حينما تقصد مكتب الحجوزات فإنك تبحث عن وجهة سياحية تقضي بها بعض الأيام الرائعة من الاستجمام والاسترخاء وزيارة الأماكن التّاريخية بالإضافة الى التمتع بالأجواء الساحلية؛ والدمج ما بين المكان والحضارة والمعاصرة، فأول ما يدور في ذهنك أم الدنيا (مصر العريقة) التي تجمع لك أيقونةُ متنوعة من أساليب الحياة التي تفوح منها عبق الحضارات، ودفء المكان، وبساطة الناس، ورفاهية المنتجعات، ورونق الشواطئ، وكنوز الصحراء، وسحر النيل.
ما إن تطأ قدمك مطارها حتى يتسارع نبض قلبك لمشاهدة أحد أكبر عجائب الدنيا السبع؛ حيث تهوي بك الصحراء لتأسرك (بهيروغليفية) الفراعنة، وتذوب بين روعة المنظر وشموخ الأهرامات ليسافر بك الزمن إلى آلاف السنين ليشعرك بأنك أحد فراعنة مصر وملوكها العظماء وتتمنى أن ينْحَت لك قبراً بهذه الفخامة وهذا الغموض، لتتبادر إلى ذهنك طلاسم الموت ومتاهات الحياة وعظمة الخالق في خلقه الذي أمدهم بالعقل والقدرة لتشييد هذا البناء الهندسي الفريد؛ فهذا أبو الهول بجسد الأسد ورأس البشر يقبع شامخاً بجانب هرميّ خوفو وخفرع ومنقرع لتُسطّر للعالم أعجوبةً خلّابة وتحدٍّ معماري عظيم.
يسحرك المكان لتقضي غروب الشمس في منطقة الأقصر؛ حيث إنّ هذه المدينة تُعتبر متحف مصر المفتوح لضمّها ثلث آثار العالم من معابد ومقابر، لتشدك قدماك إلى وادي الملوك الذي يضم عدداً هائلاً من مقابر الملوك الفرعونيين من بينها مقبرة توت غنخ أمون شائعة الصيت (التي تم نقل محتوياتها إلى المتحف بالقاهرة) ومقبرة رمسيس الأول ورمسيس الثالث وحور محب؛ متأملاً لو تلتقي بالملكة نفرتيتي على جانبي الوادي لتعيش سحر الملوك.
لتكمل جولتك بين أعمدة المعابد ونحت الآثار تعرج إلى معبد (الكرنك) التي لا نظير له فهو جملة من معابد جميلة للإله أمون وزوجته موت وابنه الإله خنسو(إله القمر)، لتنهي يومك الأخَّاذ في متحف التحنيط في الأقصر؛ لتعيش قصةً ممزوجةً برائحة الموت بين الموميائات والتوابيت وأدوات التحنيط لأصحاب القلوب القويَّة .
تكمل يومك التالي في حضارة الرومان؛ حيث تأخذك مدينة (الفيوم) إلى واحاتها الرائعة المنبثقة من العصور الرومانية مثل واحة الخارجة، وتضم معبد (الريان) و(الدير) أحد الحصون الرومانية القديمة، و(بشندى) إحدى القرى على الطراز الفرعوني، لتبحث بين جوانبها عن حسناء شقراء قيصرية.
ُتنهي يومك حافلاً بالتاريخ والحضارة بين متاحف مصر العظيمة، ولتطّلع على روائع المدرسة التأثيرية الفرنسيَّة ومقتنيات يابانية وتماثيل برونزية عليك زيارة متحف محمد محمود خليل، وإذا رغبت بمشاهدة أسلحة جنود مصر في العصر المملوكي فعليك زيارة المتحف الحربي داخل قلعة صلاح الدَّين في القاهرة، لكن لا تنسَ زيارة المتحف البحري في الإسكندرية؛ لمشاهدة خلاصة التراث الملاحي والأمجاد البحريَّة لمصر.
بعد هذا الكم الهائل من القيم التراثيَّة والمفاهيم الثقافيَّة والحضارات المختلفة قد ترغب ببعض الصَّخب في أحد المنتجعات، والتمتع بمدينة سياحية من الطراز الأول، فلتقصد شرم الشيخ، حيث تجمع ما بين الطبيعة الخلابة؛ وصخب المدن؛ لتمارس الرياضات المائية، من تزلَّج على الماء والغوص والصيد والرحلات البحرية، أو لتحظى أيضاً برحلات سفاري وليلية بدوية، أو ربّما تنغمس ليلاً في سهرات ألف ليلة وليلة في الفنادق المختلفة أو لتتمتع بمغامرات وأوقات ستخلد في ذاكرتك إلى الأبد ولن تنسَ جاذبيَّة شرم الشيخ لتتمنى زيارتها في كل عام.
أخيراً بعد أن تزدحم لحظاتك من التنوَّع السياحي ولسعات شمس الصحراء والإثارة بالغوص في المياه، أو بعد يوم طويل بأحد مهرجانات مصر السياحيَّة؛ من تسويق ومهرجانات فنية مثل مهرجان السيَّاحة العالمي، ومهرجان القاهرة للأغنية الشعبية، ومهرجان التسوق، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي؛ تختم رحلتك بزيارة الينابيع الحارَّة والكبريتيَّة لتتمتّع برحلة علاجيّة خصبة وتحصل على العقاقير والزيوت العطرية.
تعود إلى بلدك وفي ذهنك صور مفعمة بلحظات مثيرة ومتأجّجة بلهيب المتعة النفسية والترفيهية وتعود أدراجك نشيطاً مفعماً بالحيوية والانبهار .