نبذة عن علي الحصري القيرواني

كتابة:
نبذة عن علي الحصري القيرواني

علي الحصري القيرواني

أبو إسحاق علي بن عبد الغني الفهري الحصري، كنيته أبو الحسن، ولقبه القيرواني، وذلك نسبة إلى مدينة القيروان التي ولد فيها، من مواليد عام 420 للهجرة الموافق 1029 للميلاد، ومما يُلقب به أيضًا الفهري لأنه ولد في حي الفهريين الموجود في مدينة القيروان، وهو شاعر تونسي يعود نسبه إلى عقبة بن نافع الفهري الذي أسس مدينة القيروان، وفتح تونس، ومما يجدر الإشارة إليه هو نسبة الحصري التي تلحق باسم الشاعر القيرواني، فقد ورد عن هذا النسب أكثر من رواية منها ما يقول إنها من صناع الحصر، ومنها ما يقول إنها مدينة زائلة كانت قريبة من القيروان واسمها حصر، وثمة صلة قرابة بين الحصري القيرواني، وبين أبي إسحاق الحصري مؤلف كتاب زهر الآداب، ومما ينبغي معرفته عن الحصري القيرواني أنه كان ضريرًا ومما ورد أنه لم يولد ضريرًا بل فقد بصره في طفولته، وقضى جل حياته في القيروان، وتوفي سنة  488 للهجرة الموافق 1095 للميلاد في مدينة طنجة.[١]

حياة علي الحصري القيرواني

غلبت النزعة التشاؤمية والهموم والأوجاع على حياة الشاعر الحصري القيرواني وذلك إما لأسباب خارجة عن إرادته، أو لمشاكل اجتماعية عانها فترة من الزمن، وعن حياته يمكن القول باختصار إن الحصري القيرواني قضى جل حياته في مدينة القيروان التي ولد فيها وتعلم من شيوخها، فقد قضى فيها ثلاثين سنة، وكان مع ما به من فقدان للبصر حافظًا للقرآن الكريم، واسع المعرفة في اللغة العربية وعلومها وفنونها ولا سيما نظم الشعر البديع، وقد كان وجهًا من وجوه النهضة الأدبية، واستطاع أن ينشر أنوار الحضارة العربية عندما ذهب إلى الأندلس، ومما يقال عنه إنه فقد بصره عندما كان طفلًا، وهذا ما جعل للنزعة التشاؤمية حيزًا كبيرًا في حياته، وكثيرًا ما شبهه أهل عصره بأبي العلاء المعري من ناحية فقدان البصر، ومن ناحية تشابه الأغراض الشعرية، وعندما حل الدمار والخراب بالقيروان سافر الحصري القيرواني إلى الأندلس.[٢]

واستطاع أن يثبت وجوده وشخصيته أمام الحكام والأمراء في الأندلس، وكانوا يتباهون به وبوجوده معهم وفي بلاطهم، وقد صحب المعتمد بن عباد فترة من الزمن في إشبيلية، وصار من شعراء البلاط عنده، وبعدها بدأت تفد إلى القيرواني دعوات من ملوك الطوائف في الأندلس، ولعل هذا التهافت من الأمراء والملوك على الشاعر الحصري القيرواني هو لما اتسم به من سعة العلم، إضافة إلى هجائه اللاذع للملوك والحكام، فكان يهم كل أمير منهم أن يكون في بلاطه شاعر يذود عنه ويهجو خصومه وأعداءه، وهذا التهافت هو ما زاد من الحساد والأعداء والكارهين للشاعر الحصري القيرواني، ومع ذلك تنقل القيرواني بين ملوك الطوائف، حتى نزل في طنجة وفيها لفظ أنفاسه الأخيرة، تاركًا من بعده الكثير من الدواوين الشعرية وذلك لأنه قضى جل حياته ينظم الشعر ويتكسب منه، لا سيما أنه كان مرغوبًا به في بلاط الحكام والأمراء، وقد تعلم على يد شيوخ العربية، وعلّم الكثير من طلاب العلم الذين نشروا علومه غي الأندلس، وقد عانى الحصري القيرواني في حياته الاجتماعية من هجر زوجته لها، ومن فقدان ابنه عبد الغني مما ترك أثرًا كبيرًا ولوعة وحرقة في قلبه وتفكيره رافقته طيلة حياته.[٣]

