نبذة عن رواية اللص والكلاب

كتابة:
نبذة عن رواية اللص والكلاب

مفهوم الرواية

تَعرف الرّواية في معاجم اللغة بعملية نقل الحديث وحمله[١]، ومن هذه الدلالة اشتق المفهوم الاصطلاحي للرواية، فهي فن أدبي نثري يقوم على سرد مجموعة من الأحداث التي تجري بين عدد من الشخصيات الرئيسة والثانوية في أماكن وأزمنة متعددة، وتعد رواية زينب لمحمد حسين هيكل أول رواية عربية واقعية بملامحها الأدبية المتكاملة، وقد حققت بعد ذلك انتشارًا واسعًا في الثقافة العربية فتتابعت الروايات من بعدها[٢]، كما برز روائيون أعلام مثل: توفيق الحكيم و زكريا تامر ونجيب محفوظ صاحب رواية اللص والكلاب.

نجيب محفوظ

نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم السبيلجي، روائي وأديب مصري ولد في حي الجمالية في القاهرة سنة 1911، نشأ في أسرة مكتفية ومتدينة فقد أفصح عن ذلك بقوله: "الظروف التي نشأت فيها هي الطبقة الوسطى الشعبية وكانت الظروف في عمومها سعيدة ولطيفة ولم يعترضها ما يعكر صفوها"، وقد كان لانتقاله إلى العباسية سنة 1924 أثر بالغ في تشكيل إلهامه الإبداعي، ودرس نجيب محفوظ الفلسفة في جامعة القاهرة مع تولعه بالأدب، وعاش حالة صراع بين الفلسفة والأدب بعد تخرجه في الجامعة حتى حسم هذا الصراع لصالح الأدب في ذات الفترة التي كتب فيها روايته رادوبيس، وبدأ نجيب محفوظ كتاباته في سنة 1928، فكتب المقالة والرواية والمسرحية، بالإضافة للقصة [٣].

وفي الثلاثينيات تعرض نجيب محفوظ لهجوم النقد وقوبلت أعماله بالرفض، إذ لم يكن الذوق العام السائد في مصر آنذاك يتقبل الرواية التي كانت تجتاحها الفنون الشعرية بضراوة إلا أن هذا الموقف النقدي لم يكن ليقف حائلًا بين نجيب محفوظ ومسيرته الإبداعية، فقد تمكن من استرداد نهضته وتطويع الذوق العام لفن الرواية في مصر على يدي نجيب محفوظ، وواصل إنتاجه الإبداعي وكتب سلسلة من الروايات التي كان أبرزها رواية اللص والكلاب والتي حظيت باهتمام بالغ من قبل القراء والنقاد كما أنها قد خلدت في أعمال سينيمائية وتلفزيونية.[٣]

أبرز أعمال نجيب محفوظ

للروائي نجيب محفوظ أعمال بارزة في المجال الأدبي القصصي، فقد عمد إلى فن الرواية ليجسد من خلاله إبداعه الفكري واللغوي، وقد كانت رواياته انعكاسًا حيًا للواقع المعيش في مصر، إذ عالج من خلالها قضايا إنسانية واجتماعية، ومن أبرز هذه الروايات:[٤]

  • رواية عبث الأقدار: وهي أول رواية لنجيب محفوظ، اعتمد فيها على طريقة السرد الروائي التقليدية.
  • رواية رادوبيس: وهي من الروايات التي كتبها نجيب محفوظ في البدايات الأولى لطليعته الروائية، وعالج من خلالها قضايا اجتماعية وسياسية.
  • رواية اللص والكلاب: وتمثل هذه الرواية بداية مرحلة الكتابة الفلسفية التي انتهجها نجيب محفوظ، فهي تناقش معنى العبث والموت والوجود وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي.
  • رواية القاهرة الجديدة: وهي من الروايات التي تم تحويلها لأفلام سينيمائية وفيها ينحى نجيب محفوظ منحى واقعي اجتماعي.
  • رواية زقاق المدق: وهي رواية واقعية اجتماعية استثمر نجيب محفوظ المكان من خلالها ووظفه توظيفًا حسيًا فوصف المكان "زقاق المدق"، وهو حي من أحياء مصر الشعبية.
  • رواية السراب: وهي رواية نفسية تربوية كما وصفها صاحبها نجيب محفوظ، تحكي قصة شاب يعاني من مشاكل نفسية بسبب تعلق والدته به مما يؤدي به للوقوع في مشاكل كثيرة وصعبة.
  • رواية بداية ونهاية: وهي رواية واقعية اجتماعية، تحكي قصة أسرة عرفها نجيب محفوظ على أرض الواقع، وهي أسرة فقيرة عانت شظف العيش ومشاكل الحياة.
  • رواية أولاد حارتنا: تعد من أشهر روايات نجيب محفوظ نشرت بشكل متسلسل في جريدة الأهرام وأثارت جدلًا واسعًا، ولم تنشر في مصر ككتاب إلا في أواخر سنة 2006.
  • رواية السمان والخريف: وهي رواية فلسفية عالج من خلالها الغربة والماضي والحاضر المعيش وهي من الروايات التي حولت إلى فيلم سينمائي.
  • رواية ميرامار: وهي رواية واقعية رمزية تدور أحداثها في فندق صغير تديره امرأة يونانية لجأت إليه فتاة تدعى زهرة تعكس صورة المرأة المصرية القوية صاحبة الإرادة.

