نبذة عن بشار بن برد

كتابة:
نبذة عن بشار بن برد

بشار بن برد

بشار بن برد بن برجوخ العقيلي، من مواليد البصرة عام 96 للهجرة، هو شاعر اشتهر شهرة كبيرة في العصر العباسي، وهو في الواقع من الشعراء المخضرمين الذين عاصروا الدولتين الأموية والعباسية، إلا أنه نال الشهرة الكبيرة في العصر العباسي، وكان بشار يُكنّى بأبي معاذ، وهو شاعر من الشعراء المولدين الذين أبدعوا أيما إبداع في نظم الشعر، حتى إن شعره لاقى استحسان كبار العلماء والنقاد في عصره مثل الجاحظ، ومما يجدر ذكره أن بشارًا كان من الشعراء المتمردين الذين لا يكترثون كثيرًا بالأعراف والعادات والتقاليد، وهذا ما جعل من قصة وفاته مختلفة عن غيره من الشعراء، ومما لا يمكن إغفاله أن بشار بن برد كان كفيفًا، ولكن من يسمع شعره ويقرؤه يكاد لا يصدق أن هذا الإبداع في الوصف صدر من رجل كفيف لا يرى بعينيه، توفي بشار بن برد سنة 168 للهجرة، ودُفن في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، وقد اتهم بشار بن برد في أواخر حياته بالزندقة.[١]

حياة بشار بن برد

قضى الشاعر بشار بن برد جل حياته متنقلًا بين المدن العراقية، وذلك التنقل كان سعيًا وراء طلب العلم والمعرفة، وبعد أن أنهى رحلات طلب العلم، استقر في البصرة، وكان يكثر من مديح ولاة العراق، ولا سيما عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، إضافة إلى اهتمامه بحضور مجالس هذا الوالي، واستماعه للمحاورات التي كان يديرها مع الذين يعتنقون مذاهب منحرفة مثل الدهرية والمجوسية وغيرها، ومما ورد عن بشار بن برد أنه لم يكن يخجل من إعلان عدم إيمانه إلا بما يراه بالعين المجردة، ويحس به بإحدى حواسه، وأنه لا يؤمن بالجنة ولا بالنار ولا بالحساب، وبعد أن غضب منه الخليفة عمر بن عبيد، ودعى إلى قتله بدأ يتوارى عن الأنظار إلى أن توفي عمر بن عبيد، بعدها عاد بشار بن برد للظهور، وتوجه إلى حران، وانصرف إلى مدح الخليفة سليمان بن هشام بن عبد الملك، ومع أنه مدح مجموعة من الولاة والخلفاء، إلا أنه كان سليط اللسان في الهجاء، وكثيرون من يخشون هجائه، وهو يرى أن الهجاء أقوى للشاعر من المديح، وذلك -حسب رأيه- لأن الشاعر بالهجاء يصبح مرهوب الجانب، ويُعطى المال والعطايا خشية أن يهجو الوالي أو الخليفة، وفيما يخص اتهام بشار بن برد بالزندقة فلم يثبت إلى الآن أي دليل قاطع حول هذا الأمر، لا سيما أن في شعره ما يبين أنه كان متأرجحًا بين الأمرين، فتارة يظهر أنه يدين بدين الخوارج، وتارة تظهر له آراء لا علاقة لها بالدين.[٢]

مسيرة بشار بن برد الأدبية

إن أبرز ما يُذكر عن الشاعر بشار بن برد أنه كان من الشعراء المطبوعين المجودين الفحول، ولقد كان غزير الشعر، وقريحته سمحة في نظم الشعر، أما عن الصنعة فكان قادرًا على الافتنان بوجوه عدة، وفي الوقت نفسه لا يحب التكلف في شعره، كانت بداياته في قول الشعر في سن مبكرة، إذ إنه قال الشعر في سن العاشرة، وكان قد هجا الشاعر جرير، ولكن جرير رآه صغير السن فلم يكترث له، ولم يرد على هجائه، ومما ورد عن بشار بن برد أنه كان لديه عادة عندما يرد قول الشعر، وهي أن يتفل ع يمينه وعن شماله، ويصفق بيد على الأخرى، وبعدها يبدأ إنشاد الشعر، وكان الشاعر بشار بن برد غير مخلص في ولائه، فعندما وصل الخليفة المهدي للخلافة مدحه مديحًا كثيرًا، ونال منه الكثير من المال والعطايا، وبعد ذلك نظم شعرًا يبين فيه ولاءه لللملوك الشعوبيين، فلم يكن له موقف واضح ومحدد.[٣]


