فضل قراءة القرآن في شهر رمضان

كتابة:
فضل قراءة القرآن في شهر رمضان

ما فضل تلاوة القرآن الكريم في رمضان؟

يُستحَبّ الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته في رمضان، ويُستحَبّ أيضاً الاجتماع في المساجد من أجل تلاوته، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)،[١] وقد ورد أنّ رسول الله كان يتدارس القرآن بين يدَي جبريل ليلاً؛ ففي الليل تتجلّى السّكينة والأُنْس، ويصفو فِكَر المرء ممّا يُعكّره.[٢]


ويُستحَبّ أيضاً أن يتطهّر المسلم، ويتوجّه إلى القبلة حين تلاوة القرآن الكريم، ويجوز أن يقرأه في أحواله جميعها؛ أثناء قيامه، وقعوده، واضطجاعه، وركوبه؛ فهو من ذكر الله، وقد قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).[٣][٢]


ولقراءة القرآن الكريم في شهر رمضان فضائل عدة، نبينها على النحو الآتي:[٤]
  • الصيام والقرآن شفيعان لصاحبهما يوم القيامة؛ فالصيام يمنع صاحبه من الطعام والشراب والشهوة، والقرآن يمنع صاحبه النوم في الليل ليقرأه، لذا فقد ترتب عليهما الأجر الكبير والشفاعة.


  • مدح رسول الله أهل القرآن الذين يعيشون معه، ويقرأون آياته، ويتدبّرون معانيه؛ فقال: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ).[٥]


  • أجْزل المولى سبحانه وتعالى لأهل القرآن العطاء؛ فترقى بهم تلاوتهم إلى الدّرجات العُلى في الجنة، كما أنّ بكلّ حرفٍ يقرؤه المسلم من كتاب الله حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، والله -عزّ وجلّ- يضاعف أجر قارىء القرآن؛ ثواباً له.[٦]


  • تدبُّر القراءة يدعو إلى التفكُّر، وكلّما قرأ المسلم المزيد من الآيات زاد إقباله على الله تعالى؛ لما يرى من الثواب المُمتدّ الذي أعدّه الله لعباده المُتّقين، وما أعدّه الله من العذاب للكافرين الذين خرجوا عن طاعته -تعالى-، وبين تلك الآيات جميعها يقرأ دعوة الله عباده إلى التوبة، وكلّ ذلك يُؤدّي به إلى النجاة من عقاب الله، والفوز برضوانه.


  • ينال المسلم مثوبةً أكبر عند تلاوة القرآن بتدبُّر؛ بحيث يفهم ما يقرأ، ويمتثل له؛ فيأتمر بالمأمور، وينتهي عن المَنهيّ عنه، ويستعيذ من المعوذ منه، ويسأل الله الهدى والجنة، وبهذا يكون القرآن حجّة له، لا عليه.[٢]


مسائل مُتعلّقة بقراءة القرآن الكريم في رمضان

هناك العديد من المسائل المتعلقة بقراءة القرآن الكريم في رمضان، نذكر أهمها على النحو الآتي:


أشكال قراءة القرآن الكريم في رمضان

تختلف أساليب ومظاهر قراءة القرآن باختلاف غاية القارئ منها، وتأخذ القراءة تبعاً لذلك أشكالاً عدّة، بيانها فيما يأتي:


قراءة الثواب والختم

وبهذه الطّريقة يهدِف القارئ إلى قراءة أكبر قدر من سور القرآن وآياته، والمرور على كلّ كلماته وحروفه حتى يختم القرآن كلّه، ويكرّر ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وهو بذلك يرجو تحصيل ثواب تلك الختمات، كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ).[٧][٨]


ويعدّ هذا الشّكل من القراءة الأكثر انتشاراً بين عامّة المسلمين، لِما ورَد في الحديث من أنّ الثواب فيها يناله كلّ قارئ من غير ضرورة الوقوف على فهم الآيات ودلالاته.[٨]


قراءة التدبُّر والتأمُّل

وتهدف هذه القراءة إلى التفكُّر في كلام الله -تعالى-، وكلّ ما جاء به القرآن من المأمورات، والمَنهيّات، والإرشادات، وهي من أفضل أنواع القراءات، علماً أنّها واردة في قوله -تعالى-: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).[٩][١٠]


