نبذة عن توفيق الحكيم

كتابة:
نبذة عن توفيق الحكيم

المسرح الذهني

يعدُّ فنُّ المسرح من أقدم الفنون؛ إذ يعود إلى عصر الإغريق والرومان، وقد كان الطريقة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يعبِّر من خلالها عن عمله الفني، ورغم أنَّ الغرض منه أن يؤدى على خشبة المسرح أمام جمهور من المتابعين، إلا أنَّ المسرح الذهني بعكس هذا الغرض تمامًا، فالمسرح الذهني كُتب حتى يكون مقروءًا فقط وغير قابل للأداء على خشبة مسرح وأمام جمهور، إذ من الصعب أن يتمَّ أداؤه لكن من السهل تخيُّله وتخيُّل أحداثه وشخصياته، وقد ارتبط هذا النوع من المسرح في عالم المسرح في العالم العربي بالأديب توفيق الحكيم الذي سيدور عنه الحديث في هذا المقال.[١]

حياة توفيق الحكيم

توفيق الحكيم أحد أهم الأسماء اللامعة في الأدب العربي على المستويين الأدبي والشعبي، ويعدُّ رائد المسرح الذهني في العالم العربي بلا منازع، ولدَ الأديب والكاتب المصري الراحل في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1898م، وكانت أسرته من الأسر الثرية ومالكي الأراضي آنذاك، فقد كان أبوه أحد قُضاة الإسكندرية، وقد ظهرَ ولع الحكيم بالأدب منذ صغره وكان يحضر عروضًا لمشاهير وقتها مثل جورج أبيض، وفي المرحلة الثانوية كتب عدد من المسرحيات القصيرة التي أدَّاها أصدقاؤه، كما نشرَ عَددًا من القِصص القَصيرة والمقالات والأغاني الوطنية في عدد من المجلات، انتقل من كليَّة الحقوق إلى كلية اللغة الفرنسية لأنَّه لم ينجح فيها، ثمَّ سافر إلى باريس وحصل فيها على شهادة الحقوق في عام 1925م.[٢]

عمل بعد عودته نائب المدَّعي العام وكان يتنقل بين مناطق مصر ومن ذلك استوحى مسرحية يوميات كاتب في الأرياف، ثمَّ انتقل للعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية ثم وزارة التعليم، وأصبح عضوًا للمجلس الأعلى للآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية عام 1956م، وشغلَ منصب ممثِّل جمهورية مصر في اليونسكو أثناء حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1958م حصل على قلادة الجمهورية من عبد الناصر لإسهاماته المميزة وخصوصًا عن عمله عودة الروح، توفي في عام 1987م في مدينة القاهرة.[٢]

مسرحيات توفيق الحكيم

لقد دمجَ الكاتب توفيق الحكيم بين المذهب الرمزي والمذهب الواقعي بشكل مميز وفريد من نوعه، وامتازت كتاباته بالعمق والخيال من غير غموض أو تعقيد، وكان هذا المذهب هو النهج الذي سارَ عليه في معظم كتاباته، وقد تركَ الكثير من المؤلفات التي كان لها أثر واضح في الأجيال اللاحقة، وفيما يأتي أهم المسرحيات التي كتبها:

  • يوميات نائب في الأرياف: إحدى أهم مسرحيات الحكيم التي تمَّ تحويلها إلى فلم سينمائي، يتحدث فيها عن المجتمعات المنسيَّة وعن البدو في بلد الحضارة، ويتناول حياة ناس ما زالوا يعيشون في جهل قديم، وبالمقابل يشير إلى الحكومات البالية التي لا تبالي بهم، ويشير إلى غياب العدالة في هذه البلاد منذ قرون طويلة.[٣]
  • أرني الله: من الكتب الشهيرة للكاتب، عبارة عن مجموعة قصصية يتناول فيها حياة البشر المادية والروحية بأسلوبه الفلسفي العميق، وما زالت من أشهر المجموعات القصصية للحكيم.[٤]
  • عودة الروح: تمثل هذه الرواية قصة شعب بأكمله في أفراد أسرة يتحدث عنها الحكيم، وتمثل تلك الأسرة الشعب المصري بصفاته المختلفة وقد اتَّحدت في شيء واحد والتفَّت حوله، مشيرًا إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية في مصر في تلك الفترة، وقد تنبأت الرواية بثورة يوليو في مصر قبل 30 عامًا من وقوعها، عندما أشارت إلى قائد ثائر يلتف حوله الشعب ويعمل على تغيير مصر.[٥]
  • عصفور من الشرق: تمثل الرواية صورة واضحة لحياة المجتمع الفرنسي الفقيرة في تلك الأيام، ومع أن الرواية تتحدث عن قصة حب فاشلة بين بطل وبطل الرواية إلا أنَّ المغزى الحقيقي وراءها يشير إلى صراع الحضارات الغربية والشرقية، وصراع الواقع والخيال، والقلب والعقل، والأصالة والحداثة وغير ذلك.[٦]
  • شهرزاد: إحدى أشهر مسرحيات الحكيم، وبعكس العنوان فهي لا تتحدث عن الترف في الشرق والزخرفة في قصص ألف ليلة وليلة، بل تتحدث عن مأساة النفس البشرية التي تتكرر في كل مكان وزمان، من خلال صور بسيطة في طريق مقفر ودار في عتمة الليل البهيم، فيظهر شهرزاد في جوهرها الحقيقي، مجردة من الزينة والذهب واللؤلؤ؛ لأنَّ كل ذلك لا يهم، فما يهم أكثرمن ذلك بكثير.[٧]

