نبذة عن ألفية بن مالك

كتابة:
نبذة عن ألفية بن مالك

حفظ العلوم بالمتون

تنقسم المتون إلى قسمين، متون نثريةٌ ومتون نظميّة، وهي جاءت تسهيلًا للحفظ لطالب العلم، ولفظة المتن أو المتون تطلق على كل كُتيب يتناوله المعلمون وطلبة العلم لتحصيل علم ما، وقد فُضّل المتن الشعري على المتن النثري، فكما قيل: كل شيء يشكّل نسقًا مستقيما فيسهل حفظه، فعلى سبيل المثال متن البيقونية في علم مصطلح الحديث، جاء على بحر الرجز، وألفية ابن مالك في علم النحو، فهي أيضًا جاءت على بحر الرجز نفسه، ومما جاء متنًا نثريًّا لا شعرًا متن الطحاوية في علم العقيدة، ولا يخفى أن المتن أحيانًا يُراد به الأصل، يعني إن كتب أحد في أمر ما، وشرح كلامه أحد آخر، فيقال عن الكلام الأول: المتن، والكلام الثاني: شرح المتن.[١]

ألفية ابن مالك

كتب ابن مالك متنه الشعري الأول في علم النحو وقد سمّاه بمتن: "الكافية الشافية"، ولكن جاء طويلًا جدًا، فعدد أبياته ما يقارب 3000 بيت، ولكن حتى الإمام مالك لم يكن راضيًا عنها، رغم أنها جمعت قواعد اللغة العربية كلّها إلا القليل منها، فراح يدعو الله ويسأله التوفيق والسداد، حتى شرع في كتابة ألفيته "الخلاصة"، المعروفة كالشمس في الأفق، فجاءت أبياتها بما يقارب الألف بيتًا، وقد اشتملت وحوت ما لم تحوه قصيدته الكافية الشافية، رغم أنها تزيد عن ألفيته بألفي بيت من الشعر، وقد قال وهو يعرّف ألفيته التي حوت كل شيء: "وأستعين الله في ألفيّةْ مقاصدُ النحو بها مَحوِيّةْ"، فألفية ابن مالك من أشهر ما ألّفه ابن مالك، بل ومن أشهر ما ألّفه علماء النحو قاطبة.[٢]

نهج ابن مالك -في قصيدته "الخلاصة" المشهورة بألفية ابن مالك- درب العدل والاعتدال، رغم أنه كان مذهبه بَصْريًا إلا أنه كان يرجح المسألة ذات الحجة الأقوى والبرهان الدامغ، وقد بدأ ألفتيه بالكلام وما يتفرع منه، ثم المعرب والمبني من الكلام، حتى انتهى من أبواب الإعراب، فشرع في أبواب الصرف، ثم في فصل الإعلال بالحذف، ثم في الإدغام، كان يستشهد أولًا بالقرآن في الشواهد النحوية، ثم بالحديث النبوي الشريف، ثم بالشعر العربي، وهناك له تجديد في بعض المصطلحات والأسماء، منها: باب نائب الفاعل، وكان العلماء من قبله يسمونه "بباب الذي لم يُسمَّ فاعله"، والبدل المطلق، وكانوا يسمّونه "بدل كل من كل".[٢]

مؤلف ألفية النحو

ذكر الإمام مالك نفسه في مطلع ألفيته حيث قال: "قال محمدٌ هو ابن مالكِ أحمدُ ربي الله خير مالكِ"، فهو أبو عبد الله جمال الدين بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الأندلسي، حفظ القرآن أولًا، ثم أخذ القراءات وهو ممن كتب فيها وفي الفقه، ولم يقتصر على النحو فقط، ولكن لم يشتهر إلا في النحو في أرجاء المعمورة، درس الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس، وأخذ العربية بعد القرآن من شيخه ثابت بن خيار، جاء ابن مالك من الأندلس إلى سورية وأقام في دمشق، ومن أشهر من أخذ عنهم العلم الإمام أبي الحسن السخاوي، نال ابن مالك حظًا وفيرًا في اللغة العربية بما قدمه لها من خدمة واهتمام عظيمن، درّس ابن مالك في مدينة حلب فكان إمام المدرسة السلطانية فيها، وفي حلب ألّف متن الكافية الشافية، وبعدها ألّف خلاصة الكافية التي عُرفت بالخلاصة واشتهرت بالألفية، وكان ذلك في مدينة حماة، ثم عاد إلى دمشق، وبدأ فيها بنشر علمه الغزير.[٣]