ويُشار إلى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان قد قام في ليلة، وقرأ فيها سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، مُتدبّراً إيّاها، ومُستعيذاً ممّا جاء فيها من آيات التخويف، وسائلاً الله الرحمة فيما جاء من آيات الترغيب، وقد سار على هذا النهج في القراءة المُفسِّرون منذ زمن الصحابة إلى الزمن الحاليّ؛ لأنّ عمل المُفسّر الأساسيّ هو تدبُّر كلام الله -تعالى-، والتأمُّل فيه؛ فالتدبُّر يُعدّ الركيزة الأساسية لعلم التفسير.[١٠]


ويندرج تحت هذا النوع من القراءة ما يكون لأجل الغايات البحثية والأكاديمية، وهو على مراتب تختلف باختلاف الهدف من القراءة، واختلاف المستوى العلميّ للقارئ.[١٠]


قراءة الحفظ والمراجعة

ويتمّ اتّباعها من قِبل الذين يحفظون القرآن غيباً؛ وغايتهم فيها إلى جانب الأجر، تثبيت القرآن في صدروهم؛ من خلال تكرار الحفظ، وترديد الآيات، وهي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق حُفّاظ القرآن الكريم، وهذا النوع يفيد كتّاب المصاحف من تمكين الكتابة بمراجعة الحفّاظ، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها).[١١][١٢]


كيفية قراءة القرآن في رمضان وفي غيره

تُعَدّ الأنواع الثلاثة التي تمّت الإشارة إليها، والالتزام بها أمراً ضروريّاً للمسلم؛ فالقراءة التي يريد بها صاحبها الثواب والختم تكون بقراءة جزء من القرآن بشكلّ يوميّ ودوريّ، فيكون قد ختمه في كلّ شهر مرّة.[١٣]


أمّا قراءة الحفظ فيكون المسلم حريصاً فيها على أن يحفظ ما يمكنه من الآيات ولو كانت آية واحدة في كلّ يوم، فيكون في نهاية كلّ عام قد حفظ عدداً لا بأس به من الآيات، ثمّ يحاول ما أمكنه أن يفهم الآيات التي حفظها ويتدبّرها، ومع مرور الزمن يكون قد فهم آيات القرآن الكريم كاملاً.[١٣]


المراجع

  1. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.
  2. ^ أ ب ت عبد الله الجار الله ، أسباب المغفرة في رمضان ، الرياض: مكتبة دار الحميضي ، صفحة 14-15. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران ، آية: 191.
  4. سليمان العودة ، شعاع من المحراب، الرياض: دار المغني ، صفحة 159، جزء 1. بتصرّف.
  5. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عثمان بن عفان ، الصفحة أو الرقم: 5027 ، صحيح .
  6. عائض القرني ، دروس الشيخ عائض القرني ، صفحة 4-5. بتصرّف.
  7. رواه الألباني ، في صحيح الترمذي ، عن عبد الله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 2910، صحيح .
  8. ^ أ ب سهيل قاسم ‏ (2009)، كيف تقرأ القرآن في رمضان وغيره من شهور العام (الطبعة الأولى )، المدينة المنورة : دار الخضيري ، صفحة 7. بتصرّف.
  9. سورة ص، آية: 29.
  10. ^ أ ب ت سهيل قاسم ‏ (2009)، كيف تقرأ القرآن في رمضان وغيره من شهور العام (الطبعة الأولى )، المدينة المنورة : دار الخضيري ، صفحة 11-12. بتصرّف.
  11. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي موسى الأشعري ، الصفحة أو الرقم: 791، صحيح .
  12. سهيل قاسم ‏ (2009)، ‎ كيف تقرأ القرآن في رمضان وغيره من شهور العام (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة: دار الخضيري، صفحة 17-18. بتصرّف.
  13. ^ أ ب صلاح الخالدي ، مفاتيح للتعامل مع القرآن (الطبعة الثالثة )، دمشق: دار القلم، صفحة 68-69. بتصرّف.
10175 مشاهدة
للأعلى للسفل
×