وقد قال الجاحظ عن بشار بن برد "كان شاعرًا راجزًا، سجَّاعًا خطيبًا، صاحب منثور ومزدوج، وله رسائل معروفة" أما أبو تمام فقد قال عنه "هو أشعر الناس والسيد الحِمْيَرِيُّ في وقتهما" أما عن معارضته للمعتزلة، ففد حصلت مجموعة من السجالات بينه وبين شعراء المعتزلة، ومنهم الشاعر صفوان الأنصاري، ومما يجدر ذكره أن ما كان عليه بشار بن برد من عمًى لم يمنعه أبدًا من النظم في مختلف الأغراض الشعرية كالغزل والمديح والهجاء والفخر، وتكاد لا تخلو أبياته من الوصف الذي يوهم القارئ أنه قادر على رؤية كل ما يحيط به، ومما ورد عنه أنه بالغ كثيرًا في شعر الغزل حتى اضطر الخليفة المهدي إلى حبسه فترة تأديبًا له وخوفًا من نشر هذه المفاهيم بين شباب البصرة.[٣]

صفات بشار بن برد

وُلد الشاعر بشار بن برد أعمى، وإضافة إلى ذلك ورد عن صفاته أنه كان طويلًا وضخمًا في بنيته الجسدية، وكان دميم الخلقة، وفي عينيه جحوظ مقبوح حتى صار مضرب مثل لكل صاحب عينين جاحظتين، وكان مجدور الوجه أيضًا، أما عن صفاته النفسية فقد كان سريع الغضب والانفعال، وبالتالي كان سريع الهجاء لمن حوله، ومما اتصف به بذاءة لسانه وسرعة رده على كل من يخالفه الرأي، ولم يكتف بشار بن برد بحبه للملذات، بل كان يجاهر بها ويجاهر بالسكر والزنى ومجالسة النساء، وإن هجاءه لم يسلم منه أحد، فقد كان يمدح الخليفة ثم يهجوه ولا ضير عنده في ذلك، حتى إن كبار علماء عصره لم يسلموا من لسانه مثل الأصمعي والأخفش وسيبويه وواصل بن عطاء، ومما اتصف به أيضًا شجاعته ورباطة جأشه، ومما ورد عنه من قصص أنه كان له أخوان يقومان دائمًا بأخذ ثيابه وتوسيخها، وعنما يريد أن يرتديها يشتم الرائحة النتنة تصدر منها، مع أنه حاول مرارًا أن يمنع أخويه من استعارة ملابسه إلا أنهما كان يأخذانها دون إذن منه، وعندما يضطره الأمر إلى الخروج بالملابس المتسخة ينكر الناس عليه ذلك، فما يكون منه إلا أن يقول: هذه ثمرة صلة الرحم.[٤]

خصائص شعر بشار بن برد

إن شعر بشار بن برد -وعلى تنوع الأغراض الشعرية في قصائده - يتسم بخصائص معينة تميزه عن غيره من الشعراء، وأبرز خاصية من خصائص شعر بشار بن برد أنه غلب عليه الهجاء، كما أنه كتب في أغراض أخرى وزاد عليها، ومما اتفق عليه مختلف النقاد والدارسين أن بشار بن برد في شعره يُصنف ضمن طبقة المولدين، إضافة إلى أن بشار بن برد كان يعد شاعرًا مجددًا في شعره الذي كتبه في المجون، واتسم بالرقة في غزله، وكان متميزًا بقدرته على أن يجمع ما بين جزالة البدو ورقة الحضر في ألفاظه وأوصافه، وإن قدرته على اختيار اللغة المناسبة للغرض الشعري المناسب كانت ظاهرة في شعره كذلك، فعندما كان يكتب بأغراض قديمة كان يستخدم اللغة الجزلة القوية، بينما كان يختار اللغة الرقيقة والألفاظ المنسابة في شعر الغزل والمجون.[٥]


