هل الميت يحس عند الغسل

كتابة:
هل الميت يحس عند الغسل

هل الميت يحس عند الغسل؟

إنَّ إحساس الإنسان بعد خروج روحه منه هو من الأمور التي لم يتحدَّث عنها الشَّرع بصورة واضحة، وهو من الأمور الغيبيَّة التي لا يصحُ الحديث عنها إلّا إذا جاء فيها دليل قطعي، والأفضل للإنسان أن يتوقف عن الحديث والخوض في مثل هذه الأمور الغيبيَّة.[١]

وقد ورد في بعض كتب العلماء أنَّ روح الميت تكون في يد الملك أمام جسده، وقيل إنَّ الرُّوح تنظر إلى من يغسل جسدها وتعرفه وتعلم ما يحدث حولها، وقيل إنَّ هناك بعض الأحاديث في هذا الأمر والتي أخرجها أحمد بن حنبل والطبراني وأبو داود وغيرهم، ومن هذه الأحاديث ما حكم عليه بالضَّعف، فالخلاصة إذًا أنّ هذا الأمر -أي إحساس الميت بمن يغسله- من الأمور التي هي محل خلاف بين منكر لها ومؤمن بها، والله أعلم.[٢]


هل الميت يسمع ما يدور حوله؟

لقد قال بعض العلماء إنَّ الميت لا يشعر ولا يحس بما يدور حوله، ولا يدري شيئًا بما فعله به أهله،[٣] في حين ورد في كتاب مشارق الأنوار أنَّ روح الإنسان عندما تخرج وتكون بين يدي ملك تنظر إلى جسدها الميت، وتسمع عويل الأهل وصياحهم وبكاءهم،[٢] وقد قال ابن القيم في هذه المسألة إنّ الميت يسمع ويشعر بمن حوله لأنَّ الرسول -عليه الصلاة والسَّلام- أمر بإلقاء السَّلام على الأموات، كما ورد عن النَّبي -عليه الصلاة والسَّلام- أنَّ الميت يُعذب بنواح أهله عليه فهو يسمعهم ويُعرض عليه بكاؤهم فيرقّ لهم، وهذا هو العذاب كما قال الإمام النووي، وبمثله قال القاضي عياض والطّبري.[٤]


ومن ينكر إحساس الميت بمن حوله يحتجُّ بقوله تعالى في سورة فاطر: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ}،[٥] وقد احتجّ من ينكر هذا الأمر بالحديث الذي ورد عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب قتلىبدر بقوله: "يا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ وَيَا فُلَانَ بنَ فُلَانٍ هلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسولُهُ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي اللَّهُ حَقًّا. قالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ قالَ: ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، غيرَ أنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ شيئًا"،[٦] فقالوا إنَّ هذا اختصاص من الله -سبحانه- لنبيه عليه الصَّلاة والسَّلام.[٧]


ولأنَّ سماع الميت لما يدور حوله من الأمور الغيبيَّة والعقائدية والتي لا يمكن البتُّ فيها إلا بدليلٍ قاطعٍ من القرآن والسَّنة فقد قيل إنَّ الإيمان بسماع الرُّوح لما حولها ليس واجبًا على المؤمن وإنَّ من ينكر هذه المسألة ليس بكافر كما أنّ الإيمان بها لا يوجب المثوبة.[٢]


هل يبدأ عذاب الميت وهو في الثلاجة قبل دفنه؟

إنّ ما وصل من أحاديث عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّ الميت لا يُسأل عمَّا فعله في الحياة الدُّنيا ولا يحاسب إلا عند دفنه، فحتَّى لو وضع في الثَّلاجة ومهما طالت المدَّة فحسابه يكون بعد الدَّفن، ويتعلق بهذه المسألة مسألة الميت الذي قد أُحرِقَ أو أكله السَّبع فهؤلاء جميعًا سيحاسبون ولكن الهيئة والكيفيَّة غير معلومة.[٨]


