نبذة عن كتاب في سبيل التاج

كتابة:
نبذة عن كتاب في سبيل التاج

مصطفى لطفي المنفلوطي

مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن حسن لطفي تولد عام 1876م لأبٍ مصريٍّ وأمٍّ تركيَّة، يعود نسبه إلى أسرة حسينيَّة عريقة ذات جذور عميقةٍ في العلم والأدب، ويعود الفضل في تعليم المنفلوطي إلى والده مع شغف المنفلوطي بذلك الطَّريق الذي اختاره له أباه، فقد أرسله إلى كُتَّاب القرية ليتعلَّم فيها فحفظ القرآن وهو في التَّاسعة من عمره، ثمَّ أرسله أبوه إلى جامعة الأزهر ليكتنز منها من العلوم، فكان شديد الشَّغف في متابعة حلقات العلم ولزم حلقة الأستاذ محمد عبده إمام العلم في ذلك الوقت، على أنَّ نفس المنفلوطي لم تكن ميَّالةً إلى حلقات العلم فقط بل كان للكتب نصيبٌ من ذلك، وهو الذي عكف على قراءة كتب ابن خلدون وابن المقفع وابن الأثير الجوزي وقرأ أشعار البحتري وأبي تمام وغيرهم، فأنتجت تلك الكتب بالإضافة إلى ملكته اللغوية رجلًا لا يُشق له غبارٌ في العلم والأدب، وسيقف المقال للحديث عن أحد كتبه وهو في سبيل التاج.[١]

تعريف حول كتاب في سبيل التاج

إنَّ المنفلوطي في أسلوبه في كتابة في سبيل التَّاج أو غيره من الكتب قد امتاز على أقرانه من الأدباء بأنَّه لم يعمد إلى تقليد القدماء ولم يحذوا حذوهم، وقد كانت عبارته سهلةً ليِّنةً يبتعد فيها عن تعمُّد السجع أو الإتيان بالغريب من الكلمات إلا ما جاء منه في سبيل بعث الكلمة القديمة وإحيائها، على أنَّ أسلوبه اتَّسم بالترسُّل ولكنَّه ذلك الترسل الأدنى وهو بذلك يجعل من عدم اقتدائه بأيٍّ من الكتَّاب القدماء مفخرةً له فيقول: "فلقد كنت أقرأ من منثور القول ومنظومه ما شاء الله أن أقرأ، ثم لا ألبث أن أنساه، فلا يبقى منه في ذاكرتي إلا جمال آثاره وروعة حسنه ورنة الطرب به، وما أذكر أني نظرت في شيء من ذلك لأحشو به حافظتي، أو أستعين به على تهذيب بياني."[٢] وكتاب في سبيل التاج بالتحديد هو ليس من تأليف مصطفى لطفي المنفلوطي وإنما كان مترجمًا لذلك العمل، فأخرجه من بين يديه بقالبٍ روائيٍّ جميلٍ ويُعدُّ واحدًا من المآسي التمثيلية التي تسترعي القلوب والألباب، على أنَّ المنفلوطي استطاع أن يُبرز روح المؤلف في العمل فلم يهمشه أبدًا بل جعله حاضرًا فيه مع إضافة لمساته البيانية في صيغٍ جماليَّةٍ عميقة، اتَّسمت أفكار الكتاب بسهولة العبارة وسلاستها وتماسكها وجزالتها في ذات الوقت، فكانت وقائع القصة واضحةً جليَّةً لا تحتاج إلى إعمالٍ عظيمٍ للفكر، وأمَّا أشخاص الرواية فكانت تكشف عنهم أقوالهم وتصرفاتهم بشكلٍ واضحٍ جليّ، وبذلك يكون المنفلوطي قد استطاع تقديم نوع من أنواع الأدب الجميل رفيع المستوى في كتاب اسمه في سبيل التاج.[٣]

