نبذة عن أبي العلاء المعري

كتابة:
نبذة عن أبي العلاء المعري

أبو العلاء المعري

الشاعر العباسي أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعيّ التنوخي المعري، المولود سنة 363 للهجرة وهي ما تُوافق سنة 973 ميلاديّة، وهو شاعر من أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي وفي عصور الأدب العربي كلِّها[١]، وهو فيلسوف من أشهر الفلاسفة في تاريخ العرب، اكتسبت فلسفته وآراؤه وشعره شهرة واسعة، حتَّى أنَّ أدبه وفلسفته أصبحوا مادة لكثير من الباحثين والنقاد في الشرق والغرب، لُقِب المعرِّي برهين المحبسَيْن، وهو من مواليد مدينة معرة النعمان الواقعة بين حلب وحماة في سوريا، وأصيب بمرض الجدري الذي أدى إلى فقدانه حاسَّة البصر وهو ابن أربع سنوات، عاش حياته كلَّها في العلم والأدب، فلم يعرف الزواج ولا الأولاد، وكان جادًّا في العلم، حازمًا شغوفًا طيلة حياته، قبل أن توافيه المنية في يوم الجمعة في شهر ربيع الأول من عام 449 للهجرة، وفي هذا المقال سيتم تسليط الضوء على هذا الشاعر والفيلسوف العظيم.[٢]

تجربة أبي العلاء المعري الشعرية

لأبي العلاء المعري تجرية شعرية عظيمة، فهو شاعر بالفطرة، قال الشعر وهو في الحادية عشرة من عمره، لُقِّب أبو العلاء المعري بحكيم الشعراء أو شاعر الحكماء، فلم يُعرف شاعر أحكم منه ولا أحقَّ منه في أنَّ يُعدَّ مع الشعراء الحكماء في التاريخ، فلم يُعرف عن المعري أنَّه كتب الشعر للتكسب والرزق، فلم يمدح أحد راغبًا في مال أو سلطة، بل كتب فلسفته وأفكاره في الشعر، وهو العالِم الذي جمع من اللغة ما عجز عن جمعه الشعراء والعلماء، فكان متبحرًا في علوم اللغة وفنونها، عالمًا بخفاياها وأسرارها [٣]، وقد تميَّزت تجربة أبي العلاء المعري الشعرية بدخول الفلسفة على بنية القصيدة الشعرية لديه، وكان أول دواوين المعري ديوانه الموسوم "سقط الزند"، ومن دواوينه الشعرية التي تتيح للباحثين فرصة الاطلاع على تجربة هذا الشاعر والفيلسوف العظيم ديوان اللزوميات والمعروف باسم لزوم ما لا يلزم، وهي المجموعة الشعرية الثانية التي كتبها المعري في حياته، وكانت هذه المجموعة أكثر إبداعًا من مجموعته البكر سقط الزند، ومن دواوينه أيضًا ضوء السقط، وجدير بالذكر إنَّ تجرية أبي العلاء الشعرية لم تقف عند حدود الباحثين العرب، بل ترجمها كثير من المترجمين إلى لغات أخرى، فأخذت فرصة الدراسة والبحث والتحليل من باحثين عالميين، فكانت تجربة المعري ولم تزل واحدة من أهم التجارب الشعرية في تاريخ الأدب العربي كلِّه.[٤]


مؤلفات أبي العلاء المعري

لقد غاص أبو العلاء المعري في غير بحر من بحور اللغة العربية والأدب العربي والفلسفة، فألَّف كُتبًا كثيرة، وقد ساعدته العزلة التي فرضها على نفسه في زيادة محصوله الأدبي ونتاجه الفكري، كما أنَّها أكسبته ذاكرة قويَّة وسرعة بديهة وفهم، ومن مؤلفات أبي العلاء المعري: كتاب رسالة الملائكة، كتاب الرسالة السِّندية، كتاب رسالة الغُفران، كتاب رسالة الفَرض، رسالة الصاهل والشاحج، كتاب رسالة المَنِيحِ، كتاب رسالة الإغريض، ديوان سقط الزند، كتاب الرسائل القصار، كتاب نظم السور، كتاب عظات السور، ديوان شعر بعنوان لزوم ما لا يلزم، الرسالة الحضية، كتاب رسائل المعونة، رسالة الهناء، رسالة الفصول والغايات، فقرات وفترات، الأيك والغصون في الأدب، تاج الحرة، عبث الوليد، معجزة أحمد ويعني أحمد بن الحسين المتنبي، شرح اللزوميات، شرح ديوان الحماسة، ضوء السقط وهو ديوان شعر عُرف باسم الدرعيات [٥]، وفيما يأتي نبذة عن أبرز مؤلفات أبي العلاء المعري وأشهرها:


