نظريات الإقناع في الاتصال

كتابة:
نظريات الإقناع في الاتصال

العملية الإقناعية

يُعرف الإقناع بأنّه عملية إيصال الأفكار والمعلومات والقيم، سواءً بالإيحاء أو التصريح بمراحل معيّنة، وشروط موضوعية وذاتية مساعِدة، من خلال عملية الاتصال، وتهدف هذه العمليّة إلى بيان أساليب إشباع حاجات الفرد وتحقيق رغباته، ومع ذلك فإنّ عملية الإقناع ظاهرة تتم عبر مراحل معينة، لتؤدي غرضها وتحقق هدفها، والرسالة الإقناعية، هي فكرة أو مجموعة من الأفكار أو الاتجاهات أو الخبرات أو الأحاسيس أو القضايا التي يعمل المرسل لنقلها إلى المستقبل والتأثير عليه بواسطتها، ولكي تكون الرسالة الإقناعية نافذة ومؤثرة للجمهور يجب أن تتوفّر على إثارة الانتباه والجاذبية وبساطة الأسلوب واتساق بنيان الحجج والمظاهر الكمية مثل المدة والتكرار، ولعملية الإقناع عدة نظريات تسمى نظريات الإقناع في الاتصال.[١]

نظريات الإقناع في الاتصال

إنّ الإقناع، عبارة عن عمليّة تتقاسمها عدة مراحل حتى تصل إلى النتيجة المرجوة، مثل التأثير في سلوك الفرد في النيات والدوافع والسلوكيات والمواقف والمعتقدات، وهذه العملية إلى تغيير مواقف وسلوكيات مجموعة أو شخص، نحو حدث معين أو شخص أو مجموعة أشخاص، وذلك من خلال استخدام كلمات منطوقة أو مكتوبة لنقل المعلومات واستدلال والمشاعر أو مزيج منها، وهي أداة تستخدم في كثير من الأحيان للسعي في تحقيق مكاسب شخصية، ويرى الباحث "بيتنجوس" أنّ الإقناع هو محاولة مقصودة من قبل القائم بالاتصال "المرسل" لتغيير معتقدات أو سلوكيات أو اتجاهات المستقبل من خلال نقل بعض الرسائل، ومن هنا انبثقت مجموعة من نظريات الإقناع في الاتصال وهي نظرية التاءات الثلاث، والتنافر المعرفي، والتحليل المعرفي للإعلام.[٢]

نظرية التاءات الثلاث

انطلقت هذه النظرية من آراء وأفكار "ميشال لوني" المتخصص في نظريات الإقناع في الاتصال، على اعتبار أنّ التوعية والتشريع والتتبع أو المراقبة هي مراحل لعملية التأثير والإقناع في سلوك الفرد في الاتصال، ومن هذه المسميات الثلاثة اشتق اسم نظرية التاءات الثلاث، إحدى نظريات الإقناع في الاتصال، التي تدرس عملية التأثير في سلوك الفرد[٣]، وتاليًا سيتم التعرف على هذه المسميات لتوضيح نظرية التاءات الثلاث:[٤]

التوعية

تعتمد التوعية على آليات الإقناع اللساني وتعزيز الأخطاء "بالبراهين المقنعة التي تدخل إلى عقول المتلقين" والتوضيح، ولذلك يشترط في جميع معلومات المرسل أنّ تكون بسيطة لكيي يتم إدراكها حتى يسهل فهمها، وايضًا يشترط عدم التناقض لتنال المصداقية، ويجب أن يتم صياغة الرسالة وتحديد محاورها بصورة واضحة حتى تنال إقناع المتلقي، إذ يجب أنّ يفهمها دون الحاجة إلى بذل جهد زائد، ويشترط الموضوعية وعدم الانطلاق من الأفكار الذاتية والمسبقة أو التحييز في التعامل مع الأفراد والتي يمكن أن تكون عائقًا في مسار توعية الأفراد وتمنع الوصول إلى الهدف.

التشريع

يرى ميشال لوني أن مرحلة التوعية والتفهيم يجب تعزيزها بمرحلة موالية من خلال إصدار قانون يدعم الفكرة ما يجعل الفرد يمتنع عن مخالفتها، حيث يرى لوني أنّ التوعية وتوضيح الأشياء والفوائد من أمر ما وبيان المخاطر غير كافٍ للتأثير والتغيير في سلوك الفرد، أو لردع أفراد عن فعل شيء ما يحمل فيه مضرة لهم وللمجتمع، فالتشريع يلعب دورًا إيجابيًا من خلال ممارسة نوعًا من الضغط على المتلقي حتى يساير المرسل في مضمون رسالته.

التتبع أو المراقبة

يرى ميشيل لوني في أنّ نجاح عملية الإقناع والتأثير لابد من المراقبة والمتابعة للعملية ككل خاصة وأن الإنسان يحتاج إلى التأكيد والتذكير باستمرار حتى في أبسط الأمور، فهذه المرحلة تعمل على تذكير الفرد والتأكيد عليه بضرورة احترام القانون وتنبيه المخالفين ومراقبة غير المهتمين، وهذه المرحلة تزيد من درجة الاهمية لدى الفرد المتلقي للرسالة الإقناعية وتعطي المصداقية لجدية العملية الاتصالية، كما أنها تعمل على جذب غير المهتمين، ما يزيد من فعالية الرسالة وحيويتها في الإقناع والتأثير.

