محتويات
الأديب الرافعي
هو الأديب الرافعي، مصطفى صادق بن عبد الرزاق الرافعي، تعود أصولُه إلى طرابلس الشام، ولكنّ جدّه الشيخ عبد القادر هاجر إلى مصر وكان شيخًا جليلًا ورجلًا من رجالات العلم الشرعي، تخرّج ودرس على يدِه كبارُ علماء مصر آنذاك، والرافعي الأديب ولد في محافظة القليوبيّة في قرية بهتيم عام 1880م/1298هـ، ومات سنة 1937م/1356هـ ودفن في طنطا في مقبرة أسرته،[١] حفظَ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز العشر سنوات، وكان لوالده الشيخ عبد الرزاق مكتبة ضخمة من أهم المكتبات حينها جعلها الرافعي مدرسته الخاصّة بعد توقّفه عن الدراسة بسبب مرض الصمم الذي لحق به، ولم يستطع أن ينال أكثر من الشهادة الابتدائيّة وكان عمره إذ ذاك 17 عامًا، وقد بدأ الرافعي حياته الأدبيّة شاعرًا، فكتب ديوانًا حاز كثيرًا من الثناء من شعراء كبار مثل حافظ إبراهيم، ولكنّه اتّجه للنّثر ليقدّم للمكتبة العربيّة نتاجًا ضخمًا ومهمًّا، وترك مؤلفاتٍ كثيرة منها: وحي القلم وتحت راية القرآن وأوراق الورد والمساكين وكتاب السحاب الأحمر وغيرها.[٢]
تعريف حول كتاب السحاب الأحمر
لقد أراد الرافعي أن يكون كتاب السحاب الأحمر ذيلًا لكتاب رسائل الأحزان، هكذا أراده هو، ولكنّه في الحقيقة كتابًا منفصلًا عن الرسائل، فلم يكن السحاب الجزء الثاني، ولكن كان كتابًا آخر وحده، والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات تتناول مواضيع مختلفة؛ فبعضها تأمّلات في الحب، وأخرى خواطر في النساء، وبعضها أقرب إلى القصص، وفي بعضها الآخر وصفٌ مدحيٌّ لشخصيّاتٍ كبيرة في عصر الرافعي وبعضها حوارات فكريّة، فهو بذلك -من حيث طريقة عرض الكتاب- يشبه كتاب المساكين الذي جعله الرافعي في مجموعة من المقالات كذلك، وممّا يدلّ على الصلة الوثيقة بين كتاب المساكين وكتاب السحاب الأحمر أنّ الرافعي قد نقل فصلًا من كتاب المساكين وجعله في كتاب السحاب الأحمر كما هو، واسم الفصل في السحاب: "الشيخ علي"، واسمه في المساكين: "الجمال والحب"، والظاهر أنّ هذا الكتاب قد أعجب الرافعي كثيرًا حتى زعم أنّه كتبه في نحوٍ من شهرين، ولكنّ الحقيقة أنّ الكتاب قد استغرق عامًا إلّا قليلًا لإنجازه، ثُمّ إنّ الكتاب لم يضعه كلّه معًا، وإنّما قد ضمّنه فصولًا كان قد نشرها مسبقًا في بعض المجلّات كمجلة المقتطف، والصحيح أنّ الذي كتبه الرافعي من هذا الكتاب هو الفصول التالية: الفصل الذي يتحدّث على الشيخ محمد عبده، والفصل الذي يتحدّث على الشيخ أحمد الرافعي وهو ابن عمه، والفصل الذي يتحدّث على مفهوم الحبّ على لسان امرأة بغي فرنسيّة، واسم هذا الفصل الربيطة، وأخيرًا المقدّمة، بالإضافة إلى فصل كان قد كتبه وأنهاه في شهر شباط سنة 1924م، أمّا ما دونه فقد كان الرافعي قد كتبه قبلًا، ولم يصدر الكتاب إلّا في عام 1925م؛ وذلك لأنّ الرافعي لم يُتمّ آخر فصول الكتاب -وهو الفصل الخاص بمحمد عبده- إلّا في تشرين الثاني من عام 1924م.[٣]