رسالة الغفران

هي إحدى أعمال أبي العلاء المعري الأدبية، وهي من أهم أعماله النثرية على الإطلاق، تصف هذه الرسالة أحوال الناس في النعيم وفي السعير، وقد انتشرت هذه الرسالة بعد ترجمتها في الغرب، حتَّى أنَّ دانتي أليغييري أخذ من رسالة الغفران لأبي العلاء فكرة ملحمته الشعرية الكوميديا الإلهية، ولم تأخذ هذه الرسالة اهتمامًا كبيرًا في عهد أبي العلاء المعري، فقد اعتبرها الناس ككلِّ رسائل أبي العلاء: مثل رسالة الملائكة، ولكنَّ في القرن العشرين أصبحت رسالة الغفران من أكثر الأعمال الأدبية رواجًا وشهرة بفضل دانتي، الذي بنى ملحمته على رسالة الغفران، كما أنَّ هذه الرسالة كانت محطَّ اهتمام عدد كبير من النقاد والباحثين الأكاديميين في هذا العصر.[٦]


سقط الزند

هو أوَّل أعمال أبي العلاء المعري الشعرية، كتبه أبو العلاء في بداياته في أيام الصّبا، وكان قد اتكَّأ فيه على تجارب شعراء سبقوه، خاصة أبو الطيب المتنبي، وفي هذا الديوان ما يقارب ثلاثة آلاف بيت شعري، كتبها المعري وطرق فيها إلى غير غرض شعري واحد، وقد حاول في معظم قصائد الديوان تقديم شعر إصلاحيّ نقدي، معتمدًا على العقل والمنطق أكثر من اعتماده على القلب والأحاسيس.[٧]


ديوان اللزوميات

هو ديوان شعري من أشهر مؤلفات أبي العلاء المعري الشعرية، في هذا الديوان سجلٌّ عظيم فيه نظريات المعري في كلِّ نواحي الحياة، وفي هذا الديوان فن من فنون الشعر العربي، اسمه: لزوم ما لا يلزم، وقد التزم فيه المعري بالحرف الذي يسبق حرف القافية في كلِّ قصيدة، مثل الراء في قصيدة صفي الدين الحلي التي يقول فيها:[٨]

يا سادةً مُذْ سعتْ عن بابِهم قدمي

زلت و ضاقت بي الأمصار والطرُقُ

ودوحةُ الشعر مذ فارقتُ مجدكم

قد أصبحتْ بهجير الهجر تخترقُ

قد حارب الصبر والسلوان بعدكم

قلبي وصالح طرفي الدمع والأرَقُ


آراء أبي العلاء المعري في الدين

بعد الحديث عن أشهر مؤلفات أبي العلاء المعري، جدير بالذكر أنَّ لأبي العلاء المعري آراءً متعددة في الدين الإسلامي، درسها العلماء عبر العصور، وانقسموا بين مشكك ومؤيد لهذه الآراء، وقد أُثير الجدل حول آراء أبي العلاء المعري في الدين، وذلك بسبب خوضه في أمور لم يخض فيها أحد قبله، وفيما يأتي تفصيل في هذه الآراء:[٩]


الرأي الأول

يرى بعض المشككين في معتقدات أبي العلاء أنَّه كان مفكرًا متشائمًا، فقد ندَّد وحارب الخرافات التي ترتبط بالأديان، كما أنَّه وصف الأديان بأنَّها "خرافة ابتدعها القدماء"، ولا فائدة تُرتجى منها غير أنَّها وسيلة يستخدمها القادة لاستغلال العامة، ويظهر هذا الرأي في قوله شعرًا:


