محتويات
وصية رسول الله قبل الجهاد في سبيل الله
ثبت عن ابن عمر أن أبا بكر الصديق بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام، فمشى معهم نحوًا من ميلين، فقيل له: يا خليفة رسول الله، لو انصرفت، فقال: لا، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار).[١][٢]
ثمَّ بدا لأبي بكر الانصراف إلى المدينة، فقام في الجيش، فقال: "أوصيكم بتقوى الله لا تعصوا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا ولا تهدموا بيعة، ولا تغرقوا نخلاً ولا تحرقوا زرعًا، ولا تجسدوا بهيمةً، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تقتلوا شيخًا كبيرًا ولا صبيًا صغيرًا ولا امرأة".[٢]
وأكم فقال: "وستجدون أقواماً قد حبسوا أنفسهم للصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له، وستجدون أقواماً قد اتخذت للشياطين من أوساط رؤوسهم أفحاصًا فاضربوا أعناقهم، وستردُّون بلدًا تغدو وتروح عليهم فيه ألوان الطعام، فلا يأتيكم لون إلا ذكرتم اسم الله ولا يرفع لون إلا حمدتم الله عليه".[٢]
وصية رسول الله قبل وفاته
أوصى الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالعديد من الوصايا في فترة مرضه، وذلك رحمة منه لأمَّته من بعده، وخوفًا عليهم من الوقوع بالشّهوات والشّبهات، ومن الجدير بالذّكر أنّ بعض الوصايا كرَّرها أكثر من مرّة لأهمّيتها، وفيما يأتي بيان هذه الوصايا:[٣]
- أوصى بإكرام الأنصار -رضي الله عنهم- والتجاوز عن خطيئاتهم البعيدة عن حدود الله -تعالى-.
- أوصى بإبعاد المشركين وإخراجهم من جزيرة العرب.
- أوصى بالمحافظة على الصّلاة.
- أوصى بالضّعفاء؛ كملك اليمين، ومنهم: العبيد والخدم.
- أوصى بحسن الظنَّ بالله -تعالى-، حيث قال الرسول -عليه الصلاة والسّلام-: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).[٤]
- حذّر من استهلاك الدّنيا والتّسابق فيها والتنافس عليها، دون النّظر إلى الآخرة، فهو سبب رئيس من أسباب الهلاك.
- أوصى أبا بكر بأن يكون إمامًا للنّاس، ودليل ذلك قول الرسول -عليه الصلاة والسّلام- لعائشة -رضي الله عنها-: (مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بالنَّاسِ، قالَتْ: إنَّه رَجُلٌ أَسِيفٌ، مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ. فَعَادَ فَعَادَتْ. قالَ شُعْبَةُ فَقالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ).[٥]
وصية رسول الله في حجة الوداع
إنّ حجَّة الوداع من أهمّ الوقائع الدينية التي عاشها الصحابة -رضي الله عنهم- مع الرسول -عليه الصلاة والسّلام- لعدّة أيام، فهي من الأحداث الإيمانية التي وجّه من خلالها الرّسول الكريم أصحابه بالأمور التي تمكّنهم من بناء الأمّة الإسلاميّة، والطّريق الواضح والصحيح، وفيما يأتي بيان وصايا رسول الله في حَجَّة الوداع:[٦]
- الاعتصام بدستور الأمّة الأساسي
وهو: القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يُعدّ هذا الدستور الوحيد الذي يزيل طريق الضّلال ويُنير طريق الحقّ، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا وإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَحَدُهُما كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، هو حَبْلُ اللهِ، مَنِ اتَّبَعَهُ كانَ علَى الهُدَى، وَمَن تَرَكَهُ كانَ علَى ضَلَالَةٍ).[٧]
- أن تكون الأمّة موحّدة على أساس الدّين والعقيدة السليمة
إِذ لا يوجد فرق بين العربي والأعجمي، ممّا يعني أنّ تقوى الله -تعالى- هي أساس الدين.
