من هم ذوو الإعاقة؟
ذوو الإعاقة بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية: هم الأشخاص الذين يُعانون من قيود في نشاطهم نتيجة نقص في وظيفة الجسم أو في هيكله، والذين يُعانون من نسبة عجز وقيود وصعوبات أثناء مشاركتهم في تنفيذ الأعمال والمهمات، ولهذا يتعرّضون للعديد من المواقف التي تنتج عن هذه الإعاقة، يحتاجون بذلك إلى رعاية خاصة لمساعدتهم في تخطي هذا النقص، ويُمكن أن تكون الإعاقة جسدية أو ذهنية، والبعض من ذوي الإعاقة يُعاني من الإعاقة الجسدية والذهنية معًا.
يُطلق البعض على ذوي الإعاقة مصطلح أصحاب الاحتياجات الخاصة، أي: الذين يحتاجون إلى احتياجات تخصهم دون غيرهم لمساعدتهم في التحرر من القيود التي تفرضها الإعاقة عليهم، وفي العادة يشترك الأشخاص ذوي الإعاقة بالعديد من الصفات، وأهم صفات ذوي الاحتياجات الخاصة أنّ معظمهم يملكون روح التحدّي للإعاقة، ويُصرّون على أن يكونوا أعضاءً ناجحين في مجتمعاتهم، ويتميزون في مجالات كثيرة رغم الإعاقة، والكثير من ذوي الإعاقة لا يُحبّون إطلاق هذا المصطلح عليهم، ويُفضلون مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة.
أنواع ذوي الاحتياجات الخاصة يختلف باختلاف نوع الإعاقة التي يُصابون بها، فهناك أصحاب الإعاقة الجسدية الذين يلدون بعجزٍ ما مثل: الأشخاص المصابون بالعمى منذ الولادة، والأشخاص الصم البكم، والمعاقون حركيًّا، والمُصابون بمختلف أنواع الشلل سواء كان هذا ناتجًا عن مرضٍ ما مثل شلل الأطفال، أم الشلل الناتج عن الحوادث المتفرقة، وغيرها من الإعاقات الجسدية، ومن الإعاقات الذهنية أو العقلية المصابون بالمتلازمة المنغولية، والأشخاص المصابون بإعاقة عقلية نتيجة عن نقص الأكسجين على الدماغ أثناء وبعد الولادة، أو الناتجة عنأمراض وراثية أو سكتات دماغية.
ذوو الإعاقة يمثلون فئة لا يُستهان بها في المجتمع، لهذا من الضروري أن يتم تصنيفهم وتصنيف أنواع الإعاقات التي يُعانون منها، لتمكين المجتمع وأفراد المجتمع من الاهتمام بهم وإعطائهم الحقوق الخاصة بهم على أكمل وجه، فالإعاقة ليست عيبًا ولا عارًا، بل هي قدرٌ من الله تعالى، يجب تقبله برحابة صدر ومحاولة تقليل الخسائر والآلام المرافقة له قدر الإمكان، وبث روح التحدي والمثابرة في نفوس أصحاب الاحتياجات الخاصة، وعدم السماح لهم بأن يستسلموا لإعاقتهم، ومساعدة أهاليهم في دعمهم بكافة الطرق، فهم في النهاية أشخاصٌ، لهم كامل الحقوق التي ضمنتها لهم الأخلاق النبيلة.
حقوق ذوي الإعاقة
يتمتع ذوو الإعاقة بالعديد من الحقوق المخصصة لهم دون غيرهم، وحقهم الأوّل والأهم هو في احترام إنسانيتهم ومعاملتهم بنفس الطريقة التي يُعامل فيها الأشخاص العاديين من حيث الاحترام والتقدير، والحقوق الواجبة لهم في المجتمع، ومن حقوقهم أيضًا الحق فيالتعليم، مع مراعاة ظروفهم الخاصة التي تفرضها عليهم الإعاقة، ولهذا فإنّ معظم دول العالم أنشأت مدارس خاصة لتعليم ذوي الإعاقة، بحيث يتم التعامل معهم وتعليمهم في هذه المدارس بالطريقة التي تُناسبهم، وفي الوقت نفسه يتم جميع الأشخاص الذين يُعانون من نفس الإعاقة في مكانٍ واحد، حتى يأخذوا روح الحماسة من بعضهم.
