آداب الإنفاق في سبيل الله

كتابة:
آداب الإنفاق في سبيل الله

آداب الإنفاق في سبيل الله

إن الإنفاق في سبيل الله -تعالى- من أسمى العبادات وأجلها وهو يشمل الزكاة المفروضة والصدقات التطوعية النافلة، وقد قرن الله -تعالى- الزكاة المفروضة مع الصلاة في ثمان وعشرين موضعاً لأهمية الزكاة، وللإنفاق في سبيل الله -تعالى- آداباً يجيب على المسلم مراعاتها والالتزام بها، وهناك آداب للإنفاق مع الله -تعالى- وآداب للإنفاق مع المحتاج آخذ الصدقة.

وإن الإنفاق في سبيل الله -تعالى- عبادة سامية ويجب على فاعلها التأدب مع الله -تعالى- بمجموعة من الآداب على النحو التالي:[١]

  • إخلاص النية لله -تعالى- عند الصدقة

ولا يتصدق المتصدق لأي غرض سوى ابتغاء مرضاة الله -تعالى-، فلا يجوز الرياء في الصدقة أو التكسب من ورائها أو التنفع منها؛ لأنها عبادة من العبادات ومن شروط قبولها إخلاص النية لله -تعالى-.

  • أن تكون الصدقة التي تصدق بها المسلم من كسب طيب حلال

وليست من كسب خبيث حرام؛ وذلك لأن الله -تعالى- طيب لا يقبل إلا طيباً، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا).[٢]

  • أن يتصدق بما هو طيب نافع

والأفضل أن يكون من أطيب ما يملكه المؤمن يقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).[٣]

  • أن يحتسب جرها عند الله -تعالى-

ولا ينتظر شكراً من أحدٍ غير الله -تعالى- على ما قدم.

  • أن تكون الصدقة بنية شكر الله -تعالى-

على عظيم عطائه للمرء وإغنائه له بما سيتصدق به وأن يشكر الله -تعالى- على أن وفقه لهذا العمل الصالح الطيب المبارك .

  • التواضع لله -تعالى- عند دفع الصدقة

فلا يدفعها المرء وهو متكبر يرى نفسه قد قدم شيئاً عظيماً يمتن به على ربه؛ إذ إن الله -تعالى- غني عن العالمين، يقول الله -تعالى- كما مر معنا في الآية السابقة: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).[٣]

آداب الإنفاق مع المحتاج

إن الصدقة على المحتاجين لها آداب يجب على المسلم مراعاتها ومن هذه الآداب ما يأتي:[٤]

  • أن تكون الصدقة بالسر لا بالمجاهرة والإعلان والظهور

وذلك ستراً للفقير ومنعاً لإحراجه، وقد عظم الله -تعالى- صدقة السر فقال: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[٥]ويجوز إظهار الصدقة في بعض الحالات التي يكون قصد الإظهار منها بث روح المنافسة والتشجيع بين الناس وحثهم على الصدقة.

  • عدم انتظار المقابل عند تقديم الصدقة

سواءً كان المقابل مادياً أو معنوياً كحصول منفعة، بل يتصدق بصدقته ولا يبتغي بها إلا ما عند الله -تعالى-، يقول الله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا).[٦]

  • عدم المن وإظهار الفضل على المحتاج بهذه الصدقة

يقول الله -تعالى-:(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)،[٧]بل إن المن والأذى بالصدقة يذهب أجرها عند الله -تعالى-.

  • القول الطيب عند التصدق

أو عند عدم وجود المال الذي يتصدق به المسلم: يقول الله -تعالى-: (وَإِمّا تُعرِضَنَّ عَنهُمُ ابتِغاءَ رَحمَةٍ مِن رَبِّكَ تَرجوها فَقُل لَهُم قَولًا مَيسورًا).[٨]

  • عدم الإحراج للمحتاجين بتصويرهم

أو إجراء المقابلات المصورة معهم أو تصويرهم من أجل الإعلانات؛ لأن الصدقة إنما جاءت لتمنع الحرج على الناس لا أن تجلبه لهم، يقول الله -تعالى-: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).[٩]

  • أن يتصدق بمتاع أو مال مما ينتفع به المحتاج، لا بما لا يكون له نفع.

آداب ونصائح للمنفق في سبيل الله

ينبغي للمسلم أن يراعي بعض الأمور عند الصدقة ومنها ما يأتي:[٤]

  • أن يجعل الصدقة دورية مستمرة غير منقطعة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- سُئِلَ أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: أَدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ).[١٠][١١]
  • أن يبدأ بالأقربين ثم الأبعدين.
  • أن يقوم بها بنفسه.

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 152-156. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1015، صحيح.
  3. ^ أ ب سورة البقرة، آية:267
  4. ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 324-344. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:271
  6. سورة الإنسان، آية:8-9
  7. سورة البقرة، آية:262
  8. سورة الإسراء، آية:28
  9. سورة البقرة، آية:263-264
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:782، صحيح.
  11. محمد الأمين الهرري، الكوكب الوهاج بشرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 96. بتصرّف.
4594 مشاهدة
للأعلى للسفل
×