هل الشهوة تبطل الصيام؟

كتابة:
هل الشهوة تبطل الصيام؟

ما هي الشهوة؟

الشهوة هي الاشتياق والرّغبة بشيء ما، واختصّت لفظة الشهوة بالإنسان؛ لأنّ الشهوة لا تكون إلا من العاقل أما الحيوانات والبهائم فيُقال عن رغبتها بالشيء غريزة وليس شهوة، ولفظة الجنسية إذا ما أضيفت إلى الشهوة صارت الرغبة في الجنس، قال تعالى في سورة آل عمران: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}،[١] وقد تكون الشهوة حلالًا وقد تكون حرامًا كلّ حسب حاله.[٢]


هل شهوة الطعام والشراب تبطل الصيام؟

تميل النَّفس إلى اشتهاء الطعام والشراب في نهار الصوم، وبالرجوع إلى مفسدات الصوم في كتب أهل العلم والفقه فلم يتم الوقوف على أنّ شهوة الطعام والشراب تبطل الصيام؛ إذ بطلان الصيام يُحتم دخول شيء من المنافذ المفتوحة إلى ما يتوقع أنّ له صلة مع المعدة مثل الأنف والأذن وغير ذلك، أمّا شهوة الطعام فهي أمرٌ بين المرء ونفسه لم تحققه الجوارح.[٣]


هل شهوة الأفعال المحرّمة تبطل الصيام؟

قد توسوس النّفس البشرية للإنسان بالأفعال المنكرة في نهار صومه كأن يقتل أو يزني أو يشرب المنكرات ولكنه لا يفعل شيء من ذلك، فعندها لا شيء عليه؛ إذ ذلك من حديث النفس الذي قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "إنَّ اللهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي ما حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ أوْ تَتَكَلَّمْ"،[٤] ويُحاول المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويطرد عنه تلك الأفكار الشيطانيّة.[٥]


هل ثوران الشهوة يبطل الصيام؟

إنّ مجرّد ثوران الشهوة في نهار رمضان ما لم يُلحق ذلك بفعل مقصود من المُكلّف مثل محاولة الاستمناء وغيره فهو لا يُفسد الصّيام، ويدعو المسلم ربّه دائمًا أن يصرف عنه تلك الأمور ويُخفف من ثوران شهوته في نهار صومه.[٦]


هل الاستمناء يبطل صيام الرجل؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: هل العادة السرية تبطل الصيام للرجال


هل إفرازات الشهوة الجنسية تبطل الصيام؟

تتنوع الإفرازات الجنسية ما بين المني والمذي، وتفصيل ذلك فيما يأتي:


المني

اختلف الفقهاء في مسألة إنزال الصائم للمني على عدة أقوال:[٧]

  • المذهب الحنفي واالشافعي: ذهب أصحاب المذهب الحنفي والشافعي إلى أنّ الصائم إذا أنزل المني نتيجة تكرار النظر إلى امرأة حسناء سواء وجهها أو فرجها فلا يفطر؛ لأنَّه يُصبح كحكم الذي أنزل من التفكر.
  • المذهب المالكي: رأى أصحاب المذهب المالكي إلى أنّ الصائم لو أمنى بتعمدٍ منه كأن فكر أو شاهد عمدًا فتلزمه الكفارة مع القضاء، أما لو كان به مرض والمني ينزل منه بغير إرادة فصومه صحيح ولا شيء عليه.
  • المذهب الحنبلي: رأى الحنابلة أنّ الصائم لو كرر النظر فلم ينزل فلا يفسد صومه، أمّا لو أنزل فيفسد صومه؛ لأنّ الإنزال صاحبه لذة.


المذي

ذكر أكثر أهل العلم أنَّ المذي لا يفسد به الصوم،[٨] إلا أن المالكية قالوا إنّ من أمذى بسبب التفكير وكان فعله ذاك من غير استدامة فيفسد صومه وعليه القضاء بدون كفارة، ولو أنه استدام إنزال المذي من الفكر فأيضًا لا تلزمه الكفارة بل القضاء فقط.[٩]