فلا تحسبْ مقال الرسل حقًا

ولكن قولُ زورٍ سطّروهُ

وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ

فجاؤوا بالمحالِ فكدَّروهُ


كما أنَّ المعري كان قد انتقد عددًا من شعائر الإسلام كالحج، ووصفه بأنّه رحلة وثنية، ووصف تقبيل الحجر الأسود في مكة المكرمة بأنَّها خرافة من خرافات الأديان، وفي هذا يقول أبو العلاء المعري شعرًا:

هفتِ الحنيفة والنصارى ما اهتدتْ

ويهود حارتْ والمجوس مُضَلَلَهْ

اثنانِ أهلُ الأرض ذو عقلٍ بلا

دينٍ، وآخرُ ديّنٌ لا عقلَ لَهْ


الرأي الآخر

وفي هذا الرأي يقول الدكتور طه حسين في دين أبي العلاء المعري: "قد هداهُ عقلُه إلى أنَّ لهذا العالم خالقًا، وإلى أن هذا الخالق حكيمٌ لا يُشَكُّ في ذلك، أو على الأقل لا يظهر فيه شكًا، وهو إذا تحدث عن هذا الخالق الحكيم تحدَّث عنه في لهجة صادق يظهر فيها الإخلاص واضحًا جليًا، ولكنَّه عاجز عن فهم هذه الحكمة التي يمتاز بها هذا الخالق الحكيم، وعجزه عن فهم هذه الحكمة هو الذي يضنيه ويعنِّيه ويعذبه في نفسه أشد العذاب، خالق حكيم، خلق هذا العالم ورتَّبه على هذا النحو الذي رتبه عليه، ولكن لماذا، وما بال هذا الخالق الحكيم الذي منحنا هذا العقل وهدانا إلى التفكير لم يكشف لنا القناع كلَّه أو بعضه عن وجه هذه الحكمة التي لا نشك فيها ولا نرتاب؟".


تلاميذ أبي العلاء المعري

كان أبو العلاء المعري من حكماء عصره، قصده الناس لأخذ العلم والحكمة والفلسفة والشعر والأدب عنه، وقد تتلمذ على يد أبي العلاء المعري خلق كثيرون، نبغ منهم عدد من الطلاب الذين أصبحوا أصحاب شأن في العلم والأدب، ومن أشهر تلاميذ أبي العلاء المعري: أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي، أبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري، أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، وجدير بالذكر إنَّ علوم أبي العلاء وأفكاره بقيت بعده سنوات وقرون، يكتب عنها الباحثون وينهل منها المفكرون، ومن أبرز الدراسات التي كُتبت عن فكره وفلسفته: "أوج النحري عن حيثية أبي العلاء المعري" والتي كتبها يوسف البديعي، "مع أبي العلاء المعري" التي كتبها طه حسين، "رجعة أبي العلاء" لعباس محمود العقاد، يقول ابن خلكان: "ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته".[٩]


آراء وانتقادات حول المعري

بسبب أفكاره المثيرة للجدل، تعرَّض أبو العلاء المعري لانتقادات لاذعة من عدد كبير من العلماء في العصور اللاحقة، ومنهم من نظر إليه بعين الباحث عن الحقيقة، لا بعين الناقد الذي يبحث عن الزلات والأخطاء، ولعلَّ أبرز العلماء الذين انتقدوا أبا العلاء واتهموه بالزندقة: ابن كثير، أبو الفرج بن الجوزي، ابن قيم الجوزية، وفيما يأتي بعض آراء وانتقادات العلماء التي أثيرت حول المعري:[١٠]

