نتائج جمع القرآن في زمن أبي بكر

كتابة:
نتائج جمع القرآن في زمن أبي بكر

خلافة أبي بكر

يعدّ أبو بكر الصّديق رضي الله عنه، خليفة رسول الله على الصّلاة، وأوّل الخلفاء الرّاشدين، ومن العشرة المبشّرين بالجنّة، وهو ثاني اثنين اللّذان جاء على ذكرهما القرآن الكريم، وهو خير صديق وصدّيق لخير النبيين محمّد، صلّى الله عليه وسلّم،[١] بعد وفاة النّبيّ، بويع بالخلافة، بعد خلاف بين الأنصار والمهاجرين، ثمّ استقرّ له الأمر وجمع الأمّة، ولكن بعض القبائل ظنّت بأنّ الإسلام قد انتهى بموت النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فارتدّت، وامتنعت عن دفع الزّكاة ومنهم من ادّعى النّبوّة، كمسيلمة الكذّاب، فجهز أبو بكر جيشًا بقيادة خالد بن الوليد، وأرسل به لمحاربتهم، فحقّق انتصارًا عليهم واستطاع أن يعيدهم إلى تحت راية الإسلام، ويجمع شتاتهم من جديد، وبذلك استطاع أن يقود السّفينة إلى برّ الأمان،[٢] وبانتهائه من حروب الرّدة؛ جهز جيشًا لفتح العراق وآخر لفتح الشّام، وأرسل بهما، وكان له ذلك، دامت خلافته سنتين، فكان خير خلف لخير سلف، وفيما يأتي نتائج جمع القرآن في زمن أبي بكر.[١]

نتائج جمع القرآن في زمن أبي بكر

كان عمل جمع القرآن الكريم في زمن أبي بكر من أجلّ أعماله، وأعماله كلّها وعظيمة، وقد كان من نتائج جمع القرآن الكريم في عهده، رضي الله عنه: أنّه نقل كامل القرآن الكريم وبترتيبه الوقفيّ سورًا وآيات كتابة إلى صحفٍ جُعلت في مصحف واحد، وهو المصحف الذي بين أيدي المسلمين الآن، زوال الخوف والقلق من قلوب الصّحابة الكرام من تعرّض القرآن لضياعه، أو ضياع شيء منه بسبب موت أكثر الحفّاظ في غزوات المسلمين، وخصوصًا وقعة اليمامة، حفظه كاملًا وفي مكانٍ واحد، بعد أن كان موزعًا عند عدد من الصّحابة، وقد كان هذا الجمع والنّقل للقرآن بإجماع الصّحابة كلّهم، رضي الله عنهم أجمعين، أصبح القرآن بعد جمعه في مصحف واحد سجلًا ومرجعًا لكلّ من أراد أن يرجع إليه وقت الضّرورة من الصّحابة.[٣]

كيفية جمع القرآن زمن أبي بكر

انتقل النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- إلى الرّفيق الأعلى، دون أن يجمع القرآن في مصحف واحد، وإنّما بقي موزعًا في صدور الحفظة، وفي صحف ورقاع متفرّقة عند الصّحابة، إذ لم يكن في زمن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من دواع لجمعه، فالقرآن نزل عليه وهو الحافظ له، ولكن بعد وفاته –صلّى الله عليه وسلّم- أصبحت هناك دوافع حثيثة دفعت بالصّحابة للإلحاح على أبي بكر بأن يقوم بجمع القرآن في مصحف واحد:[٤]

وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم

كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين أظهر النّاس، وهو صاحب الرّسالة، فالقرآن يتنزّل عليه، يحفظه، ويُحفّظه للصّحابة الكرام من حوله، رضوان الله عليهم أجمعين، كما أنّه أمرهم بكتابته في الصّحف وعلى الرّقاع وغير ذلك، فكان القرآن إذًا في أمان، لم يُخشَ عليه من الضّياع، كيف يضيع وصاحب الرّسالة موجود، وهو يحفظه كما يحفظ اسمه، إضافة إلى الحفظة من الصّحابة الذين توازعوه في صدورهم، وحافظوا عليه أكثر من حفاظهم على أنفسهم وعيالهم، ولذلك لم تكن هناك حاجة إلى جمعه، وإن قام بجمعه بعض الصّحابة فكان عملهم فرديّ، ولكن بعد لحوق النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالرّفيق الأعلى وانقطاع الوحي، أصبحت هناك حاجة ملحّة لجمع القرآن الكريم خوفًا عليه من الضّياع.[٤]

واقعة اليمامة

وأمر آخر كان سببًا من أسباب الدّعوة إلى جمع القرآن الكريم وتدوينه في مصحف واحد؛ واقعة اليمامة التي قتل فيها عدد كبير من الصّحابة، وكان من بينهم حفظة للقرآن الكريم، فخوفًا على القرآن من الضّياع اقترح عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- على الخليفة أبي بكر جمع القرآن، ولكن في بادئ الأمر تردّد أبو بكر من القيام بهكذا عمل، ولم يسبق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى فعله، وظنّ بأنّه ابتداع في الدّين ولكن بعد مراجعته للأمر أكثر من مرة؛ فتح الله عليه، ووافق على جمع القرآن الكريم، وقد وقع اختيار أبي بكر الصّديق لهذا العمل العظيم والصّعب بنفس الوقت الصّحابي زيد بن ثابت، وذلك لأنّه كان شابًّا يافعًا عنده من الاندفاع لمثل هذا العمل أكثر ممّن يكبره سنًّا، وكان من حفظة القرآن الكريم، وممّن يحضر كتابة الوحي، وكان ليّن المراس، وغير متّهم في دينه أو خلقه، هذه الأسباب وقد يكون هناك أسباب أخرى لاختيار أبي بكر للصّحابيّ الجليل زيد بن ثابت للقيام بمهمّة جمع القرآن الكريم.[٥]

أبو بكر أوّل من جمع القرآن

كما مرّ وسبق ذكره بأنّ أوّل من قام بجمع القرآن الكريم هو أبو بكر الصّديق، رضي الله عنه، بطلب واقتراح من عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، وبأنّ الذي قام بهذا العمل العظيم، -وهو جمع القرآن- زيد بن ثابت رضي الله عنه، حيث جاء " أَرْسَلَ إلَيَّ أبوبَكْرٍ مَقْتَلَ أهْلِ اليَمَامَةِ وعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّ عُمَرَ أتَانِي، فَقالَ: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَومَ اليَمَامَةِ بالنَّاسِ، وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرَّاءِ في المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إلَّا أنْ تَجْمَعُوهُ، وإنِّي لَأَرَى أنْ تَجْمع القُرْآنَ، قالَ أبوبَكْرٍ: قُلتُ لِعُمَرَ: كيفَ أفْعَلُ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالَ عُمَرُ: هو واللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فيه حتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذلكَ صَدْرِي، ...".[٦][٤] وقد امتاز جمع القرآن في عهد أبي بكر بعدم جمع المنسوخ من القرآن وعدم جمع غير القرآن، ولم يقبل بغير المجمع عليه من الجميع، وتواترت رواياته، وأنّه كان مكتوبًا بالحروف السّبعة التي نزل بها القرآن، وأنّه كان مرتّب الآيات ومطابقًا لترتيب اليوم، وفي كلّ سورة في صحيفة مستقلة عن غيرها، ثمّ جمعت السّور إلى بعضها البعض.[٧] 

المراجع

  1. ^ أ ب "خلافة أبي بكر الصديق"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  2. "القضاء على حروب الردة "، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  3. "جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "جمع القرآن في عهد أبي بكر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  5. "جمع القرآن في عهد أبي بكر"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:4679، الحديث أورده في صحيحه وذكر له متابعة وعلق عليه.
  7. "ما امتاز به الجمع في عهد أبي بكر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
4708 مشاهدة
للأعلى للسفل
×