نبذة عن كشاجم

كتابة:
نبذة عن كشاجم

كشاجم

كشاجم هو اسم لقّب نفسه به شاعر عبّاسيّ، وهنالك اختلاف بين المحقّقين في اسمه، فذهب بعضهم إلى أنّ اسمه محمد بن محمود بن الحسين بن السندي بن شاهاك الرملي،[١] وقيل اسمه محمود بن الحسين،[٢] ويرجّح محقّق ديوان الشاعر هذا الاسم لأسباب طويلة يسردها في مقدّمة الديوان،[٣] وذكر ابن شاكر الكتبي أنّه قد سُئل الشاعر عن سبب اختيار هذا الاسم فأجاب إنّها الحروف الأولى من العلوم والأمور التي يُتقنها، فالكاف هو الحرف الأوّل من "كاتب"، والشين الحرف الأوّل من "شاعر"، والألف الحرف الأوّل من "أديب"، والجيم الحرف الأوّل من "جَوَاد"، والميم الحرف الأوّل من "مُنجّم"، وكان من شعراء أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان والد سيف الدولة الحمداني،[٤] ثمّ بعده صار من شعراء بلاط ابنه سيف الدولة الحمداني، وهو من أصول فارسيّة إلّا أنّه قد نشأ في الرملة في فلسطين، ثمّ انتقل إلى الموصل وتنقّل بينها وبين حلب وبغداد ودمشق ومصر والقدس، وسيقف المقال مع نبذة عن الشاعر كشاجم.[٢]

حياة كشاجم

لقد نشأ الشاعر كشاجم في الرملة بفلسطين، وعاش في عصر تشهد فيه الخلافة العبّاسيّة انهيارًا على غير ما صعيد من أصعدتها السياسيّة والحربيّة وغيرها، وقد قُسّمت دولة الخلافة آنذاك إلى دويلات وولايات؛ فقد أغرى ضعف الخلفاء -وكونهم ألعوبة بيد غيرهم- الطامعين والطامحين بأن يكون لهم سلطة ونفوذ أن يثوروا على الخليفة العبّاسي حتى يعطيهم ولاية أو يعترف لهم بدويلة صغيرة، في ظلّ كلّ ذلك عاش الشاعر كشاجم الذي ما لبث أن انتقل إلى الموصل وصار بمعيّة أبي الهيجاء والد سيف الدولة الحمداني، ثمّ عندما ولي ابنه -سيف الدولة- الحكم وصارت حلب مقصد الشعراء والأدباء انتقل كشاجم إلى حلب وصار يعمل طبّاخًا في قصر سيف الدولة،[٣] ولم تذكر كتب التاريخ أو التراجم شيئًا ذا بال عن حياة كشاجم، بل ربّما مرّ المؤلّف على ترجمته باقتضاب دون أن يذكر تاريخ ميلاده أو طفولته أو نشأته أو أيّ أمر يتّصل بحياته، فهو -فقط- ذكر لمحات موجزة عنه وتعدّاه إلى رجل آخر.[٥]


فممّا يذكر عنه أنّه يعود لأصول غير عربيّة وكان جدّه من خاصة المنصور، ثمّ ولي الجسرين في عهد هارون الرشيد، ثمّ صار من خاصة المأمون إلى أن قتل،[٦] وقد تنقّل كشاجم بين مدن الشام كحلب ودمشق والقدس، وكذلك زار بغداد ومصر، وقد تعلّق قلبه بمصر كثيرًا وكتب في ذلك أشعارًا جميلة، وقال بعض الباحثين إنّه كان متشيّعًا لآل البيت، وقال فيهم أشعارًا كثيرة ولا سيّما الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- الذي استُشهِدَ يوم كربلاء.[٢]


مسيرة كشاجم الأدبية

لا تذكر المصادر التاريخيّة عن الشاعر كشاجم أكثر من ومضات ضعيفة بعيدة عن حياة الشاعر محمود بن الحسين المعروف بكشاجم، فتذكر نسبه وعمل جدّه أيّام المنصور والرشيد وابنه المأمون، ثمّ يذكرون فجأة أنّه انتقل للموصل وصار من شعراء أبي الهيجاء والد سيف الدولة الحمداني، ثمّ انتقل بعدها إلى حلب إبّان حكم سيف الدولة وصار طبّاخًا له، وهناك في بلاطه التقى شعراء من أمثال المتنبي والخالديَّين وغيرهما، ثمّ يتنقّل بين مدن دولة الخلافة العباسيّة فيقيم في مصر ويعمل في ديوانها ويرتحل إلى القدس وحلب وبغداد وغيرها،[٣] وذكروا كذلك أنّه مات سنة 360هـ على الأرجح، وهو ما رجّحه خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام.[٧]


مؤلفات كشاجم

لقد ترك الشاعر كشاجم مؤلفات كثيرة تركها وراءه في كلّ فن؛ فكتب في الطبيخ والصيد والأدب وغير ذلك،وفيما يأتي تقف الفقرتان التاليتان مع كتابين للشاعر كشاجم أبي الفتح محمود بن الحسين، وهما أدب النديم والمصايد والمطارد:[٨]


