هل مرض التوحد وراثي

كتابة:
هل مرض التوحد وراثي

مرض التوحد

مرض التوحد هو من الأمراض التي تستدعي تكاتف جهود الأهل والمُختصين لمساعدة المُصاب على التأقلم مع حالته، وتخطي العقبات التي تواجهه، ويُعرف مرض التوحد، أو ما يطلق عليه أيضًا اضطراب طيف التوحد (Autism spectrum disorder)، بأنَّه الاضطراب الذي يتميز مصابوه بضعف مهارات التواصل الاجتماعيَّة، وتكرار بعض السلوكيات مثل؛ تحريك اليد، أو تكرار كلمات معينة، أو التعبير عن أفكارهم بتكرار، كما يواجهون أيضًا صعوبة في تحمل الضوضاء أو الأضواء الساطعة، كذلك يكون المصاب أكثر عُرضة للإصابة ببعض المشاكل النفسية، كالقلق، والاكتئاب، وحقيقةً، تظهر أعراض المرض في مراحل الطفولة المبكرة، إذْ يعاني أطفال التوحد من صعوبة فهم واستعمال الإشارات مثل؛ لغة الجسد، أو لغة العيون، أو تعبيرات الوجه، والإيماءات، ممَّا يوجِد صعوبة في التعبير عن المشاعر وحاجاتهم، أو فهم الآخرين.[١]

وعلى الرغم من محدوديَّة قدرات المصابين الاجتماعية، إلَّا أنّهم قد يملكون مهارات لغوية وفكرية، بل قد يمتلك البعض قدرات مميَّزة في مجالات الذاكرة، والموسيقى، والرياضيات، وغيرها من المجالات.[١]


هل مرض التوحد رواثي؟

للإجابة عن هذا السؤال، يجب إلقاء نظرة سريعة على الدراسات التي بحثت في الأسباب المؤدية لمرض التوحد، والتي أثارت الجدل حول علاقة العوامل الجينية والبيئية بفرصة الإصابة بالمرض.[٢]

حقيقةً، أقر الباحثون منذ عام 1970 مساهمة العوامل الجينية في الإصابة بالتوحد، وذلك عندما وُلِد توأم متماثل يُعاني كلاهما من التوحد، ومنذ ذلك الحين، استمرت الأبحاث في توضيح فكرة أنَّ التوحد عبارة عن مرض وراثي.[٣]

فقد أجريت دراسة حديثة في جامعة كولومبيا للبحث عن أسباب الإصابة بالتوحد، وضمت الدراسة أكثر من مليوني طفل من خمسة بلدان مشاركة، جميع الأطفال من مواليد الفترة بين 1998-2012، وقد وُجد أنَّ أكثر من 22 ألف طفل في المجموعه قد أصيب بطيف التوحد، وتوصلت الدراسة إلى نتائج تتلخَّص بأنَّ 80% من مخاطر الإصابة بالتوحد تُعزى للعوامل الجينية، فقد بين الباحثون أنَّ مخاطر الإصابة بالتوحد متعلقة بنسبة الجينات المشتركة مع الأشقاء أو الآباء المصابين بالتوحد، بينما احتلت العوامل البيئية 19% من مخاطر الإصابة بالمرض، إذْ تلعب العوامل البيئية دور بسيط ولكنَّه هام للإصابة بالتوحد، ولكنْ لم تحدِّد الدراسة طبيعة العوامل البيئية أو الجينات المسبِّبة للتوحد في العديد من الأطفال، وهي الخطوة التالية التي يجب القيام بها.[٢][٤]

حيث بحثت دراسة أخرى أقيمت في جامعة هارفارد بالتعاون مع وحدة الوراثة التحويلية في مستشفى ماساتشوستس العام حول الجينات المسؤولة عن الإصابة بالتوحد، وقد تعرَّفت الدراسة على 102 جين متعلق بمرض التوحد، منها 52 جين مرتبط ارتباطًا قويًّا بالتوحد،[٢][٤] فعلى الرغم من عدم وجود جينات معينة مسؤولة عن مرض التوحد، يوجد حتى الآن قائمة تضم حوالي 100 جين مرتبط بقوة في الإصابة بالتوحد.[٣]

وبناءً على ما سبق، يُمكن القول بأنَّ الجينات الموروثة تلعب دورًا هامًّا في الإصابة بمرض التوحد، وأنَّه ربما يكون مرضًا وراثيًّا فعلًا، وعمومًا، لا تزال هناك حاجة إلى إجراء مزيد من الأبحاث لتوضيح كيفيَّة تأثير العوامل البيئية، والاستعداد الجيني في تطوُّر التوحد.[٢]


الجينات وإصابة الإناث والذكور بالتوحد

من المعروف أنَّ مرض التوحد شائعًا أكثر بين الذكور منه بين الإناث، ولتفسير سبب ذلك، لا بدّ من النظر في بعض الدراسات والنتائج المتعلقة بهذا الشأن، فقد وُجد أنَّ لدى الفتيات اللواتي يعانين من التوحد عدد أكبر من الطفرات الجينيَّة مقارنةً بالأولاد المصابين بالتوحد، ليس ذلك فحسب، فإنَّ الأولاد الذكور المصابين بالتوحد يرثون أحيانًا الطفرات من الأمهات غير المصابات بالمرض، وهذا يعني في نهاية المطاف احتمالية امتلاك الفتيات مقاومة أكبر للطفرات المسبِّبة للتوحد، وأنَّ إصابتهنّ بالتوحد بحاجة إلى حدوث تغير جيني واضح للتأثير عليهن.[٣]


