محتويات
العلم والأخلاق وجهان لعملة واحدة
تُعتبر الأخلاق أساسًا لجميع التعاملات البشرية، فهي ما يُميّز الإنسان ويسمو به عن بقية المخلوقات الأخرى، ومن هُنا فالأخلاق نور مصباح العلم الذي لا ينتشر إلّا بها، وإن قال قائل بأنّ العلم قائم بلا أخلاق ودعّم قوله هذا بالشواهد والأمثلة، نقول إنّه علم مؤقت وزائل لا محال؛ لأنّه يفتقر للأساس المتين الذي وُجد ليحميه من الانهيار.
العلم والأخلاق أساس تقدم البشرية
العلم المقرون بالخلق الحسن هو أساس نمو المجتمع وازدهاره، وتطور الفرد وتميزه، فإذا اقترن العلم بالخلق كان صاحب المهنة ناجحًا في عمله، صادقًا في تعامله، متميزًا في مجاله، مؤديًا واجبه على أفضل وجه، وقد حث ديننا العظيم على حسن الخلق؛ فصاحب الخلق الطيب يبلغ بخلقه أرفع المنازل.
كما بغّض الإسلام سيئ الخلق وجعله في مرتبة ذميمة؛ فسوء الخلق يُفسد العمل الكبير كما يُفسد الخل العسل، فإن غابت الأخلاق وتخلى عنها الناس انتشرت الرذائل، وانحدر العلم، وتردّت المعرفة وإن كانت عظيمةً، فساد الجهل، فالعلم بلا خلق كسكينٍ حاد يُؤذي صاحبه، ومن حوله إن لم يُستخدم بتعقّل وحكمة، فيكون فيه هلاك وانحطاط، ودمار لعقول البشر.
قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاقِ)،[١] هذا دلالة على أهمية الخلق في الدين الإسلامي، والأمر ذاته في جميع الأديان، فالأخلاق والعلم وحدهما يجعلان الإنسان ذا مكانة عالية ومرموقة، مما يُؤثر ذلك على المجتمع وتحسن سلوكه، فصلاح الفرد من صلاح المجتمع.
العلم النافع لا يقوم إلا بأخلاق حميدة
ارتبط العلم بالأخلاق ارتباطًا وثيقًا، فالعلم النافع لا يقوم إلا بأخلاق حميدة، ولا ينتشر إلا بصفاتها النبيلة، فالتلميذ مثلًا يتعلم من معلمه الخلق قبل العلم، ليكتمل في تكوينه الأدب، ويترسخ في عقله العلم حين يراه قولًا وفعلًا، والأخلاق هي فطرة الإنسان السليم التي لا تتغيّر بانقضاء وقت أو بتغيّر مكان، قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم
- فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلًا
ارتقت الأخلاق والعلم فبلغا منزلًا عظيمًا، وحظيا باهتمام كبير في الدول المتقدمة، وتم التعبير عن العلم والأخلاق بمصطلحات وكلمات كثيرة، فأقيمت الوزارات وسُميت باسميهما فهذه وزارة التربية والتعليم التي قدمت مبادئ التربية على مبادئ العلم والتعليم، لذا ينبغي أن نجعل من الأخلاق مرآة لأعمالنا ومعارفنا؛ ليسير العقل والوجدان الذي ينسجم بفطرته مع الأخلاق سويًا.
كما أنّ أهمية الأخلاق والعمل تكمن بأنّه ينتشر الخير بالأخلاق، ويندثر الجهل بالعلم، فيسود الرّقي المجتمعات، وتسير الأمم في ركب التقدّم على هدى ونور، كما أنّهما يمنحان الفرد الشعور بالأمان والاستقرار، وتُحفزاه على تحديد أهدافه في المستقبل.
لا قيمة للعلم من دون أخلاق
في الختام، مهما بلغ الإنسان من مكانة علمية مرموقة، فالقاعد المتينة تكون بالأخلاق، فهي أهم الفضائل ، وهي سر النجاح والتقدم للمجتمعات، فصاحب الخلق الطيب والعلم ينال احترام ومحبة الآخرين، فما أعظم العلم! وما أجمل الأخلاق الحسنة!
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:45، صحيح.