مسيرة علي الحصري القيرواني الأدبية

ذاعت شهرة الشاعر الحصري القيرواني وانتشرت، ومما وُصف به أنه شاعر من الفحول، وتمكن من أن يلفت انتباه الناس لشعره البديع والمميز، وجعل من شعره أمرًا يشغل تفكير طلاب العلم فتحلقوا حوله، ونهلوا من علمه وأدبه ونشروه في أصقاع الأندلس وممالكها، ولقد نظم شعرًا في مختلف الأغراض الشعرية، فقد كتب شعرًا في الرثاء وفي الغزل وفي النسيب وفي المديح وفي الهجاء، وهذا يدل على موسوعيته الثقافية، ومعارفه الكثيرة، وما ورد عنه أنه عندما نزل بأرض الأندلس صار للأدب وقع آخر، ولنظم الشعر رونق مختلف، وازداد الاهتمام بالشعر ونظمه وسماعه، وأكثر ما اشتهر به القيرواني هو قصيدته التي مطلعها "يا ليل الصب متى غده" إضافة إلى المعشرات التي نظمها، وهي قصائد التزم بأن يكون عدد أبياتها عشرة، وعندما كان في بلاط المعتمد بن عباد ألف له كتابًا وسماه مستحسن الأشعار.[٤]

وعلى ما تمتع به القيرواني من اهتمام به وبشعره، وما وُصف به في كتب التراجم من قدرة عالية على نظم الشعر إلا أن من دواوينه ما يزال مخطوطًا إلى اليوم، مثل ديوان اقتراح القريح واجتراج الجريح، وهو ديوان كتبه على ترتيب حروف المعجم، وفيه رثاء لولد من أولاده، ولما وصفه أهل عصره بأنه يشبه أبا العلاء المعري فذلك كان لأنه كان يلتزم في شعره ما لا يلزم كما كان يفعل المعري، ومما ورد عن شعره في الغزل أنه لم يكن إلا بكاء على بعد المحبوبة، وطلبه لها وتمنّعها وصدها له، إضافة لذكره لصفات المرأة الحسنة ومفاتنها، والحديث عن خيانة المرأة لزوجها، وكل ذلك كان يرتبط بظروف حياته التي عاشها وما مر به من صعوبات ومشاق مثل هجر زوجته له وتركه وحيدًا في الوقت الذي كان يحتاج وجودها بجانبه، ومن ثم فقدانه لابنه هو ما زاد من نزعة التشاؤم في حياته وفي ما كان ينظمه من أشعار، ولعل هذا أيضًا هو ما زاد من التشابه بينه وبين أبي العلاء المعري وهو ما يشتركان به من نزعة تشاؤمية.[٤]

دواوين علي الحصري القيرواني

إن الشاعر الحصري القيرواني نظم الكثير من القصائد، وفي مختلف الأغراض الشعرية، ولم يترك موضوعًا ولا واقعة حصلت معه إلا ونظم فيها شعرًا، ومما ورد أن قصائد الحصري القيرواني جُمعت في دواوين شعرية مختلفة، وهذه الدواوين ليست كثيرة في العدد، بل القصائد الموجودة في داخلها هي الكثيرة ومنها ما نال الشهرة الكبيرة مثل قصيدة يا ليل الصب متى غده والتي حاول الكثير من الشعراء أن ينظموا شعرًا على نمطها لكن لم يتمكنوا على سهولة مفرداتها ووضوحها وهذا يدل على إبداع الحصري القيرواني،[٥] والدواوين الشعرية والمؤلفات التي تركها الحصري القيرواني هي:[٣]

  • اقتراح القريج واجتراح الجريح: في هذا الديوان رتب القصائد عل حروف المعجم وخصصه لرثاء ابنه عبد الغني.
  • المعشرات: هي قصائد اقتصرت على موضوعات الغزل والنسيب والتزم فيها أن تكون كل قصيدة من عشرة أبيات، وبلغ عددها في الديوان 290 بيتًا شعريًا، وذلك لالتزامه فيها بكل حروف الهجاء رويًا.
  • القصيدة الحصرية: هي قصيدة نظمها الحصري القيرواني في 212 بيتًا وكان موضوعها القراءات التي أتقنها مع حفظ القرآن.
  • كتاب مستحسن الأشعار: كتاب ألفه الحصري القيرواني عندما كان شاعرًا في بلاط المعتمد بن عباد، وغالبًا خصصه لأشعار التي مدح فيها المعتمد بن عباد.
  • ديوان ما زال مخطوطًا: ورد في الروايات أن للحصري القيرواني ديوانًا شعريًا ما زال مخطوطًا، وبعض الروايات ذكرت أن جزءًا منه مازال مخطوطًا.

