نبذة عن صلاح عبد الصبور

كتابة:
نبذة عن صلاح عبد الصبور

صلاح عبد الصبور

الشاعر محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكي، شاعر وأديب وكاتب مسرحي مصري شهير من أهم الشعراء العرب، ويُعرف باسمه الشهير صلاح عبد الصبور، يعدُّ واحدًا من أهم الرواد في حركة الشعر العربي الحر التي انطلقت في النصف الثاني من القرن العشرين على أيدي عدد من الشعراء العرب، كما أنَّه واحدٌ من رموز الحداثة في الفكر العربي نتيجة تأثره بالفكر الغربي، وهو واحد من الشعراء والأدباء العرب الذين استطاعوا أن يضيفوا مساهمات بارزة وملموسة في مجالات أدبية عدَّة، منها التأليف المسرحي وفي مجال التنظير للشعر العربي الحر في العصر الحديث، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول حياة الشاعر صلاح عبد الصبور ومسيرته الأدبية والجوائز التي حاز عليها بالإضافة إلى مؤلفاته وحادثة وفاته.[١]

حياة صلاح عبد الصبور

في الحديث عن الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور لا بدَّ من ذكر تفاصيل عن حياته، فقد ولدَ صلاح عبد الصبور في إحدى القرى الواقعة في شرق دلتا النيل والتابعة لمدينة الزقازيق في الثالث من شهر مايو عام 1931م، ونشأ في تلك المنطقة وتلقَّى تعليمه في المدارس الحكومية فيها،[٢] وبعد أن أنهى مرحلة التعليم الثانوي التحق بجامعة القاهرة حيثُ دخل كلية الآداب وتحديدًا قسم اللغة العربية وذلك في عام 1947م، وفيها درس اللغة العربية وأتقنها، وتتلمذ على يد الشيخ المفكر أمين الخولي، وقد ضمَّه إلى جماعة الأمناء التي أسسها، ثمَّ انضمَّ إلى الجمعية الأدبية التي حلَّت مكان الجماعة الأولى وورثت مهامها، وقد كان لكل من الجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع والنقد والأدب في مصر، وفي عام 1951م حصل عبد الصبور على البكالوريوس في اللغة العربية، وبعد تخرجه من كلية الآداب عمل في التدريس في المعاهد الثانوية، ثمَّ انتقل منها إلى العمل بالصحافة حيث عمل في مجلة روز اليوسف والأهرام، ثمَّ انتقل إلى وزارة الثقافة وعمل في التأليف والترجمة،[٣] بين عامي 1977م و1978م سافرَ إلى الهند كمستشار ثقافي لمصر، وكان آخر المناصب التي تقلَّدها هي رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب.[٤]

مسيرة صلاح عبد الصبور الأدبية

لقد كان لدخول صلاح عبد الصبور إلى قسم اللغة العربية ودراستها أثر كبير في حياته، ففي تلك الفترة كان يتتلمذ على يد المفكر أمين الخولي الذي عرفَ فيه الطالب النجيب وصاحبَ الموهبة، وفي مقهى الزقازيق تعرَّف على عدد من أصدقائه منهم الشاب مرسي جميل عزيز وعلى شاب تخرَّج حديثًا من معهد الموسيقى ويدعى عبد الحليم شبانه أو عبد الحليم حافظ لاحقًا، فطلب منه الأخير أن يكتب له أغنية ليتقدم بها إلى هيئة الإذاعة على أن يقوم كمال الطويل بتلحينها، فكتب قصيدة لقاء في تلك الأثناء، وبدأ الشاعر ينهل من مختلف مصادر الشعر والأدب ليثري بها ثقافته وموهبته، فنهل من شعر الصعاليك وشعر الحكمة في الأدب العربي، بالإضافة إلى أفكار وسيَر أهم روَّاد الصوفية في العالم الإسلامي مثل بشر الحافي والحلاج وغيرهما، وقد استخدمهما كثيرًا في أعماله كأقنعة عن الأفكار والتصوُّرات التي تحملها بعض القصائد أو المسرحيات، لكنَّ عبد الصبور لم يلبث أن ودَّع الشعر التقليدي ليبدأ رحلته المميزة في طريق جديد ومختلف تمامًا، طبعَ فيه قصائده ببصمته الخاصة، وخرجَ على أطر الشعر التقليدي بما فيه من تكرار، وقد فعل ذلك من أجل البناء وليس من أجل الهدم وتحوَل في تلك الفترة إلى فارس في ميدان الشعر الحديث.[٥]

