نبذة عن حاطب بن أبي بلتعة

كتابة:
نبذة عن حاطب بن أبي بلتعة

أهل البدر

شَكَّلَت غزوةُ بدر، منعطفًا تاريخيًا، في مسارِ الدعوةِ الإسلاميِّةِ، فنَصرَ الله فيها المُسلمينَ نصرًا عظيمًا، وُقتِلَ فيها أعلامُ الكُفرِ، وهي البدايةُ التي كانت خاتِمتها الفتحُ المُبين؛ وهو فتحُ مكةَ، وكانَ الله هو مولى المؤمنين، فقد نَصَرَهم، وأَمدَهُم بالملائكةِ، ومَنَّ اللهُ -تَعالى- على الصحابةِ ممن شهدَ بدرًا بفضلٍ عظيمٍ، ودليلُ ذلك أنَّه جَاءَ جِبْرِيلُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: "ما تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ، قالَ: مِن أفْضَلِ المُسْلِمِينَ أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا"،[١] ومن استشهدَ منهم في بدرٍ، منزلتُهُ الفردوس الأعلى من الجنةِ، وذنبهم مغفور، ودليلُ ذلك قولُ رسول الله: "لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إلى أهْلِ بَدْرٍ فقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أوْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"،[٢] ولولا أهلُ بدرٍ لما ينتشر الإسلام بهذه الصورة، ولم يصل لمن بعدهم، ومِنَ الصحابةِ الذينَ شهدوا بدرًا حاطب بن أبي بلتعة.[٣]

حاطب بن أبي بلتعة

وهو الصحابيُّ الجليلّ، حاطب بن أبي بلتعة، عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي المكي -رضي الله عنه- وهو من المهاجرين، وهاجروا للمدينةِ، شَهِدَ بدرًا مع رسولِ الله، وهو الرسولُ الذي بَعثَهُ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المقوقسِ حاكمِ مِصر، وكانَ يعملُ في تجارةِ الطعام، وكانَ لديه عبيدٌ، ويُعدُ من الرُماةِ البارعين،[٤] وهو من قبيلة لخم الكهلانيِّة القحطانيِّة، ودخلَ في قريشٍ بحلفه مع بني أسد بن عبد العزى، ولمّا رَجع رسول الله من الحديبيةِ، بعثهُ رسول الله بكتابٍ إلى المقوقس، لِيدعوه إلى الدخولِ في الإسلامِ، وحاورَ المقوقس حوارًا طويلًا، وأوصلَ لَهُ الكتاب الذي أعطاهُ إياه رسول الله، فتأثرَ المقوقس بكتابِ رسولِ الله، وبكلامِ حاطب بن أبي بلتعة، فكانَ الردُّ من المقوقس، أنْ بعثَ كتابًا لرسول الله، وبعثَ لهُ جاريتين، وبعضُ الهدايا، وعادَ حاطب وهو يحمل معهُ ما أرادُ المقوقس إيصالُهُ لرسول الله،[٥] توفيَّ حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- في سنة 30 للهجرة.[٤]

حاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة

من المواقِفِ التي ذُكِرت عن حاطب بن أبي بلتعة، هو موقِفُهُ من فتحِ مكة، فقد أرسلَ رسالةً إلى كفارِ قريش، يُخبِرهم بها أَنَّ رسول الله قادمٌ لمكةَ لفتحها، وقد أعدَّ جيشًا لذلك، مُخالفًا بهذا أمرَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أنَّ رسالته تلك تُعرضَ جيشَ المسلمين للخطر، فأوحى الله لنبيهِ بذلك، فَبعثَ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقد روى قصة حاطبٍ فقال: "بَعَثَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبا مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ، والزُّبَيْرَ بنَ العَوّامِ، وكُلُّنا فارِسٌ، قالَ: انْطَلِقُوا حتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خاخٍ، فإنَّ بها امْرَأَةً مِنَ المُشْرِكِينَ، معها كِتابٌ مِن حاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى المُشْرِكِينَ فأدْرَكْناها تَسِيرُ علَى بَعِيرٍ لَها، حَيْثُ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلْنا: الكِتابُ، فقالَتْ: ما معنا كِتابٌ، فأنَخْناها فالْتَمَسْنا فَلَمْ نَرَ كِتابًا، فَقُلْنا: ما كَذَبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لَتُخْرِجِنَّ الكِتابَ أوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ أهْوَتِ الى حُجْزَتِها، وهي مُحْتَجِزَةٌ بكِساءٍ، فأخْرَجَتْهُ، فانْطَلَقْنا بها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، قدْ خانَ اللَّهَ ورَسوله والمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما حَمَلَكَ علَى ما صَنَعْتَ قالَ حاطِبٌ: واللَّهِ ما بي أنْ لا أكُونَ مُؤْمِنًا باللَّهِ ورَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أرَدْتُ أنْ يَكونَ لي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بها عن أهْلِي ومالِي، وليسَ أحَدٌ مِن أصْحابِكَ إلَّا له هُناكَ مِن عَشِيرَتِهِ مَن يَدْفَعُ اللَّهُ به عن أهْلِهِ ومالِهِ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ ولا تَقُولوا له إلَّا خَيْرًا فقالَ عُمَرُ: إنَّه قدْ خانَ اللَّهَ ورَسوله والمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلِأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فقالَ: أليسَ مِن أهْلِ بَدْرٍ؟ فقالَ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إلى أهْلِ بَدْرٍ؟ فقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أوْ: فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَدَمعتْ عَيْنا عُمَرَ، وقالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ"،[٢] فما كان من رسولِ الله إلا أن قبل مبررهُ وعفا عنهُ، فهو ممن شهدوا بدرًا،[٦] وأنكر رسول الله على حاطب بن أبي بلتعة ما فعل، إلا أنَّهُ لم يرفع عنهُ وصف الإيمان، لأنَّ ما فعلهُ كان من أجلِ مسايرةِ قريش، وليس لِحبهِ بالكفرِ، وأنزلَ الله تعالى فيه قولهُ: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}.[٧][٨]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن رفاعة بن رافع، الصفحة أو الرقم: 3992، حديث صحيح.
  2. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي ين أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3983، حديث صحيح.
  3. "فضائل غزوة بدر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  5. "حاطب بن أبي بلتعة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  6. "قصة حاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  7. سورة الممتحنة، آية: 1.
  8. "فعل حاطب رضي الله عنه "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
3699 مشاهدة
للأعلى للسفل
×