وسائل الإنارة قديماً وحديثاً

كتابة:
وسائل الإنارة قديماً وحديثاً

وسائل الإنارة قديماً وحديثاً

فيما يأتي توضيح لوسائل الإنارة وتطورها عبر الزمن:


النار

ارتكزت فكرة الإنارة على احتراق الوقود منذ آلاف السنين، حيث تنوّعت طرق الإنارة على مرّ العصور، وأولى هذه الطرق التي اكتشفها العلماء ترجع للعصر الحجري الحديث أي قبل 10,000 عام تقريباً، إذ وجد العلماء في عام 1991م رجلاً يعود للعصر الحجري الحديث يُطلق عليه اسم أوتزي محفوظاً داخل نهر جليدي في جبال الألب.[١]


حيث وُجد على حزامه معدّات لصنع النار، مثل: البيريت اللازم لإحداث الشرارة، وبودرة مصنوعة من الفطر الجاف للإشعال، وجمر الأرز الملفوف بأوراق الشجر، ويُشار إلى أنّ الخشب كان الوقود الأول الذي استخدمه الإنسان للإنارة، حيث تُشير المراجع إلى أنّه وقبل 3000 سنة كانت قصائد الشاعر هوميروس تروي استخدام خشب الصنوبر للإنارة بسبب سهولة وسرعة اشتعاله.[١]


تطوّر الأمر مع مرور الوقت ففي العصر الروماني استُخدم الخشب المُعالج بالزفت والموضوع في أوعية مثقوبة من الجوانب، حيث يُحرق بداخلها ويُستخدم أثناء التنقّل، ويُذكر أنّ هناك أدلة تُشير إلى استعمال الزيوت في المصابيح منذ أكثر من 4500 عام في مدينة أور القديمة الواقعة في جنوب بلاد ما بين النهرين، حيث كانت تُستخدم زيوت الزيتون المزروعة بكثرة في أنحاء البحر الأبيض المتوسط.[١]


ويُشار إلى أنّ أوروبا اعتمدت على الزيوت الحيوانية المُستخلصة من الأسماك والحيتان كوقود للإضاءة، حيث لُوحظ ازدياد صيد الحيتان في تلك الفترة، ومع مرور الوقت وتطوّر المواد المُستخدمة قدّم مشيل شفرول في القرن 19م فكرة إنتاج الستيرين المُستخدم في صناعة الشموع، وفي عام 1860م قُطِّر البرافين من البترول وأُنتجت كميات هائلة منه، ممّا سهّل عملية صناعة الشموع عالية الجودة بثمن رخيص.[١]


المصادر الصناعية الأولى للضوء

انتشر استعمال الشموع والمصابيح الزيتية في القرن 18م في معظم المنازل والشركات، ولكنّ إضاءتها كانت ضعيفة، وكانت تصدر منها روائح كريهة، بالإضافة إلى خطورتها والحاجة إلى الانتباه الدائم حتّى لا تحدث حوادث خطرة، ويُشار إلى أنّ الأثرياء من الطبقة الأرستقراطية استخدموا شمع العسل والعنبر لإضاءة منازلهم، في حين استخدمت الطبقة الوسطى شموع الشحم الحيواني الرخيصة، بينما استخدم الفقراء الشموع المُؤقّتة المصنوعة من القصب والمغموسة في دهون الحيوانات والنباتات والتي كانت تبقى مشتعلةً لفترة قصيرة.[٢]


ومن المصادر الأخرى التي كانت تُستخدم للإنارة ما يأتي:


المصابيح الزيتية

تطوّرت صناعة المصابيح في القرن 18م، حيث أصبح بالإمكان إغلاق مصدر الوقود بإحكام، كما استُخدم أنبوب معدني للتحكّم في شدة احتراق الوقود وشدة إضاءة المصباح، كما أُضيفت مداخن زجاجية صغيرة إلى المصباح لحماية اللهب والتحكّم في تدفّق الهواء إلى اللهب، ويجدر بالذكر أنّ تطوير مبدأ المصباح الزيتي المُرتبط بفتيل دائري مُحاط بمدخنة زجاجية يرجع إلى الكيميائي السويسري أمي أرغاند في عام 1783م.[٣]


