نبذة عن فلسفة ابن رشد

كتابة:
نبذة عن فلسفة ابن رشد

تعريف الفلسفة

يُقال عن الفلسفة إنَّها أمُّ العلوم، أي أنَّها العلم الذي كان الأساس للعلوم جميعها، ولربما يخطر في بال البعض في العصر الحديث أنَّه لم يعد هناك أهمية للفلسفة فكلُّ علم من العلوم قد استقل بذاته، وأصبحت له نظرياته الخاصة الذي يحلل من خلالها أفكار وظواهر متعددة، ولكنَّ هذا التفكير يعدُّ قاصرًا وخاطئًا وذلك بسبب الجهل بطبيعة الفلسفة، وعدم إدراك حقيقتها، فالفلسفة من شأنها توسيع مدارك العقول، ومن خلالها يتم تمييز ونقد ومقارنة الخطأ والصواب، فلا يستطيع أحد أن يوجه أحد وفق هواه، وعدم إدراك اهمية الفلسفة في المجتمع هو نتيجة لعدم إدراك أهمية علم النفس أولًا والعلوم الإنسانيَّة ثانيًا، ولهذا ضَعُف التطوير في العلوم الإنسانيَّة فنتج عنه استبعاد كامل لعلم لفلسفة، وسيكون هذا المقال نبذة عن فلسفة ابن رشد. [١]

ابن رشد الأندلسي

أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد، ولد عام 520 هجريّة، كان مشهورًا باسم ابن رشد الحفيد، وكان طبيبًا وفيلسوفًا وقاضيًا وفلكيًا وفيزيائيًا عربيًا مسلمًا من الأندلس، كانت نشأته في أسرة أندلسيَّة ذات وجاهة، وكان ابن رشد حافظًا لموطأ الإمام مالك ولديوان المتنبي، ودرس ابن رشد الفقه وفق مذهب الإمام مالك، ودرس العقيدة على مذهب الأشعريّ، ويعدُّ من أهم الفلاسفة المسلمين، وقد كان من المدافعين عن الفلسفة، وصحح لمن جاء قبله من الفلاسفة والعلماء مثل الفارابي وابن سينا وكان ذلك التصحيح في فهمٍ لنظريات أرسطو وأفلاطون، عينه خليفة الموحدين أبو يعقوب طبيبًا في قرطبة ومن ثم قاضيًا فيها، وقد أصبح ابن رشد قاضيًا في اشبيلية أيضًا، وفسّرَ آثار أرسطو، وذلك بطلبٍ من الخليفة أبي يعقوب يوسف. [٢]


اتُّهم ابن رشد في آخر حياته بالكفر والإلحاد من قبل علماء الأندلس، وكاد له الكائدون عند الأمير أبي يوسف يعقوب فأمر بنفيه وحرق كتبه، وأصدر قرارًا يمنع فيه المسلمين من تداول كتب الفلسفة أو قراءتها، وبعد أن تأكّد الخليفة من بطلان ما كان موجهًا لابن رشد من تُهم، استدعاه إلى مراكش، وقام بتكريمه كواحد من أهم رجال الدولة، ودرس الخليفة فلسفة ابن رشد واهتم بها، ولكنَّه ما لبث أن مرض مرضًا شديًدا وتوفي بعدها بسنة واحدة في عام 595 هجرية في مراكش، ودُفن فيها، ثم نقلوا رفاته بعدها إلى قرطبة حيث ولد. [٢]

نبذة عن فلسفة ابن رشد

إنَّ فلسفة ابن رشد وموقفه من أمر العلاقة بين الحكمة والشريعة أي بين الفلسفة والدين هو موقف مهم جدًا ومُتفرِّد، وكان ذلك في كتابه "فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال"، وقد ميَّز ابن رشد في هذا الكتاب بين المنطق والفلسفة ولكن جعلهما على ارتباط، ويعتمد ابن رشد على بعض الأدلة في تعريفه للفلسفة والمنطق، ويقول أنَّ الشرع دعا إلى اعتبار الموجودات والنظر فيها نظرًا عقليًا، وهناك آيات كثيرًا في ذلك من القرآن الكريم كقوله تعالى: {اعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[٣]، وفي قوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[٤]، وهذا الأدلة وغيرها شدد فيها ابن رشد على كلمات الاعتبار والتفكر والنظر والرؤية كونها أدلة من الدِّين على وجوب النظر بأسلوب عقلي في كلِّ ما هو موجود حول الإنسان، ويقول أنَّ الاعتبار هو استنتاج المعلوم من المجهول والوصول إلى نتيجة وهكذا برر ضرورة دراسة المنطق. [٥]

وقد أبطلت فلسفة ابن رشد الاتهامات التي وُجِّهت في حقِّه بأنَّه أنكرَ وجود الله، فقد استدل على وجود الخالق بموجوداته وخلقه، وقد أكدَّ ابن رشد على أنَّ القياس موجود في الفقه ولم يُقَلْ عنه أنّه بدعة، فبذلك يكون القياس العقلي له الحكم ذاته، وميَّز بين الأقيسة كالقياس البرهاني والقياس الجدلي، وتتخلص فلسفة ابن رشد أنَّ الشريعة الإسلامية حقّ وأنَّ البراهين العقلية حقٌّ أيضًا والحقّ لا يُناقِض الحقّ فلا تضاد بين الفلسفة والشرع، والمرجع الأساسيّ له هو العقل. [٥]

وقد كان تأثير ابن رشد كبيرًا على الغرب، حيث اهتم الفلاسفة الغربيين بشروحاته لفلاسفة كبار مثل أفلاطون وأرسطو، وكان فلاسفة الغرب حينها يبحثون عن الفكر العقلاني ليقفوا في وجه الفكر اللاهوتي المسيحي المسيطر على كامل الحياة اجتماعيًا وسياسيًا في أوروبا في العصور الوسطى، وقد حارب رجال الكنيسة والدين المسيحي الفلسفة المنطق ودعوا الناس إلى محاربتهم في ذلك الوقت، وفي الجهة المقابلة كان العرب قد كفّروا ابن رشد وأحرقوا كتبه، واستنكروا كلَّ أفكاره كالأخذ من ثقافات الحضارات الأخرى كالإغريق، ومال الفلاسفة الغرب إلى آرائه الفلسفية التي لم يتخلى عنها رغم معاداة رجال الدين المسلمين والمسيحين واليهود. [٥]

المراجع

  1. "شرحُ الفلسفة لغير الفلاسفة ولمحةٌ موجزةٌ عن كلِّ شيء"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب " ابن رشد"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  3. سورة الحشر، آية: 2.
  4. سورة الغاشية، آية: 17.
  5. ^ أ ب ت "ابن رشد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
7507 مشاهدة
للأعلى للسفل
×