  • قال أبو الفرج بن الجوزي: "زَنَادقَةُ الإِسْلاَمِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ الرَّاوَنْدِي، وَأَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ المَعَرِيُّ، وَأَشدُّهُم عَلَى الإِسْلاَم أَبُو حَيَّانَ، لأَنَّهُمَا صَرَّحَا، وَهُوَ مَجْمَجَ وَلَمْ يُصرِّح".
  • ويقول الذهبي عن أبي العلاء: "الشيخ العلامة، شيخ الآداب أبو العلاء، صاحب التصانيف السائرة، والمتهم في نحلته".
  • يقول الباحث نرجس توحيدي: "يعتقد أبو العلاء في الله تعالى ما يعتقده المؤمنون المخلفون من المسلمين، ويثبت له من صفات الكمال ما يثبتون له، وينفي عنه من صفات الحدوث والنقص ما ينفون، وإذا استقريت أقواله في هذا الغرض لا ترى فرقًا بينه وبين أعظم المسلمين في الاعتقاد".
  • يقول شوقي ضيف: "وواضح أنَّه لا يهاجم الديانات نفسها وإنما يهاجم أصحابها، وفَرْق بين أن يهاجم الإسلام والمسيحية واليهودية وبين أن يهاجم المسلمين والنصارى واليهود".


وفاة المعري وضريحه

في أواخر حياته، مرض أبو العلاء المعري مرضًا شديدًا، وتوفِّي بعد ثلاثة ايام من مرضه، وكانت وفاته في يوم الجمعة الموافق للثالث عشر من شهر ربيع الأول من عام 449 للهجرة وهو العام الذي يوافق عام 1057 ميلادية، وكان قد بلغ من العمر يوم وفاته ستة وثمانين عامًا، ويُقال أنَّ يوم دُفن أبو العلاء المعري، وقف سبعون شاعرًا على قبره، وقرأ كلُّ واحد منهم قصيدة في رثاء أبي العلاء،[١١]أمَّا ضريحه، ففي مدينة معرَّة النعمان في شمال سوريا، يوجد بناء المركز الثقافي العربي والذي هو من أهم الأبنية الأثرية في المدينة، فهو يتمتع ببناء معماري مميز وزخارف بديعة، بُني هذا البناء في أربعينيات القرن العشرين، في وسط شارع أبي العلاء المعري، وفي داخله باحة مكشوفة فيها ضريح أبي العلاء المعري، وهو قبر متواضع لا زخارف عليه ولا صنعة متكلفة، وقد جُعل البناء فوق ضريح أبي العلاء مسجدًا، قبل أن يقترح الدكتور شوقي ضيف تحويل المبنى إلى مركز ثقافي عام 1958م أيام الوحدة بين سوريا ومصر، وقد تمّ هذا بالفعل عام 1960م.[١٠]

شواهد شعرية لأبي العلاء المعري

في ختام الحديث عن الشاعر والفيلسوف العربي الكبير أبي العلاء المعري، لا بدَّ من إلقاء نظرة خاطفة على بعض قصائده هذا الشاعر، فهي دون شكٍّ طريق من الطرق التي تؤدي لكشف ملامح شخصيته، كما أنَّها تظهر فكره وفلسفته، وتبين مدى أهمية تجربة هذا الشاعر الشعرية، وفيما يأتي بعض قصائد أبي العلاء المعري:

  • قصيدة "أصابَ الأخْفشَينِ بصيرُ خطبٍ":[١٢]

