نظرية الإدراك الاجتماعي

كتابة:
نظرية الإدراك الاجتماعي

مفهوم الإدراك الاجتماعي

يعد الإدراك الاجتماعي موضوعًا فرعيًا من فروع علم النفس، وقد تم دراسة طرق الإدراك الاجتماعي وفقًا لطرق علم النفس المعرفي ونظرية معالجة المعلومات، فبرز مفهوم الإدراك الاجتماعي مع صعود علم النفس المعرفي في أوخر الستينيات، ويركز العلماء هنا على دراسة كيفية معالجة وتخزين وتطبيق المعلومات التي يتلقاهها الفرد والمواقف الاجتماعية التي يمر بها، وركز العلماء على دراسة العمليات المعرفية التي تحدث داخل الدماغ في أثناء التفاعلات الاجتماعية ومن خلال دراسة الإدراك، واستنتج الباحثون أن الإدراك يمر في أربعة مراحل أولها الملاحظة والتركيز ثم التخزين ثم الاسترجاع وفي النهاية المعالجة، ومن خلال هذا المفهوم تم فهم الظواهر النفسية الاجتماعية من خلال فهم العمليات المعرفية التي تقف وراء تلك الظواهر والسلوكيات، إن دراسة الإدراك الاجتماعي جعلت الكثير من المفاهيم أكثر وضوحًا وإن هذا المصطلح ينطبق ويوسّع العديد من الموضوعات والنظريات والنماذج في علم النفس المعرفي مثل الاستدلال والانتباه والذاكرة.[١]

نظرية الإدراك الاجتماعي

نظرية الإدراك الاجتماعي هي أحد نظرياتعلم النفس التي تركز على دراسة الأداء البشري والدور الذي تلعبه البيئة الاجتماعية في التحفيز والتعلم والتنظيم الذاتي، ومن أهم مطوري هذه النظرية هو العالم باندورا فهي امتداد لنظريته التي تعرف بنظرية التعلم الاجتماعي إحدىنظريات التعلم، وقد ركز هذا العالم على دور الدوافع للاندفاع للتعلم فإذا لم يتواجد الدافع لا يتواجد التعلم،[٢] وترى نظرية الإدراك الاجتماعي أن جزءًا مهمًا من اكتساب المعرفة لدى الأفراد يرتبط بشكل أساسي ومباشر بملاحظة سلوك الآخرين في داخل السياق الاجتماعي والخبرات، وإن نص هذه الظرية هو أن الإنسان يلاحظ نموذجًا يؤدي سلوكًا ما ولهذا السلوك نتائج، فيتذكر الإنسان تسلسل الأحداث التي رآها ويستخدم هذه المعلومات التي احتفظ بها لتوجيه سلوكاته اللاحقة في الوقت المناسب، ويعتمد تكرار السلوك بشكل أساسي على النتائج التي تعود منه فإذا رأى الملاحظ بأن النموذج يعاقب على السلوك فإنه لا يقوم بتكراره أو القيام به، ولكن إن رأى أن النموذج يحصل على تعزيز فهذا يكوّن لديه دافع للقيام بالسلوك، وأيضًا قد تطورت النظرية إلى أن الفرد يمكنه إدراك المواقف الاجتماعية من دون وجود نموذج سابق فيمتلك الفرد القدرة على توقع النتائج فيصبح بإمكانه بناء وتنظيم السلوكات المناسبة فيبذل الفرد جهده الخاص في تأمين مصلحته من خلال إدراك المواقف الاجتماعية بشكل أكبر.[٣]

نبذة تاريخية عن نظرية الإدراك الاجتماعي

تعود جذور نظرية الإدراك الاجتماعي إلى عام 1931 حيث إنه قد ذكر في كتاب للعالمان إدوين ب. هولت وهارولد تشابمان أن عملية التقليد لا يمكن أن يتم تعلمها إلا إذا تم التقليد أمام الفرد، وبعد ذلك في عام 1941 قام العالمان ميللر وجون دولارد بتقديم كتابهما حول نظرية التعلم الاجتماعي والتقليد الذي كان قد قدمها سابقًا هولت، وقد جادلوا في الكتاب أربعة عوامل تساهم في عملية التعلم وهم الدوافع والإشارات والاستجابات والمكافآت، وإن من الدوفع التي تدعو الفرد لتعلم السلوك هو الدافع الاجتماعي، فيتعلم الفرد من خلال عملية الملاحظة والتقليد أين ومتى يؤدي الفعل، فيتم تقليد السلوك حسب النتائج التي تلقاها النموذج سواء كانت إيجابية أو سلبية.[٣]