توفيق الحكيم والمرأة

على الرغم من الإشاعات التي أحاطت بموقف الحكيم من المرأة، وقد أظهرته عدوًّا لدودًا لها، إلا أنَّ رائد المسرح العربي كان على عكس ذلك تمامًا، فمعظم أعماله كانت تحيط بالمرأة وتتحدث عنها وتشهدُ له بعكس تلك الشائعات، فأخذت المرأة من كتاباته حيزًا كبيرًا، وقد أظهر في كتاباته أجلالًا واحترامًا كبيرين للمرأة، وقد وصل في بعض الأحيان إلى درجة تقديسها، وكانت المرأة عنده عنصرًا إيجابيًّا بشكل دائم ولها أثر فاعل وواضح في دفع عجلة الحياة إلى الأمام، وكثيرًا ما تحدَّث عن قضايا المرأة وأحوالها، وقد ظهر كل ذلك في العديد من مسرحياته مثل: شهرزاد، الأيدي الناعمة وغيرها، وقد تكون تلك التهمة ألصقت به بعد نشره مسرحية المرأة الجديدة التي سخر بها من الحركة التي قادها قاسم أمين، ولكنه حاول كثيرًا أن يبعد تلك الصفة عن نفسه، وقال: "إنَّ مواقفه من حركات تحرُّر المرأة كان ردًّا على مواقف السيدة هدى شعراوي فقط لا غير".[٨]

اقتباسات توفيق الحكيم

عاشَ الحكيم عمرً طويلًا يقارب 90 عامًا، فكان ذلك أحد أسباب الإرث الأدبي الكبير الذي تركه للمكتبة العربية بعد وفاته، ومن خلاله انتشرت أقواله في شتى المواضيع والمجالات، فقد كتب الحكيم عن المرأة والفقر والجهل والحكومات وغياب العدل وصراع الحضارات وغيرها، وما تزال أقواله ذات أثر بارز إلى هذه الأيام، وفيما يأتي جملةً من أشهر أقواله:[٩]

  • يخيَّل إليَّ أنَّ من الناس من يلقى الكلمة يدفع بها عن نفسه، فإذا فيها الاتهام الصارخ ولعلَّ كل منهم يحمل في طيات كلامه دليل إجرامه.
  • الشعب لا يريحه أن تكون له إرادة، وهو يوم يراها فى يده يسرع فيعطيها لبطل من نسج أساطيره، أو لإله مدَّثر بغمام أحلامه.
  • الحلم خير من يلعب بالزمن.
  • حبُّ المعرفة هو شباب العقل، هو الشباب الأبدي، هو السمو الإنساني الذي سجدت له الملائكة.
  • قوة أوربا الوحيدة هي في العقل.
  • قول الحق هو السراج المضيء في حياتك.
  • إن تمسُّك الناس بالوهم الذي اعتادوه لأقوى من كلِّ حقيقة.
  • لا شيء يكتسب بالخيال في هذه الحياة.
  • إنك لم تدخل الحياة بإرادتك حتي تخرج منها بإرادتك.

المراجع

  1. "المسرح الذهني"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "توفيق الحكيم"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  3. "يوميات نائب في الأرياف"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  4. "أرني الله"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  5. "عودة الروح"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  6. "عصفور من الشرق"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  7. "شهرزاد"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  8. "من هو توفيق الحكيم - Tawfiq al-Hakim؟"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
  9. "توفيق الحكيم"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2019. بتصرّف.
4836 مشاهدة
للأعلى للسفل
×