مصابيح الفحم والكيروسين

اشتُهر استخدام مصباح الكيروسين في عام 1859م، وذلك عندما بدأت عمليات التنقيب واستخراج النفط، لكنّه قُدّم لأول مرة في عام 1853م في ألمانيا، ثمّ أصبحت مصابيح الفحم والغاز الطبيعي منتشرة على نطاق واسع، وتجدر الإشارة إلى أنّ غاز الفحم استُخدم لأول مرة كوقود للإضاءة في عام 1784م.[٣]


مصابيح الغاز

كان الغاز أكثر وسائل الإنارة شعبيةً وانتشاراً، حيث طُوّرت المصابيح الغازية في إنجلترا، إذ استُخدمت لأول مرة لإنارة شارع عام في لندن، وذلك في عام 1807م، ثمّ انتشرت إلى بلدان أخرى على مدى 10 سنوات، وفي عام 1816م أضاءت مدينة بالتيمور الأمريكية شوارعها باستخدام الغاز، حيث كانت أول مدينة في الولايات المتحدة تستخدم الغاز لإنارة الشوراع، وانتشر بعد ذلك استخدام الغاز في إضاءة المنازل والحدائق.[٤]


المصابيح القوسية

يرجع الفضل في اختراع المصابيح القوسية إلى العالم الكيميائي البريطاني همفري ديفي، إذ قام في عام 1809م بتوصيل سلكين ببطارية، واستخدام شرائط الفحم كأقطاب كهربائية، فتكوّن ضوء قوي كافٍ للإنارة، ويُشار إلى أنّ ديفي كان يعرض هذا المصباح القوسي في محاضراته العامة بشكل كبير.[٥]


ولكن لم تُستخدم هذه المصابيح في إضاءة الشوارع لأنّها كانت تتطلّب مولّدات وبطاريات كبيرة، بالإضافة إلى نضوب البطاريات بسرعة، وكلفتها العالية، وبعد تطوير هذا النوع من المصابيح واستخدام قضبان الكربون لإطالة عمر خدمتها، عُرضت هذه المصابيح لأول مرة في مدينة باريس عام 1878م، ثمّ سرعان ما انتقلت إلى لندن والولايات المتحدة الأمريكية.[٥]


المصابيح المتوهجة الكهربائية

يرجع الفضل في اختراع هذا النوع من المصابيح إلى جوزيف سوان من إنجلترا وتوماس إديسون على حد سواء، إذ اختُرِع أول المصابيح المتوهجة الكهربائية عام 1879م ليُصبح مصباح توماس إديسون هو أول مصباح متوهج ناجح تجارياً بعد أن حصل على براءة اختراع أمريكية له في عام 1880 م.[٣]


تعمل المصابيح المتوهجة بتدفق الكهرباء عبر الفتيلة الموجودة داخل المصباح والتي لديها مقاومة للكهرباء، فترتفع درجة حرارة الفتيلة إلى درجة حرارة عالية؛ ثمّ تشع الفتيلة الساخنة الضوء وبهذا يضيء المصباح.[٣]


المصابيح الكهربائية

يبدأ تاريخ هذه المصابيح بالعالم جوزيف سوان، إذ ابتكر الفيزيائي الإنجليزي عام 1850 م مصباحاً كهربائياً عن طريق تغليف خيوط الورق المتفحمة في لمبة زجاجية، وبحلول عام 1860 م أصبح لديه نموذج أولي لمصباح يمكنه العمل، ولكنّ عدم وجود فراغ جيد وإمدادات كافية من الكهرباء أدى إلى عمل المصباح لفترات قصيرة جداً، حيث لم يُعدّ منتجاً فعالاً للضوء.[٦]


وفي عام 1874 م حصل هنري وودورد وزميله ماثيو إيفانز على براءة اختراع كندية، إذ صنعوا مصابيح بأحجام وأشكال مختلفة من قضبان الكربون الموجودة بين الأقطاب الكهربائية في أسطوانات زجاجية مليئة بالنيتروجين، ولكنهم لم ينجحوا في تسويق مصابيحهم فباعوا براءة اختراعهم لإديسون، ومن الجدير بالذكر أنّه وفي عام 1878 م وضع سوان مصباحاً يعمل لمدة أطول باستخدام خيط القطن المعالج الذي أزال مشكلة اسوداد المصباح أيضاً.[٦]


