محتويات
المقدّمة: التنمر سلوك هدام
يعدُّ التنمُّر من السلوكيات الهدامة في المجتمع، والتي تتنافى مع المبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية الرفيعة والأخوة والمساواة بين البشر، وهو فعلٌ قبيح وخلق سيئ يسبِّب الأذى لكثير من الناس الذين يتعرضون لفعل التنمر ويعِّرض حياتهم لخطر التدمير، إضافة إلى الأذى النفسي الكبير الذي يصيبهم والعديد من الأضرار الأخرى التي تلحق بمن يتعرَّض لفعل التنمُّر، كما أنَّ التنمر من الأفعال التي تتعارض مع أخلاقيات الدين الإسلامي التي تنصُّ على المساواة واحترام الجميع وعدم الإساءة إلى أي شخص.
العرض: التنمر دوافع عدائية وآثار خطيرة
يعرَف التنمُّر بأنَّه أحد أساليب العنف النفسي والجسدي التي يمارسها فرد أو مجموعة أفراد على فرد آخر أو مجموعة أفراد آخرين، ويكون عادةً الشخص الذي يمارَس عليه التنمُّر أضعف من الشخص المسيء أو المتنمّر، حيثُ يتبع المتنمر أساليب عديدة للتنمر، أهمها السخرية من الشخص الآخر والإساءة إليه باللفظ من خلال الاستهزاء والحطِّ من شأنه بشكل دائم بألفاظ خادشة ومستفزة وجارحة، كما يلجأ المتنمِّر إلى مختلف وسائل الإيذاء كالتحرَّش الجسدي أو الضرب أو الإيقاع بالشخص الآخر بهدف إفساد حياته وجعله يشعر بالضعف والمهانة.
تبدأ مشكلة التنمُّر غالبًا من المنزل ومن داخل الأسرة نفسها، حيثُ يتحمل الأهل مسؤولية كبيرة تجاه أبنائهم، ويجب عليهم الاهتمام بهم والتعرف على أفعالهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية، ومعرفة ما يتعرضون له من إساءة أو ما يمارسونه على غيرهم من الأطفال، ويجب مراقبة سلوك الطفل خصوصًا إذا قيل عنه إنّه متنمِّر، وعندها تتم المراقبة بالتعاون مع إدارة المدرسة والتأكد من ذلك، يعامَل الطفل بهدوء ولطف حتَّى يتقبل فكرة الحديث عن التنمُّر وأنَّه يحب أن يبتعد عن ممارسته، وذلك من خلال شرح مفصَّل لأسباب ونتائج التنمر السلبية التي لا تقتصر على الشخص المعرَّض للتنمر.
من الأمور التي يجب أن تُلاحظ عن الحديث عن التنمُّر هي الأسباب التي أدَّت إلى مثل تلك السلوكيات العنيفة، فإذا عرفَ الأهلُ الأسبابَ التي دفعت الطفل لممارسة التنمر استطاعوا أن يتخلصوا من هذه المشكلة بطريقة أسهل، وأن يخلِّصوا ولدهم من ذلك السلوك المؤذي، فقد تؤدي مشاهدة مقاطع تحتوي على عنف سواء في الأفلام التي لا تناسب الأطفال أم في برامج الأطفال التي لا يراعى فيها وجود مثل تلك المشاهد، وقد تكون بعض الأفكار المتطرفة بين الأهل أو في المدرسة هي سبب ممارسة ذلك السلوك، فلا بدَّ من الانتباه للأفكار والأحاديث التي يسمعها الطفل من الأهل أو من البيئة والمحيط نفسه، فالأهل هم قدوة الطفل منذ نعومة أظفاره ومنهم يستقي أفكاره التي سترافقه طيلة حياته.
