محتويات
اختلاف رأي المذاهب في حكم أكل لحم الحصان
تعددت آراء الفقهاء في حكم أكل لحم الحصان؛ فذهب الشافعيّة، والحنابلة، وبعض المالكيّة، وصاحبا أبي حنيفة إلى جواز أكل لحم الحصان، وأنَّه كغيره من سائر المباحات؛ لأنَّ القاعدة الشرعية تقول: "إنَّ الأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يأتي نصٌ يدل على التحريم"، ولقوله -تعالى-: (قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ)،[١] والآية الكريمة تدل على الإباحة العامة باستثناء بعض المحرَّمات، ولم يُذكر الحصان على أنَّه واحد من هذه المحرَّمات، ممَّا يعني أنَّ أكله مباح.[٢]
هذا وقد ثبت أكل لحم الحصان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن أسماء -رضي الله عنها- قالت: (نَحَرْنَا علَى عَهْدِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَرَسًا فأكَلْنَاهُ)،[٣] كما ثبت ذلك عن بعض الصحابة،[٢]وذهب الحنفيّة إلى كراهة أكل لحم الحصان، بينما ذهب المالكيّة في المشهور عندهم إلى القول بحرمة أكل لحم الخيل.[٤]
حالات أحلَّ فيها الفقهاء أكل لحم الحصان فيها
ذهب الشافعيّة، والحنابلة، وجمعٌ من أهل العلم، إلى إباحة أكل لحم الحصان في سائر الأحوال؛ وذلك لأنَّ الله -تعالى- لم يذكره في جنس المُحرمات في قوله: (قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ)،[١] ولأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رخَّص بأكلها كما ثبت ذلك عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- نَهَى يَومَ خَيْبَرَ عن لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ في لُحُومِ الخَيْلِ).[٥][٤]
وذهب بعض أهل العلم كالمالكيّة، وغيرهم، إلى حرمة أكل لحم الحصان في حال الاختيار، أمَّا في حال الاضطرار -أي الحاجة الشديدة-؛ فقد أجمع أهل العلم على إباحة الأكل من الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وكذلك سائر المحرمات، استنادًا لقوله -تعالى-: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[٦] والقاعدة الأصولية تقول: "الضرورات تُبيح المحضورات".[٧]
ما ثبت تحريمه من اللحوم في القرآن الكريم
لقد ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم أربعة أصناف من اللحوم المُحرَّمة، وقد ذُكرت في أكثر من آية، ومنها قوله -تعالى-: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ)،[٨] وهذه الأصناف كما يأتي:[٩]
- الميتة: وهي ما مات بغير ذكاة شرعية، سواء أكان الموت بسبب أم بغير سبب، ومثال ذلك ما ورد في قوله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ).[١٠]
- الدَّم: والمقصود به الدَّم الذي يجري عند الذبح، وليس الدم الباقي في اللحم أوالعروق، قال -تعالى-: (أَو دَمًا مَسفوحًا).[١][١١]
- لحم الخنزير: والمراد كل ما في الخنزير من لحم وشحم، قال -تعالى-: (أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ)،[١]والرّجس معناه النَّجس.
- ما ذُبح لغير الله: لقوله -تعالى-: (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ)، والسبب في تحريمه المحافظة على عقيدة التوحيد والإيمان بالله وحده.
المراجع
- ^ أ ب ت ث سورة الأنعام، آية:145
- ^ أ ب "لحم الخيل"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25-7-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:5510، صحيح.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 2594. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1941، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية:173
- ↑ "موقف الشرع من أكل الميتة عند الضرورة"، إسلام ويب، 18-1-2003، اطّلع عليه بتاريخ 26-7-2021. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:173
- ↑ صلاح الدق (29-10-2018)، "أحكام الأطعمة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 26-7-2021. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:3
- ↑ "حكم الدم المتبقي في العروق"، إسلام ويب، 10-10-2006، اطّلع عليه بتاريخ 26-7-2021. بتصرّف.