معنى حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة، والفراغ)

كتابة:
معنى حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة، والفراغ)

معنى حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)

جاء في الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عباس- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ).[١]

وإنّ نعم الله - عز وجل- لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)،[٢] وهذا الحديث خصّص الكلام عن نعم قليل من يستثمرها، وكثير من يخسرها دون أن ينتفع بها، وهي:

  • الصحة.
  • الفراغ.

وفي الحديث تشبيه الصحة ووقت الفراغ بالسلعة التي تُباع، وتشبيه الناس بالبائعين لهذه السلعة بثمن قليل، مع أنّ السلعة غالية وثمينة، فيكون مغبوناً خاسراً، وبيّن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّ من يقع بهذا كثير من الناس، والقليل من أعطى هذه النعم حقها واستثمرها، فكم من إنسان أضاع وقته فيما لا ينفع.

وفي المقابل ناس تتمنى ساعة فراغ واحدة لإنجاز مهامها لكن المرض يمنعها، أو الانشغال في تحصيل الرزق وتأمين لقمة العيش، وكم من إنسان أضاع صحته وضرَّ بجسده، مع أنّ المرضى يتمنون الصحة ولو أُخذ منهم كلّ شيءٍ غيرها.

ولا بدّ من استثمار هذه النعم في طاعة الله كي لا تكون خاسراً في الدنيا، ولا آثمًا في الآخرة، فهذه النعم سنحاسب عليها، قال- صلى الله عليه وسلم-:(لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ)،

[٣]

إذ يستغل المسلم وقته في الطاعات كي لا يقع بالمعاصي، ويستخدم جسده في ما يرضي الله لنيل رضاه، وشكرا على هذه النعم، فالشكر باللسان والجوارح، وقد صرف الله عن السليم المعافى آلاف الأمراض والحوادث، فلا يكن مغبوناً في صحته.[٤]

أهمية الصحة في الإسلام

اهتم الإسلام بصحة الإنسان، ودعاه للحفاظ عليها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ولجسدِك عليك حقًّا)،[٥] ودعا إلى شكر هذه النعمة بالقول والفعل، وجعل المرض ابتلاء يُصيب به من يشاء من عباده لحكمة، فمن سلّمه الله يجب أن يغتنم الصحة فهي أغلى ما يملك، إذ تُعينه على أمور الدنيا وكسب الرزق، وقضاء الحوائج.

وتُعينه على الطاعة والعبادة، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، لهذا يجب أن يحافظ المسلم على صحته، ويتبع الإرشادات النبوية، ومنها:[٦]

  • التقليل من الطعام، فيكفي الإنسان بضع لقيمات، دون إسراف ولا تبذير، ويلتزم الآداب.
  • ممارسة الرياضة، فأوصى النبي الصحابة بركوب الخيل وتعلم الرماية، وهذه كلها رياضات بدنية تقوي الجسم وتحافظ على الصحة.
  • الحفاظ على النظافة الشخصية، فمن السنن تقليم الأظافر وتهذيب الشعر، وأحكام الطهارة من؛ وضوء، واغتسال، والسواك، وكلها عادات صحية.
  • الدعاء بالعافية والسلامة من جميع الأسقام، وشكر النعمة.

أهمية الوقت وكيفية اغتنامه

في هذا الحديث وغيره من الأحاديث النبوية بيان لأهمية الوقت ودعوة لاغتنام هذه النعمة، فالوقت الذي يمضي لا يعود، وهو من عمرنا نقطة فارقة في حياتنا الدنيا، ومؤثرة في مصيرنا يوم القيامة.

قال -صلى الله عليه وسلم-: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ)،[٧] نحن نُضيّع من الأوقات أكثر مما نستثمر، فلا بدّ أن نحسب أنفسنا، ونجعل لنا خطة في اغتنام هذه النعمة، ومن هذه المقترحات ما يأتي:

  • تحديد الأولويات والأهداف، فلا نُقدّم وقت اللعب على وقت الصلاة وهي فريضة، ولا نؤجّل مقرراً دراسياً في طلب العلم، لتصفّح الإنترنت، يجب على المسلم الانشغال بالأمور المهمة كي لا يبقى وقت لما دون ذلك.[٨]
  • الواقعية؛ فنكون متوازنين في التخطيط ليومنا، ويكون هناك فسحة لنا ما دامت من المباحات، لكن مع ضبط أوقات الراحة كي ينقلب اليوم كاملاً إلى لهو وراحة.
  • التخلّص من مضيعات الوقت، وتقليل المشتتات.[٩]

المراجع

  1. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6412 ، صحيح.
  2. سورة إبراهيم، آية:34
  3. رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن أبي برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2417 ، حسن صحيح.
  4. صالح المغامسي، شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري، صفحة 2. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان ، في صحيح ابن حبان ، عن أبي جحيفة ، الصفحة أو الرقم:320 ، أخرجه في صحيحه.
  6. مجموعة من المؤلفين، كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 388. بتصرّف.
  7. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب ، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:3355 ، صحيح.
  8. محمد الدويش، كتاب دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 6.
  9. محمد الدويش، كتاب دروس الشيخ محمد الدويش، صفحة 11.
5375 مشاهدة
للأعلى للسفل
×