محتويات
ما هو مفهوم الصدقة؟
هل تعد الصدقة من وسائل التكافل الاجتماعي؟
حثَّ الإسلام على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع بكل ما هو خير، حيث قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}،[١] وإنَّ من أعظم وسائل التكافل الإجتماعي في الإسلام الصدقة، وذلك لما لها من عظيم الأثر على حياة الفرد والمجتمع، ويمكن تعريف الصدقة على أنَّها العطية التي يقدمها المسلم لغيره ابتغاء وجه الله -عزَّ وجلَّ- وتقربًا إليه، وقد جعل الله -عزَّ وجلَّ- لهذه العبادة العظيمة آدابًا لا بدَّ للمسلم من مراعتها،[٢] ولأهمية ذلك سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن آداب الصدقة بشيءٍ من التفصيل كما سيتم الحديث عن أثر الصدقة على الفرد والمجتمع.
هل من آداب متبعة للصدقة؟
أمر الله -عزَّ وجل المسلمين بالإحسان في كل نواحي حياتهم وأفعالهم، وقد جاء ذلك متجليًا بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إن اللهَّ عز وجل كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ"،[٣] ويكون ذلك بإتقان المسلم لعمله والإتيان بها على أحسن الوجوه،[٤] وليحقق المسلم ذلك جعل الله -عزَّ وجلّ- لكلِّ ما أمر به آدابًا، ومن ذلك آداب الصدقة، وسيتم تخصيص هذه الفقرة لذكر بعضها، وفيما يأتي ذلك:
عدم اتِّباع الصدقة بالمنِّ والأذى
لا بدَّ للمسلم من مراعاة مشاعر من تصدَّق عليه وعدم المنِّ عليه؛ لما في ذلك من إذلالٍ له وجرحٍ لمشاعره، كما أنَّ المنَّ يعدُّ من كبائر الذنوب، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعْطِي شيئًا إلَّا مَنَّهُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الفاجِرِ، والْمُسْبِلُ إزارَهُ. وفي رواية: ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ"،[٥] بالإضافة إلى أنَّه مبطلٌ للأجر،[٦] ودليل ذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}.[٧][٦]
النية الخالصة
ما هي ضوابط النية الخالصة؟
لا بدَّ أن تكون الصدقة خالصة لوجه الله -عزَّ وجلَّ- فلا ينبغي أن يعتريها الرياء ولا أن تشوبها السمعة،[٨] حيث إنَّ ذلك موجبٌ للعقوبة يوم القيامة ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ ألم أوسِّعْ عليكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عمِلتَ فيما آتيتُك قالَ كنتُ أصلُ الرَّحمَ وأتصدَّقُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ لَه كذَبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جَوادٌ وقد قيلَ ذلكَ"[٩] كما أنَّ عدم الإخلاص في نية الصدقة يبطلها ويحبط أجرها؛[١٠] إذ إنَّ مدار الأعمال قائمة على النية ودليل ذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّةِ".[١١]
جودة المال المتصدَّق به
من آداب الصدقة أن تكون من أجود مال المتصدق وأحبه إليه،[١٢] وقد ذُكر ذلك فيالقرآن الكريم حيث قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}.[١٣]
أن تكون من الكسب الحلال
هل من آداب الصدقة الكسب الحلال؟ لا بدَّ من أن تكون الصدقة من الكسب الحلال الطيب لتكون مقبولة عند الله؛ إذ إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- طيبًا لا يحب إلا ما كان طيبًا،[٨] وقد جاء هذا الأدب في كتاب الله حيث قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.[١٤]
المسارعة في الصدقة
من آداب الصدقة أيضًا أن يسارع المسلم بها في حال حياته، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}،[١٥] بالإضافة إلى دفعها للأحوج من الناس، والقريب المحتاج أولى من غيره؛ إذ إنَّها تُحسب له صدقة وصلة،[٨] ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.[١٦]
أن تُعطى بنفسٍ طيبة
ينبغى أن تُعطى الصدقة لمن يستحقُّها بنفس طيبة ووجهٍ بشوش؛ لما في ذلك من تطييب خاطرٍ للفقير، وقد جاء في الحديث الشريف ما يدلُّ على ذلك حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتاكمُ المصدِّقُ فلا يفارقنَّكم إلَّا عن رضًا".[١٧]
الإسرار بالصدقة
الأفضل أن تُعطى الصدقة من غير جهرٍ بها إلا إن كان هناك مصلحة تُرجى من الجهر،[٨] ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.[١٨]
ما هو أثر الصدقة على الفرد والمجتمع؟
شرع الله -عزَّ وجلَّ- عباداتٍ كثيرة تعود على الفرد والمجتمع بأثر عظيم، وإن دلَّ ذلك على شيء فإنَّه يدل على حكمة الشارع وعلمه وقدرته، ومن هذه العبادات عبادة الصدقة، والتي لها عظيم الأثر على الفرد والمجتمع، ومن هذه الآثار ما يأتي:
- أنَّ الصدقة تطفئ غضب الله -عزَّ وجلَّ-،[١٩] ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "و صَدَقةُ السِّرِّ تُطفِئُ غضبَ الرَّبِّ".[٢٠]
- أنَّ الصدقة سبب في غفران الذنوب ومحوِ الخطايا،[١٩] ودليل ذلك ما جاء في حديث رسول الله حيث قال: "الصدقَةُ تُطْفِئُ الخطيئةَ كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ".[٢١]
- أنَّ الصدقة دواءٌ للأمراض البدنية،[١٩] ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ".[٢٢]
- أنَّ الصدقة سبب في القضاء على الفقر في المجتمع.[٢٣]
- أنَّ الصدقة سبب في إضفاء روح المحبة بين أفراد المجتمع.[٢٣]
- أنَّ الصدقة سبب في تقليل إحساس الفقير بالظلم كما أنَّها تساعد في تخليص الفقير من أمراض الحقد على الغني.[٢٣]
المراجع
- ↑ سورة المائدة، آية:2
- ↑ "الصدقة في الإسلام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:4425، حديث صحيح.
- ↑ "شرح حديث (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) من الأربعين النووية "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-16. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:106، حديث صحيح.
- ^ أ ب "السيرة النبوية ومراعاة مشاعر الناس"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:264
- ^ أ ب ت ث ".آداب الصدقة:"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2382، حديث صحيح.
- ↑ "الصدقة فضائل وآداب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:10، حديث صحيح .
- ↑ ".آداب الصدقة:"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-15. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:92
- ↑ سورة البقرة، آية:267
- ↑ سورة المنافقون، آية:10
- ↑ سورة الأنفال، آية:75
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جرير بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:647، حديث صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية:271
- ^ أ ب ت "الصدقة.. فضائلها وأنواعها "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-16. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3766، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في مشكلة الفقر، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:117، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:3358، حديث حسن.
- ^ أ ب ت "الصدقة في الإسلام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-08-16. بتصرّف.