زواج الرسول عليه الصلاة والسلام
بعث الله -عزّ وجلّ- نبيه محمدًا -صلّى الله عليه وسلّم- وجعله المثل الأعلى للناس جميعًا، حيث تجسّدت فيه كل آيات النبل والرحمة بدليل قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ}،[١] وقد اختُص بخصائص متعددة تجعله يختلف عن سائر البشر؛ إظهارًا لمكانته ومنزلته في الدّنيا والآخرة، ومما اختُص به تعدد زوجاته -صلّى الله عليه وسلّم- حيث أنّه كان لكل زواج قصة وعبرة، ويُعدّ هذا التعدد من الخصائص التي انفرد بها لذاته، حيث قال الشافعي: "دلّت سنّة رسول اللّه المبيّنة عن اللّه أنّه لا يجوز لأحد غير رسول الله أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة"، وقد بلغت زوجات النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللاتي دَخل بهنّ إحدى عشرة زوجة لكل واحدة منهن مكانة عظيمة وشأنٌ رفيع في الإسلام، وفي هذا المقال سيتم التعرف على حفصة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام.[٢]
حفصة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام
هي حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أسلمت وتزوجت من الصحابيّ "خُنَيْس بن حذافة القرشي" قبل زواجها من رسول الله، هاجرت مع خُنَيْس إلى المدينة وشارك في غزوتيّ أحد وبدر واستشهد عندها متأثرًا بجراحه، ترك ورائه حفصة وهي شابة صغيرة، عندها تملّك حفصة الحزن الشديد لصغر سنها، فأراد عمر أن يبحث لها عن زوج يؤنس وحدتها، فلقي آنذاك عثمان بن عفان و عرضها عليه، لكنه فكّر في الأمر وكان جوابه لعمر: "لا أريد أن أتزوج اليوم"، ثم عرضها على أبي بكر الصديق فسكت ولم يُجب، وعَلمَ رسول الله بالقصة وكان عنده النّية لخطبتها، فتمّ الزواج بين رسول الله و حفصة على صداقٍ قليل جدًا، و بعد ذلك استقرت حفصة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام ببيته وهي كلها شوق ورغبة في التعلم من علوم الدين، فكان يبعث لها رسول الله شفاء العدوية لتعليمها حيث أنه رويّ عنها أنها قالت: "دخلَ عليَّ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- وأنا عندَ حفصةَ فقالَ : ألا تُعلِّمينَ هذِهِ رقيةَ النَّملةِ كما علَّمتيها الْكِتابةَ"،[٣] ولُقبت بحارسة القرآن وكانت من أهمّ الفقيهات آنذاك رضي الله عنها وأرضاها.[٤]
غيرة حفصة زوجة الرّسول عليه الصّلاة والسلام
اشتُهرت حفصة بشدّة غيرتها وكانت تتعدّى هذه الغيرة لوجود الضرائر معها، فالمرأة بطبيعتها ذات غيرة متعدية فكيف بحالها عند تعدد الزوجات إلى أكثر من أربعة؛ فها هي حفصة كانت ثالث زوجات النبي آنذاك، وكانت غيرتها من عائشة -رضي الله عنها- لشدة حب الرسول لها؛ لكنهم بفضل ذكائهنّ أصبحوا صديقتين حميمتين، أمّا غيرتها لم تقف هنا وإنما كانت سببًا في نزول هذه الآية قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}،[٥] حيث أنها غضبت وبكت عندما وجدت رسول الله مع مارية في بيتها، فرق قلب النبي وحرّم مارية القبطية على نفسه وطلب منها أن تكتم هذا السر؛ لكنّ غيرتها منعتها وأخبرت السيدة عائشة بالقصة فنزلت هذه الآية تعاتب الرسول عليه الصلاة والسلام،[٦] وتتعدد مواقف غيرة حفصة بين زوجات رسول الله من شدة حبها له وهي التي ملكت سيد البشر و لزمت بيته بعد وفاته ولم تخرج إلا لحاجة، تُوُفِّيَتْ -رضي الله عنها- في شعبان، وقيل: سنة سبع وعشرين للهجرة في خلافة عثمان.[٤]
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
- ↑ "أمهات المؤمنين"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن مفلح، في الآداب الشرعية، عن الشفاء بنت عبدالله، الصفحة أو الرقم: 3/289، حديث صحيح.
- ^ أ ب "حفصة زوجة الرسول"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التحريم، آية: 1.
- ↑ "صحابيات - [04 حفصة بنت عمر"]، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.