موضوع تعبير عن الماء سر الحياة

كتابة:
موضوع تعبير عن الماء سر الحياة

الماء سر الحياة

أتى فصل الربيع الجميل وبدأ النَّاس بالتحضير للذهاب إلى الرحلات الجميلة، وما كان من فراس الصغير إلّا أن اقترح على والدته أن يذهبوا في هذه العطلة إلى أحد الأماكن التي تنبعث منها رائحة الورود العطرة في فصل الربيع، وافقت الأم على طلب فراس وأخبرته أنَّها ستأخذ رأي والده في عشاء هذا اليوم، سرَّ فراس بالخبر كثيرًا واجتهد أن يكون مؤدبًا في هذا اليوم حتى لا يعكر صفو والده أي شيء ويتمكّن وعائلته من الحصول على موافقته للذهاب في رحلة برية.


حان وقت العشاء فارتدى فراس بذلته النظيفة ورتب شعره وأخذ مكانه على طاولة العشاء والتزم الهدوء، ألقت الوالدة ابتسامة مفهومة المعنى على طفلها وبعد أن تناولوا العشاء وبدؤوا بشرب الشاي قالت الأم لزوجها: ما رأيك أن نذهب في هذه العطلة إلى رحلةٍ إلى الغابة التي تبعد عنَّا بضع كيلو مترات، وهناك النَّهر الذي عادة ما يكون الآن في أوج تدفقه في مثل هذه الأيَّام من السنة، والأشياء التي سنحتاجها في هذه الرحلة موجودة كلها عندنا في المنزل.


ابتسم والد فراس وقال يبدو أنَّ الأمر قد بُتَّ فيه من قبلكم يا أم فراس وتبادلوا الضحكات واتفقوا على أن تكون الرحلة في اليوم التَّالي قرابة السَّاعة السَّابعة صباحًا، حتى يصلوا إلى المكان المطلوب وتكون الشمس ما تزال دافئة والهواء يلعب لعبته التي اعتادها كل صباح، ذهب فراس مسرعًا وقد عزم على أن يحضر جميع أشيائه التي سيحتاجها غدًا في الرحلة، وأهم ما سيحتاج إليه هو إطار السباحة التي تعلمها في الفترة الماضية، ولكن ما تزال والدته تخشى عليه من المياه العميقة.

انطلقت سيارة الوالد في السَّابعة تمامًا وكانت الأم قد أعدت في يوم الأمس اللّحم المشوي مع ما يحتاجه ذلك الطبق من أنواع السلطة، وأخذت معها ثمار البطاطا والبندورة، وأهمّ ما سيحتاجون إليه من بين كلّ ذلك هو المياه العذبة الصَّافية التي لا يستطيع الإنسان أن يحيا بدونها، وقد أكثرت الوالدة من المياه مَخافة أن تنتهي فيسوء حالهم ويضطرون إلى قطع رحلتهم لأجل ذلك السبب، ووصل الجميع إلى النزهة، ثم استودع الوالد عائلته ريثما يذهب إلى الجدة أم تحسين ويحضرها، فهي تحب هذه الأجواء الربيعية المميزة.


أهمية الماء بالنسبة للإنسان

وصل الوالد مع الجدة إلى الغابة واختاروا مكانًا قريبًا من النهر حتى يكون منزلًا لهم، وبدأت الجدة بالحديث عن هذه الغابة وكيف كانت المياه فيها في قديم الزمان وقالت: أترى يا فراس هذه الجداول التي تتفرع من النهر الأصلي يا بُنيّ، قال الولد: نعم يا جدتي، قالت في قديم الزمان وعندما كنت أنا في مثل عمرك كان يأتي جميع أهل القرية لقضاء حوائجهم في هذا النهر والجداول التي تنبع منه، قد كانت تأتي المرأة بجميع ثياب العائلة ويغسلونها على طرف هذا النهر، وكانوا ينقلون المياه بقُربٍ مختلفة إلى منازلهم لقضاء حاجياتهم من الطبخ وغسيل الأواني وما إلى ذلك.


ثم أردفت قائلة: فراس لم تكن الحياة سهلة في قديم الزمان كما هي الآن، ومن ثم تطوّرت الأحوال بعد ذلك فبدأ النَّاس يتعرّفون على الآبار، اندهش فراس وقال لجدته: ما هي الآبار يا جدتي، وماذا تقصدين فيها؟ ضحكت الجدة من سؤال فراس واستجمعت صلابتها من جديد ثم قالت: الآبار هذه كانت حفرة عميقة يحفرها الناس حتى يصلوا إلى المياه العذبة منها، فسألها فراس: هل من الممكن أن تكون بعض المياه في البئر مالحة يا جدتي؟ فقالت له: نعم ذلك وارد يا بني، ولكن للحصول على المياه الحلوة لا بدَّ ن يكن حافر البئر ماهرًا بحيث لا يحفر أقل من المطلوب ولا أكثر حتى تبقى المياه عذبة لذيذة.


ما هي إلا دقائق حتى أحس فراس بالعطش، فشرب الماء ونظر فيه كثيرًا وقال لجدته: إذًا يا جدتي ما فهمته منك أنَّ الإنسان يحتاج إلى الماء في جميع أحواله أليس كذلك؟، فقالت له: نعم يا بني فلا حياة أبدًا بدون ماء، تخيَّل الآن أنَّه لا يوجد على وجه هذه الأرض أي من المياه العذبة، وأنَّ جميع المياه مالحة ما الذي سيحدث؟، سرح فراس في خياله ترى ما الأمور التي ستتغير بدون ماء ونظر إلى زجاجة الماء التي بين يديه وبدأ بالتفكر في العواقب التي من المُمكن أن تصير، وقاطعه عن تفكيره نداء أمه له بأن يقوم حتى يغسل الخضار من مياه النهر الجاري القريب عيهم.


