نشأة وتطور الفينومينولوجيا

كتابة:
نشأة وتطور الفينومينولوجيا


نشأة مصطلح الفينومينولوجيا

تتكوّن كلمة فينومينولوجيا من مقطعين: "Phenomena" وتعني الظَّاهرة، و "Logy" وتَعني الدراسة العلمية لمجال ما، وبذلك يكون معنى مصطلح الفينومينولوجيا: العلم الذي يدرس الظواهر، وليس المقصود بالظّواهر هنا ظواهر العالم الخارجي، أيْ الظواهر الطبيعية الفيزيائية،[١] إنّما المقصود بها ظواهر الوعي، أي ظهور موضوعات وأشياء العالم الخارجي في الوعي، وبذلك تكون الفينومينولوجيا هي دراسة الوعي بالظواهر وطريقة إدراكه لها.[٢]

بداية علم الفينومينولوجيا

يُعّدّ الفينومينولوجيا -أو الظاهراتية- مدرسة فلسفيّة اجتماعيّة، تعود أصولها إلى القرن التاسع عشر، ظهرت كردّ فعل على المدرسة الوضعية، ويقوم المفكرون الظاهراتيون بانتقاد المدرسة الوضعية؛ لأنها تُسلم بوجود حقائق موضوعية مستقلة عن الوعي الذاتي للفرد، ويمكن تلخيص أفكار هذه المدرسة على أنها تهتم بالوعي الإنساني باعتباره الطريق الموصل إلى فهم الحقائق الاجتماعية، خاصة بالطريقة التي يفكر بها الإنسان استنادًا على الخبرة التي يعيشها، أيْ؛ كيف يشعر الإنسان بوعيه.[٣]

تطور علم الفينومينولوجيا

يعد إدموند هوسرل أول فيلسوف أعطى لكلمة فينومينولوجيا بُعدها العميق لتصبح علمًا كليًّا مفتوحًا، وليس مذهبًا جزئيًّا، إلا أنّ هذه الكلمة استعملت قبل هوسرل بفترة طويلة، فقد قام الفيلسوف الفرنسي "أندريه لالاند" في قاموسه الفني والتقني بتتبع تاريخ الفينومينولوجيا، واعتبر أن الفيلسوف "لامبير" هو أوّل من استخدم مصطلح الفينومينولوجيا.[٤]


ثم تبعه فلاسفة منهم: الفيلسوف إيمانويل كنت في كتبه، وعلى رأسها كتابه "نقد العقل الخالص"، ثم هيجل في كتابه "فينومينولوجيا الروح" وهارتمان في كتابه "فينومينولوجيا الضمير الأخلاقي"، لكنه صار يُطلَق هذا المصطلح في بداية القرن العشرين على مذهب في الفلسفة، حيث قام بتأسيس هذه المدرسة الفيلسوف إدموند هوسرل، والذي وكان من أنصاره "ماكس شيلر" في ألمانيا، و "جان بول سارتر" في فرنسا، وتأثر به "مارتن هيدجر" وفلاسفة الوجودية بصفة عامة، وأصبح هذا الاتجاه من الاتجاهات الأساسية في الفلسفة الأوربية المعاصرة.[٤]

مفهوم الفينومينولوجيا عند هوسرل

إدموند هوسرل فيلسوف ألماني ومؤسّس الظاهريّات، وُلد في "موراليس" في "تشيكوسلوفاكيا" عامَ 1859م،[٥] ودرس الرياضيات في لايبزغ وبرلين، ثم ذهب إلى فيينا للدراسة تحت إشراف لئو كونيكس بركر، كما درس الفلسفة على يد العالمَيْن فرانس برنتانو وكارل شتومف، وقد توفّي عام 1938م في فرايبورغ.[٦]


يقول هوسرل إنّ عملية إدراك الماهيات هي جوهر الفينومينولوجيا، وقد عرَّف الفينومينولوجيا على أنّها: المنهج الدارس لظهور الماهيات في الوعي، ويقصد بالماهيات الحقائق الموضوعية للأشياء طالما كانت متميزة عن طابعها الحسي.[٧]


ويقوم شعار الفينومينولوجيا الهوسرلية على الاتجاه إلى الأشياء ذاتها من خلال الوعي البشري الخالص، وبما أن هدف الفينومينولوجيا هو الوصول إلى الماهيات، فقد انتهج هوسرل منهجَ "الإيبوخية"، والتي تعني التوقف عن الحكم ووضع العالم المكاني الزماني بين أقواس، وعدم اعتماد الاعتقاد الطبيعي لهذا العالم، والتوقف عن اتخاذ أيّ موقف إثبات أو نفي إزاء وجود الموضوعات.[٧]

المراجع

  1. د أحمد جمال عيد، الحاسب الآلي بين التقنية والإبداع التشكيلي، صفحة 86. بتصرّف.
  2. مجموعة من الباحثين، بول ريكور والفلسفة، صفحة 110. بتصرّف.
  3. بو بكر بو خريسة، مذاهب الفكر الأساسية في العلوم الإنسانية، صفحة 184. بتصرّف.
  4. ^ أ ب يُمنى الخولي، مشكلة العلوم الإنسانية، صفحة 41-42. بتصرّف.
  5. سارة بكويل، على مقهى الوجودية، صفحة 421. بتصرّف.
  6. سارة بكويل، على مقهى الوجودية، صفحة 53-54. بتصرّف.
  7. ^ أ ب د محمد قويدري، مفهوم التراث في النقد العربي الحديث، صفحة 26. بتصرّف.
5103 مشاهدة
للأعلى للسفل
×