كما أن إحدى الصفات الغالبة على شعره هي التركيز على الحواس، وكيف كان يصف الأشياء من حوله كما يحس بها، وإن المتعمق في شعر بشار بن برد سيلاحظ أن معانيه وعباراته أبعد ما تكون عن الخيال، ولعل هذا يعود إلى ما به من علة العمى، إضافة إلى قناعاته حول المحسوسات، وما يقتنع به من أمور تتعلق بالطبيعة والواقع وأن الإنسان لا يمكن أن يقتنع إلا بما يحس به ويلمسه، وهذا مذهب ظهر فيما بعد سمي بالطبيعية، وإن كل ما ذكر من خصائص لشعر بشار بن برد ما هو إلا خصائص توصل إليها الدارسون والنقاد بناء على ما وصل من شعر بشار بن برد، إذ إن الرواية تقول إن كثيرًا من شعر بشار بن برد لم يصل ولم يُنشر، ولكن بالبحث في أصول بشار بن برد والبيئة المحيطة به والظروف التي مر بها يمكن التوصل إلى المزيد من خصائص شعره، أو معرفة الأسباب التي دفعته إلى عدم المبالاة في كتابة كل ما يدور في ذهنه شعرًا والمجاهرة به دون خوف أو تردد.[٥]

قصائد بشار بن برد

إنّ الروايات التي تنقل أخبار الشاعر بشار بن برد تبين منها أن كثيرًا من شعره لم يُنقل، ولم يتناقله الرواة، إلّا أنّ ما وصل من قصائد لبشار بن برد ليس بقليل أبدًا، وقصائده في أغلبها تُسمى بحسب البيت الأول منها، ومن أشهر هذه القصائد ما يأتي:[٦]