وبحلول عام 1879 م اكتشف إديسون وفريقه أنّ خيوط الخيزران المتفحمة يمكن أن تستمر في العمل لأكثر من 1200 ساعة، فشهد هذا الاكتشاف بداية المصابيح الكهربائية المصنّعة بشكل تجاري، ففي عام 1880 م قامت شركة (Edison Electric Light Company) بتسويق منتجها الجديد.[٦]


مصابيح تفريغ الغاز أو المصابيح البخارية

من أشهر الأمثلة عليها مصابيح بخار الزئبق، حيث كانت عبارة عن مصابيح قوسية زجاجية بداخلها بخار الزئبق، والتي اخترعها العالم الأمريكي بيتر كوبر هيويت وكان له الفضل في شهرتها قبل مصابيح الفلورسنت.[٣]


مصابيح النيون

اخترع العالم جورج كلود الفرنسي مصباح النيون في عام 1911 م وإليه يرجع الفضل في معرفتها ليومنا هذا.[٣]


مصابيح التنجستن

يرجع الفضل في اختراع هذا النوع من المصابيح إلى الأمريكي إرفينغ لانغموير، ففي عام 1915 م استخدم التنجستن بدلاً من الكربون أو المعادن الأخرى كخيوط داخل المصباح، حيث أصبحت بعدها هي المستخدمة في المصابيح؛ وذلك لأنّها تميزت عن المصابيح القديمة الهشة بقوتها وديمومتها.[٣]


المصابيح الفلورية

اخترعت مصباح الفلورسنت أو ما يعرف بمصباح التفريغ الكهربائي في عام 1927 م،[٣] حيث تميّزت بكفاءة أكبر من المصابيح المتوهجة؛ إذ تتكوّن من أنبوب زجاجي مملوء بمزيج من الآرغون (عنصر كيميائي)، وبخار الزئبق، بالإضافة إلى الأقطاب المعدنية المطلية.[٧]


عندما يتدفق التيار عبر الغاز بين الأقطاب الكهربائية يتأين الغاز وتنبعث الأشعة فوق البنفسجية التي يمتصها الجزء الداخلي من الأنبوب المطلي بالفوسفور والمواد التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية، وعند امتصاصها تعيد إشعاع الطاقة كضوء مرئي وهكذا ينشأ الضوء في المصباح.[٧]


مصابيح الهالوجين

هو نوع من المصابيح المتوهجة التي تستخدم غاز الهالوجين لزيادة إنتاج الضوء وفترة حياة المصباح، إذ تتميّز بالكفاءة العالية، وجودة الضوء وديمومتها مقارنة بالمصابيح المتوهجة العادية، ومن الجدير بالذكر أنّه وفي عام 1959 م حصلت شركة (General Electric) على براءة اختراع لمصابيح الهالوجين القابلة لاستخدامها وبيعها تجارياً.[٨]


توجد المصابيح بالعديد من الأشكال والأنواع ويرجع بدايتها إلى النار التي استُخدمت للإضاءة، ثمّ تطور الأمر فوصل إلى المصابيح الزيتية، ومصابيح الفحم، والكيروسن وانتهى الأمر بمصابيح النيون، والمصابيح الفلورية المكونة من الزئبق والآرغون، وأخيرًا مصابيح الهالوجين ذات الكفاءة العالية والضوء القوي.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث David DiLaura (1/9/2008), "A Brief History of Lighting", Optics & Photonics News , Retrieved 1/7/2021. Edited.
  2. Mara Bermudez , "The History of the Light Bulb", Del Mar Fans & Lighting, Retrieved 1/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د Mary Bellis (2/7/2019), "The History of Lighting and Lamps", thoughtco. , Retrieved 1/7/2021. Edited.
  4. Hadiya Strasberg (14/5/2020), "Gas Lighting: A Radiant History", PERIOD HOMES DIGITAL , Retrieved 1/7/2021. Edited.
  5. ^ أ ب Alan Chodos (12/2010), "APS News", American Physical Society, Retrieved 1/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت "History of the Light Bulb", bulbs.com, Retrieved 1/7/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "fluorescent lamp", britannica, Retrieved 12/9/2021. Edited.
  8. "Light Bulb Types Halogen", bulbs, Retrieved 12/9/2021. Edited.
6376 مشاهدة
للأعلى للسفل
×