بدأ عبد الصبور أوَّل الأمر بنشر قصائده في الصحف والمجلات، ولكنَّه بعد أن نشرَ قصيدة شنق زهران بدأت شهرته تعلو شيئًا فشيئًا، ولم تستفحل شهرته إلا بعد صدور ديوانه الأول بعنوان الناس في بلادي حيثُ جعله هذا الديوان كواحد من رواد الشعر الحر الحديث إلى جانب بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، ثمَّ عمل على توظيف ذلك اللون الشعري الجديد في العمل المسرحي، فأعاد الروح إلى المسرح الشعري في العالم العربي بقوة والذي كانت قد خمدَت أضواؤه منذ وفاة أمير الشعراء أحمد شوقي عام 1932م، وتميَّز المشروع المسرحي الذي يحمله بنبرته السياسية الناقدة التي نجَت من الانتماءات الحزبية والانحيازات السياسية، وكان له دور كبير وأثر بارز في التنظير للشعر الحر، وتجلَّى ذلك بشكل خاص في عمله النثري حياتي في الشعر، ومن أهم السمات التي اتسمَّ بها إنتاجه الأدبي استلهام التراث العربي كثيرًا والتأثر الكبير بالأدب الإنجليزي وفلسفة الشعر فيه خصوصًا عند ت.س. إليوت وجون كيتس، كما استقى الشاعر من إنجازات شعر الرمز في الأدب الفرنسي والألماني وخصوصًا عند ريلكه وبودلير، وربط كثير من النقاد بين جريمة قتل في الكاتدرائية لإليوت ومأساة الحلاج لصلاح عبد الصبور، وخلال إقامته في الهند كمستشار ثقافي نهلَ من ثقافة الهند وفلسفاتها المتعددة، كما أثرت فيه أعمال كافكا التشاؤمية والسوداوية بالإضافة إلى أعمال مسرح العبث، كما تأثر بالأديب الإيطالي لويجي بيرانديللو.[٥]

الجوائز الي حصل عليها صلاح عبد الصبور

إنَّ الحديث عن صلاح عبد الصبور يقتضي الإشارة إلى الجوائز التي حصل عليها طوال حياته، فقد كان من رواد الشعر والمسرح الشعري في العالم العربي، واقترن اسمه بكبار الأدباء والشعراء والكتاب العالميين، كما أنَّه كرَّس اسمَه إلى جانب روَّاد الشعر الحر، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج أهم الجوائز التي حصل عليها صلاح عبد الصبور:[٦]

  • جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية الشهيرة مأساة الحلاج التي حصل في عام 1966م.
  • جائزة الدولة التقديرية في الآداب والتي حصل عليها بعد وفاته في عام 1982م.
  • الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة المنيا في عام 1982م.
  • الدكتوراه الفخرية من جامعة بغداد كذلك بعد وفاته في عام 1982م.

مؤلفات صلاح عبد الصبور

تركَ الشاعر صلاح عبد الصبور خلفه أعمالًا مسرحية وشعرية عظيمة كان لها تأثير كبير في عدة أجيال لاحقة من الشعراء في مصر خصوصًا والعالم العربي عمومًا وخصوصًا جيل السبعينيات في القرن العشرين وما بعده، وقد حصلت أعماله على اهتمام كبير من قبل النقاد والباحثين، ولم تخلُ أي دراسة نقدية تتحدث عن الشعر الحر من الحديث عن شعر صلاح عبد الصبور، فقد تميَّزت أعماله بسمات عامَّة مثل الألم والحزن واليأس واستلهام الذكرى وموروث الصوفية واستخدام الشخصيات التاريخية في بناء القصيدة، وفيما يأتي أهم مؤلفات صلاح عبد الصبور:[٥]