من حقوق ذوي الإعاقة أن يتم إلحاقهم بالجامعات، بحيث يُسمح لهم بدراسة التخصصات التي تُناسب ميولهم، وأن يتم إلحاقهم بالنوادي الرياضية واحترام رغباتهم وتنمية مواهبهم، وهذا بالفعل ما يتم تطبيقه الآن، إذ يتم إقامة العديد من البطولات الرياضية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، ومن أهم حقوقهم أيضًا إلحاقهم بسوق العمل، وإعطاؤهم الأولوية في هذا وتخصيص أماكن خاصة بهم، وأن يتم العناية بهم في الشوارع والأسواق بتخصيص أماكن محددة لهم للمشي بشكلٍ طبيعي أو لاستخدام كراسيهم المتحركة، والسماح لهم بقيادة السيارات المخصصة لهم.
من أبسط حقوق ذوي الإعاقة أن يتزوّجوا ويكوّنوا عائلات، وأن يندمجوا في المجتمعات بشكلٍ طبيعي، وأن يكون لهم احترامهم الخاص وحقوق خاصة تضمن عدم تعرضهم لذلّ السؤال والحاجة، وأن يتم احترام أفكارهم والأخذ برأيهم، وعدم التمييز بينهم وبين الأشخاص الأصحاء، ولهم أيضًا حقوق سياسية ومدنية، وأن يُسمح لهم بالترشح والانتخاب، كما يحقّ لذوي الإعاقة الاستفادة الكاملة من جميع الخدمات الطبية التي تُخفّف من آلامهم، ويشمل هذا الدواء والعمليات والعلاج التأهيلي الذي يسمح لهم بالاندماج بالمجتمع، كما يُسمح لهم الانتساب إلى النقابات العمالية التي تُخصّ تخصّصاتهم.
من أهم الحقوق ألّا يتم تعرضهم للابتزاز والتنمر من قبل الآخرين، ووضع حقوق تضمن صيانة كرامتهم في المجتمع، بالإضافة إلى العيش مع عائلاتهم، وأن ينشطوا في مختلف الأنشطة الإبداعية والاجتماعية، وألّا يتعّرضوا لأيّ تمييز أو ظلم، ويُعطى لهم المجال لمُمارسة هواياتهم التي قد تكون إبداعيّة كبيرة.
دور المجتمع في رعاية المعاقين
يجب أن يكون للمجتمع دور فاعل في رعاية المعاقين وتقديم أقصى الرعاية والعناية لهم، ودفعهم للتحدي والإنجاز، وأن يكونوا عناصر فعالين في المجتمع، فالإصابة بالعجز الجسدي لا يعني أن يكون الإنسان عاجزًا عن كلّ شيء، فالله سبحانه وتعالى عندما خلق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بهذا النقص الموجود فيهم منحهم أشياء لا توجد في غيرهم، والدليل على هذا وجود الكثير من المشاهير المبدعين من ذوي الإعاقة، منهم علماء وأصحاب اختراعات واكتشافات ونظريات، ومنهم موسيقيّون ومعلّمون وأطباء ومهندسون، فالإعاقة لا تقف عائقًا أمام النجاح، لهذا فإنّ الإعاقة الجسدية هي اختبار حقيقي للشخص المعاق نفسه ولأهله ومجتمعه.
يُقاس رقي المجتمعات وانفتاحها وتقدمها بقدرتها على تقديم الرعاية للمحتاجين والمعاقين، وقدرتها على احتوائهم ومساعدتهم بالانخراط مع الأشخاص العاديين دون وجود عوائق، لهذا من المفترض أن يظلّ التحفيز موجودًا للأشخاص ذوي الإعاقة من قبل جميع أفراد المجتمع، ومن الواجب أيضًا عمل مؤسسات وجمعيات لرعايتهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، وأن يكون لهم اهتمام خاص ولأهاليهم أيضًا، ويجب أيضًا توفير مختلف وسائل النقل الخاصة بهم، ومنحهم الحق في فتح المحلات التجارية والمصانع والمشاركة في أيّ نشاطٍ يُسمح للآخرين.
