محتويات
البيئة موطن الجميع
البيئة بكلّ ما فيها من عناصر هي موطنٌ للجميع من إنسان وحيوان ونبات وحتى كائنات حية دقيقة، ولا يمكن لها أن تكون بيئة صحية كاملة إلا بتوافر جميع عناصرها من كائنات حية وجمادات؛ لأنّ لكلّ عنصرٍ فيها دور أساسيّ وجوهريّ يقوم به ولا يمكن أن يقوم به غيره.
وهنا تكمن الأهمية العظمى للبيئة، فالاتزان الموجود فيها هو طوق النجاة بالنسبة للجميع وليس لعنصرٍ واحدٍ فقط، ولا يمكن الاستغناء عن هذا الاتزان؛ لأنّ حياة الكائنات الحية مرتبطة به، ولو حدث أي خلل به سيحدث ما لا يُحمد عقباه، ويُشار إلى أنّه لا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال استثناء عنصر من عناصر البيئة، فهي موطن للجميع؛ لأنّ الجميع يؤدي فيها مهمات كثيرة حتى تكتمل سلسلة الحياة وتدور الدائرة بالشكل الصحيح والمرسوم لها؛ لهذا فإنّ البيئة هي الطبيعة بجميع مكوناتها الكبيرة والصغيرة والتي لا يمكن تجاهل قيمة أيَِ منها.
فالبيئة دون نباتات هي بيئة معدومة الحياة، وبيئة دون العناصر الأساسية من تراب، وماء، وهواء لا يمكن أن تكون مكتملة أبدًا، لهذا يأتي دور الإنسان في أن يكون جزءًا فعالًا من بيئته ويحافظ عليها، كما أنّ البيئة هي الملاذ الذي يجد به الجميع الأمن والاستقرار، ولو حدث فيها أيّ خلل سيكون الخطر عامًا على الجميع.
البيئة لها حق على الدولة
البيئة بصفتها تحيط بنا من كلّ جانب وتؤثر وتتأثر بنا، من واجبنا جميعًا أن نلتزم بالقوانين التي تقرها الدولة لأجل الحفاظ عليها، فالبيئة لها حقٌ على الدولة، ولا يجوز إهمالها أو تجاهلها أبدًا، ومن واجب الدولة أن تضع القوانين المناسبة للحفاظ عليها، وأن تُغلظ العقوبات على من يعتدي على البيئة، ويُحاول أن يعبث بأيٍ من مكوناتها مهما كان الاعتداء صغيرًا؛ لأنّ أي خلل صغير في البيئة يُسبّب أضرارًا جسيمة ويضرّ بجميع مكوناتها الأخرى، وهذا يسبب فجوة فيها، وربما تراجعًا في جودتها وعدم القدرة على إصلاح الضرر الحاصل.
أوّل ما يجب أن تقوم به الدولة تجاه الحفاظ على البيئة هو منع التلوث الذي يؤرق بال الجميع، لأنّ التلوث يدمّر البيئة ويقضي على التنوع الحيوي فيها، ويجعلنا لا نعرف أين نذهب بأنفسنا هربًا من هذا التلوث والاعتداء، كما أنّ تلوث البيئة يُسبّب لنا الكثير من الأمراض.
كما يُسبّب انقراض الحيوانات والنباتات، وإحداث خلل في التوازن الحيوي وحدوث العديد من الظواهر والكوارث البيئية السيئة، وعلى الدولة أن تبادر في منع هذا الضرر قبل حدوثه وتوجيه المواطنين إلى الطريقة المثلى التي يحافظون بها على البيئة، وإذا وضعت الدولة قوانين رادعة لأجل البيئة سنجد أنفسنا جميعًا نُحافظ على البيئة بدافع الواجب أولًا، وبدافع الخوف من مخالفة القوانين ثانيًا، وهذا بحدّ ذاته ضرورة حتمية في ظلّ الاعتداءات الكثيرة الخارجة عن السيطرة والتي تشهدها البيئة، وتحتاج إلى تدخُّل سريع من الدولة لمنعها والحدّ منها.
البيئة لها حق على المواطنين
ينبغي أن تتكاتف جميع الجهود للحفاظ على البيئة، فهذا ليس واجب الدولة فقط، بل واجبنا نحن كمواطنين أن نحافظ على البيئة من أي اعتداء، أو دمار، أو تلوث، وأن نسعى لأن تحفظ عناصرها واستقرارها، وألّا نستهلكها بإجحاف كي تستطيع أن تبني نفسها أولًا بأول.
فالاعتداء الذي تشهده البيئة من المواطنين يُسبب قصورًا في قدرتها على حماية نفسها، وهذا يعني أن المسؤولية الكبيرة تقع علينا بمنع رمي القاذورات فيها، وتجنّب نفث الغازات والأبخرة السامة في الماء والهواء، والتقليل قدر الإمكان من استهلاك عناصرها، وحتى نؤدي واجبنا كمواطنين تجاه البيئة علينا أن نرشد استهلاك الماء بصفته عنصرًا أساسيًا في البيئة، وأن نحافظ على الغطاء النباتي الذي يشكل حجر الأساس في البيئة، وأن نمتنع عن قتل الحيوانات وصيدها وإخراجها من البيئات الطبيعية الخاصة بها للحفاظ على التوازن البيئي.
كما أنّه يجب التوقف عن تلويث البيئة؛ لأن هذا يسبب نتائج كارثية وعميقة وطويلة المدى مثل ظاهرة ثقب الأوزون، والمطر الحمضي، والضباب الدخاني، وغيرها، وإضافةً إلى ما تقوم به الحكومة من إقامة محميات طبيعية للنباتات والحيوانات للحفاظ على البيئة، من واجبنا أيضًا أن نُحافظ على البيئة بعدم الاعتداء عليها أبدًا، وأن يكون هذا الحفاظ نابعًا من خوفنا الحقيقي عليها، وحفظًا لحق الأجيال القادمة فيها.
الحياة دروس وعبر
ختامًا، علينا أن نعترف أنّ الحياة مليئة بالدروس والعبر التي يجب أن نأخذ منها الكثير لنتعلم أهمية البيئة والحفاظ عليها، فما يحدث كثيرًا من كوارث بيئية يعلّم الإنسان أنّ التساهل والتراجع عن حماية البيئة لا تحمد عواقبه أبدًا، وهذا ما أثبتته الكثير من الأحداث التي سبّبت تغيّراً في خصائص البيئة الأساسية، وانقلاب المناخ، ونوبات الجفاف التي تحدث في العديد من المناطق على كوكب الأرض، وما يُقابلها من فيضانات وانخفاض كبير في درجات الحرارة في مناطق أخرى.
الواقع الحالي الذي يُظهر ما تُعانيه البيئة يعطينا دافعًا إلى ضرورة أخذ العبرة ممّا يحدث، والحفاظ على البيئة حفاظًا كبيرًا كي لا يستمر هذا الانقلاب الحاصل فيها، خاصة فيما يتعلق بانحسار في المسطحات المائية والينابيع الصالحة للشرب، وحدوث أزمات ومجاعات في أماكن كثيرة من العالم، وهذا كلّه بسبب خلل في توزان المكونات الأساسية فيها، وعلى الجميع من دول وحكومات ومواطنين أخذ العبرة والاستفادة من الدروس التي تعلمنا إياها البيئة.
البيئة تستطيع أن تُعالج نفسها بنفسها لولا تدخل الإنسان بإدخاله لمكونات غريبة تحتاج إلى مئات السنين كي تتعامل البيئة معها، وهذا يعُطي درسًا بضرورة إيقاف الاعتداء السافر على البيئة.