الناس في بلادي

هو أوَّل ديوان شعري للشاعر صلاح عبد الصبور، حيثُ صدر في عام 1957م، وقد كان له أهمية كبيرة إذ يعدُّ أوَّل ديوان شعر في الشعر الحديث أو الشعر الحر يهزُّ مفاصل الحياة الأدبية في مصر في تلك الفترة، ولذلك استطاع الديوان جذب أنظار القراء والنقاد لما فيه من صور فريدة وأسلوب جديد مختلف، واستخدام للمفردات الشائعة والمتداولة بشكل يومي بين الناس، بالإضافة إلى اعتماده على ثنائية المأساة والسخرية، وامتزاج الأحاسيس السياسية والفلسفية بموقف اجتماعي ناقد.[٦]

مأساة الحلاج

تعدُّ مسرحية مأساة الحلاج من أهم الأعمال المسرحية للشاعر صلاح عبد الصبور وأشهر أعماله على الإطلاق،[٧] وهي عبارة عن مسرحية شعرية استخدم فيها الشاعر شخصية المتصوف المنصور بن الحسين الحلاج، وتتألف المسرحية من فصلين أطلق عليهما عبد الصبور اسم أجزاء، الجزء الأول: الكلمة، الجزء الثاني: الموت، وتعدُّ مسرحية مأساة الحلاج حسب بعض النقاد أروع مسرحية شعرية في تاريخ الأدب والفن العربي، فهي تحمل أبعادً سياسية وتبحث في العلاقة بين السلطات المتحالفة مع الدين وبين المعارضة، وقد نشرت المسرحية عام 1966م وتنبأت بهزيمة 67 على عكس معظم الكتابات المتفائلة في العالم العربي والمتأثرة بالمدِّ الناصري.[٨]

ليلى والمجنون

أحد أهم أعمال صلاح عبد الصبور المسرحية في مجال المسرح الشعري، فهي مسرحية شعرية مزجَ فيها عبد الصبور كمًّا هائلًا من المآسي والشجن والمشاعر المتداخلة في أبيات شعرية مؤثرة، حيثُ تحكي المسرحية عن الطفل سعيد وطفولته البائسة، بالإضافة إلى حبِّه الكبير لليلى، والعديد من الشخصيات المتنوعة والمختلفة الأطباع والصفات، وفيها إشارة إلى قدرة الطغيان والبطش على تبديل المبادئ وتغيير النفوس، وفيها أيضًا إشارة إلى الصدام بين الشباب والسلطة وتكميم الأقلام وقمع الحريات وغير ذلك.[٩]

النساء حين يتحطمن

عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة للكاتبة الفرنسية الشهيرة سيمون دي بوفوار وترجمها الشاعر صلاح عبد الصبور إلى العربية، حيثُ تجري أحداثها حول مواضيع كثيرًا ما تتأثر بها النساء في مختلف المجتمعات مثل الغيرة والوحدة والضياع والعجز، قصص أبطالها من النساء فقط، نساء تحطَّمت حياة كل واحدة منهنَّ على أيادي كثيرة وعديدة، وتكسرت أحلامهن على صخور الواقع المرير بين الخيانة والأمومة والموت وغير ذلك من المشاكل التي تعاني النساء منها.[١٠]

مسافر ليل

من مسرحيات عبد الصبور التي يمكن أن تندرج تحت الكوميديا السوداء، إذ يتناول فيها السلطة بكافة ألوانها الاجتماعية والسياسية والدينية، في محاولة منه لتسليط الضوء على الصراع المحتدم بين المجتمع والفرد، والسلطة والفرد، ومشاعر اغتراب الإنسان عن الواقع واستلابه بشكل كامل وخصوصًا في البلدان النامية والعربية، حيث تعمل السلطات في هذه الدول على توسيع الهوة بين المجتمع والفرد، وتمنع الإنسان من المضي في طريق التحرر والانفتاح بكافة الوسائل والسبل الممكنة.[١١]

أصوات العصر

كتاب أصوات العصر من أهم أعمال صلاح عبد الصبور، يتحدث فيه عن بعض الشخصيات الأدبية الهامة في عصره، ولا يختصر ذلك على العالم العربي بل شخصيات عربية وعالمية ومن مختلف الجنسيات والقوميات واللغات، حيثُ يبدأ بالحديث عن شخصية وحياة الأديب من ثمَّ ملامحه وصفاته ثمَّ يروي إحدى قصصه وشخصياته حتى ينسى القارئ أنَّه يقرأ سيرة شخصية، ومن أهم الشخصيات التي تحدث عنها في كتابه: تشيخوف، فلاديمير كوفسكي، نجيب محفوظ، يوسف إدريس وغيرهم.[١٢]

