محتويات
النظريات القانونية
النظرية القانونية هي مجموعة من الاستننتاجات القائمة على مجموعة من الأبحاث والدراسات، والتي قد تخطئ في بعض الأحيان وتصيب في أحيان أخرى, في حين أن القانون عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع, وتفرض الجزاء في حالة مخالفة تلك القواعد, لذا فالنظرية أعم وأشمل من مفهوم القانون, ولكنها في ذات الوقت تمثل مصدرًا هَامًّا للقواعد القانونية, ومن بين هذه النظريات نظرية الالتزام، وهي نظرية غاية في الأهمية، بل تعد من أهم النظريات القانونية، إذ تعتبر بمثابة العمود الفقري للقانون بجميع فروعه، ويلاحظ أن هذه النظرية يتنازع فيها مذهبين الأول المذهب الشخصي، الذي يرى أن الالتزام عبارة عن علاقة قانونية بين شخصين، حيث تعطي الحقللدائن في تقاضي شيء معين من المدين، والثاني المذهب المادي والذي يرى أن الالتزام هو علاقة قانونية بين ذمتين ماليتين فقط، فالالتزام هنا يرتب حَقًّا في ذمة الدائن ودين في ذمة المدين[١].
نشوء نظرية الالتزام وتعريفها
تطلق كلمة الالتزام في القانون المدني للدلالة على الحق الشخصي، ويسمى حق إذا ما تم النظر إليه من جهة الدائن، في حين يسمى التزام إذ ما نظرنا إليه من جهة المدين، لذلك فالحق الشخصي ما هو إلا عبارة عن رابطة بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين، وبمقتضى هذه الرابطة سوف يحق للدائن مطالبة المدين بالقيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو إعطائه شيئًا معينًا، وفي الآتي شرح لنشأة ومفهوم نظرية الالتزام.[٢]
تعريف نظرية الالتزام
نظرية الالتزام هي النظرية التي تنشئ الحالة أو الرابطة القانونية التي تربط الدائن بالمدين، حيث يستطيع الدائن بموجب هذه الرابطة المطالبة بنقل حق عيني أو بالقيام بعمل معين أو بالامتناع عنه، ولهذا هنالك العديد من الروابط التي تنشأ بموجب هذه النظرية يمكن إجمالها بما يأتي:[٣]
- الالتزام رابطة قانونية: أي أنه قيد يرد على إرادة المدين وحريته، والالتزام في هذه الحالة ينقسم إلى قسمين، الدين وهو الواجب القانوني الذي ينبغي على المدين الوفاء به للدائن، وثانيًا المسؤولية العقدية أو عنصر الإجبار الذي يقوم في حالة عدم الوفاء بالالتزام من قبل المدين.
- الالتزام رابطة شخصية: وهي ما تميز الحق الشخصي عن الحق العيني، فالحق الشخصي هو رابطة بين شخصين هما الدائن والمدين، ويترتب عليها أن صاحب الحق وهو الدائن لا يستطيع الحصول على حقه إلا بتدخل الطرف الآخر وهو المدين.
- الالتزام عبء مالي: أي أن محله هو قيام المدين بأداء مالي، أو أن يكون هذا الأداء مما يمكن تقييمه بالنقود، كتسليم الشيء المبيع في عقد البيع.