وفي عام 1960 قام العالم بندورا الذي يتبع المدرسة السلوكية مع زملائه بالبدء في سلسلة من التجارب والدراسات حول التعلم بواسطة الملاحظة، فقد كان العالم باندورا يعرّض بعض الأطفال مع اختلاف جنسهم إلى نماذج من السلوك العدواني بعضهم يلاحظون نماذج من نفس الجنس وبعضهم من الجنس الآخر، وقد خرج بعدها في بعض الملاحظات منها أنه في حال تعرّض الأطفال للنموذج العدواني الذي يتصرف بعدوانية مع الدمية ويتلفظ بألفاظ عدوانية وعند نقل الطفل للعب إلى غرفة أخرى توجد فيها الدمية مع ألعاب أخرى فإن هذا من شأنه أن يجعل الطفل أكثر عرضة لإظهار العدوانية تجاه الدمية، وكان الذكور أكثر عرضة للتصرف بعدوانية خاصة إذا كان النموذج الذي تم ملاحظته ذكر عدواني، تم إعادة هذه التجربة بعدة أشكال وكانت تعطي نتائج مشابهة، وفي عام 1977 قام العالم باندورا بصقل نظريته نظرية التعلم الاجتماعي، وفي عام 1986 أعاد تسمية النظرية وأطلق عليها نظرية الإدرك الاجتماعي لأنها تركز بشكل أكبر على المكونات المعرفية للتعلم بالملاحظة وطريقة تفاعل الإدراك مع السلوك والبيئة لتشكيل شخصيات الناس.[٤]

أهمية نظرية الإدراك الاجتماعي

إن نظرية الإدراك الاجتماعي من أهم النظريات التي درست مشاعر وأفكار ودوافع الآخرين وحالاتهم العقلية والنفسية التي تدفعهم للقيام بأي سلوك، وإن زيادة الوعي في هذا الموضوع يمكّن المربين من أن يعلّموا الأطفال مهارة فهم ما يشعر به الآخرون ومعرفة كيفية الاستجابة في المواقف الاجتماعية وتعلم السلوكيات الايجابية وترك السلبية منها، وأخذ المواضيع من منظور الآخرين، وأيضًا قد ساعدت هذه النظرية في تطوير الاستعداد للمقابلات الأولى سواء في العمل أو للتعارف، فإن الفرد في الموعد الأول لابد من أن يهتم في كيفية ترك انطباع يدركه الطرف الآخر عنه بطريقة إيجابية وأيضًا مع تعلم هذه النظرية يصبح من السهل إدراك الإشارات التي يقدمها الآخرون وقراءة سلوكاتهم.[٥]

ومن خلال نظرية الإدراك الاجتماعي فقد زاد وعي الأهل في الانتباه إلى تصرفاتهم أمام الأطفال الصغار، كما يمكن للطفل الصغير مراقبة الكبار والتعلم منهم حتى السلوكيات السيئة والألفاظ التي لا يجب التفوه بها، ومن خلال التجربة التي قام بها باندورا التي تكلم بها نموذج الدمية ومن بعدها قام الأطفال بتقليده، وبالتالي يمكن استنتاج أن كل ما يراه الأطفال على التلفاز والهواتف الذكية يمكن تعلمه وتقليده؛ فيمكن أن يتعلم الطفلالكذب والأفعال السيئة الأخرى مثل السرقة؛ لذا من الواجب الحذر ومراقبة ما يراه الأطفال، وبما أنه يمكن تعلم السلوك السلبي فيمكن أيضًا تعلم السلوك الإيجابي لذا يمكن استخدام النظرية في صقل شخصية الأطفال وزيادة انخراطهم في المجتمع.[٦]

المراجع

  1. "Social cognition", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-06-23. Edited.
  2. "Motivation and social cognitive theory", www.sciencedirect.com, Retrieved 2020-06-24. Edited.
  3. ^ أ ب "Social cognitive theory"، en.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-24. Edited.
  4. "Social Cognitive Theory: How We Learn From the Behavior of Others", www.thoughtco.com, Retrieved 2020-06-24. Edited.
  5. "Social Cognition in Psychology", www.verywellmind.com, Retrieved 2020-06-24. Edited.
  6. "Observational learning: Bobo doll experiment and social cognitive theory", www.khanacademy.org, Retrieved 2020-06-24. Edited.
5472 مشاهدة
للأعلى للسفل
×