وفاة صلاح عبد الصبور

في 13 من شهر آب عام 1981م كان الشاعر صلاح عبد الصبور في بيت صديقه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، حيثُ قدم لزيارته بعد عودته من باريس للاستقرار في القاهرة، وخلال تلك الزيارة وقع نقاش طويل أدى لوقوع مشاجرة كلامية مع كل من الفنان بهجت عثمان والشاعر حجازي، فأصيب عبد الصبور بنوبة قلبية حادة أودَت بحياته وتوفي على إثرها، وقد صرَّحت زوجته لاحقًا أنَّ سبب وفاته هي الاتهامات والنقد الذي وجَّهه إليه عبد المعطي حجازي ومن كان عنده من الزوار، لكنَّ حجازي صرَّح لاحقًا بأنَّ الطبيب قال: إنَّ هذا كله سوف يحدث حتى لو كان عبد الصبور في منزله أو يقود سيارته ولو كان نائمًا، ووفاته لا علاقة لها بالجدال أو النقاد الذي دار بينهم، ويقول حجازي في النهاية: صلاح عبد الصبور شاعر كبير، وسوف تظلُّ له مكانة في تاريخ الشعر العربي من ناحية، وفي وجدان قارئ الشعر من ناحية أخرى، وشعره ليس قيمة فنية فحسب، وإنما إنسانية كبرى كذلك.[٦]

اقتباسات من شعر صلاح عبد الصبور

في نهاية المقال من الجدير بالذكر إدراج بعض قصائد الشاعر من أجل التعرُّف على أسلوب الشاعر وملامسة أفكاره من خلال حروفه، حيثُ استطاع عبد الصبور أن يخلِّد اسمه إلى جانب عدد كبير من الشعراء العرب في القرن العشرين، وفيما يأتي بعض اقتباسات من شعر صلاح عبد الصبور:

  • في قصيدة أحلام فارس القديم يقول الشاعر:[١٣]

لو أننا كنّا كغُصنيْ شجرةْ

الشمسُ أرضعتْ عروقَنا معا

والفجرُ روّانا ندىً معا

ثم اصطبغنا خضرةً مزدهرة

حين استطلنا فاعتنقنا أذرُعا

وفي الربيع نكتسي ثيابَنا الملوَّنة

وفي الخريف، نخلعُ الثيابَ، نعرى بدَنَا

  • ومن قصائد أيضًا قصيدة مرثية رجل تافه حيث يقول فيها:[١٤]

مضت حياته كما مضت

ذليلة موطَّأة

كأنها تراب مقبرة

و كان موته الغريب باهتًا مباغتًا

منتظَرًا, مباغتًا

الميتة المكررةْ

كان بلا أهل, بلا صِحاب

فلم يشارك صاحبا -حين الصبا- لهوَ الصبا

ليحفظ الوداد في الشباب

  • وفي قصيدة دموع على ضريح القلب يقول الشاعر:[١٥]

جنوب يا جنوبْ

يا مرتع الظباءْ

يا موئل الحبيب

يا زهرة ً فواحةً

تحبها القلوبْ

جنوب أرضك كالجنان

ملأى بأنواع الحنان

وثراك مسك أدفرٌ

ورباك من حبِّ الجمان

والناس في صحرائك

كالورد في الروض المصانْ

المراجع

  1. "صلاح عبد الصبور"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  2. "صلاح عبد الصبور"، www.diwanalarab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  3. "صلاح عبد الصبور"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  4. "صلاح عبد الصبور"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "صلاح عبد الصبور"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت "صلاح عبد الصبور"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  7. "مولد صلاح عبد الصبور"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  8. "مأساة الحلاج"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  9. "ليلى والمجنون"، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  10. "النساء حين يتحطمن"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  11. "مسافر ليل"، www.noor-book.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  12. "أصوات العصر"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  13. "أحلام الفارس القديم"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  14. "مرثية رجل تافه"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
  15. "دموع على ضريح القلب"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-24. بتصرّف.
8017 مشاهدة
للأعلى للسفل
×