تلخيص كتاب في سبيل التاج

إنَّ كتاب في سبيل التَّاج قد خرج من بين يدَيْ مصطفى لطفي المنفلوطي على شكلٍ روايةٍ بعد أن كانت في أصلها مسرحيَّةً شعريَّةً للأديب فرانسوا كوبيه عام 1895م،[٤] أمَّا فيما يختصُّ بأحداث الرواية فإنَّها تدور في البلقان في القرن الرابع عشر عند تعرّضهم للحكم العثماني وكعادة الشعوب التي تتعرض لحكمٍ خارجيٍّ فإنَّ الشعب يقوم بالثورات وتحاول الحكومة أن تُخمدها فكانت تلك الشرارة الأولى في الرواية،[٥] وتبدأ أحداث الرواية من ظهورِ شابٍ محبٍّ لوطنه متفانٍ لأجله يُدعى قسنطين يُحب عائلته ووطنه بشكلٍ كبيرٍ، ولكنَّه يُضحّي بعائلته من أجل وطنه وبخطَّةٍ محكمةٍ من زوجة أبيه توقعه في المكيدة ليظهر بمظهر الخائن للشعب ويُقدَّم للمحكمة على أنَّه خائنٌ للوطن، فتحكم عليه المحكمة بالحياة شريطةَ أن يبصق عليه ويشتمه كل من يمر بجانبه، فيحزن الشاب كثيرًا على ذلك القدر المحتوم له، وتغرورق عيناه بالدموع والجماهير تموج ثائرةً تُريد قتله فتهبُّ حبيبته ميلتزا لحمايته في جسدها، ولكن في لحظةٍ من اللحظات تُدرك أنَّ ذلك الشعب أعمى ولن يفقه الحقيقة فتُخرج خنجرًا لتطعنه فيه ومن ثم تطعن نفسها، وتبقى الحقيقة طيَّ الكتمان إلى حين احتضار زوجة أبيه وبلوغها مبلغ الموت فتعترف بالحقيقة ويشيع الخبر بين النَّاس، فيكتشفوا أنَّهم كانوا ضحية مكر زوجة أبيه الخائنة، وستقف الفقرة القادمة مع اقتباساتٍ من كتاب في سبيل التاج.[٦]

اقتباسات من كتاب في سبيل التاج

إنَّ رواية عظيمة مثل رواية في سبيل التَّاج لا بدَّ أن تحمل العبرات في عباراتها، ولا بدَّ للقارئ من وقفات عظيمةٍ مع ذلك الكتاب؛ لذلك كان لا بدَّ من سياق بعض الاقتباسات منه، وفيما يأتي سيكون ذلك:[٧]

  • "هنا ذرفت عينا ذلك الرجل العظيم الذي لم يبكِ في يوم من أيام حياتِه لضربة سيف، أو طعنة رمح، أو رشقة سهم، وعلا صوت نحيبه ونشيجه كما يفعل النساء الضعيفات في مواقف حزنهن وثُكلهن، وما كان مثله أن يبكي أو يذرف دمعة واحدة من دموعه لو أن الذي كُتب له في صحيفة الغيب من الشقاء، كان الوقوف بين السيف والنطع ولكنه الشرف، شديدٌ جدًّا على صاحبه أن تنزل به نازلةُ مذلةٍ، أو أن يتصل به ظفر جارح من أظفار الهوان، فإذا شعر بشيء من ذلك هاله وراعه، وخارت عزيمته ووهنت قوّته، فبكى بكاء الضعفاء، وأعول إعوال النساء."
  • "إننا الآن في حرب مع عدوّ قاهر جبار ننقم منه جوره وظلمه واستضعافه إيانا واستطالته علينا بقوته وكثرته، فجدير بنا ألا نفعل ما ننقمه منه ونأخذه به، عسى أن يرحمنا الله وينظر إلينا بعين عدله وإحسانه وينتصفَ لضعفنا من قوّته، وقلتنا من كثرته."
  • "إننا ما أُصبنا بما أصبنا به من هذه النكبة الشعواء والداهية الدهياء التي نزلت بنا إلا من ناحية كبريائنا وخيلائنا واعتدادنا بأنفسنا في جميع شؤوننا وأعمالنا، واحتقار غنينا لفقيرنا، وقوينا لضعيفنا، وسيدنا لمسودنا، فسلط الله علينا ذلك العدوّ القاهر الذي لا يعتمد في جميع شؤونه ومواقعه إلا على قوته وأيدِه، لأننا لم نعتد في يوم من أيام حياتنا في جميعِ صلاتنا وعلائقنا إلا على قوتنا وأيدينا، والجزاء من جنس العمل، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون."
  • "ضحي أباه في سبيل إنقاذ وطنه، ثم ضحي نفسه في سبيل إنقاذ شرف أبيه."
  • "إن الرجل لا يخاف إلا ذنبه."

المراجع

  1. "مصطفى لطفي المنفلوطي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
  2. عمر الدسوقي (2007)، نشأة النثر الحديث وتطوره (الطبعة 1)، مصر:الفكر العربي، صفحة 228، جزء 1. بتصرّف.
  3. "في سبيل التاج"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
  4. "في سبيل التاج"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
  5. "في سبيل التاج"، www.hindawi.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
  6. "في سبيل التاج"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
  7. "في سبيل التاج"، www.goodreads.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
6493 مشاهدة
للأعلى للسفل
×