من أشهر تلاميذه الذين تتلمذوا على يديه الإمام النووي، وقيل أنه لمّح بقوله عن النووي حين قال: ورجل من الكرام عندنا، ومن تلاميذه بهاء الدين بن النحاس، والزين المزّي، كان ابن مالك شيخا في القراءات القرآنية، وعالم باللغة غريبها ووحشيّها، وكان قوي الحجة في شواهده الشعرية التي يستغرب منه العلماء من أين يجيء بها ويحفظها، ولد ابن مالك في عام 1204م، ووافته المنية عام 1274م ودُفن في دمشق في سفح جبل قاسيون.[٣]

شروح ألفية ابن مالك

حظيت ألفية ابن مالك من العناية والاهتمام الكثير، فمن العلماء من أعربها ومنهم من شرحها، فهناك شروح كثيرة جدا بالكاد أن تحصى، فمتنها ضغط بين طياته علم النحو والصرف وما يلحقهما بـ 1002 بيت شعر مقفّى، كل شطرين من البيت الواحد بقافية واحدة، تجعل الحافظ يترنم بحفظها، فلذاك كثر شارحوها، فمن بعض شروحها المشهورة:

  • شرح ابن عقيل: وهو أشهر الشروح وأوضحها، فهو شرح، سهل ذو تبيانٍ واضح.[٤]
  • شرح الأشموني: فهو شرح موسّع أكثر من شرح ابن عقيل، وفيه زيادة في الفوائد.[٤]
  • شرح ابن هشام: وقد سمّاه ابن هشام بِـ أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك.[٤]
  • شرح الشاطبي: وهو شرح مفيد وقيّم، غير أنه مفصّل ومطّول جدًا.[٤]
  • شرح جلال الدين السيوطي: وقد جاء هذا الشرح باسم البهجة المرضية في شرح الألفية، وقد جاء شرحه غزيرًا ونافعًا، ولا يخفى أن للإمام السيوطي ألفية في النحو، حاول أن ينافس بها ألفية ابن مالك، ولكن لم يكتب لها القبول، كما كُتب لألفية ابن مالك.[٥]

مؤلفات ابن مالك

لا ريب أن ابن مالك كانت شهرته عن طريق ألفيته الخلاصة، ولم يكن له السبق في تأليفها لأن هناك من سبقه، كأمثال ابن مُعطِ، وقد أشار في ذلك في ألفيته حيث قال: "وتقتضي رضى بغير سخطِ فائقةً ألفيّةَ ابن معطِ وهْو بسبقٍ حائز تفضيلا مستوجبٌ ثنائيَ الجميلا"، ولكن لم يكتب الله لألفية ابن معطِ القبول والشهرة كما كتبها لألفية ابن مالك، ولولا ابن مالك لم يَذكر اسم ابن معطٍ ما عرفه أحد إلا خواص الخواص، كما أن ابن مالك لا أحد يعرف أنه صاحب يد في التأليف في غير علم النحو، وأيضا لم يشتهر بعلومه الأخرى إلا عند خواص الخواص، ومن بعض مؤلفاته:[٦]

  • شواهد التوضحيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح: وهو عبارة عن تعليقات ومناقشات مفيدة لغوامض الإعراب في صحيح البخاري.
  • لامية الأفعال: جاءت أبياتها 114 بيتًا، بقافية اللام، وكتبها على وزن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن، واسم هذا البحر بحر البسيط.
  • الكافية الشافية: جاءت بما يقارب 3000 آلاف بيتٍ، وبعد أن فرغ منها شرحها، وهي حوت النحو والصرف.
  • شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ: وقد طبع في بغداد، بعد أن حققه عدنان الدوري.
  • تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد: اهتم به الكثير من الأساتذة العلماء، ومن أشهر ما جاء فيها شرح التذييل والتكميل لأبي حيان الأندلسي، وتعليق الفرائد للدماميني والمساعد لابن عقيل.

المراجع

  1. "تعريف المتون وأقسامها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "ابن مالك"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "ابن مالك الأندلسي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث "ما-أفضل-الشروح-ل-ألفية-ابن-مالك"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  5. "النهجة المرضية في شرح الألفية"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  6. "ابن مالك الأندلسي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
6637 مشاهدة
للأعلى للسفل
×