أهمية الماء بالنسبة للحيوان والنبات

ذهب فراس بسرعة إلى سلة الخضراوات وأخرج منها الخضراوات المطلوبة وهي الخيار والمطاطم والليمون والخس والنعناع وغيرها من الأنواع التي يحتاج إليها طبق السلطة إلى جانب اللّحم المشوي، ووضع جميع الخضراوات التي أخرجها في كيسٍ صغير وأحدث في ذلك الكيس بعض الثقوب التي من شأنها أن تخرج المياه منها، وأقبل عل النهر وملأ الكيس بالمياه ومن ثم جعل المياه الخارجة من الكيس تسقط في النهر مرّة أخرى، وما هي إلا لحظات حتى نادته قطرة المياه مهلًا مهلًا يا فراس، التفت فراس حوله فلم يجد أي أحد يتكلم معه فظن أنه واهم.


ثمَّ أعيد عليه الصوت مرّة أخرى فعلم هنا أنَّه لا بدَّ فعلًا وأنَّ أحدًا يُناديه، فالتفت إلى أسفل قدميه ووجد قطرة من المياه تحاول الحديث معه، نزل إليها وقال أهلًا ولكن، لكن كيف لك أن تتحدّثين؟، فقالت: هل تظن أنَّك الوحيد الذي يعيش على هذا الكوكب أيّها الإنسان؟، نحن أيضًا نعيش مثلك عليه يا فراس، ولمس فراس حزنًا في كلام قطرة المياه، فقال لها: نعم يا قطرة ولكن بماذا أزعجتك أنا حتى تقولي لي هذا الكلام؟


قالت له: وفوق هذا لا تعرف ذنبك؟، فدُهش فراس من كلامها قال: ماذا فعلت لك يا قطرة؟، قالت له: انظر إلى تلك المياه الملوثة التي تقطر من كيسك في النهر، أليس هذا النهر أزرق عذب تطوق له النفوس لماذا إذًا تقوم بتلويثه ها يا فراس؟


نظر فراس إلى الكيس ووجد أنَّ الكلام صحيح وأنّ المياه الملوثة بالأوساخ والتي تحوّل لونها إلى البني تسقط في النهر، قال لها: أنا أعتذر إليك يا قطرة الماء، قالت له: أنا لا أريد اعتذارك يا فراس ولكن ما أريده هو ألَّا تُكرّرها أبدًا، فالمياه يحتاجها الإنسان كما الحيوان والنبات، اندهش فراس من قولها وقال لها: الإنسان ونعلم جميعًا أنَّ المياه مهمة له للشرب والأكل، ولكن ما دخل الحيوانات والنباتات؟، فقالت القطرة: ألا تعلم أهمية المياه في جميع مجالات الحياة؟


المياه مُهمّة لأن النبات لا ينمو بدونها، بل إنّ عملية النمو الأساسية تقوم على الضوء والمياه، وعندما تتغذّى الحيونات على تلك النياتات أو على الحيوانات الأخرى إن كانت لاحمة فإنَّها تعطش، ولهذا فإن الماء أساس الحياة يا صغيري، ولو لم يعد هناك المياه أو لو تلوثت جميعها لانتفت أسباب الحياة على هذه الأرض، لهذا يا فراس إنّني حريصة على أن تنتبه وأبناء جيلك على هذه النعمة التي وهبكم الله إياها، وحتى لا تكونوا من الأشخاص الذن يتعرفون على النعم بزوالها.


كيفية المحافظة على الماء

نادت أم فراس ولدها وسألته عن الخضراوات التي طلبت منه أن يغسلها، فقطع صوتها جميع التخيُّلات التي كان يراها ماثلة أمام عينيه، وحمل كيس الخضراوات وذهب إلى أمه وبدأ بمُراقبتها وهي تقطع الخضراوات من أجل طبق السلطة، فباغت فراس والدته بسؤال، وهو كيفَ يمكنه أن يحافظ على نعمة المياه؟، فقالت له أمه: يُمكنك المحافظة على نعمة المياه يا فراس عن طريق عدم إهدارها فلو أردت أن تغسل وجهك ويديك فيكفيك كوب ونصف ولا داعي لأن تبقي صنبور المياه مفتوحًا وتذهب المياه سدى من غير فائدة.


لو أردت أن تسقي زهور حديقتنا فيُمكنك أن تفعل ذلك بزجاجة المياه ولا داعي لأن تصل المياه بالخطروم؛ لأنَّ ذلك يؤدي إلى إهدار المياه، كذلك فيجب علينا بني البشر ألَّا نلوث مياه البحيرات والأنهار التي نمر من جانبها؛ لأنَّها الثروة التي لا يقدرها الإنسان، ولكنَّها حقيقة هي الذهب عينه وفوائد المياه معروفة لكل الناس لكن قلَّ من يلتزم بالمحافظة عليها، شكر فراس والدته على هذه المعلومات القيّمة التي حصل عليها منها، وعزم على أن يكون مرشدًا اجتماعيًا عندما يكبر في سبيل إرشاد النَّاس إلى تلك الطرق البسيطة التي يُحافظون من خلالها على ثروة الكرة الأرضية، فلا حياة بدون ماء.

5881 مشاهدة
للأعلى للسفل
×