نصائح للعناية بأطفال التوحد

من الضروري جدًّا اكتشاف التوحد وتشخيصه في وقتٍ مبكر من عمر الطفل، الأمر الذي يجعل العلاج أكثر فعاليَّة في السيطرة على الحالة، لذا يُنصح بزيارة الطبيب المختص إذا لوحظ وجود خلل أو مشكلة في أيْ من السلوكات التي عادةً ما تظهر في المراحل الأولى من عمر الطفل، إذْ يتبسَّم الطفل الذي لا يعاني من التوحد في عمر 6 أشهر، ويبدأ بتقليد تعابير الوجه والأصوات في عمر 9 شهور، وتبدأ لديه الإيماءات قبل عمر 14 شهر، ويستخدم كلمة واحدة بعمر 16 شهر، بينما يستخدم جمل مكوَّنة من كلمتين أو أكثر في عمر 24 شهر.[٥]

في الحقيقة، كل طفل أو بالغ مصاب بالتوحد يُعتَبر حالة فريدة ونادرة، لديها نقاط قوة مميَّزة، ونقاط ضعف، لذلك من الصعب إيجاد علاج يناسب جميع الأفراد، وإنما يُحدَّد لكل شخصٍ علاجه الخاص الذي يلبي حاجته، فربما تطلّب الأمر البدء بالعلاج الدوائي، أو العلاج السلوكي، أو بالاثنين معًا، كذلك قد يُعاني العديد من مرضى التوحد من حالات مرضيَّة أخرى، كقِلَّة النوم، ومشاكل الجهاز الهضمي، وهو ما يستدعي توفير العلاج المناسب لحل هذه المشكلات.[٦]

وبعيدًا عن العناية الطبية والعلاجات، يمكن تقديم الدعم للأبناء المُصابين بالتوحد عن طريق اتباع النصائح الموضحة على النحو الآتي:[٧]

  • الحفاظ على استمرار الروتين المُتَّبع والانتظام بالمواعيد، وذلك لمساعدة الطفل على تطبيق ما تعلمه في العلاج، وتنمية المهارات والسلوكيات لديه.
  • الصبر وعدم تعجُّل الحصول على النتائج، والمحافظة على النظرة الإيجابيَّة للأمور، فربما تكون هناك حاجة لتطبيق تقنيات وطرق مختلفة للتوصُّل إلى أفضل الوسائل في التعامل مع الطفل.
  • الحصول على الدعم، إذْ توفِّر العديد من الجهات الدعم لأهالي أطفال التوحد، سواءًا كان الدعم من خلال الاجتماعات الفعليَّة مع المختصين، والأصدقاء، أو عبر الإنترنت، ويمكن الحصول أيضًا على الاستشارات الفردية، أو العائلية.
  • الاهتمام بجانب المُتعة والمرح، فمن الضروري إضافة الأنشطة المُمتعه في الجدول اليومي للطفل، والتي لابدّ أنْ تكون بعيدة عن العلاج والتعلم، فبذلك يُمكن تعزيز التواصل مع الطفل بصورة أفضل، وتوطيد العلاقة معه.
  • التركيز على التحفيز الإيجابي للطفل، فمكافأة الطفل بجائزة عند قيامه بسلوك أو تصرف جيد يعزِّز الشعور الجيد لديه.
  • أخذ الطفل ومرافقته في جميع الأنشطة اليوميَّة، كشراء الحاجيات من البقالة، أو الذهاب إلى مكتب البريد، إذْ يساعده ذلك على استكشاف العالم من حوله.
  • الاستعانة بخدمات الرعاية المؤقتة في بعض الأحيان، والتي لابدّ من توفرها لأخذ مهام العناية بالطفل لبعض الوقت، وإتاحة الفرصة للوالدين لأداء الأعمال الضرورية، أو التنزه لاستعادة الصحة والنشاط، والرجوع للمنزل في كامل الاستعداد لمواصلة العناية بالطفل.


المراجع

  1. ^ أ ب "Autism spectrum disorder", ghr.nlm.nih, Retrieved 21-11-2018.
  2. ^ أ ب ت ث Mihaela Dimitrova, "Evidence for Autism being a Genetic Condition", news-medica, Retrieved 2020-10-04. Edited.
  3. ^ أ ب ت NICHOLETTE ZELIADT (2020-09-02), "Autism genetics, explained", spectrumnews, Retrieved 2020-10-04. Edited.
  4. ^ أ ب E.J. Mundell, "Autism Largely Caused by Genetics, Not Environment", webmd, Retrieved 2020-10-04. Edited.
  5. "What Are the Symptoms of Autism?", webmd, Retrieved 2020-10-04. Edited.
  6. "Treatments for Autism", autismspeaks, Retrieved 2020-10-04. Edited.
  7. "Tips for Parenting a Child on the Autism Spectrum", webmd, Retrieved 2020-10-04. Edited.
4064 مشاهدة
للأعلى للسفل
×