رواية اللص والكلاب

رواية اللص والكلاب، رواية يمتزج فيها الواقع بالخيال التنبؤي، فهي تحكي أحداث واقعية عانى فيها البطل سعيد مهران من خيانة زوجته ومحاميه وتعرضه للإهانة والتهم والحكم الطويل بالسجن، مما أثار في نفسه قريحة الانتقام والرغبة في استرداد الدين فعاش خارج قضبان السجن ملاحقًا متخفيًا ومتنقلًا من مكان لآخر، وفي كل مرة يحاول فيها الانتقام والأخذ بالثأر لنفسه يرتكب جرائم بحق كل من يحاول الوقوف في وجهه حيث بدا سعيد مهران غير مبالٍ لا يكترث إلا بهدف واحد هو الوصول للخائنيين وإيقاع العقاب بهم، وكأنه بذلك يسعى لإحداث لون من التطهير للواقع الذي قد تلطخ حقًا بما يقدم عليه أمثال أولئك الخونة.[٥].

باءت محاولات سعيد مهران في القبض على غريمه وزوجته والانتقام منهما بالفشل، وهذه الملاحقات والإخفاقات المتلاحقة التي عاشها البطل أججت نار الرواية وجعلتها أكثر تشويقًا وواقعية، بدلًا من ذلك اللون القصصي المعتاد الذي يحرص على إظهار البطل في صورة مثالية، وخلال هذه الملاحقات يتعرف البطل سعيد مهران إلى بائعة هوى تدعى نور فتسانده وتعاونه وتتحفظ عليه، حتى إذا خرج ذات ليلة للانتقام أصابته رصاصة الشرطة التي كانت تحاصر المكان وتلاحقه، وكان وقتها قد أصاب حارس القصر البريء وأخطأ هدفه، فلما أدرك ذلك انكفأ على نفسه يؤنبها ويعذبها معاتبًا، وذات ليلة تأخرت نور في الحضور إليه واقتحمت امرأة الشقة التي كان سعيد مهران يختبئ فيها برفقة نور للمطالبة بالإيجار أو استرداد الشقة، فاضطر سعيد مهران للمغادرة ومواجهة المصير المقدر والمكتوب له فلاحقته الشرطة حتى حاصرته في القرافة وظلت تطلق عليه الرصاص حتى أردته قتيلًا.[٦]

عناصر رواية اللص والكلاب

تعدّ رواية اللص والكلاب من اشهر روايات نجيب محفوظ وأكثرها تاثيرًا في الجمهور، فلا عجب لانكباب السينما عليها وصياغتها لتحوَّل إلى فيلم تلفزيوني مؤثر، وهي رواية قد اكتملت فيها العناصر الروائية فكانت على النحو الآتي:[٦]

  • الشخصيات الرئيسة: سعيد مهران، الصحفي رؤوف علوان، زوجة سعيد مهران السابقة نبوية، بائعة الهوى نور، الشيخ الذي تولى رعاية سعيد مهران وتوجيهه، صاحب المقهى طرزان، الخائن وزوج نبوية الجديد عليش.
  • الشخصيات الثانوية: رجال الشرطة، الضابط المحقق، حارس قصر رؤوف علوان، صاحبة الشقة التي تسكنها نور، ابنة سعيد مهران سنا.
  • الزمان: تعددت الأزمنة في رواية اللص والكلاب فشملت الأيام التي تلت خروج سعيد مهران من السجن.
  • المكان: تعددت البيئة المكانية في رواية اللص والكلاب وتنوعت بين السجن وشقة نور والقرافة وقصر رؤوف علوان وشاطئ الاسكندرية.
  • الحدث: خيانة عليش و نبوية لسعيد مهران واتهامه وزجه في السجن واستحلال أمواله.
  • الحبكة: تبدو الحبكة في رواية اللص والكلاب متأزمة منذ بداية القصة حيث تستفتح القصة بالحبكة لتتحلحل فيما بعد على طريقة الارتجاع الفني.
  • الحل: انتهت الرواية بموت سعيد مهران قبل تحقيق هدفه بالانتقام من زوجته وصديقه عليش، وقبل أن تثبت براءته مما اتهم به.
  • الحوار: بدا الحوار أساسيًا في رواية اللص والكلاب، وهو ما أضفى عليها نوعًا من الواقعية الحية.

المراجع

  1. مجمع اللغة العربية (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 384. بتصرّف.
  2. بن موفق هجيرة (2017)، الرواية الفلسفية و الصورة السينمائية عند نجيب محفوظ (الطبعة د.ط)، الجزائر: جامعة زيان عاشور الجلفة، صفحة 15. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد أحمد القضاة (2000)، التشكيل الروائي عند نجيب محفوظ، الأردن: وزارة الثقافة، صفحة 11. بتصرّف.
  4. "نجيب محفوظ"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-12-2019. بتصرّف.
  5. "اللص والكلاب (رواية)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 03-12-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب نجيب محفوظ، اللص والكلاب، مصر: مكتبة مصر للطباعة والنشر. بتصرّف.
6995 مشاهدة
للأعلى للسفل
×