهم أن هذه القواعد هي وُضعت للأهمية في التنمية الاجتماعية والخلقية والفكرية لهم، والانضباط العام ليصبح ذاتيًا هو يحتاج القليل من الوقت، حتى يُدرك الفرد أنه يجب عليه الالتزام بقوانين من هم أكبر منه سنًا وخبرة، وتلك هي بمثابة الرعاية التي تصب في مصلحة الجميع، فلا يحق لأي شخص أن يرفضها.


لا يقتصر الانضباط على شكل ذاتي فقط، بل هناك نوع آخر وهو الانضباط العام، ويُقصد بهذا النوع أنّه: مجموعة من القواعد والقوانين والقرارات التي توضع للمجتمع والأسرة ككل، لذلك يجب ترسيخ هذا النوع الذاتي بالأطفال منذ صغرهم، من أجل تربيتهم وتنشئتهم التنشئة الحسنة والتي يُدرك من خلالها الأطفال أن الالتزام هو واجب على الجميع، فلا يحق تجاوزه أو تخطيه، فتلك التنشئة تكبر وتنضج معهم فتُحببهم أكثر بالقواعد والقواينن المُلزمة، ومن ثم يُدركون أن ثمة حدود مهمة لا يجب تخطيها، والالتزام في كل أشكاله هو من أنواع السلام للحياة، إذ يُكسب المجتمع الطمأنينة والأمان بأن ثمة قواعد لا يجرؤ أي شخص أن يتعداها، فالانضباط يحفظ حقوق الجميع في كافة أشكاله.

أهمية الانضباط

إنّ قوة الإرادة من أهم الأدوات التي تساعد على تحقيق الانضباط بين الأفراد، وذلك يؤكد على أهمية الانضباط الذاتي، والتي تتلخص بعدة نقاط تعود لمصلحة الفرد ولطمأنينته، ومنها أنها تدفع الفرد بالقيام بأعمال عالية الجودة من خلال التركيز على الهدف المرجو، والمضي في تحقيق هذا الهدف ضمن الشروط المتوفرة والمطلوبة، إضافة إلى توفير الوقت فالشخص المنضبط يستطيع أن يتحكم بمواقف حياته وأن يخطط برنامج أعماله بحسب قدراته وجهده، فمثلًا لماذا يسعى الطالب إلى الدراسة ليلًا في وقت الشتاء رغم عدم وجود الاختبارت في اليوم التالي؟ إنّ ذلك يشير إلى مدى التزام هذا الطالب، وأنه يحرص على عدم تراكم مواده ودروسه، بل ينجزها بوقتها مما يسهل عليه التفوق بعد ذلك.


إن أهمية الانضباط هي سبب من أسباب نجاح الأفراد وتفوقهم، فكثير من الدراسات التي تشير إلى أن الطلاب الذين يتمتعون بالنظام الذاتي هم الأفضل مستوى بين البقية، وهم يملتكون القدرة على حفظ المعلومات أكثر من زملائهم، إذًا فكل شخص منضبط هو شخص واعٍ وعاقل، يُعتمد عليه بكل شيء فهو مدرك لأفعاله، وعنده القدرة على التمييز بين الأمور الصائبة والخاطئة،وهو من مقومات النجاح، وهو الذي يُحسن من جودة الحياة وتطورها في المستقبل، كما أنه يزيد من رضا الشخص عن نفسه، إذًا دون الانضباط أصبحت الأهداف صعبة التحقيق، ولأصبح الفرد فريسة للفشل والكسل والتشتت.


عندما يتفكر الفرد بالكون وخالقه ويتمعن بالطبيعة وموجوداتها، وكيف أن الله سبحانه وتعالى قد سيّر كل هذه المخلوقات وفق نظام محدد ومنضبط، سيعلم مدى أهمية الانضباط، وهو من أجمل صور النظام في الإسلام، أما عن الانضباط الذاتي في الإسلام فهو يتلخص بأن يستشعر الفرد بواجباته الملزم بها، وأنه خليفة الله في الأرض، فهو خُلق لينضبط بأوامر الله تعالى ويلتزم بتعاليم الإسلام، وأن يستشعر مراقبة الخالق له في أبسط أفعاله وتصرفاته، فيلتزم بمواقفه لِما هو خير، وذلك يؤكد أنه دائمًا يصب في مصلحة الفرد، وفي تحقيق مبتغاه في النهاية، وذلك ما يقصد بالاستقامة بالإسلام، تلك الاستقامة التي تُحقق السعادة الأبدية في الدارين، أي: في الدنيا والآخرة.


