المقدمة: ثبات وتضحيات
تعتبر الشرطة من المواقع المهنية الصعبة، التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والثبات، إلى جانب التضحيات الكثيرة؛ فقد يضحي الشرطي بما يملك من: مال أو براحته ووقته مع أبنائه وأسرته وحياته والكثير من الأشياء التي قد لا تخطر لنا على بال، وذلك لأنّ التضحية بخاصة تجاه الوطن هي سبيل الشرفاء والعظام الأوفياء، كما أن حب الأوطان فطرة إنسانية عظيمة وذات قيمة دينية كبيرة؛ فقد اقترن حب الوطن بحب النفس في القرآن الكريم؛ وذلك لأنّ حب الأوطان مرتبط بالأشخاص ذوي النفسية السوية، وتضحية الإنسان بنفسه من أجل الوطن تحتاج إلى أشخاص مخلصين وأقوياء يتميزون بالثبات في وجه المصاعب والثبات على الحق.
العرض: صمود في وجه الاحتلال
إن عمل الشرطة يعنيك: الصمود في وجه كل المصاعب ومواجهة التحديات المتعددة؛ فهم أيضًا قادرون على تحدي ومواجهة كل ما يعترضهم في أثناء حمايتهم للوطن، وما أجمل تلك الفئة من الناس التي تحقق الأمن والأمان! وهم العين الساهرة التي لا تنام ولا ترتاح، حتى تقوم بواجبها على أكمل وجه، دون كلل أو ملل فيمنعون الإجرام ويقفون في وجهه ويحققون العدالة بقبضهم على المجرمين، لا يخونون أوطانهم ولا مهنتهم ويبتعدون عن الخيانة وكل أسباب الشر، يحفظون السلام والأمن في الوطن ولا يبيعون مواقفهم ومهنتهم الشريفة وأوطانهم لمآرب شخصية في ذواتهم٬ ديدنهم حماية الوطن مما قد يضره مثلك: الخيانات وجرائم السرقة والاغتصاب والقتل.
ومن أجمل تلك الصفات التي حملها رجال الشرطة عدم تفريقهم بين أحد سواء أكان في المخالفات أو العقوبات؛ فهم أصحاب الضمير الحي لا يهمهم منصب أحد أو مكانته ولا يتعاملون مع الناس بحسب مستواهم المادي أو العلمي، الناس كلهم سواسية بالعقاب، ويقدمون الخدمات للجميع سواءٌ أكانوا أفرادًا أم شعبًا كاملًا يخدمون الكبير ويساعدون الصغير بلا تردد أو كسل، لا يقبلون رشوة من أحد، ويحدون من عدد المخالفات التي يقوم بها الناس بمختلف أنواعهم وأعمالهم، فهم يعلمون أنهم الفئة التي يتوجب عليها الإصلاح في المجتمع ولو قبلوا تلك الرشاوي لصاروا من ضمن الفئة الضالة في المجتمع وحادوا طريق الصواب، وهم يعلمون أن عقوبتهم ستكون أكبر من الأشخاص العاديين لأنهم يحملون أمانةً عظيمة.
من صفات الشرطة المخلصين: حماية حقوق الآخرين والحفاظ على حرياتهم من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فلا يسمحون لأحد بالتعدي على سواه أو سلبه حريته أو التعدي على حقوقه، كما، أنهم يقومون بفضّ النزاعات الدائرة بين مختلف الفئات، في البيوت أو في الشوارع وفي المحال التجارية والمتاجر الكبرى وكل مكان يمكن أن يحدث فيه أمر، ولا ينحازون مع طرف ضد الآخر بمعرفة أو بمنصب ولا يحلّلون لأحد ما ليس له أو يحرّمون على سواهم ما هو حقٌ من حقوقهم، فهم القادرون على توفير الحماية واسترداد الحقوق.