  • تجهز طال في النصب الثواء.
  • حييا صاحبي أم العلاء.
  • ريق سعدى يا ابن الدجيل الشفاء.
  • طال انتظاري عهد أباء.
  • علليني يا عبد أنت الشفاء.
  • يفخر الباهلي أن جعل الله.
  • أفرخ الزنج طال بك البلاء.
  • لا تبغ شر امرئ شرا من الداء.
  • منيتني بشرا وبشر فتى.
  • أجارتنا ما بالهوان خفاء.
  • قد لعب الدهر على هامتي.
  • خاط لي عمرو قبا.
  • وأعرض عن مطاعم قد أراها.
  • يعيش المرء ما استحيا بخير.
  • ترجع النفس إذا وقرتها.
  • تجري على أحسابهم.
  • كأن قرقرة الإبريق بينهم.
  • وغلا عليك طلابه.
  • ذهب الدهر بسمط وبرا.
  • إن الطبيب بطبه ودوائه.
  • عوجا خليلي لقينا حسبا.
  • يا دار بين الفرع والجناب.
  • سلم على الدار بذي تنضب.
  • يا مالك الناس في مسيرهم.
  • طال المقام على تنجز حاجة.
  • طال ليلي من حب.
  • عدمتك عاجلا يا قلب قلبا.
  • خفض على عقب الزمان العاقب.
  • بلغ المرعث في الرحيل.
  • ألا قل لتلك المالكية أصحبي.
  • ومريضة مرض الهوى.
  • طرب الحمام فهاج لي طربا.
  • لقد زادني ما تعلمين صبابة.
  • طربت إلى حوضى وأنت طروب.
  • ألا حي ذا البيت الذي لست ناظرا.
  • يا صاح دعني فإنني نصب.
  • منع النوم طارق من حبابه.
  • يا طيب سيان عندي أنت والطيب.
  • يا طيب عبدة ويلي منك يا طيبي.
  • يا خليلا نبا بنا في المشيب.
  • أعاذل إن لومك في تباب.
  • ألا يا صنم الأززد.
  • ذهبت ولم تلمم ببيت الحبائب.
  • ألا يا طيب قد طبت.
  • من المشهور بالحب.
  • يا صاح قم فاسقني بالكأس إعرابا.
  • أحارث عللني وإن كنت مسهبا.
  • أفد الرحيل وحثني صحبي.
  • أأرقت بعد رقادك الأواب.
  • بأبي وأمي من يقاربني.
  • أنت يا نفس أنيبي.
  • عفا بعد سلمى حاجر فذناب.
  • لله سلمى حبها ناصب.
  • تأبدت برقة الروحاء فاللبب.
  • عامت سليمى ومسها سغب.
  • فيا حزنا هلا بنا كان ما به.
  • خليلي قوما فاعذرا أو تعتبا.
  • غدا سلف فأصعد بالرباب.
  • كل امرئ نصب لحاجته.
  • ألا ما لقلبي لا يزول عن الهوى.
  • لا فجع إلا كما فجعت به.
  • أجارتنا لا تجزعي وأنيبي.
  • دعاك الحب بالشعب.
  • يا صاح لا تجر في لومي وتأنيبي.
  • يا صاحبي أعيناني على طرب.
  • آب ليلي بعد السلو بعتب.
  • حن قلبي إلى غزال ربيب.
  • طال في هند عتابي.
  • نور عيني أصبت عيني بسكب.
  • أفنيت عمري وتقضى الشباب.
  • كأنها يوم راحت في محاسنها.
  • قد نام واش وغاب ذو حسد.
  • غدا مالك بملاماته.
  • هل لك في مالي وعرضي معًا.
  • عبد مني وأنعمي.

اقتباسات بشار بن برد

إن أشعار بشار بن برد وما فيها من ألفاظ جزلة، وعبارات منمقة وأوصاف دقيقة لا بد أن تكون محط اهتمام القراء، ولا سيما أنه كان موضع جدل منذ عصور سابقة وإلى يوم الناس هذا، وفي ما يأتي عرض لبعض الاقتباسات من قصائد للشاعر بشار بن برد:

  • يقول الشاعر بشار بن برد في مروية له:[٧]

لقد أسمعت لو ناديت حيًا 

ولكن لا حياة لمن تنادي.
  • يقول الشاعر بشار بن برد في مروية أخرى له:[٨]

هل تعلمين وراء الحب منزلة

تدني إليك فإن الحب أقصاني

يا رِئمُ قولي لِمِثلِ الرِئمِ قَد هَجَرَت

يَقظى فَما بالُها في النَومِ تَغشاني

لَهفي عَلَيها وَلَهفي مِن تَذَكُّرِها

يَدنو تَذَكُّرُها مِنّي وَتَنآني
  • يقول الشاعر بشار بن برد في مروية ثالثة له:[٩]

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة

والأذن تعشق قبل العين أحيانًا

قالوا بِمَن لا تَرى تَهذي فَقُلتُ لَهُم

الأُذنُ كَالعَينِ تُؤتي القَلبَ ما كانا

هَل مِن دَواءٍ لِمَشغُوفٍ بِجارِيَةٍ

يَلقَى بِلُقيانِها رَوحاً وَرَيحانا

المراجع

  1. "بشار بن برد"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف.
  2. "بشار بن برد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "بشار بن برد .. الشاعر الفحل الجسور"، www.taree5com.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف.
  4. "بشار بن برد بتجديده"، www.diwanalarab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "بشار بن برد صورة منه ومن حالات عصره"، www.hindawi.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف.
  6. "بشار بن برد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17.
  7. "بشار بن برد"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17.
  8. " بشار بن برد"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17.
  9. "بشار بن برد"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17.
12501 مشاهدة
للأعلى للسفل
×