مي زيادة وجبران خليل جبران

كتابة:
مي زيادة وجبران خليل جبران

جبران خليل جبران

جبران خليل جبران شاعر لبناني وفنان وكاتب وأديب، وهو أحد الشعراء المهجريين، وُلد جبران في مدينة بشري في الشمال اللبناني عام 1883م، وهاجر إلى نيويورك وهو في الثانية عشر من عمره، ثمَّ عاد إلى بيروت ليتعلم تقاليد مجتمعه الرئيس، ورجع إلى أمريكا ليعملQ في مجلات مختلفة، عربية منها وأجنبية، وهو أحد مؤسسي الرابطة القلمية في أمريكا، وقد اشتهر جبران شهرة كبيرة في أمريكا بعد نشره كتابه النبيّ، ولم يمهل الموت جبران كثيرًا، فقد توفّي وهو في الثامنة والأربعين من عمره، سنة 1931م، وهذا المقال سيتناول الحديث عن قصة مي زيادة وجبران خليل جبران وما دار بينهما من رسائل أدبية. [١]

مي زيادة

مي زيادة، اسمها الحقيقي ماري إلياس زيادة، وُلدت مي زيادة في مدينة الناصرة في فلسطين عام 1886م، كانت مي زيادة تتقن ست لغات رسمية، حتَّى صدر لها ديوان باللغة الفرنسية، وهي ابنة وحيدة من أب لبناني وأم سورية الأصل، ودرست في بدايات حياتها في مدينة الناصرة في فلسطين، ودرست الثانوية في مدينة عينطورة في لبنان، وفي عام 1907م انتقلت مي زيادة مع عائلتها إلى القاهرة، وعملت في تدريس اللغة الفرنسية والإنجليزية، وهناك درست اللغة الإيطالية والألمانية والإسبانية، ورغم اهتمامها الكبير باللغات إلَّا أنَّها لم تهمل اللغة العربية أبدًا، فكانت كثيفة الاطلاع على تاريخ الأدب العربي وإنتاج الأدباء العرب عبر العصور.

كانت مي زيادة هدفًا وحبًّا لعدد كبير من الأدباء العرب، فقد أحبّها كثيرون، مثل عباس محمود العقاد، أحمد شوقي، طه حسين، أحمد حسن الزيات، ولكنَّها ماتت دون أن تتزوج أبدًا، وقد كانت مي زيادة على علاقة بالأديب اللبناني جبران خليل جبران، فاشتهرت بينهم رسائل حب كثيرة، الرسائل نفسها التي اشتهرت بين غسان كنفاني وغادة السمان، ولكن مي زيادة وجبران خليل جبران لم يلتقيا فقد كان جبران يعيش في نيويورك، ولكنّ رسائلهما ظلَّتْ شاهدة على قصة حب خيالية، من قصص لحب التي ذاع صيتها في الأدب الحديث.

وقد عاشت مي زيادة قرابة الخمسة وخمسين عامًا، فقد توفّيت عام 1941م في القاهرة، فانطلقت حناجر عشاقها وأقلامهم في رثائها، وكان من أبرز من رثوها عباس محمود العقاد الذي قال: "كل هذا التراب آه من التراب". [٢]

مي زيادة وجبران خليل جبران

الحب هو الشعور الأسمى الذي يحمله الإنسان بين جنبيه، وهو الصدق والدموع والخوف والرهب، هو الوصول إلى أقسى متع الحياة، وهو الحياة أيضًا، ومن كلِّ هذه المشاعر كانت قصة الأديبة اللبنانية مي زيادة وجبران خليل جبران، قصة الحب التي استمرت عشرين عامًا ولم تتجاوز كونها حروفًا على ورق، فقد عاشا قصة حب طويلة دون أن يلتقيا ولم يتزوج أي منهما أيضًا.

كانت الرسالة الأولى بين مي زيادة وجبران خليل جبران عام 1912م حين أرسلت مي زيادة رسالة إلى جبران الذي كان يعيش في أمريكا لتشرح رأيها في روايته الأجنحة المتكسرة، وكان من ضمن تلك الرسالة:

"لا يصحُّ لكلِّ امرأة لم تجدِ في الزواج السعادة التي حلمت بها أن تبحث عن صديق غير زوجها، فلا بدَّ أن تتقيَّد المرأة بواجبات الشراكة الزوجية تقيدًا تامًا حتَّى لو هي سلاسل ثقيلة، فلو توصل الفكر إلى كسر قيود الاصطلاحات والتقاليد، فلن يتوصل الى كسر القيود الطبيعية؛ لأنَّ أحكامَ الطبيعة فوق كلِّ شيء، وهذه تعتبر خيانة ولو في مظهرها طاهر، وتخون الهيئة الاجتماعية التي هي عضو عامل فيها".

لقد دارت بين جبران ومي رسائل طويلة، كانا يقتربان من الحب ويمران بجانبه مرور الكرام ثمَّ يدوران حوله ثانية، هذا ما كان في بدايات مراسلاتهما، لكنَّ مي اعترفت بحبها لجبران في رسالتها التي قالت فيها:

"جبران، لقد كتبتُ كلّ هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب، إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب، ينمِّي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية رهيبة قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللاء السطحي؛ لأنهم لا يُقاسونَ ضغط العواطف التي لم تنفجر!، ما معنى هذا الذي أكتبه؟، إني لا أعرف ماذا أعني به!، ولكنِّي أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب، أقول هذا مع علمي بأنَّ القليل من الحبِّ كثير، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا؟، وكيف أفرّط فيه؟! لا أدري!، الحمد لله أني أكتبه على ورق ولا أتلفّظ به؛ لأنَّك لو كنت حاضرًا بالجسد لهربت خجلًا بعد هذا الكلام ولاختفيت زمنًا طويلًا، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى!".

فرَدَّ جبران عليها قائلًا:

"تقولين لي إنّك تخافين الحب، لماذا تخافين يا صغيرتي؟، أتخافين نور الشمس؟، أتخافين مدَّ البحر؟، أتخافين مجيء الربيع؟، لماذا يا ترى تخافين الحب؟ أنا أعلم أنَّ القليل من الحبِّ لا يرضيك، كما أعلم أنَّ القليل في الحبِّ لا يرضيني، أنت وأنا لا ولن نرضى بالقليل، نحن نريدُ الكثير، نحن نريد كلَّ شيء، نحن نريد الكمال، لا تخافي الحب يا ماري، لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة".

وقد تبادلت مي زيادة وجبران خليل جبران رسائل كثيرة، حملت في طياتها مواضيع مختلفة، من الأدب والشعر والفن وغيرها، وظلَّ حبهما خالدًا، ولكن دون أن يكتب لهما الاجتماع واللقيا، واستمرت مراسلاتهما إلى أن توفي جبران عام 1932م، وبقيت مي غارقة في حبه حتَّى توفيت بعده سنة 1941م.

وقد يشكك بعض الناس في صدق هذه العلاقة التي كانت بين مي وجبران، فهما لم يلتقيا، ولكن قد تنقل الحروف وتكشف ما عجزت عن كشفه العيون والقلوب والنبضات، فالحب يقتنص الفرصة الأمثل للوصول إلى الغاية، ولو سنحت هذه الفرصة بالحروف أو النظرات أو الإشارات. [٣]

المراجع

  1. جبران خليل جبران, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-02-2019، بتصرّف
  2. من هي مي زيادة؟, ، "www.arageek.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-02-2019، بتصرّف
  3. جبران ومي: حب صادق على الورق!, ، "www.ida2at.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 28-02-2019، بتصرّف
7257 مشاهدة
للأعلى للسفل
×