أصابَ، الأخْفشَينِ، بصيرُ خطبٍ

أعادَ الأعْشيَينِ بلا حِوارِ

وغِيلَ المازنيُّ، من اللّيالي

بزَنْدٍ من خطوبِ الدّهرِ وارِ

وللجَرْميّ ما اجتَرَمَتْ يداهُ؛

وحسبُكَ منْ فلاحٍ أوْ بَوار

فأمّا فَرْخُهُ، فبلا جَناحٍ

يَطيرُ بحَمْلِ أقلامٍ جواري

ولم يهْمُمْ بلَقطِ الحَبّ، يومًا

فيوجَدَ رَهنَ أشراكٍ دواري

ولا يرِدُ المياهَ، إذا هَوافٍ

مِنَ الأفراخِ، مُتنَ من الأُوار

أتمُّ، من النّسورِ، بَقاءَ عُمرٍ،

نسورِ الطّيرِ لا الشُّهبِ السّواري

وأكثرُ ما شكاهُ، من الرّزايا

عواريٌّ، لضيعَتهِ، عَواري

فطَوْرًا بالمَغارِبِ مُستَشارًا

 وطوْرًا بالمَشارقِ في غِرار

ولمْ يَخَفِ الحِمامَ، فألجأتهُ

مُطِلاّتُ الصّقورِ إلى تَواري

أجلُّ مِن الفَريدِ لخازنيهِ

وأبقى، في الأكفّ، منَ السِّواري

وما نفعَ المبرّدَ من حَميمٍ

وصادَتْ ثَعلَبًا نُوَبٌ ضواري


  • قصيدة "عظيمٌ لَعمري أن يلمَّ عظيمُ":[١٣]

عظِيمٌ لَعَمْري أنْ يُلِمّ عظيمُ

بآلِ علِيّ والأنامُ سَليمُ

ولكِنّهُمْ أهلُ الحَفائظِ والعُلى

فهُمْ لمُلِمّاتِ الزمانِ خُصومُ

فإنْ باتَ منها فيهمُ وَعْكُ عِلّةٍ

ففيها جِراحٌ منهمُ وكُلُومُ

هَنيئًا لأهلِ العَصْرِ بُرْءُ محَمّدٍ

وإنْ كانَ منهمْ جاهِلٌ وعَليمُ

ألَدُّ بِحَدّيْ سَيْفِهِ وسِنانِهِ

إذا لم يُغَلَّبْ غيرَ ذَيْنِ خَصِيمُ

لكَ اللهُ لا تَذْعَرْ وَليًّا بغَضْبةٍ

لعَلّ له عُذْرًا وأنتَ تَلومُ

فلو زارَ أهلَ الخُلْدِ عتْبُكَ زوْرَةً

لأوْهَمَهُمْ أنّ الجِنانَ جَحيمُ

إذا عَصَفَتْ بالرّوْضِ أنفاسُ ناجِرٍ

فأيُّ وَميضٍ للغَمامِ أشيمُ

وهل ليَ في ظِلّ النَّعامِ تَقَيّلٌ

إذا منَعَتْ ظِلَّ الأراكِ سَمومُ

وما كنْتُ أدري أنّ مثلَكَ يشْتكي

ولم يَتَغَيّرْ للرّياحِ نَسيمُ

ولم تُطبِقِ الدنيا الفِجاجَ على الوَرَى

فيَهْلِكَ محمودٌ بها وذَميمُ

فإنْ نالَ منكَ السُّقْمُ حظًّا فطالما

رأيْتُ هِلالَ الأفْقِ وهْوَ سَقيمُ

إذا أدركَ البَيْنُ السِّماكَ ظعَنْتُمُ

وخُوضوا المَنايا والسِّماكُ مُقيمُ


  • قصيدة "يأتي على الخَلقِ إصباحٌ وإمساءُ":[١٤]