- التوصية على النّساء بصورة خاصّة
وقمع الظّلم بإقامة العدل، ودليل ذلك: (كانَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَادٍ، يُقَالُ له أنْجَشَةُ، وكانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: رُوَيْدَكَ يا أنْجَشَةُ، لا تَكْسِرِ القَوَارِيرَ).[٨]
- التحذير من الهلاك الذي سيلحق العبد إذا اقترف الذّنوب والمعاصي
بالإضافة إلى التحذير من الشيطان، ودليل ذلك قوله -عليه السّلام-: (إنَّ الشَّيطانَ قد أيِسَ أن يُعبَدَ في بلادِكم هذَه أبدًا ولَكن ستكونُ لهُ طاعةٌ فيما تحتقِرونَ من أعمالِكم فسيَرضى بِه).[٩]
- عدم مشروعية الربا في الاقتصاد الإسلامي
ودليل ذلك: (أَلَا وإنَّ كلَّ رِبًا في الجاهِلِيَّةِ موضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ غَيْرَ رِبَا العباسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فإنه موضوعٌ كُلُّهُ).[١٠]
- البلاغ برسالة الله -سبحانه وتعالى- وتعميمها
ودليل ذلك قوله -عليه السلام-: (فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِن سَامِعٍ، فلا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا).[١١]
- بيان أنَّ الشريعة الإسلاميّة سهلة وميسرة
وليس فيها مشقَّة على العبد، فقد كان يكرِّر في قوله -عليه السّلام-: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا...).[١٢]
- طاعة ولي الأمر
ما دام يسير وفق منهج الشريعة الإسلامية؛ أي على القرآن الكريم والسّنّة النبويّة.
- عدم استثناء الحاكم من تطبيق القانون
أيْ إنّ الشريعة الإسلامية تحكم على الولي كما تحكم على المحكوم، ودليل ذلك قوله -عليه السّلام-: (وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِن دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ..).[١٣]
- أن توفّر الدولة الصّالحة سبل العيش الكريم والحياة الرّغيدة، وأن يكون هدفها مع شعبها الدخول إلى الجنة.
بعض من وصايا رسول الله لأمته
هناك العديد من الوصايا العامَّة التي أوصى بها الرسول -عليه السّلام- ولا سيّما قبل وفاته؛ كإخراج قبيلة نجران ويهود الحجاز من جزيرة العرب،[١٤] وفيما يأتي بيان وصايا أخرى للرسول الكريم لأمته:[١٥]
- أوصى بالتّمسّك بسنّته وسنّة الخلفاء من بعده، وأنّ طاعته من طاعة الله -تعالى-.
- أوصى بعدم زيادة المديح له؛ كمديح النصارى لابن مريم.
- حذّر هؤلاء الذين يتقوّلون عليه بعد وفاته من مقعدهم في النّار.
- حذَّر من عمل اليهود، الذي يتخذون القبور مساجد لهم.
- أوصى بعدم مصافحة النّساء الأجانب اللاتي يجوز الزّواج منهنّ.
- أوصى بالعلم النّافع الذي يعود أثره النافع على الإنسان في الدّنيا والآخرة.
- أوصى بعدم إتيان الأعمال المخالفة للسنّة النّبوية، فهي مردودة حتمًا.
- حذّر الذين يرغبون عن سنته -عليه السّلام- بأنّهم ليس منه ومن سنّته.
- أوصى فاطمة -رضي الله عنها- بأن تحسن العمل فيما بينها وبين الله، وأن رسول الله لن يغني عنها من الله شيئاً.
المراجع
- ↑ رواه الامام البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو عبس عبد الرحمن بن جبر، الصفحة أو الرقم:907، صحيح.
- ^ أ ب ت الجلال السيوطي، جامع الأحاديث، صفحة 348.
- ↑ محمد بن صامل السلمي، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر، صفحة 296-297. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2877، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3384 ، صحيح.
- ↑ راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن يزيدبن حيان، الصفحة أو الرقم:2408، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6210، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمرو بن الأحوص، الصفحة أو الرقم:2159، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمرو بن الأحوص، الصفحة أو الرقم:3087، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:1741، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:39، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1218 ، صحيح.
- ↑ أبو أسماء محمد بن طه، الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية، صفحة 589. بتصرّف.
- ↑ محمد جميل زينو، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، صفحة 32-33. بتصرّف.