اقتباسات من شعر علي الحصري القيرواني

في الختام -وبعد أن عُرضت أبرز التفاصيل المتعلقة بحياة الشاعر الحصري القيرواني- لا بد من عرض بعض النماذج من شعره البديع الذي شغل الناس، وجعل الملوك والحكام يطلبونه شخصيًا، وينهالون عليه بعطاياهم وهداياهم مقابل أن يكون شاعر بلاطهم، ومما اتسم به أغلب شعره الأوزان الشعرية الخفيفة، والألفاظ المفهومة، ومحاولة مشاركة همومه وأوجاعه وما يعانيه في حياته مع من حوله، ومما يجدر ذكره أن المصادر وكتب التراجم لم تعدد القصائد التي تركها بل ذكرت عناوين الدواوين الشعرية التي تشمل قصائد الحصري، فهذا مفخرة له ودليل على أن قصائده التي تركها أكثر من أن تُعد وتُذكر بعناوينها، ومن بعض الأمثلة على قصائده:

  • يقول علي الحصري القيرواني في قصيدته المشهورة:[٦]

يَا لَيْلَ الصَّبِّ مَتَى غَدُهُ 

أَقِيَامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ

رَقَـدَ السُّمَّـارُ فَأَرَّقَـهُ

أَسَفٌ للبَيْنِ يُرَدِّدُهُ

فَبَكاهُ النَّجْمُ ورَقَّ لـهُ

ممّا يَرْعَاهُ ويَرْصُدُهُ
  • يقول علي الحصري القيرواني في قصيدة له:[٧]

أَما لَكَ يا داءَ المُحِبِّ دَواء

بَلى عِندَ بَعضِ الناسِ مِنكَ شِفاءُ

أَسيرُ العِدا بِالمالِ يَفديهِ أَهلُهُ

وَما لِأَسيرِ الغانِياتِ فِداءُ

أُسودُ الشَرى في الحَربِ تَحمي نُفوسها

بِنَجدَتِها ما لَم تعنَّ ظباءُ
  • يقول علي الحصري القيرواني في قصيدة أخرى له:[٨]

بكت رحمة للصب عين عدوه

فما لحبيب القلب لا يرحم الصبا

بخيل بأن يحيا القتيل بلحظه

وأن يرد الظمآن بارده العذبا

بعيد على أن الديار قريبة

فحتى متى بالبعد يمزج لي القربا

بنفسي حبيبًا خانني فهويته

فزاد قلى فازداد قلبي له حبا
  • يقول علي الحصري القيرواني أيضًا:[٩]

ترى قبلتك الريح عني وبلغت

من السر ما استودعتها حين هبت

تحية مشتاق يعض بنانه

على قدم زلت ولم تتثبت

تركت التي من أجلها جد بي السرى

على أنني أحببتها وأحبت

المراجع

  1. "علي الحصري القيرواني"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-23. بتصرّف.
  2. "علي الحصري القيرواني"، www.mawsouaa.tn، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-23. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "علي الحصري القيرواني"، www.mawsouaa.tn، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-23. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "الحصري القيرواني"، al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-23. بتصرّف.
  5. "علي الحصري القيرواني"، ar.wikiquote.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-23. بتصرّف.
  6. "علي الحصري القيرواني"، adabworld.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-28. بتصرّف.
  7. "محبوكات علي الحصري القيرواني"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-28. بتصرّف.
  8. "محبوكات علي الحصري"، islamport.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-28. بتصرّف.
  9. "محبوكات علي الحصري القيرواني"، islamport.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-28. بتصرّف.
3318 مشاهدة
للأعلى للسفل
×