الشباب قادة التغيير
الشباب هم الأمل الذي تبني عليهم الدّولة أحلامها، ولو لم توجد أرضية الشباب في مكانٍ ما لكان ذلك المكان قفرًا يابسًا لا يشكو إلا من تهدّم الحياة فيه، إنَّ الرّجل لمَّا يملك أرضًا فيريد حراثتها وزراعتها والحصاد منها يعمد إلى أحد أبنائه الشباب فيوكلها إليه، فتتحول تلك الأرض من القفر اليابس إلى روضةٍ غنّاء لا مثيل لها، الشباب وحدهم هم القادرون على تغيير مسار الأمور نحو الأفضل دائمًا.
لا يُمكن للأرض أن تكون عامرة من دون فئة الشباب، وكيف للجبال أن تُنحت وللصخور أن تُفتت وللأشجار أن تُثمر إلا بإذن الله أولًا ثم بهمة الشباب، كيف للطفل أن يكبر من دون الاعتماد على أبيه وهو الذي يُمثّل فئة الشباب التي تطمح دائمًا إلى التغيير، ما معنى أنَّ الشباب هم قادة التغيير؟ معناه أنَّ الرجل لا يستطيع أن يدق مسمارًا بنعشِ إلا إن كان رجلًا قوي الهمة رابط الجأش بصحته وعافيته قائمًا على ذلك، ولو أراد الرّجل أن يفتخر بين أقاربه وعائلته ونسلنه لافتخر بشباب أولاده، وليس المقصود بالشباب الذكورة فقط، بل الشباب هي المرحلة التي تمرّ بها الإناث مع الرجال في آنٍ معًا.
تعمل الدّول المتقدمة وتحذو حذوها الدول النّامية إلى استقطاب الشباب وإكسابهم الخبرات المطلوبة والمهارات الجيدة من أجل أن يكونوا اليد العاملة في بناء الدّولة المُحسنة لاقتصادها الواضعة إيّاها على سلم الأمان، وتنتهج الدّول الأوروبيّة تلك الخطة في استقطاب فئة الشباب إليها ومنحهم الأمان والاستقرار والدّعم المادي، حتى يستطيع واحدهم أن يُقدّم أحسن ما عنده لتلك الدّول لتبقى دائمًا هي في المقدمة، ولا يعيبهم ذلك الفعل لأنَّ الشباب هم الأرض الصالحة للزراعة والتي لا بدّ للعقل الواعي من استثمارها والحفاظ عليها خضراء يانعة.
الشباب عدة الحاضر
لا بدَّ للدول من أن تكون على قدرٍ عالٍ من الوعي يتمكّون من خلاله من فهم قدرات الشباب العالية والحماسية ووضعها في المسار الصحيح، والابتعاد عن المفهوم الخاطئ الذي يقضي بأن يبقى الرجل في عمله إلى أن يموت وهم يُدركون حقّ الإدراك أنَّ المرء كلّما تقدّم في مرحلته العمرية كلّما فقد الشغف والحماس تجاه العمل الذي يعمل به، فتبقى الخطط روتينيّة فلا تتمكّن المؤسسة من التقدّم، وتقف عجلة الزمن دون أن يجرؤ أحدهم على المساس بالمتقدمين في السن مدافعين بكلمة أكل الزّمن وشرب عليها وهي "الخبرة".
ليس ذلك تقليلًا من قيمة كبار السّن، على العكس من ذلك فهم قد صقلتهم الحياة بكلّ ما أوتيت من قوةٍ ومن تجارب، ويُمكن دائمًا الاستفادة منهم واستشارتهم، ولكن لا بدَّ لفئة الشباب من أن تشقّ طريقها وخاصة أنّهم عدة الحاضر التي لا يجب تركها في مهب الريح فتذهب هباء منثورًا، إنَّ الشاب يحمل دائمًا عقلًا مواكبًا للتطور فيحمل بالفطرة نظرة حاذقة لا يستطيع أن يملكها الطفل أو الرجل الذي تقدم العمر؛ لأنَّ الحياة قضت بذلك، فلا بدَّ من العمل على استثمار تلك الطّاقات الجبّارة التي تستطيع أن تصنع من الفولاذ والحديد يدًا مانحة للأمان.
عدا عن أنَّ الشاب يملك في داخله عنفوانًا عظيمًا وروحًا رياضيةً مرنة تُمكّنه من العمل في أقسى الظروف التي يستطيع أن يُبدع من خلالها، وليس معنى ذلك أن يتمّ ضغط الشباب حتى يتفلتون من العمل ويعزفون عنه ويلجؤون إلى اكتساب المال بطرقٍ غير شرعية، بل يجب أن تعود الموازين إلى نصابها الصحيح الذي يُمكن أفراد المجتمع من أن يأخذ كلّ منهم مكانه الصحيح في هذه الحياة.
الشباب أمل المستقبل
إنَّ الحياة في تطورٍ دائمٍ، وهذا ما يجعل الشباب هم أكثر الفئات قدرة على التعامل مع المتغيرات من الأمور، فدائمًا ما يرى صاحب العمل أنَّ الشّاب هو أكثر الفئات العمرية قدرة على التّعامل مع الأمور التقنية والحديثة والتي تُطوّر من أداء العمل، وحتّى الاختراعات فإنَّها تبدأ مع العلماء من عمر الشّباب؛ لأنَّ ذلك هو العمر الذي يجد الإنسان فيه الطاقة والحماس، ولمَّا يُريد الإنسان أن يؤسس شيئًا ما للمستقبل فإنَّه يمنحه للشباب.
لو نُظر في تاريخ سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لوجدنا أنّ أصحابه -رضوان الله عليهم- كانوا يصبغون لحاهم ويُغيرون لونها عن البياض في المعارك؛ حتى يهاب العدو بأن يرى كلّ الجيش من فئة الشباب، وفي الأحوال العادية قد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تغيير لون الشيب الأبيض إلى لون آخر إلا الأسود؛ لأنّ لون البياض في الشعر يُورث الهموم، وحتّى قائد جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحد المعارك كان أسامة بن زيد وكان يبلغ من العمر السابعة عشر، مع أنّ ذلك الجيش فيه من الرجال العظام ذوي الخبرة في الحرب والمعارك.
من أمثال أبي بكر -رضي الله عنه- وعثمان بن عفان وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولمَّا توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشار بعض الصحابة على أبي بكر الصديق أن يعزل أسامة بسبب صغر سنه، فرفض أبو بكر أن يُغير أمرًا عقده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعاد أسامة مع الجيش منتصرًا بإذن الله، وفي ذلك إشارة من سيّد الخلق والعالمين إلى أهمية استثمار فئة الشباب والوثوق بهم وتربيتهم على حمل المسؤولية، والابتعاد عن زرع الأفكار المشوهة في عقولهم من أنّهم لم ينضجوا بعد لحمل مثل تلك الأمور.
لا شيء يُمكنه أن يُغيّر من مسار المستقبل سوى الإنسان -وبالأخص فئة الشباب-، وها هي اليابان أكبر مثالٍ على ذلك، فهي لم تهتم بالآلات ولا بالأسلحة ولا بالحروب قدر اهتمامها بالإنسان، وبالأخص فئة الشباب القادرة على إنتاج كل ما سبق.
لقراءة المزيد، انظر هنا: موضوع تعبير عن دور الشباب في المجتمع.