أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية

كتابة:
أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية

مفهوم السياسة الشرعية

تُعرّف السّياسة الشّرعيّة في الاصطلاح على أنّها مقياس شؤون الدّولة الإسلاميّة فيما لم يرد فيه النص، أو العمل على التّغيير الذي فيه مصلحة الأمّة وبطريقة تتفق مع المبادئ والأحكام العامّة للشّريعة الإسلاميّة، وقيل في معناها كذلك أنّها الأحكام التي يأمر بها الحاكم حسمًا لمادّة الفساد أو علاج لوضع خاص أو منع المؤثّرات السّلبيّة المُنتظرة، وقيل أيضًا: أنّها إدراك الحاكم لمصالح الأمّة الإسلاميّة سواء كانوا أفرادًا أم جماعات من خلال تطبيق الأحكام التي تم استنتاجها على أسس سليمة فيما لم تنصّ عليها المصادر الأصيلة، وفيما وافقت عليها الشريعة، ومن بين هذه الأسس السليمة، المصالح المرسلة، وسدّ الذّرائع والعرف والاستحسان والاستصحاب، ويُلخّص تعريفها: بالأحكام المستندة على قواعد الشّريعة بشرط أن لا يكون منصوص عليها بالقرآن والسّنّة، ويُجدر بالذّكر أنّ عمر بن الخطّاب تميّز بفعله الذي كان مُعتمدًا على السّياسة الشّرعيّة، لذلك سيتمّ التّعرّف في هذا المقال على أمور فعلها عمر بن الخطاب، بالإضافة إلى التّعرُّف على خلافته.[١]

أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية

قد اتّضح في الفقرة السّابقة مفهوم السّياسة الشرعية على أنّها أحكام لم يُنص عليها، حيث تُؤخذ من أجل رئاسة الرّعيّة وتدبير شؤونهم والقيام بمصلحتهم، حيث إنّ الحكم الجديد الذي اتُخذ من باب السّياسة الشّرعيّة لم يلغِ الحكم السّابق وإنّما يُعمل به بسبب تغيّر الزّمان والأعراف كونه لم يُخالف حُكمًا عامًّا في القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة، بالإضافة إلى أنّ الحكم الأصلي يُسبّب مشقّة كبيرة على الإنسان ومن المعلوم أنّ الشّريعة راعت المصلحة أفرادًا وجماعات واستندت على القواعد الفقهيّة الكُبرى؛ كقاعدة المشقّة تجلب التّيسير والضّرر يُزال والضّرورات تُبيح المحظورات، ومن موضوعات السّياسة الشّرعيّة: التنظيم السّياسي للدّولة والنّظام الدّولي الذي يُنظّم علاقة الدّولة بغيرها في حالة السّلم، ومن الموضوعات أيضًا: النّظام المالي للدّولة، حيث يفرض الحاكم على أصحاب الأموال دفع الضّرائب وجباية الأموال ونحوه، ومن الجدير بالذّكر أنّ السّياسة الشّرعيّة قام بها الصّحابة -رضي الله عنهم- كعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب وأبي بكر الصدّيق، ولكن عمر بن الخطّاب من أكثر الصّحابة عملًا بالسّياسة الشّرعيّة، وفي الفقرة الآتية سيتمّ الاقتصار على أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية.[٢]

