موضوع تعبير عن الكذب

كتابة:
موضوع تعبير عن الكذب

تعريف الكذب

الكذب عكس الصدق أي عدم قول الحقيقة، وهو قول الزور ومجانبة الحقائق وتغييرها أو تزييفها، وهو من الأخلاق السيئة التي نهى عنها الله تعالى ورسوله الكريم، فالكذب منافٍ للأخلاق الكريمة، وهو من صفات المنافقين الذين يدّعون الإيمان وقلوبهم في الحقيقة كاذبة، ويفعلون عكس ما يقولون، ولهذا فإنّه من العادات المشينة التي ينبغي التخلص منها، وقد نهى الإسلام عن هذا الخلق السيء، واعتبره من الأخلاق التي تُسبّب انحدار صاحبها إلى مرتبة سيئة بين أهله ومجتمعه، خاصة أنّه يُدمّر المجتمعات والأفراد.


الكذب يجعل الإنسان يقع في مطبّ الزور الذي يُهلك أصحابه، فهو بهذا يُصبح قدوة سيئة للآخرين وينفر منه الناس أجمعين، فهو لم يكن يومًا صفة الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- ولا الصحابة -رضوان الله عليهم- فالرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- كان معروفًا في قومه بلقب الصادق الأمين كناية عن شدّة صدقه وأمانته ووفائه للعهود والمواثيق، فخيانة العهود والمواثيق وعدم أداء الأمانات هي أيضًا من التزييف والكذب الذي نهى عنه الله تعالى ورسوله الأمين.


ورد ذكر الكذب في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم، حيث توعد الله تعالى الكاذبين بالعذاب الشديد يوم القيامة، خاصة الذين يكذبون على الله ورسوله بهدف التضليل في الدين، ومن الآيات التي ذمّ الله تعالى فيها الكاذبين قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ}[١]، لذلك فإن عدم قول الحق هو الأساس في وقوع الظلم على الناس ووقوع الكثير من المصائب، وهو أساس دمار المجتمعات وانحطاطها.


الأشخاص الكاذبون لا يدركون كيف أنّهم يزرعون الدمار والأذى، ويُسبّبون تغيير وجه الحقيقة فيُبنى على كذبهم الكثير من الأشياء التي يظنها الناس صحيحة، منها ما تُبنى عليه الكتب والمدوّنات التي ينقلها الناس لغيرهم، وهذا بحدّ ذاته يُشوّه التاريخ وما فيه من حقائق، وعندما تقرأ الأجيال التاريخ مشوهًا يأخذون تصورًا خاطئًا عما جرى في الماضي، وقد يُغيرون قناعاتهم واتجاهاتهم، فكم من مظلومٍ مات ظلمًا بسبب كذبة عابرة، وكم من شخصٍ فقد وظيفته بسبب قلة المصداقية، وغير ذلك الكثير من الأشياء التي تجعل الكذب من أسوأ الأشياء في الحياة، وأكثر الصفات قبحًا وبشاعة.


أنواع الكذب

للكذب أنواع كثيرة، وكلّها أنواعٌ مؤذية لا تقل خطورة عن بعضها البعض، ومن أخطر أنواعه أن يكذب الشخص على الله ورسوله، ويكون هذا بنسبة الأحاديث إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وتفسير الآيات القرآنية بطريقة خاطئة وكاذبة، وقول الفتاوى الكاذبة التي تحلل وتحرم وفق أهواء صاحبها، ومن أنواعه أيضًا الكذب الذي يكون بحلف اليمين الكاذب عامدًا متعمدًا وهو اليمين الغموس الذي يغمس صاحبه في جهنم، وهذا النوع من الكذب يندرج تحته جميع الأيمان الكاذبة والعهود والمواثيق التي تكون مبنية على الكذب والزور والخداع.


