هل يجوز الجمع بين الزكاة والصدقة؟

كتابة:
هل يجوز الجمع بين الزكاة والصدقة؟

حكم الجمع بين الزكاة والصدقة

حكم الجمع بين الزّكاة والصدقة يقع ضمن مسألة التّشريك في النيّة،[١] وقد ذهب أهل العلم إلى عدم جواز الجمع بين الزكاة والصّدقة؛ على اعتبار أنّ الزّكاة فريضة واجبة خلافاً للصّدقة، وهي بذلك تحتاج إلى نيّة مستقلّة، لا يجتمع معها نيّة أخرى.[٢]

وإنْ أخرج المسلم عشرة دنانير -مثلاً- ونوى بها الزّكاة والصدقة معاً لا تُجزئ عن الزّكاة، وتقع منه صدقة،[٢] أمّا لو أدّى زكاة ماله وزاد عن المقدار المحدّد شرعاً صدقة منه؛ فلا خلاف بين أهل العلم على جواز ذلك.

إضافة إلى ما سبق؛ لا يجوز الجمع بين الزّكاة والصّدقة عن الميّت، حيث إنّ الزّكاة فريضة لا يجوز أنْ تتعلّق بها ذمّتان؛ خلافاً للصدقة التي أجاز أهل العلم أنْ يُشرك المرء في نيّته غيره؛ كأنْ يقول: هذا عنّي وعن والدتي المتوفاة.[٣]

الفرق بين الزّكاة والصدقة

يظهر الفرق بين الزّكاة والصدقة من جوانب عديدة، ويمكن تلخيصها على النّحو الآتي:[٤]

  • فُرضتْ الزكاة شرعاً في أمور محدّدة، وهي: عروض التّجارة، والذهب والفضّة، والزّروع والثّمار، وفي بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم؛ خلافاً للصّدقة التي يقدّمها المسلم ممّا تجود به نفسه من غير تحديد لنوعها.
  • يشترط لوجوب الزكاة حولان الحَول وبلوغ النّصاب المقرّر شرعاً، ولها مقدار محدّد؛ خلافاً للصدّقة حيث لا تجري عليها هذه الشروط.
  • تُعطى الزكاة لفئات محدّدة شرعاً؛ بمعنى أنّها لا تجوز لغيرهم، ومصارف الزّكاة مقرّرة في قول المولى -سبحانه-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)،[٥] بينما تجوز الصّدقة على هذه الفئات وغيرها.
  • ذهب أهل العلم -على تفصيل فيما بينهم- إلى أنّه لا يجوز أداء الزّكاة لمنْ تجب على المسلم نفقتهم كالأصول والزّوجة؛[٦] بينما يجوز له أنْ يجود عليهم من صدقته.
  • لا يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلم، ويجوز إعطاؤه من الصدقة؛ لقوله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)،[٧] ووجه الدّلالة في الآية أنّ الأسير في ديار المسلمين لا يكون مسلماً.

الفرق بين الزّكاة والصّدقة من حيث عدم أدائها

يترتّب على منع الزّكاة وعدم أدائها أموراً عدّة وأحكاماً شرعية، ويمكن من خلالها استنباط الفرق بين الزكاة والصّدقة في هذا الجانب.

عذاب مانع الزكاة يوم القيامة

يعذب مانع الزكاة يوم القيامة، ويشقى عند لقاء الله -عزّ وجلّ- بسبب منعها عن مستحقّيها؛ خلافاً للصدقة التي يُثاب فاعلها، ولا يعاقب المسلم بتركها، وقد صحّ في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (ما مِن صاحِبِ كَنْزٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَهُ، إلَّا أُحْمِيَ عليه في نارِ جَهَنَّمَ، فيُجْعَلُ صَفائِحَ فيُكْوَى بها جَنْباهُ، وجَبِينُهُ حتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بيْنَ عِبادِهِ، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ،

وما مِن صاحِبِ إبِلٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَها، إلَّا بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، كَأَوْفَرِ ما كانَتْ، تَسْتَنُّ عليه، كُلَّما مَضَى عليه أُخْراها رُدَّتْ عليه أُولاها، حتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بيْنَ عِبادِهِ، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ، وما مِن صاحِبِ غَنَمٍ، لا يُؤَدِّي زَكاتَها إلَّا بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، كَأَوْفَرِ ما كانَتْ فَتَطَؤُهُ بأَظْلافِها وتَنْطَحُهُ بقُرُونِها، ليسَ فيها عَقْصاءُ ولا جَلْحاءُ، كُلَّما مَضَى عليه أُخْراها رُدَّتْ عليه أُولاها، حتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بيْنَ عِبادِهِ في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ).[٨][٩]

وجوبها في مال التّركة

إذا مات المسلم وقد وجبت عليه الزّكاة يجب على الورثة أنْ يؤدّوا حقّ الله من مال التّركة قبل تقسيم الميراث، ولا يشترط أنْ يكون الميّت قد أوصى بها؛ أمّا الصدقة فلا يشترط فيها هذا الأمر، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة، ولهم في المسألة تفصيل يمكن الرّجوع إليه.[١٠]

دلالة الصّدقة بمفهومها الواسع

لعلّه لا يخفى أنّ لفظ الصّدقة عند إطلاقه يُقصد به جميع أعمال البرّ، وتأكيداً على هذا المعنى صحّ في الحديث عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: (كُلُّ مَعروفٍ صَدَقَةٌ).[١١]

وقد ذكر أهل العلم وشُرّاح الحديث أنّ كلّ خير من فعل المسلم أو قوله يكتب له صدقة عند الله -تعالى- وله حكمها في الثواب، وعلى هذا المعنى يتّسع معنى الصدقة ليشمل كلّ أبواب الخير؛ كإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، والكلمة الطيبة، وذكر الله -تعالى- وقراءة القرآن، ونوافل العبادات، وغيرها.[١٢]

المراجع

  1. محمد أحمد (4/2/2020)، "التشريك في النية"، مداد، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب دائرة الإفتاء (16/3/2014)، "لا يجوز دفع الزكاة بنية الزكاة والصدقة معًا"، دائرة الإفتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  3. فريق الموقع (5/7/2010)، "هل يجوز أن تخرج المال بنية الزكاة عنها والصدقة الجارية عن والدها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/6/2023. بتصرّف.
  4. فريق الموقع (17/12/2017)، "هل تخرج الزكاة التي قصر فيها الميت من وصيته؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/6/2023. بتصرّف.
  5. سورة التوبة، آية:60
  6. فريق الموقع، "هل يجوز إعطاء الأقارب الزكاة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 23/6/2023. بتصرّف.
  7. سورة الإنسان، آية:8
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:987 ، صحيح.
  9. عبد الله الرحيلي (19/4/2021)، "فريضة الزكاة"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 23/6/2023. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، دمشق:دار الفكر، صفحة 1980، جزء 3. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:6021 ، صحيح.
  12. فريق الموقع، "شرح حديث: كل معروف صدقة"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 23/6/2023. بتصرّف.
4198 مشاهدة
للأعلى للسفل
×