هل التخيلات تبطل الصيام؟


التخيلات غير المحرّمة

قد يتخيَّل الإنسان الكثير من الأمور وهو جالسٌ وقد لا تكون حرامًا مثل أن يخيّل نفسه يطير في الجو، أو يتخيَّل أنه يمتلك قوة خارقة وهذا كله لا يحرم ولا يُفسد الصيام، ولكن المسلم العاقل هو من ينشغل بالأعمال الصالحة في رمضان ويداوم على الطاعات لا مَن يُسلّم نفسه للخيالات التي لا طائل منها.[١٠]


التخيلات المحرّمة

إنَّ الأمر ما دام بين الإنسان ونفسه فتخيَّله لا يُفسد صيامه ما دامت الجوارح لم تأت بما يُفسد الصيام، كأن يتخيّل الإنسان نفسه يستولي على مال غيره، أو يتخيَّل كيف يؤذي جاره ويرمي عليه الأوساخ أو غيرها من الأفعال المحرمة، فما دام الأمر كله داخل الحيّز النّفسي للإنسان فلا شيء عليه، ومن ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي رواهالصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- ويقول فيه: "مَن همَّ بحسنةٍ فلم يعملْها كُتِبَت لَهُ حسنةً، فإن عمِلَها كُتِبَت لَهُ عشرًا، و مَن همَّ بسيِّئةٍ فلم يعملْها لم يُكْتَب عليهِ شيءٌ، فإنَّ عمِلَها كُتبَت عليهِ سيِّئةً واحدةً".[١١][٥]


التخيلات الجنسية

قد تطرأ على نفس الإنسان بعض التخيّلات الجنسية والمثيرات في نهار الصوم، وذلك كما ذكر أكثر أهل العلم لا يُعد مفسد للصيام حتّى ولو أنزل منهما الصائم منيًا، أمَّا المالكيّة فقد تفردوا بقولهم إنَّ المني إذا نزل نتيجة تلك التخيّلات حتى ولو لم يكن إنزالًا متعمدًا فعليه القضاء وقد فسد صومه هذا في حال أنّه لم يعتد ذلك الفعل، وأمّا لو أنّه قد استدام على فعل ذلك حتى أنزلَ فإنّه يلزمه الكفارة مع القضاء، وقالوا في المذي مثل ذلك إلا أنّ المذي يلزمه القضاء فقط سواء استدام ذلك أم لم يستدمه وليس عليه الكفّارة.[٩]


هل العادة السرية تبطل الصيام؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: حكم الاستمناء في رمضان


هل الشهوة توجب الغسل أم الوضوء؟

شهوة الأفعال غير المحرمة

إنّ الشهوة غير المحرمة تكون في الأمور الحياتية مثل الطعام والشراب والنزهة وغير ذلك، وبالنّظر إلى مسألة نواقض الوضوء في الإسلام فإنَّه لم يتم الوقوف على أنّ تلك الأمور قد تنقض الوضوء أو توجب الغسل.[١٢]


شهوة الأفعال المحرمة

إنّ الأفعال المحرمة -كما سبق تفصيله- تشمل جميع الأمور التي حرّمها الله تعالى، واشتهاؤها لا يقضي ببطلان الوضوء طالما أنّ الجوارح لم تأت بفعل يُنقضه.[١٢]


شهوة الأفعال الجنسية

إنّ شهوة الأفعال الجنسية لا تبطل الوضوء وتوجب الغسل بحد ذاتها، ولكن لو رافق ذلك الأمر خروج المذي من الجسم فإنّه يلزمه الاستنجاء منه بالماء أو الحجر والوضوء للعبادات،[١٣] أمَّا المني فلو نزل نتيجة التخيلات الجنسية فلا يُجزئه الوضوء بل يجب فيه الغسل.[١٤]


هل المداعبة الجنسية تبطل الصيام؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: مبطلات  الصيام بين الزوجين

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:14
  2. محمد أحمد كنعان، كتاب أزمات الشباب أسباب وحلول، صفحة 19-21. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 36. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5269، حديث صحيح.
  5. ^ أ ب ابن باز، كتاب مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 424. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 186. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 145. بتصرّف.
  8. ابن باز، كتاب مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 315. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 16900. بتصرّف.
  10. "حكم تخيل أشخاص خيالية لا وجود لها في الواقع"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 1/3/2021. بتصرّف.
  11. رواه أحمد شاكر، في عمدة التفسير، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:845، حديث إسناده صحيح.
  12. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 386. بتصرّف.
  13. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 316. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 143. بتصرّف.
6497 مشاهدة
للأعلى للسفل
×