نبذة عن محمد بن عبد الكريم الخطابي

كتابة:
نبذة عن محمد بن عبد الكريم الخطابي

محمد بن عبد الكريم الخطابي

الجهاد في سبيل الله من أعظم القربات عند الله-تعالى-ومن أفضل الطّاعات، فالله-عزّ وجلّ- اشترى أغلى ما يملكه الإنسان وهو النّفس؛ لأنّ سلعة الله غالية، وسلعة الله هي الجنة، لجَعل رايات الإسلام خفاقة حتى تعلو وتنتصر، وقد كان المجاهد المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي ووالده ممن حملوا على عاتقهم محاربة الاستعمار الغربي وطردهم من بلادهم بعد أن عملوا على تفكيكهم إلى دويلات؛ ليسهل السّيطرة عليهم فعمل الشّيخ المجاهد عبد الكريم وابنه محمّد على تجميع القبائل المتناحرة على راية واحدةٍ إسلامية خفاقة، حيث كان والده عبد الكريم الخطابي شيخ، وقائد قبيلة من قبائل الأمازيغ البربر في بلدة أجدير في الرّيف المغرب،[١] حتى أصبح الرّيف المغربي أسطورة لصنع الأبطال التّاريخيّ الحافل بالبطولات والتّضحيات والقائم على الحريّة والعدل.

مولد ونشأة محمد بن عبد الكريم الخطابي

وُلد محمد بن عبد الكريم الخطابي في بلدة أجدير بالريف في المغرب سنة 1883، سمّاه والده بمحمّدٍ على اسم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ليناله من بركاته فرباه تربيةً صالحةً منذ طفولته، فتتلّمذ على يديه وحفظ القرآن الكريم وعلّمه اللّغة العربيّة، ثمّ بعثه إلى جامعة القرويين في مدينة فاس ليتعلّم الفقه الإسلامي والحديث النّبوي، حتى أصبح في خلال فترة قصيرة قاضي القضاة في مدينة "مليلية" المغربية،[١] ولم يكن يتجاوز الثّالثة والثّلاثين من عمره،[٢] وفي هذا دليلٌ على نبوغ عقله وفكره.

حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي

بدأت حياة محمّد بن عبد الكريم الخطابي تظهر منذ نعومة أظفاره، عندما سمّاه والده محمدٌ تيمنًا بالرّسول الكريم، فقد تربّى التّربية الصّالحة، التي أخرجت منه رجلًا هادئًا، ونابغًا محنكًا جعلته يتهيّأ لحياة تسودها الحريّة والعدل، [٣] في ظلّ الحياة الجهاديّة التي كانت أساس منشأه مع والده المجاهد عبد الكريم الخطابي في الرّيف وقد عُيّن أميرًا وقائدًا للمغرب العربي حتى أسس "إمارة الريف الإسلاميّة" في شمال المغرب الإسلامي، قام من خلالها بتعليم النّاسالدين الإسلامي الصّحيح بعيدًا عن عالم الشّعوذة والدّروشة وقام بإرسال البعثات العلميّة لدول العالم، ووحّد صفوف القبائل المتناحرة تحت راية الإسلام.[١]

حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي السياسيّة

كانت بلاد المغرب العربي الإسلامي محطّ أنظار الاستعمار الغربي منذ تاريخ العالم الإسلامي، الذي أراد أن يضع كلتا يديه على مصنع الحضارات، وإعداد الأبطال أمثال القائد المجاهد طارق بن زياد وفتح الأندلس، فقرروا إنهاء العالم الغربي الإسلامي بتقسيمه إلى دويلات، وفرض سيطرتها، فاستولت فرنسا على مملكة المغرب موريتانيا، وأخذت إسبانيا القسم الشّمالي من الصّحراء الغربية، وصولًا إلى الرّيف المغربي، فأرسل عبد الكريم الخطابي إلى القبائل حتى يجمعها على كلمةٍ واحدةٍ، حتى وقع ابنه محمد في يد الإسبان، فبدؤوا يضغطون عليه؛ حتى يترك والده الجهاد، ويفتح للاستعمار بابًا للتّوسع في المغرب العربي، إلا أنّ الإسبان لم يقدروا على ذلك لما وجدوا من قوة وصبر محمد بن الكريم الخطابي، فسجنوه في سجن في قمّة جبل من جبال المغرب، واستطاع الهرب من السّجن عن طريق حبل صنعه بنفسه من القماش، ولكنه لم يكن طويلًا فوقع مغشيًا عليه من شدّة الألم الذي أحلّ عليه من كَسْر ساقيه، حتى كُشف أمره، وأُدخل السّجن من جديد، وفي تلك الفترة قتل الإسبان والده عبد الكريم ليكمل قصة حياتية الجهادية، بعد مدة أربعة أشهر قضاها في السّجن، فبدأ بإعداد جيشٍ من رجال قبائل الرّيف المغربي مكونًا جيشًا من ثلاثة آلاف مقاتلٍ، ومستحدثًا فنًا جديدًا من فنون القتال العسكريّة بما يسمى بحرب العصابات القائم على المباغتة والفرّ والكرّ، وكذلك آلية حفر الخنادق الممتدّة إلى ثكنات العدوّ، فألحق بالإسبان خسائر فادحة،[٤] حتى جعلت قادة إسبانيا تعدّ العدّة حتى تغزوه في الرّيف المغربي في منطقة أنوال لتقع معركة أنوال الذي لم يشهد مثلها العالم العربيّ في معركة غير متكافئة من العدّة والعدد، فقد كان الجيش الإسباني مكونًا من ستين ألف جندي مع طائراتهم وأسلحتهم الحديثة ودباباتهم في مقابل ثلاثة آلاف مجاهد مسلم يحملون بنادق بدائية الصّنع،[٥] فكان النّصر حليف من حملوا في قلوبهم اليقين بنصر الله-تعالى.

وفاة محمد بن عبد الكريم الخطابي

اتحدَّ الإسبان وفرنسا لتشكيل جيوش أوربية لمواجهة محمد بن عبد الكريم الخطابي وإمارته على المغرب العربي الإسلامي، الذي تصدّى لكل المواجهات وألحق بهم الكثير من الخسائر في صفوفهم على الرّغم من قوة إمكانياتهم، فلجأوا إلى إثارة الفتن الدّاخليّة بين صفوف شعبه، عن طريق شراء ذِمم الشّيوخ المبتدعة والمتصوّفة الّذين تمرّدوا عليه وقاتلوا ضدّه، فاجتمعت عليه من جهة جيوش الفرنسين والإسبانيين الذين انقضّوا عليهم بإلقاء الأسلحة الكيميائية، والغازات السّامة من طائراتهم على المدنيين، ومن جهة أخرى حاصر الأسطول الإنجليزي سواحل المغرب العربي،[٥] ولكنّ القائد محمّد الخطابي بقي صامدًا أمام مواجهة الزّحف الأوربي مع قلة الإمكانيات، حتى لجأوا إلى طلب الصّلح مع الأمير محمد وإعطاء المسلمين ضمانات تحفظ سلامة كلّ المجاهدين ومَنح العيش الكريم لأهل المغرب، وعلى الرغم من ذلك فقد نقضوا العهد حيث قاموا بخطف الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي الأسطورة ونفوه إلى جزيرة في المحيط الهندي،[٦] وقيل إلى جزيرة "رينيون" في المحيط الهادي شرقمدغشقر لمدة إحدى وعشرين سنة متواصلة قضاها منفيًا، سلاحه الإيمان ويقينه بالله أعطاه القوة؛ ليجعل سجنه جنة الله في أرضه بلا جرائد ولا أخبار تصله عن أخبار العالم، ثمّ أرادت فرنسا أن تعيده إلى بلدها إلا أنّ أقدار الله-تعالى- شاءت ليعود إلى مصر ويستمر في الكفاح المغربي مدّة قصيرة حتى ضيّقوا عليه، فمات  في الأول من رمضان سنة 1382هـ الموافق السّادس من فبراير 1963م،[٢] وظلَّ جهاده وكفاحه مُسطِّرًا في التّاريخ العربي الإسلامي ببطل الرّيف المغربي رحمه الله تعالى.

المراجع

  1. ^ أ ب ت "أسطورة المغرب الإسلامي (الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي)"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  3. محمد العربي المساري، محمد بن عبد الكريم الخطابي من القبيلة إلى الوطن، صفحة 10. بتصرّف.
  4. "الأمير محمد بن عبد الكريم "، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "الأمير محمد الخطابي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
  6. "بطل الريف المغربي محمد الخطابي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-09. بتصرّف.
4073 مشاهدة
للأعلى للسفل
×