موضوع تعبير عن الثقافة بالعناصر

كتابة:
موضوع تعبير عن الثقافة بالعناصر

ما هي الثقافة؟

الثقافة هي إحدى المصطلحات المهمة في حياة جميع المجتمعات والأفراد، إذ لا يمكن بناء مجتمع دونها، ولا يمكن تغيير سلوك الأفراد وتعديل توجهاتهم إلا من خلالها، وفي تعريف هذه الثقافة الكثير من الآراء ووجهات النظر، ومما هو شائع ومتداول في مفهوم الثقافة أنّها: مجموعة من العلوم والمعارف والخبرات والمهارات يجب أن يتعلمها المرء ويتقنها، حتى إنّ الإنسان الذي يكون على اطلاع بمعارف شتى وعلوم متنوعة يُقال عنه: موسوعي الثقافة، ولمزيد من الدقة يمكن القول إن مفهوم الثقافة في علم الاجتماع هو: مجموعة من السلوكيات والمبادئ والمعتقدات التي يكونها كل فرد في شخصيته وتكون متوافقة مع الدين ومع البيئة الاجتماعية، وبذلك يكون مفهوم الثقافة مرتبطًا حسب رأي علم الاجتماع بالعادات المكتسبة التي يكتسبها الإنسان من المجتمع المحيط.

هذا التعريف كان متعارفًا عليه في القرن الثامن عشر، ومع تطور الحياة، وتقدم العصور، تطور مفهوم الثقافة، واختلفت مقاييسه، ففي عصر النهضة أو التنوير أو الثورة الاقتصادية، صارت المعايير الاقتصادية هي مقياس الثقافة لكل مجتمع، ومن ثم زادوا عليه معيار التقدم التقني في عصر التكنولوجيا وثورة المعلومات، ومن خلال ذلك يمكن القول إن الثقافة وتعريفها ارتبطا بالتطور على مر العصور.


من حيث المبدأ الثقافة هي اكتساب وتعلم وتغيير في السلوك ولكن هذا السلوك وتلك العادات هي التي تختلف باختلاف العصور، وباختلاف آراء العلماء الذين يضعون معايير لقياس الثقافة، ومهما اختلفت الآراء حول تعريف الثقافة، يبقى الأمر الثابت والمتفق عليه أن الثقافة في تطور وازدهار مستمرَين، فهي بذرة تُغرس في الأرض ثم تثمر وتثمر وتتطاول في الفروع والأغصان كلما كان الاهتمام بها جيدًا ومتقنًا.


عناصر الثقافة حسب رأي أغلب العلماء هي قسمان: مادية ومعنوية، فالمادية هي كل المحسوسات التي تعبر عن ثقافة المجتمعات مثل اللباس والطعام والشراب ووسائل النقل وغيرها من الأمور الحسية، أما المعنوية فهي تشتمل الأخلاق والقيم والعادات وكل ما له علاقة بالأعراف الاجتماعية السائدة في كل بلد. ومما يجدر ذكره أن مصادر الثقافة هذه متنوعة وكثيرة، وأولها الدين الإسلامي وما فيه من قرآن وسنة نبوية، ثم المجتمع وما فيه من أسرة ومعلمين وكتب وأصدقاء ومؤسسات اجتماعية.

أنواع الثقافة

إن ما عُرض عن تعريف الثقافة وعناصرها يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى استنتاج أنواع الثقافة، بالمفهوم البسيط يمكن القول إن الثقافة على نوعين: ثقافة مادية محسوسة، وثقافة معنوية غير مادية، فالثقافة المادية هي تلك التي يعتاد عليها الإنسان في حياته وتصرفاته من مأكل ولباس وطقوس واحتفالات تتوافق مع الدين الإسلامي، ومع البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، والنوع الثاني الثقافة المعنوية يُقصد بها ما يكتسبه الإنسان من أخلاق وقيم وسلوكيات ومنظومة عادات ويُكسبها في ما بعد للأجيال القادمة.


