شرح حديث استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان

كتابة:
شرح حديث استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان

شرح حديث: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)

نص الحديث وتخريجه

هذا الحديث له مجموعة من الطرق بعضها ضعيف وبعضها ما هو موضوع؛ وذلك وفقًا للطريق التي رويت منه، وهو صحيح عند السيوطي أورده في الجامع الصغير بلفظ آخر، وصححه الألباني في صحيح الجامع.[١]

ونص الحديث هو: (استعينوا على إنجْاحِ الحوائِجِ بالكتمانِ؛ فإنَّ كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ)،[٢] وعلى اعتبار أنه ضعيف؛ فإن بعض أهل العلم يرى جواز العمل والاحتجاج بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.[١]

شرح الحديث

قال -تعالى- على لسان سيدنا يعقوب -عليه السلام-؛ عندما نصح ابنه يوسف -عليه السلام-: (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ)،[٣] قال ابن كثير في تفسيرها: يؤخذ منها الأمر بكتمان النعمة حتى ظهورها، كما ورد في الحديث: (اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ).[٤][٥]

ويعلمنا الحديث أن الكتمان يكون سببًا من أسباب النجاح في بعض الأمور وقضائها، كما أرشد إلى ذلك سيدنا يعقوب ابنه -عليهما السلام-؛ فقد يعمل إخوته الحيلة على إفسادها، وربما يكون هذا سبباً في زوال النعمة.[٥]

والأولى والأفضل ألا يحدث المرء بالنعمة إلا عالماً أو ناصحاً، فالعالم يدله على حفظها بالخير مهما كانت، والناصح يرشده إلى ما ينبغي، ويعينه عليه، وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الْعَيْنُ حَقٌّ).[٦][٥]

ومعناه أن العين قد تسبب الضرر للإنسان، وأن الحسد ثابت وموجود وله تأثير، ودفع تأثيرها يكون بالرقية الشرعية كما بينت ذلك أحاديث أخرى.[٧]

الجمع بين التحدث بالنعم وكتمانها

قد يظن بعض الناس أن هنالك تعارضاً بين قوله -تعالى-: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)،[٨] وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (استعينوا على إنجْاحِ الحوائِجِ بالكتمانِ)،[٢] وفيما يأتي كيفية الجمع بينهما:[٩]

  • قال أهل التفسير في معنى الآية: انشر ما أنعم به الله عليك بالشكر والثناء؛ فالتحدث بنعم الله -تعالى- والاعتراف بها شكر، والخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والحكم عام له ولغيره.
  • الأصل أن يتحدث المسلم بنعم الله -تعالى- عليه؛ إلا إذا كان يخشى حسداً، أو أن يترتب على الحديث عنها ضرر، فله أن يخفيها دفعاً للضرر.
  • قد يكون الكتمان المأمور به في الحديث قبل الحصول على الحاجة المطلوبة؛ لمن يسعى في الحصول عليها، فإذا حصل عليها تحدث بها من باب شكر نعم الله -تعالى-، ما لم يترتب على ذلك ضرر.

وقفات عملية

النقاط الآتية تمثل بعض الوقفات والتجارب العملية مع هذا الحديث:

  • الكتمان لما يريد الإنسان فعله يمنحه دافعاً أكبر لإنجازه.
  • حكم الآخرين المسبق بالفشل على بعض المشاريع؛ يحبط الإنسان ويمنعه من الإقدام على ما يريد، حتى وإن كان فيه النفع الكبير.
  • عند إفشاء ما تريد القيام به ستجد الكثير من النصائح من غير المتخصصين؛ والتي قد يناقض بعضها بعضًا؛ وقد لا تكون ذات جدوى على أرض الواقع، ولذلك فيفضل أن تكون الاستشارة من أهل الخبرة فقط.
  • عدم إخبار الناس بما تريد القيام به يحررك من الضغط، والشعور بالخوف من الفشل؛ والذي يكون تجنباً للتعليقات السلبية، فتكون حرًا وتحاول فتفشل فتعيد التجربة مرات ومرات.

المراجع

  1. ^ أ ب "درجة حديث استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان"، إسلام ويب، 25/8/2010، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022.
  2. ^ أ ب رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب وابن عباس وعلي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:943، صحيح.
  3. سورة يوسف، آية:5
  4. إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 371.
  5. ^ أ ب ت [مجموعة من المؤلفين]، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 239. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2187، صحيح.
  7. "شرح حديث العين حق"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022.
  8. سورة الضحى، آية:11
  9. "التحدث بالنعم وكتمانها خشية الحسد"، إسلام ويب، 25/11/2004، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
9440 مشاهدة
للأعلى للسفل
×