ويواجه الشرطة العديد من الأزمات في ظل علهم؛ فقد يتعرضون للمخاطر أو لأشخاص من ذوي الطباع الحادة الذين يرفضون الاستجابة لأوامر الشرطة، فيتعدون على الشرطي بالصراخ والعناد، أو أنهم يعملون تحت حرارة الشمس الحارقة وفي البرد القارص، لكنهم يحتملون كل ذلك في سبيل مهنتهم الشريفة ولقمة العيش الحلال التي يكسبونها من وراء عملهم، كما أنهم قد يواجهون المخاطر المحدقة خاصة عند حل النزاعات بين الفئات المختلفة من المجتمع وقد يواجهون مطاردات خطيرة مع عصابات قد تكون مسلحة إذ يحصل تبادل إطلاق نار ويصاب أحدهم أو حتى يفقدون حياتهم مقابل منع الشر والوقوف في وجه الخارجين عن القانون والتصدي لهم.
إن أهمية رجال الشرطة كبيرة، إذ تعتبر دوريات الشرطة حاجز أمان في كافة مناطق المملكة كافّة إذ يجد السائر العديد من الدوريات في أماكن متفرقة مهمتهم: المسارعة نحو مساعدة الناس أو الوقوف في وجه المشكلات وحوادث السير، إذ لا بد أن تنطلق أقرب دورية لمكان الحادث من أجل الوقوف على ملابسات الحادث أو الجريمة، وتحقيق الحماية للأفراد إلى حين وصول البحث الجنائي أو سيارات الإسعاف، ومن واجبهم أيضًا اعتقال أي شخص يشكون به أو ربّما يكون مطلوبًا لدى جهاز الأمن فتتم مطاردته وملاحقته وإلقاء القبض عليه لئلا يتعرض أشخاص آخرون للأذى بسببه.
ومن أجمل ما يقوم به رجال الوطن: إقامتهم على الحدود ومواجهة أنواع المصاعب كافّة ومنها بعدهم عن عائلاتهم وتحمل المخاطر وكل ذلك في سبيل حماية الوطن من المعتدين والتصدي للفوضى والوقوف في صف المواطنين وحمايتهم ولو قدموا حياتهم فداءً لهم، كما أنهم يصمدون في وجه الاحتلال في تلك الدول التي تعاني من الاحتلال ومن وجود الغاصبين وقد يعرضون حياتهم للخطر في أثناء إنقاذ الناس من براثن العدو، أو أن يتعرضوا للإصابات الخطيرة والآلام المريرة، وكل ذلك عندهم هيّن في سبيل حماية الأوطان.
كما يقدمون المساعدة ويحملون أسلحتهم ويقفون شامخين في مواجهة العدو دون خوف وارتباك؛ فغايتهم العظمى حماية الوطن والإنسان لا شيء في الدنيا يساوي ذلك، كما أنه عظيم عند الله تعالى؛ فهم العيون الساهرة والجنود المجهولون، الذين استشهد منهم عدد كبير عند قيامهم بواجباتهم، وقد أعد الله لهم الجنة جزاء ما صبروا وجزاء ما عملوا في سبيل حماية الأوطان. وإننا من منبرنا هذا لنقف وكلنا احترامٌ وتقدير لكل ما بذلوه ويبذلونه، وليلهم الله الصبر أهالي المفقودين منهم وليرحم الله شهداءهم ويرزقهم الجنة.
الخاتمة: لا بقاء لغاصب
إن الهدف الأسمى والأجل لكل شرطي في العالم هو: إنهاء الظلم والاحتلال وإبعاد الغاصب عن الأرض وتحقيق العدالة في هذه الدنيا الكبيرة ومنع كل مغتصب من تحقيق الأذية للشعب باعتقالهم وقتلهم وتعذيبهم وتهجيرهم، ما أجمل هذه المهنة! وما أجل هذا الشرطي الذي يقدم نفسه وحياته فداءً للوطن كي لا يظل غاصبٌ يغتصب الوطن وآماله وأحلامه! أولئك الذين يدوسون الأرض الطاهرة بأحذيتهم القذرة وبطموحاتهم المقيتة: أن ينعدم الأمن في الوطن، وأن يسرقوا وينهبوا كل ما استطاعوا نهبه من خيرات وبركات ظلت سنينًا عنوانًا لوطن عظيم، له تاريخ كبير وحافل بالأحداث الرائعة التي تُرفع لها القبعات احترامًا وإجلالًا.