موضوع تعبير للصف الخامس الابتدائي
مياهٌ رقراقةٌ، تأخذُ بألبابِ النَّاظرين، تشدُّ التائهين، وتأخذ قلوب المحبّين، إنَّه البحر، موضوع تعبير للصَّف الخامس الابتدائي، يأخذ إلى عالم السِّحر والجمال، يُنظَر إليه فيخيَّل كأنّما جعبةٌ من الأسرار تنتظر من يعيرها سمعه لتكفأ مافي إنائها، أمواجه كمرآةٍ تعكس كل ما يصل إليها، فتزيد جماله جمالًا عليه، وكأن السَّماء قد انسكبت عليه، فلا يُفرق بينهما كطائرين كلٌّ منهما يزيد على الآخر مفاتنه، فلا يلبث النَّاظر أن يمجِّد الله، ويسبّحه على هذا الخلق العظيم، لا تُعرَف أمامه لغةٌ سوى الصّمت، فالصّمت في حرم الجمالِ جمالُ.
يُقال بأنَّ البحر قد نشأ نتيجةً لتجمع الأمطار والسّيول بطريقةٍ ساحرة تسلب الألباب والقلوب، هو حياةٌ أخرى كاملةٌ تعيش فيه المخلوقات العجيبة، التي ما زال العلم حتَّى الآن يحاول اكتشافها، ومعرفة أصلها، ومنشأها، فتجري الأقلام، ويبحث الباحثون، ويكتب الكاتبون، كلٌّ منهم يحاول أن يضع بعض القوانين، ليصل إلى نتائج يراها في نظره أنها الأصحُّ حتَّى الآن، لا قانون يحكمهم سوى فطرة قد فطرهم الله عليها، فتسيِّرهم حسب ما شاء لهم القدر.
هو لوحةٌ تعكس ذات كلِّ من يراها، فالحزين يراه شيخًا طاعنًا في سنِّه، يسمع أحاديثه، ويحاوره، ويطرح حلوله عليه، لا يتكلَّم إلَّا بحكمةٍ، وكأنَّه قد جمع ما بين الأمل، والفلسفة، وكلام الأجلاء، أمَّا السَّعيد فيراه كقطعةٍ قطفت من الجنة لم تدنَّس بخطيئة أبدًا، البواخر تضرب أمواجه، وكأنَّها في صراعٍ دائمٍ ما بين الموت والحياة، ففي كلِّ يوم تنجو منه باخرةٌ كأنَّما يعطيها فرصة حياةٍ ليومٍ آخر، إذ إنَّه لايرحم من يحاول التطاول عليه، وكما وصفه أحد الشعراء قائلًا فيه:
يَا بحرُ جئتكَ حَائرَ الوِجدانِ
- أشكو جَفاءَ الدَّهرِ للإنسانِ
يا بحرُ خاصَمني الزَّمانُ وإنَّني
- ما عدتُ أعرفُ في الحَياةِ مَكاني
هو ملهم الشُّعراء، وحبر الكتَّاب، يراه النَّاظر فيغوصُ في ذكرياته، فيغرق بها، فيحار غريقُه في الطريق لا يجدُ شاطئًا يرتمي إليه إلَّا بعد زمنٍ من الجهد والتعب، أما عند التقاء الشَّمس بالبحر فهي قصَّةٌ أخرى وكأنَّهما أخوان يتلاقيان فيفضي كلٌّ منهما بأسراره إلى الآخر ما بين ضحكاتٍ، وكلمات لن يفهم معناهما سوى من أتقن لغة الحبِّ والجمال، فيتلوَّن ماء البحر بخيوطٍ من الشمس ذهبيّة، وحمراء قاتمة تسبح بحمد الله وعظمته، هو ليس فقط موضوع تعبير للصف الخامس الابتدائي، بل إنّ البحر لوحةٌ فنيَّةٌ، وإن حاول الفنانون رسمها، والأدباء تصويرها، إلّا أنّهم لن يفلحوا إلا كما تفلح الإبرة إن أدخلتها في ماء بحرٍ لجيٍّ عريض.