إنَّ مشاعر الكراهية والحقد دخيلة على الإنسان، وعنها ينتج فعل التنمر الذي قد يكون أحيانًا من أجل إظهار القوة والبراعة والذكاء، أو من أجل تصغير شأن الشخص الآخر، بدافع الغيرة، وقد يكون من أجل الحصول على الشهرة، ويوجد عدَّة أنواع للتنمر حسب المكان الذي يمارَس فيه أو حسب السبب يؤدي إلى ممارسته، فالتنمُّر المدرسي هو أحد أنواع التنمُّر التي تمارس في المدرسة من قبل مجموعة من الطلاب على طالب أو مجموعة أخرى، من خلال إطلاق عبارات السخرية والصفات السلبية السيئة، والتنمُّر الإلكتروني هو التنمُّر الذي يتمُّ على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ويكون هذا التنمُّر ذو انتشار واسع يتشارك فيه المتنمرون الصور والمقاطع المؤذية لبعض الأشخاص.
يعدُّ التنمُّر بسبب اللون أكثر أنواع التنمر شيوعًا من حيث السبب، وهو من أنواع العنصرية والتمييز العنصري، وقد أصبحَ سلوكًا غير مقبول منذ زمنٍ بعيد، وقد أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنَّه لا فرق بين أبيض ولا أسود إلا بالتقوى والأخلاق الحسنة والعمل الصالح، ومن أنواع التنمُّر أيضًا التنمر بسبب الدين، حيثُ يلجأ شخص إلى السخرية من شخص آخر بسبب دينه، أو قد يلجأ أتباع دين معين إلى السخرية من أتباع دين مختلف، وهذا من أشدِّ أنواع التنمر سوءًا لما يعود به من آثار كارثية تسبب الطائفية والفرقة بين أبناء المجتمع.
يمكن تقسيم التنمر إلى أنواع حسب الوسيلة التي يلجأ إليها المتنمر، فالتنمر اللفظي هو الذي يستخدم فيه المتنمر الألفاظ وعبارات السخرية والشتائم للاستهزاء من الطرف الآخر، أما التنمر الجسدي فهو أقسى أنواع التنمر ويلجأ فيه المتنمر إلى لإيذاء الشخص المتنمَّر عليه جسديًا سواءً بضربه أم التعدي عليه بمختلف الوسائل مثل إلقاء القمامة عليه أو دفعه في الطريق وغير ذلك، والتنمر العاطفي هو الذي يقوم على الاستهزاء من عواطف ومشاعر الطرف الآخر ووضعه في موقف محرج يبدو فيه سخيفًا وضعيفًا.
المؤكد أنَّ ظاهرة التنمُّر تعود على الإنسان كفردٍ وعلى المجتمع ككلٍّ بآثار سلبية كثيرة، لا تقتصر على الأذى الجسدي إن وجِدَ، وإنَّما تشمل مشاعرَ الاكتئاب والتوتر والقلق التي تسببها على كلِّ من يتعرض لتلك الظاهرة الشنيعة، لأنَّه يشعر بأنَّه مضطهدٌ ومعذَّب ومنبوذ لصفةٍ معينة فيه، وهذا ما يدفعه إلى العزلة التامَّة والابتعاد عن الناس من حوله نتيجة شعوره بالرهاب الاجتماعي، وبالتالي تدفع بهِ إلى الانتحار، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنَّ التنمر يؤدي إلى زيادة حالات الانتحار في المجتمع، وقد يلجأ الشخص المعرَّض للتنمر إلى أساليب دفاعية عدوانية تزيد من حدوث المشاكل بين أفراد المجتمع.
الخاتمة: التنمر ظاهرة لا بد من علاجها
إنَّ التنمُّر من الظواهر التي يجب على المجتمع أن يسعى إلى علاجها بمختلف الوسائل الممكنة، والتي تبدأ من بناء الأجيال على الأخلاق الحميدة والقيم الحسنة والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم، وبثِّ تلك القيم والأخلاق بين مختلف أفراد المجتمع، إضافة إلى توجيه حملات التوعية بشكل مستمر تبيِّن مخاطر التنمُّر وتحذِّر الناس من مختلف أساليب العنف الجسدي أو اللفظي، ويجب تجريم فعل التنمُّر من خلال القوانين الرادعة وإعلاء الثقة بالنفس عند الأطفال.
يمكن أن تستلهم بعض الأفكار لكتابة تعبير عن التنمّر من هذا المقال: ما هي ظاهرة التنمّر.