نشوء نظرية الالتزام
مما لا شك فيه أن نظرية الالتزام بصورة عامة تتولى تنظيم العلاقات القانونية التي يرتبط بها الأفراد على اختلاف مراكزهم القانونية, فمنهم الدائن ومنهم المدين, فعندما يكون الشخص مدين نكون أمام التزام قانوني, وعندما يكون دائن نكون أمام حق شخصي, مع ملاحظة أن لفظ الالتزام ولفظ الدين يؤديان إلى ذات المعنى الذي يؤديه الحق الشخصي, الذي هو سلطة يقررها القانون لشخص في مواجهة شخص آخر, حيث تعطي للأول وهو الدائن الحق بأن يلزم الثاني وهو المدين للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو إلزامه بإعطاء شيء معين, حيث إن محل الحق الشخصي عمل يلزم المدين بالقيام به وإلا جاز للدائن اللجوء إلى القضاء لإجباره على الوفاء بالالتزام.[٤]
الإصلاحات المدخلة على نظرية الالتزام
قديمًا كان الالتزام يعطي السلطة الكاملة للدائن على جسم المدين لا على ماله فقط، حيث إها كانت سلطة واسعة يدخل فيها الحق في استرقاق المدين، وقد تصل العقوبة له في حالة عدم وفائه بالتزامه أو بالدين إلى حد القتل، ثم تطورت الحياة وسادت أفكار تقوم على أساس حق الإنسان في الحياة وغيرها من الحقوق، فأصبح من حق الدائن حبس المدين في حالة عدم الوفاء بالدين، ومع تطور المجتمع الإنساني على فترات طويلة أصبح للالتزام مظهرين، الأول يتمثل بكونه رابطة شخصية بين الدائن والمدين وثانيهما باعتباره مَالِيًّا فيرتب حق للدائن على الذمة المالية للمدين وليس على جسده، وهو ما يتم العمل به في الوقت الراهن.[٥]
كما وخلف نظرية الالتزام استقرت معظم القواعد القانونية, التي كان هدفها الأساسي تنظيم مراكز الأفراد القانونية وما ينتج عنها من علاقات وروابط قانونية على اختلاف أنواعها، وطالما كان هدف هذه القواعد في الأساس تنظيم المجتمع ومواكبة جميع التطورات التي يشهدها، فإن القاعدة القانونية أصبحت تتطور تبعًا إلى ذلك، وبالتالي يمكن القول أنَّ الأطار العام لنظرية الالتزام كان وما يزال يتميز بالثبات وعدم التغير، ولكن كل ماهو داخل هذا الأطار فهو عرضة للتغير وللتطوّر متى ما تغيرت ظروف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.[٦]
أهمية نظرية الالتزام
تعد نظرية الالتزام بمثابة الأساس الذي يقوم عليه القانون المدني، ولقد شهدت هذه النظرية الكثير من التطورات منذ نشوئها على يد الفقهاء الرومان ولغاية يومنا هذا، وذلك بسبب المواضيع التي تنظمها، إذ غالبًا ما تضع قواعد قانونية عامة تحكم الكثير من العلاقات القانونية التي تدخل في صلب الحياة اليومية للأفراد فأغلب الروابط القانونية التي من المتوقع حصولها بين هؤلاء الأفراد يمكن ردها إلى فكرة الالتزام كما وأنها نظرية غاية في الأهمية إذ يجري تطبيق أغلب نصوصها في حالة انعدام نص ما في فروع القانون الأخرى، وعليه فنظرية الالتزام تشكل أهمية كبيرة من ناحيتين:[٧]
- الناحية العملية: إذ إن أغلب التصرفات اليومية التي يمارسها الأفراد أثناء حياتهم، هي في حقيقتهاعقود يرتب القانون عليها العديد من الالتزامات والحقوق، فمن يقدم على شراء منزل أو سيارة أو يستأجر منزلًا، كل هذه تصرفات قانونية وهي عقود في ذات الوقت وترتب الكثير من الالتزامات.
- الناحية النظرية أو العلمية: تمثل نظرية الالتزام المجال الحيوي للمنطق القانوني، فهي وبما تمتازه من العمومية والتجريد في قواعدها، تعد مصدرًا مهمًا للمشرّع عند صياغته للقوانين والتشريعات.
المراجع
- ↑ عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام، بيروت:دار احياء التراث العربي ، صفحة 103. بتصرّف.
- ↑ عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 107، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد المجيد الحكيم (1980)، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، صفحة 6، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حسن علي الذنون (1970)، اصول الالتزام، بغداد:مطبعة المعارف، صفحة 16. بتصرّف.
- ↑ عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني نظرية الالتزام بوجه عام، بيروت:دار أحياء التراث، صفحة 108، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حسن علي الذنون (1970)، اصول الالتزام، بغداد:مطبعة المعارف، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ عبد المجيد الحكيم واخرون (1980)، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، صفحة 6، جزء 1. بتصرّف.