نظرية نظرية التنافر المعرفي

تعد هذه النظرية إحدى نظريات الإقناع في الاتصال التي تبحث في تعارض المعرفة أو تنافرها بالنسبة للشخص المتلقي، وهذه النظرية تعني أن في داخل الفرد يوجد اتجاهات متنافرة ومتعارضة، والإنسان يجعل من اتجاهاته متفق عليها أو أن تكون متفقةً مع بعضها البعض ومع سلوكه، حيث أنّ العلاقة بين معرفة الفرد وطريقة تصرفه بها ليست سهلة أو بسيطة لأن الناس بشكل عام يتصرفون بطرق تتفق مع ما يعرفونه، ومن هنا تنطلق نظرية التنافر والتعارض في المعرفة من خلال عدم وجود اتفاق سيكولوجي، والاتفاق لا يفسر العملية الاتصالية بل يبرر العملية وهذا يدخل في دائرة الاحتمال وليس النظرية أو الفرضية لاحقا، لكن من المحتمل ايضًا أنّ يَقدِمَ الشخص على سلوك معين دون أنّ يمتلك مبررات كافية، وبعد أن يقدم الشخص على هذا السلوك يحاول البحث عن تبريرات إضافية لسلوكه.[٥]

وتبعًا لآراء الباحث "ليون فيتنجر" المفترضة في نظريات الإقناع في الاتصال حول نظرية التعارض والتنافر في المعرفة، أنّ الإنسان يحاول العمل على جعل اتجاهاته وآرائه تتفق مع بعضها البعض ومع سلوكياته، حيث ينبع من هذا الافتراض لفتنجر عدد من النتائج الهامة والمثيرة فيما يأتي:[٦]

  • أنّ التنبؤ بأي عملية اتصالية تنطوي على اختيار بين بدائل أو اتخاذ قرار سيؤدي إلى حدوث حالة من التنافر خاصة إذا كان البديل الذي لم يتم اختياره يتضمن على خصائص سلبية، يحتمل أن تجعل الفرد يرفضه.
  • حالة التنافر التي تولد بعد أنّ يتم اتخاذ القرار تجعل مزايا الخيار البديل تزيد من مزايا البديل الذي لم يتم اختياره.

نظرية تحليل الإطار الإعلامي

تُعد نظرية تحليل الإطار الإعلامي إحدى نظريات الإقناع في الاتصال وواحدة من روافد الدراسات الاتصالية الحديثة، حيث تعمل هذه النظرية بالسماح للباحث بأن يقيس المحتوى الضمني للرسائل الإعلامية التي ترسلها وسائل الإعلام، كما أنها تقدم تفسيرًا منتظمًا لدور وسائل الإعلام الجماهيري في تشكيل الاتجاهات والأفكار حول القضايا المهمة على الساحة وعلاقة ذلك باستجابات الجمهور الوجدانية والمعرفية لتلك القضايا.[٧]

وتفترض نظرية تحليل الإطار الإعلامي أن الأحداث لا تقوم في حدّ ذاتها على مغزى معين، بل تكتسب مغزاها خلال وضعها في إطار ينظمها ويحددها ويضفي عليها قدرًا من الاتساق بالتركيز على بعض جوانب الموضوع وترك وإغفال جوانب أخرى، فالإطار المعرفي هو الفكرة المحورية التي تنتظم وتركز حولها الأحداث الخاصة، والإطار الإعلامي في قضية ما يعني اختيارًا متعددًا لبعض جوانب القضية أو الحدث وجعل القضية أكثر بروزًا في النص الإعلامي، وكذلك استخدام أسلوب محدّد في وصف المشكلة وتقييم أبعادها وتحديد أسبابها وطرح حلول مقترحة بشأنها، وفيما تقدّم كان حديثًا موجزًا مفصّل حول نظريات الإقناع في الاتصال.[٧]

المراجع

  1. عامر مصباح (2005)، الإقناع الاجتماعي، خلفيته النظرية وآلياته العمليه، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 17-20. بتصرّف.
  2. منى الحديدي، سلوى علي (2004)، الإعلام والمجتمع (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 70. بتصرّف.
  3. عامر مصباح (2005)، الإقناع الاجتماعي، خلفيته النظريه وآلياته العملية (الطبعة الأولى)، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 59. بتصرّف.
  4. بسام المشاقبة (2015)، نظريات الاتصال، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، صفحة 200-201. بتصرّف.
  5. بسام المشاقبة (2015)، نظريات الاتصال، الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، صفحة 167. بتصرّف.
  6. جيهان رشتي (1979)، الأسس العلمية لنظريات الإعلام، مصر: دار الفكر، صفحة 368. بتصرّف.
  7. ^ أ ب حسن مكاوي، ليلى السيد (1998)، الاتصال ونظرياته المعاصرة (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 348. بتصرّف.
4582 مشاهدة
للأعلى للسفل
×