ومن شدّة إعجاب الأديب الرافعي بكتابه هذا فإنّه يُخبر صديقه أبا ريّة في الرسائل المتبادلة بينهما أنّ الشيخ محمد عبده نفسه لا يستطيع أن يكتب كتابًا كهذا الكتاب، بل أكثر من ذلك فإنّه يرى أنّ كتاب السحاب الأحمر ورسائل الأحزان لا يساويهما كتاب قد كُتِبَ باللغة العربيّة، وممّا يمكن أن يُذكر عن الكتاب ختامًا أنّه يحوي على مقاطع شعريّة تتراوح بين الجمال والروعة، وفيه حوارات فلسفيّة يراها بعض النقّاد والباحثين أقرب إلى التعقيد والفلسفة، وربّما هذا السبب الذي دفع أدباء معاصرين للرافعي مثل طه حسين وسلامة موسى أن ينوشوا هذا الكتاب بسهام النقد والتجريح، ما دفع الرافعي ليرد عليهم ويحرّض بعض تلاميذه للردّ عليهم مثل أبي ريّة، وأخيرًا من مندوحة القول إنّ الرافعي زَعَمَ أنّ التي أوحت إليه بكتاب رسائل الأحزان قد غضبت منه حينما كتبَ كتاب السحاب الأحمر، وربّما يكون سبب ذلك -إن صحّ زعم الرّافعي- أنّه وصفها في كتابه بالمعقّدة، وما أشبَهَ ذلك من الأوصاف التي قد تغضب منها المرأة، أو ربّما لأنّه استوحى هذا الكتاب من أرواح كثيرة غير روحها، منها روح صاحبة حديث القمر.[٤]
محتوى كتاب السحاب الأحمر
لقد أراد الرافعي أن يجعل من كتاب السحاب الأحمر واسطة العقد بين رسائل الأحزان وأوراق الورد، أراد أن يبلغ معه منتهى حكاية القلب العاشق الذي قد جفاه الحبيب، فيجعل فصوله سلسلة تقود هذا القلب من حال إلى حال؛ فيصوّر حال القلب في الوصل والبعد والقطيعة، ليؤكّد الرافعي أنّه ما من خصومة أشدّ من خصومة محبّين تباغضا؛ ذلك أنّ حلاوة ذكرى أيّام الوصل تمحوها مرارة الألم والفِراق والهجر والقطيعة، ويحكي فيه الرافعي أيضًا كيف يكون لؤم المرأة، وطيش القلب، وفلسفة البغض وغير ذلك[٥]، والكتاب يقع في تسعة فصول هي بالترتيب:[٦]
- القمر الطالع: يحكي عن الفتاة التي تعرّف عليها الرافعي في ربوة لبنان وكتب لها حديث القمر.
- النجمة الهاوية: يتناول فيها الرافعي طائفة من النساء في طائفة من الخواطر، وفيه يتناول الرافعي معاني الهجر والقطيعة والبغض.
- السجين: فيه وصف لسجين أخذته عربة السجن إلى الموت أمام زوجته وأولاده، وفيه يصف الرافعي ساعة الفراق.
- الربيطة: وفي هذا الفصل يتناول الرافعي بالحديث الحوار الذي دار بينه وبين رجل مصري كان في فرنسا، وعاد ومعه صاحبة فرنسيّة، ثمّ في القسم الآخر من الفصل يتناول الرافعي الحوار الذي دار بينه وبين تلك المرأة الفرنسية، وفي القسم الأول يضمّن الرافعي جزءًا من حملته على المستغربين من المسلمين، وفي القسم الثاني يحارب الرافعي حرية المرأة التي أرادها الغرب للمراة المسلمة.
- المنافق: وهذا العنوان واضح من اسمه أنّه يتحدّث على النفاق والمنافقين.