لكن يمكن من خلال تطور مفهوم الثقافة على مر العصور أن يضع القارئ يده على أنواع أكثر للثقافة، ولا سيما في ظل تطوُّر العلوم والمعارف والاختراعات، فصارت الثقافة متشعبة الفروع والأغصان إلى حد التشابك في بعض المواضع، فأنواع الثقافة من هذا المنظور هي: الثقافة العامة، الثقافة الوطنية، الثقافة الأساسية، الثقافة الشعبية، الثقافة المهنية، الثقافة المضادة.


الثقافة العامة هي مجموعة العلوم والآداب بالعموم دون الخوض في تفاصيلها، والوطنية هي تلك التي ترتبط بحضارة كل وطن وما يميزه عن غيره من نواحي الأدب والعلم والجغرافيا والتاريخ، والثقافة الأساسية هي مواصفات معينة يتميز بها زمن معين عن غيره من الأزمان، وهي قريبة إلى حد ما في مفهومها من الثقافة العامة، إلا أن الفرق أن الثقافة العامة فيها آداب متوافق عليها لا تتغير، أما الأساسية فقد تكون مواصفات ثقافية لزمن غير موجودة في زمن قبله أو بعده.


فيما يخص الثقافة الشعبية يتّضح أنّها تدل على العادات والتقاليد المرتبطة بشعب من الشعوب وتعبر عنه، في حين أن الثقافة المضادة هي تلك الحركة التي تسعى إلى تغيير فكر ثقافي معين، وإحلال فكر ثقافي آخر محله، وهذه الأنواع المتعددة هي وليدة التنوع الثقافي في العصر الحالي، ولعل هذه التفاصيل عن الثقافة هي واحدة من فوائد التنوع الثقافي، إضافة إلى أهمية هذا التنوع في بناء العقول والقدرات وتطور المجتمعات.

خصائص الثقافة

إن مفهوم الثقافة وخصائصها من الأمور المهمة والتي تشغل تفكير العلماء عمومًا، وعلماء الاجتماع خصوصًا، وذلك لما لها من أثر في بناء المجتمعات وتطورها، أو تراجعها وانهيارها، والثقافة الصحيحة والمتوازنة التي يتميز بها المجتمع لا بدّ أن تتحلى بخصائص عدة ومميزات تفيد المجتمع وأفراده على حد سواء، ومن هذه الخصائص أن الثقافة عمومًا هي أمور يكتسبها الإنسان ويتعلمها وليست فطرية تُولد معه، فمن المهم الاهتمام بتعليم هذه الثقافة وزرعها في تربة سليمة وبطريقة صحيحة.


الثقافة أيضًا هي مجال واسع وشمولي، أو وعاء كبير يشمل كل المعارف والعلوم والمعلومات والطرائق والعادات والأخلاق، ولا بد لكل إنسان أن يكون مطّلعًا على مختلف جوانبها، وبذلك يكون متنوع الثقافة وشمولي المعارف، فالإنسان وإن لم يكن قادرًا على الإحاطة بكل العلوم والمعارف والمجالات التي تشملها الثقافة إلا أنه يكون قد أخذ من كل علم بطرف، وصار في ذهنه انطباع عن مختلف النواحي المعرفية والأخلاقية والاجتماعية والسلوكية.


مع أن الثقافة لها أنوع وعناصر، وكان أبرزها وأوضحها القسم المادي والآخر المعنوي، إلا أن هذا التصنيف لا يعني على الإطلاق الانفصال بين أقسام الثقافة، فكل قسم أو نوع يؤثر بالآخر ويتأثر به، فلا يمكن أن تنفصل الأنظمة السياسية عن الأنظمة الاقتصادية، وكذلك التعليم والمجتمع والدين والعادات، فكل طرف يُؤثّر ويتأثر، وبذلك يتحقق التكامل الثقافي، وتمتد فروع الثقافة بشكل متوازن في عقول كل الأفراد.


