هل مؤشر كتلة الجسم الصحي يعني جسم سليم؟

كتابة:
هل مؤشر كتلة الجسم الصحي يعني جسم سليم؟

الرأي السائد هو أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة للاصابة بأمراض خطيرة.ولكن الأبحاث تظهر أن هناك "بدناء سليمين" يعانون من هذه المشاكل.

الوزن الزائد، كالقنبلة الموقوتة والتي يمكن أن تنفجر في أي لحظة لتولد أمراض السكري، والقلب، ومضاعفات صحية اخرى. وكثيراً ما يقال بأن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، معرضون لخطر يهدد حياتهم. ولكن الأطباء يدركون بأن تأثير " السمنة" قد يختلف من جسم لآخر. إذ يمكن لأحدهم أن يعيش لسنوات طويلة، وبصحة جيدة رغم وزنه الزائد، بينما تجد آخر، يزن نفسه بإستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI) - المستخدم لتحديد نسبة السمنة في الجسم من خلال العدد الناتج عن العملية الحسابية، وتجده يملك الوزن ذاته اذ تم مقارنته مع الأول، ولكنه يعاني من مشاكل صحية خطيرة.

وتشير الدراسات مؤخراً، الى ضرورة إعادة تعريف الطريقة التي يتعامل بها الأطباء مع الأشخاص، الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة. حيث تحدثت الدراسات عن وجود شكوك فيما يتعلق بكيفية تأثير مؤشر كتلة الجسم والوزن على الصحة، حتى في الحالات التي تكون فيها "السمنة" شديدة. ومع ذلك،  فإن التحدي الذي يبرز من خلال النتائج، العثور على طريقة للتمييز بين " البدناء السليمين صحياً"،  وبين "البدناء" الذين لا يعانون من أي مضاعفات، ولكنهم قد يطورها في المستقبل.

مؤشر BMI، ليس وحده من يقيس "السمنة"

دراسة نشرت في مجلة Canadian Medical Association Journal، وأستندت على تحليل بيانات 8000 شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، ممن شملهم المسح الوطني الصحي، ومسح لفحص التغذية البشرية.

وكان سؤال الدراسة يتضمن : هل قياس (BMI) وحده، يمكن أن يحدد من هو المعرض لخطر الموت المبكر؟

مؤشرBMI، يقيس الوزن بالنسبة للطول، ولكنه لا يشمل قياس نسبة الدهون في الجسم. إذ يعتبر أن الشخص الذي لديه مؤشر كتلة الجسم تتراوح ما بين 25 الى 29 شخصاً يعاني من زيادة الوزن، ومن لديه مؤشر كتلة الجسم أعلى من 3، يعرف أنه يعاني من "السمنة".  ويذكر أن مؤشر كتلة الجسم (BMI) يستخدم كمقياس للسمنة منذ الثمانينات.

وفي هذه الدراسة، أعطي لكل شخص، يعاني من زيادة الوزن تصنيفاً، وفقا لنظام تم تطويره من قبل رئيس البحث. وتم وضع درجات لتصنيف المشاركين في البحث فما هي :

  • درجة صفر: وتشمل الأشخاص، الذين يعانون من السمنة، لكن ليس لديهم مشاكل صحية.
  • درجة واحد:  تشمل الأشخاص الذين يعانون من مستوى ضغط دم قريب من الحد الأعلى أو المرتفع، أو الذين لديهم مستويات جلوكوز مرتفعة، وأعراض جسدية خفيفة، مثل الألم. لا تشمل هذه الدرجة الأشخاص الذين يعانون من أمراض سريرية.
  • درجة إثنان: تشمل الأمراض المرتبطة بالسمنة، مثل إرتفاع ضغط الدم، والسكري، وتوقف التنفس أثناء النوم. وبعض الأشخاص الذين شملتهم هذه الدرجة على الأقل كانوا يعانون من خلل في أنشطتهم اليومية.
  • درجة ثلاثة: تشمل الأشخاص الذين أصبح لديهم ضرر عضوي في الجسم، مثل فشل القلب، ومضاعفات السكري، وإلتهاب المفاصل. و بعض الأشخاص الذين شملتهم هذه الدرجة، كانوا يعانون من الإكتئاب والميل للإنتحار.
  • درجة أربعة: وهي  الدرجة الأخطر، والتي تشمل الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وإعاقات جسدية، ووظيفية خطيرة.