لحُسن الحظ فقد تنبّهت المجتمعات الدولية لشؤون المعاقين، ووضعت لهم حقوقًا تُميّزهم عن غيرهم، وتمنحهم العديد من الحريات التي تُمكّنهم من أن يكونوا أشخاصًا عاديّين لا يُشكلون عبئًا على أهاليهم ومجتمعاتهم، والكثير منهم أصبح يعتمد على نفسه، ومن أشهر ذوي الإعاقة الذين ذاع صيتهم في مجالات الأدب والفن والعلوم والطب الموسيقار الشهير بيتهوفن الذي كان يُعاني من الصمم، ومع ذلك قام بتأليف أشهر السيمفونيات الموسيقية التي انتشرت في العالم أجمع.
من أشهر الأدباء العرب الذين كانوا من ذوي الإعاقة، ورغم هذا انخرطوا في مجتمعاتهم وأثبتوا تميّزهم الكبير، الكاتب المصري من أصل سوري مصطفى صادق الرافعي، الذي كان يُعاني من صمم جزئي نتيجة إصابته بالمرض في صغره، ومن ذوي الإعاقة الذين تميزوا في الأدب العربي الكاتب الأديب المصري الشهير طه حسين الذي كان فاقد البصر، ورغم ذلك أكمل شهادة الدكتوراة وألّف العديد من الكتب، ومنهم أيضًا الشيخ الشهير عبد الحميد كشك الذي كان يُعاني من فقدان البصر أيضًا، كذلك الشاعر أبو العلاء المعرّي، لكن رغم ذلك لم تثنهم الإعاقة عن التميّز.
دور المعاقين في المجتمع دور بارز ولا يُمكن إنكاره، والدليل هو البصمات المميزة والواضحة التي تركها عددٌ كبير من الأشخاص المعاقين، ويُذكر منهم أيضًا: العالم الشهير أديسون الذي كان يُعاني من صعوبة في التركيز ورغم هذا أصبح مخترعًا عظيمًا، والعالمة هيلين كيلر والشاعر بشار بن برد والأديب العربي الشهير البردوني، وغيرهم الكثير، وكل واحدٍ منهم كان مُتميّزًا في مجاله وتفوّق على الأشخاص الأصحّاء بكل إبداع وتميّز، ولم تثنه الإعاقة عن ترك بصمة في التاريخ.
في الوقت الحاضر تنبّه المجتمع إلى ضرورة الالتفات إلى حاجات المعاقين من جميع النواحي، لهذا بلغ الاهتمام بهم وبمختلف أنواع إعاقاتهم اهتمامًا كبيرًا، ومن هذا الاهتمام عمل الكثير من الدراسات والإحصائيات التي تُسهم في علاج إعاقاتهم أو على الأقل تخفيف حدّتها، أو مساعدتهم على التعايش معها بشكلٍ أفضل، فالأشخاص المعاقون حركيًا مثلًا والمصابون بالشلل، تمّ اختراع الكراسي الكهربائية التي تسير بجهاز تحكّم خاص من قبل المعاق، وبهذا قلّل من حاجة ذوي الإعاقة الحركية إلى مرافق شخصي في كلّ مرة يرغبون فيها بالذهاب إلى مكانٍ ما.
يمكن التخفيف من معاناة المعاقين حركيًا نتيجة فقدان الأطراف، حيث يتم تركيب الأطراف الصناعية لمن يحتاجونها سواء كانت يدًا أم رجلًا، كما يتم تركيب سماعات للأشخاص الذين يُعانون من الصمم، وإعطاء الأشخاص الذي يُعانون من العمى أجهزة خاصة لمساعدتهم في تسيير شؤونهم، وتعليمهم لغة بريل وهي لغة خاصة يستطيع الأشخاص المصابين بالعمى القراءة بواسطتها، كما قد تمّ عمل قنوات خاصة على الفضائيات لتكون موجهة للأشخاص الصم والبكم، حيث يتم عرض البرامج المختلفة ونشرات الأخبار بلغة الإشارة.
لقراءة المزيد من الموضوعات ذات الصّلة، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع عن الإعاقة.