من أنواع الكذب التي يستهين بها الناس كثيرًا الكذب الذي يكون مغلفًا بالمزاح، حيث يكذب الناس على بعضهم البعض لأجل أن يضحكوا فقط، ولا يهمهم ما يغيرون من حقائق، وهذا بحدذ ذاته خطأ كبير، ومن أنواعه أيضًا الكذب الخيالي الذي يسرد فيه الناس قصصًا لم تحدث من الأساس، بل يسردونها لأجل التسلية والترفيه، ومن أنواعه الكذب الادّعائي الذي يدّعي فيه الناس حدوث أشياء غير موجودة في الأساس.


قد يكذب بعض الناس بهدف الانتقام من الآخرين والتبلّي عليهم والتسبُّب بوقوع المشكلات لهم دون أدنى شعور بالظلم الذي أوقعوه بغيرهم نتيجة تصرفهم هذا، أما الكذب الوقائي الذي يلجأ إليه البعض حتى ينجون من العقاب، أما كذب التقليد فهذا النوع ينتشر كثيرًا بين الأطفال خاصة، إذ يلجؤون لتغيير الحقائق تقليدًا لأمهاتهم أو آبائهم أو أصدقائهم، أما الكذب المرضي أو المزمن فهو الذي يكون متأصلًا في النفوس ويحتاج إلى علاج نفسي حقيقي حتى يتخلص صاحبه منه.


وردت الكثير من القصص التي كذب فيها الناس، منها قصص تكذيب الأقوام للأنبياء -عليهم السلام- وكيف أنّ تكذيبهم وكذبهم تسبب في هلاكهم، ومن أشهر قصصه المذكورة في القرآن الكريم قصة أخوة يوسف عندما ادّعوا أمام أبيهم يعقوب -عليه السلام- أنّ الذئب قد أكل يوسف -عليه السلام-، وظهر هذا في قوله تعالى:{وَجاءوا عَلى قَميصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}[٢]، لكن في نهاية القصة انكشفت الحقيقة وظهر كذب الأخوة، وهذا يدلّ على أنّ الكذب حبله قصير مهما طالت الأيام، ولا بدّ أن تُكشف الحقائق عاجلًا أم آجلًا، فالصدق منجاة من كلّ شر ومفتاحٌ لكلّ خير، أما تزييف الحقائق وعدم قول الصدق فعواقبه وخيمة ويؤدي إلى الكثير من العواقب السيئة في المجتمع.


البعض يكذبون حتى في أحلامهم، إذ يدعون أنهم رأوا منامًا ويسردون فيه القصص التي لم تحدث من الأساس ليصدقهم الآخرون، وهذا أيضًا يدخل في أنواع الكذب المؤذية التي نهى عنها الدين الإسلامي، ولهذا فالكذب غير مقبول أبدًا مهما كانت الظروف والأحوال، حتى أنّ الإسلام نهى عن الكذب على الأطفال والحيوانات، فالبعض يوهم الدابّة أنّه يُريد أن يُطعمها لكنه في الحقيقة يكذب، وهذا أيضًا شيءٌ مستقبح ويدلّ على قلة المروة، لهذا فإنّ الإنسان العاقل يتحرى الصدق قولًا وفعلًا ومن أصغر الأمور إلى أعظمها، ويحرص على أن يكون موضوعيًا في كلّ شيء حتى يكون الصدق صفة ثابتة فيه وملازمًا له دائمًا.

عواقب الكذب

من أشدّ عواقب الكذب أنّه يسبب غضب الله تعالى وسخطه، وحصول الكاذب على السيئات التي قد تكون سببًا في هلاكه ودخوله إلى النار، ومن عواقبه أنّه يُسبب وقوع المشكلات بين الأفراد والمجتمعات، ويوقع بين الرجل وزوجته وبين الأخ وأخيه وبين الأصدقاء، ويُسبب انقلاب الابن على أمه وأبيه وأخوته، كما يُسبّب ضياع البلاد والعباد وضياع الحقيقة وتبددها، وهو سبب في نشر الفتنة بين الناس وإيقاع الظلم على الآخرين، والكاذب تسقط هيبته بين الناس ولا يصدقه أحد أبدًا حتى لو قال الصدق فيما بعد، وهذا عقاب مناسب للكاذب حتى يرتدع ويتعلّم كيف يقول الحقيقة.