يَأتي عَلى الخَلقِ إِصباحٌ وَإِمساءُ

وَكُلُّنا لِصُروفِ الدَهرِ نَسّاءُ

وَكَم مَضى هَجَرِيٌّ أَو مُشاكِلُهُ

مِنَ المَقاوِلِ سَرّوا الناسَ أَم ساؤوا

تَتوى المُلوكُ وَمِصرٌ في تَغَيُّرِهِم

مِصرٌ عَلى العَهدِ وَالأَحساءُ أَحساءُ

خَسِستِ يا أُمَّنا الدُنيا فَأُفِّ لَنا

بَنو الخَسيسَةِ أَوباشٌ أَخِسّاءُ

وَقَد نَطَقتِ بِأَصنافِ العِظاتِ لَنا

وَأَنتِ فيما يَظِنُّ القَومُ خَرساءُ

وَمن لِصَخر بنِ عَمرٍو أَنَّ جُثَّتَهُ

صَخرٌ وَخَنساءَهُ في السِربِ خَنساءُ

يَموجُ بَحرُكِ وَالأَهواءُ غالِبَةٌ

لِراكِبَيهِ فَهَل لِلسُفنِ إِرساءُ؟

إِذا تَعَطَّفتِ يَومًا كُنتِ قاسِيَةً

وَإِن نَظَرتِ بِعَينٍ فَهيَ شَوساءُ

إِنسٌ عَلى الأَرضِ تُدمي هامَها إِحَنٌ

مِنها إِذا دَمِيَت لِلوَحشِ أَنساءُ

فَلا تَغُرَّنكَ شُمٌّ مِن جِبالِهِمُ

وَعِزَّةٌ في زَمانِ المُلكِ قَعساءُ

نالوا قَليلًا مِنَ اللَذّاتِ وَاِرتَحَلوا

بِرَغمِهِم فَإِذا النِعماءُ بَأساءُ


  • قصيدة "ألو الفضل في أوطانهم غرباء": [١٥]


أُلو الفَضلِ في أَوطانِهِم غُرَباءُ

تَشِذُّ وَتَنأى عَنهُمُ القُرَباءُ

فَما سَبَأوا الراحَ الكُمَيتَ لِلَذَّةٍ

وَلا كانَ مِنهُم لِلخِرادِ سِباءُ

وَحَسبُ الفَتى مِن ذِلَّةِ العَيشِ أَنَّهُ

يَروحُ بِأَدنى القَوتِ وَهوَ حِباءُ

إِذا ما خَبَت نارُ الشَبيبَةِ ساءَني

وَلَو نُصَّ لي بَينَ النُجومِ خِباءُ

أُرابيكَ في الوِدِّ الَّذي قَد بَذَلتَهُ

فَأُضعِفُ إِن أَجدى إِلَيكَ رِباءُ

وَما بَعدَ مَرِّ الخَمسَ عَشرَةَ مِن صِبًا

وَلا بَعدَ مَرِّ الأَربَعينَ صَباءُ

أَجِدَّكَ لا تَرضى العَباءَةَ مَلبَسًا

وَلَو بانَ ما تُسديهِ قيلَ: عَباءُ

تَواصَلَ حَبلُ النَسلِ ما بَينَ آدَمٍ

وَبَيني وَلَم يوصِلَ بِلامِيَ باءُ

تَثاءَبَ عَمروٌ إِذ تَثاءَبَ خالِدٌ

بِعَدوى فَما أَعَدَتنِيَ الثُؤباءُ

المراجع

  1. "أبو العلاء المعري"، ar.wikiquote.org، 2020-05-10. بتصرّف.
  2. "أم "أبي العلاء""، www.alukah.net، 2020-05-10. بتصرّف.
  3. "أبو العلاء المعري"، al-hakawati.la.utexas.edu، 2020-05-10. بتصرّف.
  4. "من هو أبو العلاء المعري"، www.arageek.com، 2020-05-10. بتصرّف.
  5. "أبو العلاء المعري"، www.marefa.org، 2020-05-10. بتصرّف.
  6. "رسالة الغفران"، ar.wikipedia.org، 2020-05-10. بتصرّف.
  7. "سقط الزند"، ar.wikipedia.org، 2020-05-10. بتصرّف.
  8. "ديوان اللزوميات"، www.wikiwand.com، 2020-05-10. بتصرّف.
  9. ^ أ ب "أبو العلاء المعري"، ar.wikipedia.org، 2020-05-10. بتصرّف.
  10. ^ أ ب "أبو العلاء المعري"، www.wikiwand.com، 2020-05-10. بتصرّف.
  11. "أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين"، www.islamstory.com، 2020-05-10. بتصرّف.
  12. "أصابَ الأخْفشَينِ بصيرُ خطبٍ"، ar.wikisource.org، 2020-05-11.
  13. "عظيم لعمري أن يلم عظيم"، www.aldiwan.net، 2020-05-11.
  14. "يأتي على الخلق إصباح وإمساء"، www.aldiwan.net، 2020-05-11.
  15. "ألو الفضل في أوطانهم غرباء"، www.aldiwan.net، 2020-05-11.
5726 مشاهدة
للأعلى للسفل
×