كتاب أدب النديم

لقد أوقف الشاعر والأديب كشاجم كتابه هذا على ذكر السلوك العام، فقد روت كتب الأدب شيئًا من هذا القبيل متفرّقًا في كتب الأدب ككتب الجاحظ مثل البيان والتبيين، ومثل كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة، وغير هذه الكتب الكثير، ولكن الجديد الذي جاء به أبو الفتح كشاجم هو أنّه جمع هذه الآداب بين دفّتي كتاب، وكلّ واحد منها تحت عنوان مستقل، وهذا خلاف ما كان معروفًا في الكتب التي تتناول هذه الموضوعات؛ إذ تكون عادة متفرّقة في أثناء الكتاب متناثرة هنا وهناك، فيجد القارئ في الكتاب أبوابًا من مثل: باب أخلاق النديم وصفاته، وباب التداعي للمنادمة، وباب السماع، وباب المحادثة، وباب غسل اليد وغير ذلك.[٩]

كتاب المصايد والمطارد

وهذا الكتاب جعله أبو الفتح محمود بن الحسين الملقّب كشاجم في الصيد وطرد الفريسة وذكر كثيرًا ممّا ورد في ذلك من الأشعار والأخبار، فيذكر في بدايته ثلاث قصائد في الصيد وتهاديه والمداعبة فيه، ثمّ يذكر ما أحلّه الله -تعالى- من صيد البر والبحر، ويذكر كذلك ما كان العرب يأكلون من الحيوان وما يعافون منه، وفيه ذكر لبعض أحكام الصيد في الحل والحرم، ويذكر كذلك أسلحة الحيوانات في الدفاع عن نفسها ممّا اختاره من كتب العلماء والأدباء ككتاب الحيوان للجاحظ، ويصف أيضًا بعض الحيوانات والطيور وغير ذلك.[١٠]


اقتباسات من شعر كشاجم

ولعلّ من مندوحة القول إنّ أهمّ ما تركه أبو الفتح كشاجم هو ديوانه الشعريّ، وقد ترك وراءه شعرًا جيّدًا على غير ما صعيد، ومن ذلك شعره الذي يبكي فيه أهل البيت ويمدحهمـ وفيما يأتي بيان ذلك:[١١]

  • يقول كشاجم في قصيدته بكاء وقل غناء البكاء:

بُكاءٌ وَقَلَّ غَناءُ البُكاءِ

على رُزْءِ ذُرِّيَّةِ الأْنبياءِ

لَئِنْ ذَلَّ فيه عزيزُ الدُّمُوعِ

لَقَدْ عَزَّ فيهِ ذَليلُ العَزاءِ

اَعاذِلَتي إنَّ بُرْدَ الشِّفاءِ

كَسانِيهِ حُبَّي لأهلِ الكِساءِ

سَفينَةُ نُوحٍ فَمَنْ يَعْتَلِقْ

بِحُبِّهمُ يَعتَلِقْ بالنَّجَاءِ

لَعَمْرِي لقدْ ضلَّ رأيُ الهوى

بأفئِدةٍ مَنْ هداها هَوائي


  • ويقول في قصيدة أخرى واصفًا الخمر:[١٢]

رقَّ ثَوْبُ الدُّجى وطاب الهواءُ

وَتَدلَّتْ للمَغْرِبِ الجَوْزاءُ

والصَّباح المنيرُ قد نُشِرَتْ مِنْــه

على الأرضِ رَيْطة ٌ بيضاءْ

فَاسْقِنيها حتَّى ترى الشمسَ في

الْغرب عليها غِلالَةٌ صَفْراءُ

قهوة بابلية كدَمِ الشَّادِنِ

بِكْرًا لكِنَّها شَمْطاءُ

المراجع

  1. "كشاجم"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "كشاجم"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت محمود بن الحسين، ديوان كشاجم - مقدمة المحقق (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الخانجي، صفحة 6. بتصرّف.
  4. ابن شاكر الكتبي، فوات الوَفَيَات (الطبعة 1)، بيروت:دار صادر، صفحة 99، جزء 4. بتصرّف.
  5. عبد الجواد الطيب، [http:// "كشاجم"]، الرسالة، العدد 894، المجلد 18، صفحة 26. بتصرّف.
  6. محمود بن الحسين (1997)، ديوان كشاجم - مقدمة المحقق (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الخانجي، صفحة 8. بتصرّف.
  7. "الأعلام للزركلي"، islamport.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-21. بتصرّف.
  8. "كشاجم"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-21. بتصرّف.
  9. أبو الفتح محمود كشاجم، أدب النديم (الطبعة 1)، القاهرة: مكتبة الخانجي، صفحة 42. بتصرّف.
  10. أبو الفتح محمود كشاجم، المصايد والمطارد (الطبعة 1)، بغداد: اليقظة، صفحة 20. بتصرّف.
  11. محمود بن الحسين (1997)، ديوان كشاجم (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الخانجي، صفحة 3. بتصرّف.
  12. محمود بن الحسين (1997)، ديوان كشاجم (الطبعة 1)، القاهرة:مكتبة الخانجي، صفحة 8. بتصرّف.
3569 مشاهدة
للأعلى للسفل
×