آخر فتوحات المسلمين

كتابة:
آخر فتوحات المسلمين

الفتوحات الإسلامية

ابتدأت الفتوحات الإسلامية من بعد هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة، وتوسّعت رقعة الدولة الإسلامية، ومع وجود الخلافة الراشدية كسرت شوكة أعظم إمبراطوريتين آنذاك: الإمبراطورية البيزنطية، والإمبراطوريّة الفارسية، وكان للإسلام انتشار عظيم في إبان حكم الأمويين، وكذلك العباسيين، ولم تُفتح كل البلاد بالمعارك، إنّما فُتحت دُول بأخلاق المسلمين، فلم يكن هدف المسلمين من الفتوحات الكبرى التي قاموا بها، سوى نشر الإسلام، ونشر قيمه وتعاليمه ومبادئه، ليعيش الناس في ظلاله بأمان، ولو فرض الإسلام بالقهر لقامت ثورات عنيفة ضده عندما ضعف حكامه، ولكن الذي حدث أن الذين اعتنقوه، اعتنقوه بإيمان عميق، ورأوا فيه راحة لنفوسهم المتعطشة للراحة والأمن والأمان، وسيتم تاليًا ذكر آخر فتوحات المسلمين في بقية هذا المقال.[١]

السلطان إبراهيم الأول

هو الخليفة العثماني التاسع عشر، وكان يعرف باسم "إبراهيم المجنون" Deli Ibrahim، بعد وفاة أخيه مراد الرابع في 1640م، أخرجوه من القفص وولّوه الخلافة وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وكان قد قضى إمارته في عهد أخوَيْه المخيفين عثمان الثاني ومراد الرابع بعيدًا عن أي مهام، وشاهد مقتل إخوته الأربعة الكبار، وبقي ينتظر مثل مصيرهم، وهذا جعله عصبيًا ومضطربًا لا يستقر على شيء، كما أنه لم يكمل تحصيله العلمي، ولم تتوفّر له المهارة العسكرية بسبب العزلة التي فرضت عليه، وعندما اندفعت الحاشية المالكة لتهنئ السلطان الجديد، ظن أنهم يريدون قتله وأنها مكيدة من أخيه لاختبار ولائه له، فرفض تنصيبه بالسلطنة وأعرض عنهم وقال لهم بأنه يفضل السجن.[٢]

ولم يصدقهم حتى قابلته أمّه ومعها جثة السلطان مراد، فتيقن من الخبر ورضي أن يتولى سدة الخلافة، وتقلد سيف عثمان بن أرطغرل في مسجد أبي أيوب الأنصاري، وفي بداية حكمه حاول أن يكون مثل أخيه السلطان مراد الرابع، ولكن لم تكن له صفاته، فاضطربت أمور الدولة، وتوالى عزل الصدور العظام أو قتلهم، ولأن الدولة كانت قد استعادت هيبتها في عهد السلطان الذي سبقه مراد الرابع فإن قصور إمكانات السلطان وضعف سياسته لم تؤثّر تأثيرًا قويًا في هيكل الدولة الكبير، وفي عهده تمت آخر فتوحات المسلمين.[٢]

وتذكر مصادر أخرى بأنّ السلطان إبراهيم الأول كان في غاية التقوى، وكان رجلًا مثابرًا في الطاعات، ويُباشر أمور الدولة بنفسه، وأن الأحوال الداخليَّة كانت شبه مستقرَّة بسبب إصلاحات أخيه نحو الإنكشاريَّة، وتجديد الجيش، فاتَّجه إلى الاقتصاد في نفقات الجيش والأسطول، وإصلاح النقد، وإقامة النظام الضرائبي على أسسٍ جديدة، واستطاع الصدر الأعظم "قرَّة مصطفى باشا" أن يُوقف تدخُّل النساء في شؤون السلطنة، وتمكَّن من القضاء على محاولات رجال البلاط السلطاني لإفساد الدولة، وقضى على العابثين والمفسدين وقاطعي الطريق في مختلف الولايات.[٣]

آخر فتوحات المسلمين

بالرّغم من الحالة السيّئة التي مرت بها الدولة العثمانية في عهد السلطان العثماني إبراهيم الأول "حسب بعض الروايات" قام السلطان في وقت تيقّظه وانتباهه لتبعات منصبه بغزو جزيرة كريت، وكان استقلالها عن نفوذ الدولة أمرًا يدعو للدهشة، فدولة كبرى مثل الدولة العثمانية التي لها أسطول دائم في المحيط الأطلسي تترك جزيرة كريت التابعة لها خاضعة لجمهورية البندقية! وحدث أن وقعت سفينة عثمانية تحمل رجالًا ونساءً وأطفالًا في أيدي فرسان القديس يوحنا، وكان مقرّهم جزيرة مالطة.[٣]

وكانت السفينة في طريقها إلى الحجاز، فقام هؤلاء القراصنة بقتل الرجال وسبي النساء، وتنصير الأطفال، ليكونوا في زعمهم جنودًا من جنود المسيح المخلصين يحاربون ويقتلون المسلمين في البحار، ونتيجة لذلك الفعل الشنيع بحق المسلمين قررت الدولة العثمانية المجيدة فتح جزيرة كريت وهي آخر فتوحات المسلمين، فدأب السلطان إبراهيم الأول على زيارة الترسانة البحرية، والإشراف على الاستعدادات.[٣]

وأعطى القيادة العليا لمشير البحر الوزير يوسُف باشا، وتحركت الحملة في 30 أبريل 1645م، وكانت تضم 106 سفن و300 ناقلة جنود، وما يزيد على 70 ألف جنديّ، وفي الطريق توقفت في نافارين، ثم وصلت الحملة إلى كريت، وضربت حصارًا حول قلعة كاندية، واستسلمت القلعة على الرغم من شدة تحصينها وقوة دفاعها، بيد أن الحملة لم تتمكن من السيطرة على الجزيرة كلها، وتركت قوة تعدادها 12000 جندي للمحافظة على قلعة كاندية وحمايتها، ومواصلة فتح الأجزاء المتبقية في الجزيرة، وفي السنة التالية فرض العثمانيون حصارًا حول كاندية عاصمة الجزيرة، لكن حال دون فتحها تمردُ الجنود الانكشارية.[٢]

وعُدّ فتح كاندية آخر فتوحات المسلمين الذي تمت بنجاح، بعدها كانت الحملات التي قادتها الدولة مجرد حملات دفاعية لا أكثر، بعد هذا الفتح الإسلاميّ الأخير تبدأ الخلافة في مسيرة مؤلمة للغاية نحو السقوط والتدهور، رغم الانتعاش الذي حدث في عهد الخليفة عبد الحميد الثاني رحمه الله حتى إلغائها على يد المقبور أتاتورك في 1924.[٢]

المراجع

  1. "الفتوحات الإسلامية "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-08-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "إبراهيم الأول"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 07-08-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "السلطان إبراهيم الأول "، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-08-2019. بتصرّف.
3693 مشاهدة
للأعلى للسفل
×