كلما كانت جذور الثقافة متينة في المجتمع كلما ازدادت قوة المجتمع، وعندها سيكون قادرًا على تصدير هذه الثقافة للمجتمعات الأخرى، فإضافة إلى أن الثقافة تنتقل إلى الأفراد من خلال العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع الأقران والمعارف في المجتمع نفسه، فإن ثقافة المجتمع كلها يمكن أن تنتقل إلى مجتمعات أخرى من خلال التبادل الثقافي والعلاقات الجيدة التي تُبنى بين المجتمعات.


الثقافة متطورة لكنها ليست منسية، أي أنّ الثقافة التي تسود في فترة من الفترات لا تُمحى وتحل محلها ثقافة أخرى، إنما يُبنى عليها، وبذلك تكون الثقافة تراكمية، تتجذر وتتأصل الثقافة القديمة ويُبنى عليها ثقافة تتناسب مع تطورات العصر، وتُعدل بعض الأخطاء أو العثرات فيما سبق، وبذلك تكون الثقافة مستمرة مع استمرار الأجيال، ومتطورة مع تطور العصور والأفكار والعلوم والمعارف.

أهمية الثقافة

إنّ الثقافة والمجتمع أمران لا ينفصلان، ولا يمكن أن ينكر إنسان أثر الثقافة في المجتمع، أو أثر المجتمع في الثقافة، لكن من المهم أيضًا تسليط الضوء على أهمية الثقافة في بناء شخصية الإنسان، فالثقافة تصقل الإنسان وتُهذّب سلوكه، وتُقوّي شخصيته وحضوره بين الناس، عندما يكون الإنسان مثقفًا ومطلعًا على معارف مختلفة يكون واثقًا بنفسه، فاهمًا لكل ما يسمعه ويراه، وواعيًا لكل كلمة ينطق بها.


امتلاك الإنسان ثقافة متنوعة تعبر عنه وعن مجتمعه يجعله يشعر بالانتماء إلى دينه ومجتمعه بكل تفاصيله، وكلما كانت هذه الثقافة متجذرة في عقل الإنسان كلما ازداد قناعة بها، وكلما كان قادرًا على نشرها وإقناع من حوله بها، وبذلك يكون إنسانًا مؤثرًا وناشرًا للثقافة في المجتمع وبين الناس، إضافة إلى أن الثقافة تجعل الإنسان يمارس أعماله وهو في وضع من الاستقرار والبُعد عن الاضطراب والقلق.


يمتلك الإنسان بالثقافة القدرة على التمييز بين الثقافة الجيدة وغير الجيدة، لا سيّما عندما يطلع على ثقافات أخرى غير ثقافته، فيقوم بالمقارنة بينها وبين ما اكتسبه في مجتمعه، ويعرف الصحيح من الخاطئ، وهذه سمة مهمة يجب أن يتّصف بها الإنسان، وبالتالي يكون قادرًا على معرفة قيمة الثقافة التي اكتسبها، ويُحاول أن ينقلها لغيره ممّن لم يتعلموها أو يطلعوا على تفاصيلها.


من الأمور المهمة في الثقافة أنّها تجعل الإنسان يلتزم بمنظومة من القواعد والسلوكيات والقوانين التي تصير عادات مع الأيام، ويشعر بالقلق والتوتر إذا خالفها أو حاد عنها، وذلك يعني أنها تبني في نفس الإنسان الوازع الداخلي الذي يجعله يقوّم سلوكه بنفسه، ويشعر بالضيق والحزن عند مخالفة هذه الثقافة، ويمكن القول إنّه نوع من الرقابة الداخلية، هذا أمر لا يمكن تعزيزه بسهولة في نفوس البشر.


يُمكن القول إنّ كل ما عُرض عن الثقافة وعناصرها وتطورها وأهميتها يُشير إلى مكانة الثقافة ودورها في تطور المجتمعات، وبالمقابل دور تطور المجتمعات في تطور الثقافة، وكأن العلاقة بين الثقافة والمجتمع علاقة نسبية، كل منهما يتبع الآخر ويرتبط به.

5485 مشاهدة
للأعلى للسفل
×