- الصغيران: ويحكي هذا الفصل قصة أمّ أضاعت طفليها ثمّ وجدتهما، وفي القصة موازنة بين العاطفة والحب.
- الشيخ علي: وهو حوار مع الشيخ علي بطل كتاب المساكين.
- الشيخ أحمد: وهو أقرب إلى التأبين، والشيخ أحمد هو ابن عم الرافعي كما مرّ آنفًا.
- محمد عبده: وهو فصل فيه مدح للشيخ محمد عبده من حيث أخلاقه وعلمه وغير ذلك ممّا يُمدح به العلماء عادة.
اقتباسات من كتاب السحاب الأحمر
بعد التعريف بالأديب مصطفى صادق بن عبد الرزاق الرافعي، وبعد الحديث حول كتاب السحاب الأحمر الذي جعله صاحبه للحديث على الحب والهجر والقطيعة والفراق، وكتببَ فيه عن فلسفة الحب والبغض، فإنّ هذا المقال يقف ختامًا مع اقتباسات من كتاب السحاب الأحمر ممّا جاد به قلم الأديب الرافعي، ومنها:
- "ألَا إنّ كلّ بابٍ يُفْتََح ويُغلق بمفتاح واحدٍ هو يُغلقه وهو يفتحه، إلّا باب القلب الإنساني؛ فقد جعل الله له مفتاحين: أحدهما يُغلقه، ثم لا يغلقه سواه، وهو مفتاح اللّذّات؛ والآخر يفتحه، ثم لا يفتحه غيره، وهو الألم".[٧]
- "لا يصحّ الحبّ بين اثنين إلّا إذا أمكن لأحدهما أن يقول للآخر: يا أنا.. ومن هذه الناحية كان البغضُ بين الحبيبين -حين يقع- أعنف ما في الخصومة؛ إذ هو تقاتُلُ روحَينِ على تحليلِ أجزائهما الممتزجة.. وأكبرُ خصيمين في عالم النفس: متحابان تباغضا".[٧]
- "يا عجبًا لضمير المرأة.. يظلُّ في ليلٍ دامسٍ من ذنوبِها، ثُمّ تلمعُ له دمعةً طاهرةً في عينيها؛ فتكونُ كنجمةٍ في القطب يعرف بها كيف يتّجه وكيف كان ظلاله.. وكأنّ الله ما سلّطَ الدّموعَ على النّساء إلّا لتكونَ هذهِ الدّموعُ ذريعةً من ذرائعِ الإنسانيّة تحفَظُ الرِّقَّةَ في مِثال الرقة، كما جعلَ البِحارَ في الأرضِ وسيلةً من وسائلِ الحياةِ عليها؛ تحفظ الروح والنشاط لها".[٨]
- "فترى العمرَ يتسلّلُ يومًا فيومًا ولا نشعر به، ولكن متى فارقَنا من نحبّهم نبّه القلبُ فينا بغتةً معنى الزّمن الراحل.. فكان من الفِراق على نفوسنا انفجارٌ كتَطَايُرِ عِدّةِ سنينَ من الحياة".[٨]
المراجع
- ↑ "مصطفى صادق الرافعي"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ "مصطفى صادق الرافعي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ أ. د. مصطفى الجوزو (1985)، [مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلة على السوريالية] (الطبعة 1)، بيروت:دار الأندلس، صفحة 74. بتصرّف.
- ↑ أ. د. مصطفى الجوزو (1985)، [مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلة على السوريالية] (الطبعة 1)، بيروت:دار الأندلس، صفحة 75. بتصرّف.
- ↑ "السحاب الأحمر"، www.hindawi.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
- ↑ أ. د. مصطفى الجوزو (1985)، [ مصطفى صادق الرافعي رائد الرمزية العربية المطلة على السوريالية] (الطبعة 1)، بيروت:دار الأندلس، صفحة 76. بتصرّف.
- ^ أ ب "اقتباسات السحاب الأحمر"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11.
- ^ أ ب "السحاب الأحمر"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11.