تتأكد فوائد الانضباط من خلال النتائج التي تُلتمس من خلاله، فمثلًا أفراد المجتمع الواحد والذين يتصفون بالالتزام هم يحققون تطور مجتمعهم، والمؤسسات الداعمة لهم، وبتقدم إنجازاتهم وتحقيق سبل الراحة في الحياة، كذلك الفرد المنضبط فهو يُحقق أهم مشاعره الداخلية وغاياته، والتي تتمحور حول الرضا بالنفس، والتفوق على الطاقة السلبيّة، وعلى الشعور بالضياع والتشتت، فيتحرر الفرد من قيوده التي تجعله عدوانيًا مع الناس، ومن ثم ينطلق إلى التقدم والإنتاجية التي توفر له الحياة التي يطمح لها.


تنمية حس الانضباط

من المهم جدًا أن يربي الفرد نفسه وأبناءه على الاستقامة، ومن أهم الخطوات التي يُمكن أن تنمي حس الانضباط لدى الفرد هو أن يضع لنفسه جدولًا يلتزم به كل يوم، يضم هذا الجدول مجموعة من المهام والواجبات التي عليه القيام بها، مثلًا أن ينتظم بمنبه الصباح كأن يستقيظ دون وضع غفوة إضافية، وأن يضع لنفسه برنامجًا صحيًا يتبعه في نظامه الغذائي، وأن يجازف في الوفاء بوعوده لنفسه أولًا ومن ثم للمقربين له، فتلك العادات تُكسب الفرد شعورًا رائعًا من خلال إشباعه الذاتي، وهنا فإنّ هذا العادات المنتظمة لا تُعد سببًا في النجاح وحسب، وإنما هو متطلبًا أساسيًا لنيل الحياة السعيدة.


يرتكز حس الانضباط وتنميته بشكل رئيس على أربعة أساسيات، تتوزع هذه الأساسيات بين النوم والتغذية والحركة واليقظة الذهنية، كما أن هذه الأساسيات لا تنفصل عن بعضها البعض، بل هي ذات علاقة قائمة فيما بينها، فمثلًا إذا انضبط الفرد بأخذه القدر الكافي من النوم فذلك سيساعده على الحركة والذهاب لممارسة الرياضة والتمارين، وسيقوي لديه اليقظة الذهنية والتركيز، وفي المقابل عندما لا ينال الفرد كفايته في النوم فإنه هنا يُصبح مرهقًا وكسولًا جدًا، فيبدأ عقله باشتهاء السكريات والمنبهات من أجل تعويض النوم، ومن هنا تتأثر تغذيته، إذًا فهذه العادات هي ضرورية من أجل الحياة الصحيحة والسليمة، ويُمكن أن يبدأ الفرد باتقانها تدريجيًا من أجل أن يتمكن منها جميعها.


إنّ النظام هو ثقافة بحد ذاته، لذلك فلكل بيئة ومجتمع ومكان قوانينه الخاصة التي يلتزم بها، مثال ذلك النظام المدرسي، أما عن تعريف الانضباط المدرسي فهو التزام الطلبة بالقوانين التي يضعها المدير على الطلاب كافة، كما يوضع قوانين عقوبة للطلبة المتمردين والذين يخرجون عن قوانين المدرسة وتعاليمها، ومنها أن يغش الطالب بالامتحان، وهنا يضع المعلم العقوبة الرادعة له كأن يحرمه من الامتحان مثلًا، فلكل قانون التزام، ومن يخرج عن هذه القوانين لهم طريقة خاصة من أجل التعامل معهم، ومن هنا يُلاحظ أن الالتزام هو شيء إجباري في بعض الأماكن التربوية والمؤسسات فلا يحق للفرد أن يتعدّى على الحدود الواجبة عليه.


بالنهاية فإن السلوك الإنساني السليم والمستقيم هو شيء يُكسب المجتمع الحياة الجميلة الخالية من النزاعات، فكل قواعد النظام وُضعت من أجل النهوض بالحياة والمجتمع ككل، أي أنّها وُجدت من أجل مصلحة الجماعة، وعندما يُكلف الشخص بأن يسير على نمط معين فعليه أن يعلم أن هذا النمط هو الأفضل له، وفي حال حاول أن يتجبر عليه وأن يتعداه فإنه يُصبح حينذاك إجباريًا، ومن ثم لا بد أن يتدرب الفرد على النظام الذاتي من تلقاء نفسه، فذلك يسهل عليه مواجهة الكثير من القوانين والقواعد والالتزامات.


لقراءة المزيد من الموضوعات، ننصحك الاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن القيم والأخلاق.

4582 مشاهدة
للأعلى للسفل
×