هل روح الميت تبقى في بيته؟

من الأقوال التي انتشرت بين عامة النَّاس أنَّ روح الميت تبقى في بيته بعد موته قرابة الأربعين يومًا، وهذا من الخرافات التي انتشرت ولا أساس لها في الشَّرع، فالإنسان عندما تفارق روحه جسده تصبح روحه في عالمٍ آخر، فإمَّا أن تقيم في نعيم إلى أن يأذن الله أو في العذاب الأليم، وقد وردت بعض الأقوال والأخبار أنَّ الميت يعلم أخبار أهله إلَّا أنَّ هذا الأمر لم يثبت بطريق شرعي أو دليل قاطع.[٩]


هل يرى الميت روحه عندما تخرج؟

لقد ذهب العلماء من أهل السُّنة والجماعة إلى أنّ الميت يرى مستقرّ روحه بعد أن يغادر جسده، فالإنسان إذا خرج منه روحه فإنّه يراه ويتبعه ببصره حتى يرى مآله إلى نعيم أم إلى جحيم، فلقد ورد عن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الإنسان عندما يكون في حالة الموت فإنَّه قادرٌ على رؤية روحه وهو يخرج إلى بارئه.[١٠]


ومن الأدلّة على ذلك الحديث الذي روته أمُّ سلمة أمُّ المؤمنين عند موت زوجها السابق أبي سلمة رضي الله عنهما، فلقد كان شاخصًا ببصره، فأغمض النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- عينيه، وقال: "إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ"،[١١] ولكنّ الكيفية والهيئة التي يرى بها الميت روحه أو حتَّى المدة التي يرى بها الميت روحه مجهولة وغير معلومة؛ وذلك لأنَّ ماهيَّة الروح مجهولة لا تُعرَف، وقد قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.[١٢][١٣]


هل العذاب والنعيم للجسد والروح أو للروح فقط؟

لقد اختلف العلماء فيما إذا كان عذاب القبر ونعيمه للرُّوح والجسد أو للرُّوح وحدها، فجمهور أهل السنّة من المتكلّمين والفقهاء ذهبوا إلى أنَّ العذاب والنَّعيم يكون للرُّوح والجسد معًا، وذهب الغزالي وابن هبيرة إلى أنَّ العذاب والنَّعيم يكون للرُّوح فقط، أمَّا ابن تيميَّة فقد قال بأنَّ العذاب والنَّعيم تارةً يكون للرُّوح مجتمعةً مع الجسد وتارةً يكون للرُّوح وحدها.[١٤]


أمَّا النووي فقد قال بأنَّ العذاب والنَّعيم يكون للجسد بعد أن يردَّ الله الرُّوح إليه أو لجزءٍ منه، في حين قال ابن جرير الطبري إنَّ الميت يتعرَّض للعذاب أو النَّعيم في قبره ولكن من غير أن تُرَد له روحه، ومع ذلك فهو يشعر بالألم، وقد ذهب ابن القيم إلى أنَّ أحكام عالم البرزخ من عذاب أو نعيم التي تجري على الأرواح والأجساد تكون تابعةً للرُّوح، كما كانت الرُّوح تابعةٌ للجسد في الحياة الدُّنيا.[١٤]


هل يشعر الميت بالدود وهو يأكل جسده؟ لمعرفة ذلك وغيره من الأسئلة؛ قم بالاطلاع على هذا المقال: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 12796. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 304. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 56. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 290. بتصرّف.
  5. سورة فاطر، آية:22
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2873، حديث صحيح.
  7. ابن باز، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 148. بتصرّف.
  8. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داوود للعباد، صفحة 90. بتصرّف.
  9. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 81. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1614. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:920، صحيح.
  12. سورة الإسراء، آية:85
  13. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1614. بتصرّف.
  14. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 258 259. بتصرّف.
6110 مشاهدة
للأعلى للسفل
×