هنالك عدّة أمور فعلها عمر بن الخطاب من هذا الباب ومنها: فرض التّعزير على الأمور التي تُرتكب في حقوق النّاس ولم ينص عليها دليل شرعي؛ كشهادة الزّور والكذب حيث كان عمر بن الخطاب يضرب من قام بهذا بالسّوط وقد يختلف حدّ الضّرب باختلاف حريّة الإنسان وعبوديّته، ويُعدّ التّعزير بحقّ الكاذب من الأمور التي فعلها عمر بن الخطاب لمصلحة الأمّة فلولا التّعزير وإلقاء العقوبة لانتشر الفساد وعمّت الفوضى في المُجتمع، ويُجدر بالذّكر أنّ الفتوحات الإسلاميّة قد تمّت في عهد عمر بن الخطّاب، ممّا يعني ظهور النّوازل والمُستجدّات التي تستدعي حكمًا شرعيًّا لينتظم المُجتمع ويُحسم الفساد لذلك لا بُدّ من الاتّجاه إلى السّياسة الشّرعيّة، فقد عمل عمر بن الخطاب على تنظيم بيت المال وإنشاء الدّواوين التي هي بمثابة المكان الذي يُدير شؤون الدّولة، بالإضافة إلى التجنيد الإجباري وتنظيم الجيش، فقد كان الجهاد في زمن الرّسول -عليه السّلام- ليس إجباريًّا حيث كان يُكتفى بالحض عليه، أمّا في زمن عمر بن الخطاب وبسبب تراجع الحالة الاجتماعيّة أمر بالجهاد وفرض نظام التّجنيد من خلال التّرغيب والتّشديد في آن واحد فمن الترّغيب، كان يخبرهم بوجوب إتمام فتح العراق والحصول على الفيء، وأمّا من ناحية التّشديد فقد كان يأمر عمّاله بإحضار أهل الجهاد من أصحاب السّلاح والفرس والمنعة، فإن تخلّف أحدهم حشروه حشرًا أي ألزموه للجهاد إلزامًا شديدًا لا تراجع فيه، ويُضاف إلى ذلك أمر من أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية، وهو إيقاف العطية للمؤلّفة قلوبهم بسبب تغير الحالة الماليّة للبلاد فما عاد الفقر يحتلّهم، وهذا الفعل لا يُعد إلغاءً أو نسخًا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ}،[٣] فعمر بن الخطاب لو رأى أنّ الفقر عاد للمجتمع لأعاد حكم العطية للمؤلّفة قلوبهم، وكلّ الأمور التي سبق ذكرها هي أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية ومن باب إصلاح الرّعية وتنظيم الدولة داخليًّا وخارجيًّا.[٤]

خلافة عمر بن الخطاب

وبعد أن تمّ التّعرُّف على أمور فعلها عمر بن الخطاب من باب السياسة الشرعية، لا بُدّ من التّعرُّف على معلومات رئيسة عن عمر بن الخطّاب ولا سيما خلافته، حيث يُكنّى عمر بن الخطّاب بأبي حفص القرشي العدوي، ولُقّب بالفاروق وهو من أحد الخلفاء الرّاشدين المُبشرين بالجنة، واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، ويُتّصف عمر بن الخطاب بصفات خَلْقيّة ومنها: بياض اللّون ولكن أصبح بعد ذلك أسمرًا بسبب عام الرّماد الذي قلّ فيه الطّعام وكَثر الجهد وخصوصًا بعد تولّيه الخلافة، حيث تولّى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخلافة في السنة الثالثة عشرة للهجرة، وذلك بعد وفاة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه - وكرّمه الله تعالى بالكثير من الفتوحات الإسلاميّة في عهده لذلك سقطت الرومان وبلاد فارس في خلافته، حيث كان سقوط هذين البلدين أعظم الإنجازات والفتوحات في عهده -رضي الله عنه- ويجدر بالذّكر أنّ سنة الرماد كانت في وقت خلافته، وهو العام الذي أصيب فيه المسلمون بمجاعة شديدة، حيث قطعت الأمطار وسودت الأرض وأصبحت قاحلة، ومع هذا كان راضيًا - رضي الله عنه - حيث كان يأكل الخبز والزيت في ذلك الوقت، وقال: "لن أشبع حتى يشبع أطفال المسلمين".[٥]

المراجع

  1. "السياسة الشرعية"، www.alukah.net. اطلّع عليه بتاريخ 04-05-2020، بتصرّف.
  2. "موضوعات علم السياسة الشرعية"، al-maktaba.org. اطلّع عليه بتاريخ 04-05-2020، بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية: 60.
  4. "الدواوين التي أنشأها عمر بن الخطاب"، al-maktaba.org.اطلّع عليه بتاريخ 04-05-2020، بتصرّف.
  5. "مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب"، www.alukah.net. اطلّع عليه بتاريخ 04-05-2020، بتصرّف.
6623 مشاهدة
للأعلى للسفل
×