طريقة التصنيف أعلاه، تنبئ فرصة حدوث الموت المبكر، لدى الاشخاص الذين يعانون من السمنة.

وتظهر الدراسة بوضوح أنه لا يمكن الإعتماد فقط على مؤشر كتلة الجسم (BMI) عند تشخيص حالة الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وإنما يجب الأخذ بالحسبان ،عوامل الخطر الأخرى. وبطبيعة الحال، إن الأشخاص الذين يكون لديهم مؤشر كتلة الجسم مرتفع، يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بمضاعفات صحية خطيرة، ولكن وفقاً لنتائج الدراسة، فإن خمسهم تقريبا، لن يعانوا من مشاكل كهذه.

المزيد حول: حساب الوزن المثالي أو BMI هل هو دقيق؟

التغذية السليمة تقي من " السمنة"

وفي دراسة أخرى، نشرت في مجلة Applied Physiology, Nutrition and Metabolism وجد الباحثون نتائج مشابهة للدراسة السابقة. إذ استخدمت هذه الدراسة، بيانات من دراسة طويلة أجريت بمشاركة 30,000 شخصاً، ممن خضعوا لفحوص دورية في عيادة في ولاية تكساس بين عامي (1987-2001).

 إستخدمت هذه الدراسة، أيضا نظام الدرجات المذكور أعلاه والتي اعتمدت عليها الدراسة السابقة. ولم تظهر الدراسة هذه، فرق بين نسبة خطر حدوث الوفاة المبكرة، بين أشخاص ذوي الوزن الطبيعي، والأشخاص الذين تم تصنيفهم في درجة صفر من حيث السمنة.

وعلى الرغم بأن كثير من الدراسات، أثبتت أن هناك الاشخاص الذين يعانون من " السمنة المفرطة" يتمتعون بصحة جيدة وفي ممارسة جميع نشاطاتهم اليومية. فإن عدد من الباحثين أنتقدوا هذا النهج، بحجة أن الدراسة، فحصت فقط فرص حدوث الوفاة المبكرة، وليس فرص أن يحتاج الشخص الذي يعاني من السمنة، إلى عملية جراحية لإستبدال الركبة، أو إستبدال مفاصل الورك، على سبيل المثال.

 وهذه المخاطر أيضا تنبع من السمنة. وعلاوة على ذلك، يدعي المنتقدون للدراسة، أن النتائج التي تم التوصل إليها، لا تقترح حل لمشكلة وصمة العار الإجتماعية والمهنية، التي يواجهها الأشخاص، الذين يعانون من السمنة المفرطة.

من هم "البدناء السليمين صحياً"؟

ما الذي يحدد من سيعيش طويلاً ويموت بحالة جيدة؟ ومن هو المعرض لخطر الإصابة بأمراض شديدة، وخطر الموت المبكر؟ هناك بعض العوامل التي قد تلعب دوراً في ذلك ومنها عوامل وراثية، أي احتمالية اصحابة شخص معين بمرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو التهاب المفاصل.  وكلما زاد وزنه تكون إحتمالية الاصابة بهذه الامراض أعلى، أو اذا كان لدى المريض أقرباء قد أصيبوا بأحد هذه الامراض.  

 قد تكون نوعية النظام الغذائي ومستوى اللياقة البدنية من العوامل أيضا المسببة للبدانة، ولكن إن كان الشخص الذي يعاني من زيادة الوزن، يمارس التمارين الرياضية ويتناول الغذاء الصحي، فإن هذا يقيه من فرص الإصابة بالمشاكل الصحية.

في الختام، يؤكد الباحثون، أن النقطة المهمة، أنه في كثير من الأحيان يصعب معرفة ما هي المخاطر التي يواجهها الشخص المصاب، بالإعتماد على معطيات الطول والوزن فقط. وعادة ما يطلب من المصاب بالسمنة الخضوع لفحوصات طبية إضافية.

4074 مشاهدة
للأعلى للسفل
×