الكذب دليلٌ على ضعف صاحبه ووجود النقص فيه، فهو يُسّبب الخسارات المادية والمعنوية في المجتمع، ويجعل من الزور بضاعة رائجة وعلكة في أفواه الآخرين، ويتسبب في تضليل الناس وانحرافهم عن الصواب وعدم إدراكهم للحقيقة، فالتاجر الذي يكذب في تجارته حتى يبيع ما لديه من بضاعة يعرض للناس بضائع تالفة أو لا تستحق الثمن المدفوع فيها، وهذا يُسبب انعدام الثقة بين التاجر والمشترين، وضياع الثقة بين الناس عمومًا، والطبيب الذي يكذب على المريض يتسبب في إيهام المريض بأنه لديه مرض خطير حتى يكسب من ورائه النقود، والمهندس الذي يكذب في عمله يُسبّب الخسارات المادية لشركته التي يعمل بها.


الكذب يتسبّب بتشتُّت الأسر وعدم الشعور بالأمان والاستقرار، وهو وسيلة غير أخلاقية للوصول إلى المناصب والمكاسب، ويمكن أن يكون سببًا في موت أحدهم أو ضياع مستقبله، لهذا على الإنسان أن يتجنب الكذب مهما كانت الظروف والأحوال، وأن يكون صادقًا مع نفسه وأهله بيته وبينه وبين الله حتى يكسب احترامه لنفسه، بعكس الإنسان الكاذب الذي يفقد احترامه لنفسه ويفتقد احترام الآخرين له، ويُصبح في المجتمع مجرد شخص غير مؤتمن ولا يحبه أحد، أما الإنسان الصادق فيكون محبوبًا بين الناس، ويلجأ إليه الجميع ليقولون له أسرارهم ويستشيرونه في أيّ قضية تخصّهم.


لتجنب عواقب الكذب الكثيرة يجدر بالإنسان استشعار مراقبة الله تعالى له في السرّ والعلن، وأن يتحرى الوسائل التي تُعينه على الصدق، وتذكر سوء الخاتمة في حال الموت على الكذب، خاصة أنّ الملائكة موكلة بكتابة أي حرفٍ يقوله الإنسان من صدق أو كذب، ومن يعتاد عدم قول الحق لا تُقبل أقواله في المستقبل ويسقط من أعين الناس جميعًا، فالنجاة الحقيقية تكون بالصدق حتى لو كان الصدق سببًا في تلقي العقاب، لكنه أفضل بكثير من الكذب الذي يُسبّب الأذى للناس ويُسبب غضب الله تعالى، خاصة أنّ البعض يكذبون في كلّ شيء، فالكذب بالنسبة لهم أسلوب حياة يمارسونه في كلّ يوم.


الصدق في الدنيا يقي من ميتة السوء، ويجعل الإنسان موضع تقديرٍ وهيبة بين الناس، بعكس الكاذب الذي لا يُصدقه الناس حتى لو أقسم أمامهم أنّه كذلك، والمؤمن يجعل صحيفته نقية من الكذب وخالية من قول الزور، وليس فيها أي تزوير أو قلب للحقيقة، فهو بهذا يكون مرتاح البال والضمير، ولا يخشى من أي شيء أو لومة لائم، أما الكذاب فلا يشعر بالراحة أبدًا، ويشعر دومًا أن الحقيقة التي هرب من قولها تُلاحقه في صحوه ومنامه، فالكذب يموت ويفنى وأما الصدق فهو باقٍ إلى الأبد ولا يُمكن طمسه تمامًا مهما طالت الأيام ومهما تبدلت الظروف والأحوال.

المراجع

  1. سورة الأنعام، آية: 21
  2. سورة يوسف، آية: 18
4961 مشاهدة
للأعلى للسفل
×